موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: ألقاه على طلاب درسه (خارج الفقه) وتلاميذه حول شخصية الزهراء عليها السلام بمناسبة حلول أيام الفاطمية، والذكرى السنوية لرحيل الإمام الخميني (قدس سره)
خطاب لسماحة آية الله العظمى الصانعي (دام ظلّه الشريف)ألقاه على طلاب درسه (خارج الفقه) وتلاميذه حول شخصية الزهراء عليها السلام بمناسبة حلول أيام الفاطمية، والذكرى السنوية لرحيل الإمام الخميني (قدس سره)
ـ الزهراء رمز المظلومية والمثال الذي يُحتذى به للدفاع عن الحقّ. ـ إنّ عزّة الإسلام وعظمته وكبرياءه لا يُحفظ إلاّ بالتمسّك بمباني فكر الإمام الراحل. بمناسبة حلول أيام الفاطمية، أيام شهادة ابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمة عليها السلام ن أدلى سماحة آية الله العظمى الصانعي (حفظه الله ورعاه) بخطاب مسهب ابتدأ به محضر درسه العالي (خارج الفقه)، أظهر فيه عظمة وجلالة شخصية هذه المرأة الطاهرة، مشيراً إلى بعض جوانب خصائصها الربانية فقال : «من الجوانب الربانية المقدّسة التي اختصّت بها هذه المرأة الطاهرة القديسة، والتي يجب علينا جميعاً الالتفات إليها هو التقدير الكبير والمكانة الرفيعة والسامية التي حظيت بها عند ربّ العزّة والجلالة ونبيّه الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ». وبعد أن أشار سماحته إلى آية التطهير وحديث الكساء المعروف قال : «في حديث الكساء عندما يقول ربّ العزّة والجلالة وهو يشيد بكرامة بعض الأشخاص من خلقه : وإنّني ما خلقت الأشياء كلّها إلاّ لأجل هؤلاء الخمسة، فيسأل جبرئيل عليه السلام عن أسماء هؤلاء الخمس، فيقول تعالى وهو يعلن كرامة ومكانة هؤلاء الأشخاص: (هم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها) يظهر منه شيئان لا يخفيان: تقدّم اسم فاطمة على الجميع، وتكرره بحيث كانت النسبة إليها وحدها! وهل رأيت دلالةً أعظم من هذه الدلالة على عِظَم شأنها، وعلو منزلتها، وشرف محلّها ؟ » ثم يضيف سماحته أيضاً فيقول مسترسلاً: «وفي القرآن الكريم جاء أيضاً ذكرها، إذ يعبّر عنها بالكوثر، ويعني الخير الكثير وكلّ ما هو حسن . لقد كان هنالك اهتمام خاص من قبل الله سبحانه أولاً، ثم نبيّه الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) نحو هذه المرأة، ويعني ذلك أنّها تختصّ بمكانة ومنزلة سامية ورفيعة لم تحظ امرأة أخرى بها، لا قبلها ولا بعدها. وعليه فهذا الاسم (فاطمة) سوف يبقى ويخلد رغم أنوف العالمين. ونحن أيضاً يا أحبائي يجب علينا ـ اقتداءً بنبيناً خاتم الأنبياء و المرسلين (صلى الله عليه وآله وسلم) الاهتمام باسمها الكريم، والعناية الفائقة بذكرها عبر كلّ الأجيال المتعاقبة، هي رمز صادع للمظلومية والحقّ الضائع، وعلم فضفاض للدفاع عن الحقّ المهدور، كما أنّها مثال للفداء والتضحية، والقدوة التي ركز فيها رضا الله سبحانه وتعالى». كما تشهد هذه الأيام الذكرى السنوية الأليمة على رحيل قائد