error_text
الموضوع :
|
|
فصل: في ما ينبغي من آداب الحجّ قبله أوفي أثنائه أوبعده
فصل: في ما ينبغي من آداب الحجّ
قبله أوفي أثنائه أوبعده 1. الإخلاص لا يخفى على أحد أنّ من أخلاق الحجّ وآدابه هو الإخلاص، وأنّ أهميّته يستفاد من الآيات والروايات، وهو شرط أساسيّ في العبادات. قال اللّه تعالى: (وَما اُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصينَ لَهُ الدِّينَ)[1]. لقد خلق اللّه الإنسان في أحسن تقويم، وتمدّح بخلقه في قوله تعالى: (فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)[2]، وركّبه من سرّ وعلن، وروح وبدن، بدنه من تراب وروحه من أمر ربّه، فأودعه أسرار خلقه، جرمه صغير، ولكن انطوى العالم الأكبر، فعلّمه الأسماء الحسنى وفهّمه البيان الأتمّ، وأناله بخضوعه وعبوديّته له سبحانه المقام والشامخ، وأنطقه بأقواله سبحانه، وأصبغه بصبغته، ومن أحسن من اللّه صبغة، وهداه النجدين: نجد الخير ونجد الشرّ، وجعله مختاراً في سلوك الطريقين، إمّا شاكراً وإمّا كفوراً. وخلق لروحه وبدنه منافيات وملائمات، وآلاماً ولذّات، ومنجّيات ومهلكات، فمنافيَّات البدن، الأمراض والأسقام الجسمانيّة، وملائماته الصحّة واللذّات الجسمانيّة، والمتكفّل ببيان تفاصيل هذه الأمراض وكيفيّة علاجها هو علم الطب، ومنافيات الروح وآلامه هي رذائل الأخلاق وذمائمها التي تهلكه وتشقيه، وتؤدّي به إلى أسفل السافلين، فيكون كالأنعام، بل أضلّ سبيلا. ومن أمراض الروح والقلب، هو الرياء في النوايا والعمل، فإنّه كدبيب نملة سوداء في ليلة ظلماء على صخرة صلداء، فمن يحسّن بدبيبها؟ ويقابل الرياء، الإخلاص، ولو كانت النيّة والأعمال خالصة للّه فإنّها توجب قبول الأعمال. وورد في الروايات أنّ العمل الخالص موجب لقبول العبادة. عن عليّ بن سالم، قال: سمعت أبا عبد اللّه(عليه السلام) يقول: «قال اللّه عزّ وجلّ أنا خير شريك، من أشرك معي غيري من عمله لم أقبله إلاّ ما كان لي خالصاً»[3]. فليس كلّ من حجّ بيت اللّه الحرام نال الكمال وبلغ العلى، بل بشرطها وشروطها والإخلاص أوّل شرطها، كما قال الصادق(عليه السلام): «الحجّ حجّان: حجّ للّه، وحجّ للناس، فمن حجّ للّه كان ثوابه على اللّه الجنّة، ومن حجّ للنّاس كان ثوابه على الناس يوم القيامة»[4]. وفي رواية أُخرى عن الصادق(عليه السلام): «من حجّ يريد اللّه ولا يريد به رياءً وسمعةً غفر اللّه له البتّة ـ أي قطعاً ـ»[5]. ومن هذه الروايات يستفاد أنّ من أخلص عمله ومناسكه، وقصد وجه اللّه في أعماله كان سعيداً وقبل عمله، وأمّا من عمل للناس فقد خسر الدنيا والآخرة. 2. التعجيل من الأُمور التي ينبغي للحاجّ رعايته التعجيل في إتيان الحجّ; لأنّه قد يعرض له من مرض أوحاجة، وهذا الأمر أيضاً يستفاد من الروايات: قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله): «من أراد الحجّ فليتعجّل، فإنّه قد يمرض المريض، وتضلّ الضالّة، وتعرض الحاجة»[6]. وعنه (صلى الله عليه وآله) أيضاً: «عجّلوا الخروج إلى مكّة، فإنّ أحدكم لايدري ما يعرض له من مرض أوحاجة»[7]. 3. تعلّم المناسك من أراد الحجّ ينبغي له تعلّم المناسك; لأنّ إبراهيم وابنه تعلّما الحجّ من جبرئيل، وهذه أيضاً يستفاد من الآيات والروايات، قال اللّه عزّوجلّ: (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)[8]. عن زرارة: قلت لأبي عبداللّه(عليه السلام): جعلني اللّه فداك، أسألك في الحجّ منذ أربعين عاماً فتفتيني!، فقال: «يا زرارة، بيت يُحجّ إليه قبل آدم(عليه السلام) بألفي عام، تريد أن تفنى مسائله في أربعين عاماً[9]؟» عن الصادق(عليه السلام): «.... إنّما لبّى النبيّ(صلى الله عليه وآله) على البيداء، لأنّ الناس لم يكونوا يعرفون التلبية، فأحبّ أن يعلّمهم كيف التلبية»[10]. عن الصادق(عليه السلام): «كانت الشيعة قبل أن يكون أبوجعفر، وهم لايعرفون مناسك حجّهم وحلالهم وحرامهم، حتّى كان أبو جعفر، ففتح لهم، وبيّن لهم مناسك حجّهم وحلالهم وحرامهم»[11]. عن أبان بن عثمان، عن عقبة بن بشير، عن أحدهما(عليهما السلام)، قال: «إنّ اللّه عزّوجلّ أمر إبراهيم ببناء الكعبة، وأن يرفع قواعدها ويرى الناس مناسكهم ....»