الأمة وإمامها المقتدى، مؤسس الجمهورية الإسلامية وفقيدنا المحبوب آية الله العظمى الإمام الخميني (قدس سره)، حيث عزّى سماحته الأمة بهذا المصاب الجليل وخصّص جانباً من خطبته للحديث عن شخصية هذا الرجل العلوي الفاطمي، وحثّ الحضور على التمسّك بمبانيه الفقهية ومنهجه الرباني في التعامل مع الأشياء والحكومة، من أجل التغلّب على كلّ المشاكل التي قد تعترضنا، وقال: «إنّني أدعو جميع طلاب وأساتذة الجامعات، وكلّ طلاّب العلوم الدينية في الحوزات العلمية، وجميع الروحانيّين المحترمين إلى التمسّك بمنهج وأخلاق إمامنا الراحل، وأقول لهم : لو أردنا أن نحفظ عزّتنا وكرامتنا، ونصون عظمتنا المستمدة من عظمة الإسلام والفقه الشيعي، ونحظى باحترام وتقدير شعبنا الأبّي، فلا يجب التمسّك إلاّ بمباني الإمام الراحل الفكرية، وأن نجعلها علماً وبيرقاً وسنداً في مسيرتنا المتصاعدة». وأضاف سماحته قائلاً: «نحن جميعاً موظّفون بإحياء اسم الإمام ومكلّفون بصيانة فكره العظيم من كلّ ما يمسّه بسوء أو خدشة. وكلّ من يدّعي إخلاصه ووفائه للإمام ينبغي عليه أن يثبت ذلك بأن يداوم على نهجه، ويسلك مسيرته، وينطلق مثل انطلاقه (قدس سره) سواء في الفقه أو في سائر المسائل، ثم يجسّدها على الواقع». ويقول أيضاً سماحته مضيفاً: «ومن المناسب جداً هنا أن أؤكّد على ضرورة تدوين وتأليف الكتب والرسائل الجامعية والحوزوية التي تدور محاورها في مباني إمام الأمة الراحل، وتسجيل اهتمامات الناس وإضافته إلى إرث الفقيد الراحل (قدس سره)». وضمن إشارة سماحته إلى مسألة حبّ وعلاقة الإمام (قدس سره) بأهل بيت العصمة عليهم السلام، وإنّها إحدى الخصائص التي كان (قدس سره) يتمتّع بها وفكره ومنهاجه، يقول: «كان الإمام على علاقة صميمية بأهل البيت عليهم السلام، وارتباط جوهري عارم بخطّ وشخص أمير المؤمنين عليه السلام، ففي تقريرات فسلفه الإمام (قدس سره) (الأسفار / ج 3) كان يعتقد بأن قابلية واستيعاب أمير المؤمنين (عليه السلام) هائلة جداً لدرجة أن عدّ قابلتيه ومؤهلاته مساوية مع قابلية ومؤهلات النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأن كمالاته النفسية كانت من الشأن يمكن لها أن تبلغ مقام النبوة الكريم. ولم يحدث هذا الأمر بسبب إرادة الله سبحانه التي اقتضت تقدم زمان نبي الإسلام وخاتم الأنبياء والرسل (صلى الله عليه وآله وسلم) على زمان أمير المؤمنين، وبلوغه هذا المقام العظيم». ويعقّب سماحته على ذلك بأنّه لو لم يذكر الإمام الفقيد هذا الكلام في تقريرات فلسفته، لما أمكننا وأمثالنا التحدّث بهذه الصراحة على مثل هذا الكلام، فيقول : «لو لم يتحدّث فيه الإمام الراحل بهذا الكلام، وعلى منبر الحوزة العلمية لما أمكنني الآن التفوّه به، فببركته وجهاده الطويل، ثم بأرواح شهدائنا الأعزاء، صرنا نتكلّم بحرية، وندلي بمثل هذا الكلام الثقيل على البعض . لذا أوكّد على ضرورة المضيّ في درب الإمام الراحل (قدس سره)، والتمسّك بأقواله ومبانيه، والتمعّن فيها». وفي إشارةٍ منه حفظه الله ورعاه إلى أنّ الاتكاء على مباني الإمام الراحل كفيل بحلّ المشكلات، ورفع العراقيل، قال: «انظروا يا أحبّائي إلى أيّ إسلام كان يريده الإمام (قدس سره)، وتأمّلوا في أيّ المباني والقيم التي كان يطرحها رحمه الله، حتّى في الميدان الفقهي أيّ المباني التي اختارها في أبواب هذا الميدان الواسع، باب الحدود الإسلامية، وباب الأمور العرضية الأخرى. ففي لقاء له (سلام الله عليه) مع جماعة من الأفاضل والروحانيّين بتجريش عام 1358 هـ. ش، قال في كلمته التي ألقاها عليهم وهو يشير إلى سماحة الإسلام والمنطق الذي ينشده للبشرية كافة، قال : ... مثلاً مسألة الزنا الذي يلزم فيه شهادة أربعة عدول ذكور أصحّاء، يقرّون أنّهم رأوا الميل في المكحلة إقرار الحرّ المختار، وهذا لاشكّ أمر يمكن أن يثبت بإقرار واحد أو اثنين عدول، لكنّه ولأنّ القضية اجتماعية ونفسية حسّاسة، وتمس كرامة وناموس الناس، لم يقرّه الإسلام إلاّ بشهادة أربع شهود عدول مختارين أصحّاء، ولم يكتف بذلك، بل أقرّ بأن كلّ واحد من هؤلاء الأربعة إذا أدلى بشهادته، فسيكون مجموع الإقرارات أربع مرّات، ومن أشخاص متعدّدين وليس من شخص واحد... ثم إنّ الإسلام حثّ القاضي على أن يوعظ كلّ واحد من هؤلاء الشهود الأربع وقبل الإدلاء بها بأن يذكّره بأنّ إقراره وشهادته يعني إقامة الحدّ على المتهمين، وأنّ هناك إزهاق أرواح لعلّها برئية، ثم يذكّره ويخوّفه من عاقبة ذلك، أو أنّه لعلّه على خطأ أو اشتباه أو أنّه يظنّ ذلك ... إنّ هذا السعي الحثيث من الشارع إنّما هو للمنع من إرهاق الدماء، فيحرص على أن لا تقع مثل هذه القضايا التي بالإمكان وقوعها». ثم عقّب سماحته على ذلك فقال: «إذن فالإسلام يدعو إلى السماح والعفوّ وعدم إراقة الدماء، وبنفس الوقت يسعى إلى منع وقوع الجريمة، ونحن لو سلكنا هذا السبيل فسوف تكون نسبة وقوع الجرائم ومثل هذه الحالات ضئيلة للغاية، وتقلّ حالات الإدانة وإثبات الجرم بالطرق السائدة التي كثيراً ما تثير المشاعر، مع مالها من آثار سلبية على المجتمع كلّه». وفي معرض إشارة سماحته إلى شخصية الإمام الفقهية، وأنّه أحد تلاميذ مدرسة الإمام الصادق عليه السلام الذي يقول ما معناه أنّ الناس لو علموا محاسن كلامنا كانوا زيناً لنا وأنصاراً، فقال معقّباً : «كان الإمام (قدس سره) يوصي محبّيه وأنصاره في كثير من خطبه وكلماته بأن يجهدوا على تعريف الإسلام وإظهار وجهه الناصع للناس، ويجسّدوا قيمه بصورة حقيقية ليفهم الناس ما هو الإسلام وواقعيته، وأن لا يسلكوا مسلكاً يجعل الناس يكرهون الإسلام وينفرون منه. واليوم إذ نمثّل جيل الإمام الصاعد، فنحن ملزمون أكثر من أيّ وقت مضى على المضيّ قدماً ـ وبلا تراجع ـ في إظهار وجه الإسلام الحقيقي، كما علّمنا أستاذنا وإمامنا إمام الأمة الخميني العظيم، ولو استمرّ منهجنا هذا لصار الأمل كبيراً بدخول جميع الناس الإسلام، وأضحوا مسلمين ومسالمين». واستمرَّ سماحته في طرح