، الحديث[12]. 4. الدعاء عند الخروج يستحبّ للحاجّ إذا خرج من بيته وأراد الحجّ والعمرة أن يدعوا اللّه، ومن أراد الاطّـلاع فانظر الكافي[13]. 5. حسن الخلق ينبغي للحاجّ في السفر وفي الموسم حسن الخلق مع الصحابة ورعاية مع صحبه. قال الباقر(عليه السلام): «ما يعبأ من يسلك هذا الطريق إذا لم يكن فيه ثلاث خصال: ورع يحجزه عن معاصي اللّه، وحلم يملك به غضبه، وحسن الصحبة لمن صحبه»[14]. 6. إعانة الأصحاب من الأُمور التي ينبغي للحاجّ رعايتها في الموسم، إعانة المرضى والمجروحين والشيوخ، وهكذا المصابين من الأصحاب. والروايات تدلّ على أن تمريض الإخوان من المؤمنين، والأُنس بهم أفضل من الصلاة في مسجد النبيّ(صلى الله عليه وآله). عن ابن أبي عمير، عن إسماعيل الخثعمي قال: قلت لأبي عبداللّه(عليه السلام): إنّا إذا قدمنا مكّة ذهب أصحابنا يطوفون ويتركون أحفظ متاعهم؟ قال: «أنت أعظمهم أجراً»[15]. عن ابن أبي عمير، عن مزارم بن حكيم قال: زاملت محمّد بن مصادف، فلمّا دخلنا المدينة اعتللت، فكان يمضي إلى المسجد ويدعني وحدي فشكوت ذلك إلى مصادف فأخبر به أبا عبداللّه(عليه السلام)، فأرسل إليّ: «قعودك عنده أفضل من صلاتك في المسجد»[16]. 7. زيارة المعصومين(عليهم السلام) من الأُمور المهمّة للحجاجّ، ختم الحجّ بزيارة الأئمّة(عليهم السلام); لأنّ ذلك من تمام الحجّ، وإلى ذلك دلّت الروايات عن جابر، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «تمام الحجّ لقاء الإمام»[17]. عن إسماعيل بن مهران، عن جعفر بن محمّد(عليه السلام) قال: «إذا حجّ أحدكم فليختم حجّه بزيارتنا، لأنّ ذلك من تمام الحجّ»[18]. عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إنّما أمر الناس أن يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها، ثمّ يأتونا فيخبرونا بولايتهم، ويعرضوا علينا نصرهم»[19]. عن سدير قال سمعت أبا جعفر(عليه السلام)، وهو داخل وأنا خارج، وأخذ بيدي، ثمّ استقبل البيت، فقال: «يا سدير، إنّما أمر الناس أن يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها، ثمّ يأتونا فيُعلّمونا ولايتهم لنا»[20]. -------------------------------------------------------------------------------- [1]. البيّنة (98) : 5. [2]. المؤمنون (23) : 14. [3]. الكافي 2: 223، وسائل الشيعة 1: 61، أبواب مقدّمة العبادات، الباب 8، الحديث 9. [4]. ثواب الأعمال: 74، وسائل الشيعة 11: 109، أبواب وجوب الحجّ وشرائطه، الباب 40، الحديث 1. [5]. ثواب الأعمال: 74، وسائل الشيعة 11: 109، أبواب وجوب الحجّ وشرائطه، الباب 40، الحديث 2. [6]. مستدرك الوسائل 8: 17، عوالي اللئالي 1: 86، مسند احمد 1: 214، سنن ابن ماجه 2: 962. [7]. السنن الكبرى (للبيهقي) 4: 240 . [8]. البقرة (2): 128. [9]. الفقيه 2: 306، الحديث 1519، وسائل الشيعة 11: 12، كتاب الحجّ، أبواب وجوب الحجّ، الباب 1، الحديث 12. [10]. الكافي 4: 334، وسائل الشيعة 12: 372، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 35، الحديث 2 . [11]. الكافي 2: 20 . [12]. الكافي 4: 205، وسائل الشيعة 13: 212، كتاب الحجّ، أبواب مقدّمات الطواف، الباب 11، الحديث 4. [13]. الكافي 4: 284. [14]. الكافي 4: 286، التهذيب 5: 445، الخصال: 148، وسائل الشيعة 12: 10، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، الباب 2، الحديث 4. [15]. الكافي 4: 545، الحديث 26، وسائل الشيعة 13: 313، كتاب الحجّ، أبواب الطواف، الباب 11، الحديث 1. [16]. الكافي 4: 545، الحديث 26، وسائل الشيعة 13: 313، كتاب الحجّ، أبواب الطواف، الباب 11، الحديث 2. [17]. الكافي 4: 549، علل الشرائع: 2: 197. [18]. علل الشرائع 2: 196، عيون أخبار الرضا 2: 262، وسائل الشيعة 14: 324، كتاب الحجّ، أبواب المزار، الباب 2، الحديث 7. [19]. الكافي 4: 549، الفقيه 2: 558، علل الشرائع، 2: 197، عيون أخبار الرضا 2: 262، دعائم الإسلام 1: 293، وسائل الشيعة 14: 320، كتاب الحجّ، أبواب المزار، الباب 2: الحديث 1. [20]. الكافي 1: 392، بحار الأنوار 47: 365.
|
هوية الكتاب
خدمات الموقع 
الفكر