السبل الأخرى التي من شأنها أن نحفظ ونصون اسم الإمام الراحل وفكره الرسالي، فيقول: «من الضروري هنا التأكيد على نقطة مهمة، وهي أنّه يجب على كلّ محبّي وعشاق هذا الرجل الحكيم (قدس الله سره) أن يلتزم احترامه وتجليله وإفهام الآخرين بذلك، وهي أنّه كلّما نذكر اسمه الشريف نعقّبه بالقول (سلام الله عليه) كما كان الإمام الصادق عليه السلام يصنع مع تلاميذه ضمن تجليله إيّاهم، أمثال زرارة، فكان عليه السلام إذا ذكر اسمه أعقبه بذكر صلوات الله عليه». وأضاف سماحته قائلاً : «نعم، وثمة سبيل آخر، وطريق ثانٍ للتجليل، وهو ذكر الصلوات على محمد وآله ثلاث مرات عند ذكر اسمه (سلام الله عليه ) . إنّني أوصي أحبائي بالتزام ذلك والدوام عليه، حتّى تكون أشبه بالسنّة التي يربّى عليها الصغير، كما أنّه يحفظ الصلوات، وتكون دائماً رطبة على لسانه، إذ الصلوات لها الثواب الجزيل ولو في مواقف الهلع والخوف، كأن يكون عند القتل والشهادة والحبس و...». وقال سماحته مضيفاً إلى كلامه السابق: «لقد سررت كثيراً بما صنعه أعضاء المجلس الثامن المحترمون عند إجراء مراسيم افتتاح أعمال هذا المجلس الموقّر الجديد، حيث أُلقيت فيه خطبة الافتتاح، وما أن أطلّ ذكر اسم الإمام (سلام الله عليه) حتّى انتفض الحضور بالصلوات على محمد وآله محمد ثلاث مرات، فكان ينمّ على عشقهم وحنينهم إلى ذكرى الإمام العطرة، فأدّوا بعض حقّه. وانّني أعلن تضامني مع ما صنعه هؤلاء المحترمون، ولا يسعني إلاّ الدعاء لهم، والشكر لله على ما أنعم به بأن ثمة من يوجد وفي قلبه هذا الحبّ والحنين والتعلّق الخالص بالإمام الراحل، خاصةً وهؤلاء يمثّلون الأمة برمّتها». وفي جانب آخر من كلمته أظهر سماحته عزمه وتصميمه على التصدّي لكلّ ما يمسّ الإسلام، والحفاظ على قيمه وشعاراته، وجعل لهذا الأمر الأولوية على ما سواه من أعمال ومبادرات، فقال في هذا الصدد: «اليوم وفي زماننا الحاضر، هناك من ليس له الاستعداد على تجاوز مصالحه الشخصية، بل ويفضّلها على حساب حفظ وصيانة الإسلام، ولا يرضى بالتضحية ولو في كتاب أو على منبر! لا أقول: إنّ هؤلاء أشخاص سيئون، وإنّما هم أشخاص فضّلوا أشياء تخصّهم على أخرى تهمّ دينهم ومبادئهم، وجعلوا الاثرة والتضحية دون الدرجة الأولى . إن الإمام وأنصاره الحقيقيين ليسوا كذلك، هم أهل الاثرة والفداء والتضحية بالغالي والنفيس، ولم يدعوا هذه الخصلة التي اكتسبوها من الإمام القائد، وإنّ من نسي نهج الإمام وانحرف عن خطّه فلابد أنّه قد أهمل خصاله وودّع آماله». وأضاف سماحته مشيراً إلى كونه أحد تلاميذ الإمام الراحل (قدس سره) الذي لم يكن ليفضّل شيئاً على الإسلام، من مال أو ثروة أو سلطان، فقال: «لقد عاش الإمام حياته عزيزاً كريماً، وخاض أموراً في زمنٍ كان لكلّ شيء له مسخّراً، من مرجعية ومكانة اجتماعية وسياسية مرموقة، وسيل هادر من الأنصار والمؤيدين، وتهافت على إبداء الاحترام له والتبجيل، ومال وثروة هائلة، وحكومة وسلطان، وقدرة وجبروت... كان كلّ شيء له متوفّر وسهل المنال، وكان بإمكانه أن ينفقها لأغراضه الخاصة ولعائلته الفقيرة، لكنّه لم ينفقها إلاّ في سبيل الدفاع عن الإسلام، وحفظ القيم والمبادئ التي أرسى أركانها النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الطاهرون عليهم السلام، بل كان إنفاقه سخياً على هذا الصعيد، حتّى أثار انتباه أصحاب رؤوس الأموال في البلاد، من المقرّبين للعائلة المالكة آنذاك، وخشوا صنائعه، وخافوا على مكانتهم، وعرضوا عليه أول الأمر الأموال الهائلة لقاء التنحّي عن نهضته، ومقابل ترك ما هو عليه، ولمّا وجدوه عنيداً صلباً في رسالته، وعزمه على مواصلة دربه في الدفاع عن حياض الإسلام ورسالته الخالدة ولو مع التهديد والتخويف واعتقال مناصريه، لكنّه (قدس سره) مع كلّ ذلك كان ثابتاً على عهده، وأعلن بصراحة في كلّ حواراته وخطاباته بأنّه سيواصل الدرب في سبيل الإسلام والشعب المسحوق كرامته، فكانت النتيجة أن أُبعد من البلاد إلى بلدان أخرى». وأضاف سماحته أيضاً قائلاً : «لم يؤثر الإمام شيئاً على الإسلام، ولم يجعل هدفه هذا دون الدرجة الأولى، بل راح يترجم عزمه بأن يقدّم التضحيات بالغالي والنفيس في سبيل ذلك . وقد أدرك النظام المقبور وجلاوزته وأفراده عزم الإمام، فحاربوه بكلّ شيء، حتّى بقطع الحقوق الشرعية التي كان تصله من الناس على رغم حاجتهم له، وعدّوه مجرماً ؛ لأنّه يسيء استخدام أموال الناس في أمور محظورة!! وكان جهاز الأعلام الحكومي في أوج نشاطه، وكان يمتلك القدرة والسلطة الكافية حتّى على محو اسم الإمام من أذهان البسطاء من عامة الناس، لكنّه (قدس سره) مع كلّ ذلك لم ينثنِ أبداً على ضنك المعيشة والحصار الإعلامي الذي مارسته السلطة الجائرة آنذاك . وضمن خطابه لأخينا آية الله الحاج الشيخ حسن الصانعي حينما أوصل إليه بعض الأموال الشرعية قال له : ليست بالكثيرة ! ولكنّنا سنواصل مع هذا القليل، الذي وصلنا من الناس الأخيار، الدرب حتّى النهاية، هنيئاً لك من طعام تأكله، وهنيئاً لك من أجرٍ عند الله عز وجل». وأضاف سماحته قائلاً أيضاً : «إنّ عملية منع وصول الحقوق الشرعية إلى الإمام ليست بالجديدة فلها جذور تاريخية وشيطانية قديمة، منذ صدر الإسلام حينما سعى المشركون إلى مثل هذه المساعي إبّان مواجهتهم للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ورسالته الخالدة، فكانوا يصدّون الناس عن تقديم المعونة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يراعوا حرمة القرابة والنسب الذي يربطهم به، وكانوا يرون أنّه لو تمّ قطع المؤونة والمال عنه، فسوف ينفضّ عنه أصحابه ومريدوه، ومن ثم ينتهي أمره! إنّ هذا فكر شيطاني خبيث يراد منه تحطيم الدعوة واستئصالها. واليوم أيضاً ـ في زماننا الحاضر ـ هناك من يروّج لهذه الفكرة بين الناس، ويحاول قطع الدعم المالي عن الحوزات العلمية، لغرض تعطيلها عن العمل والتأثير في الحياة العملية للناس، إذ لا يخفى أنّ قيمومة هذه الحوزات إنّما هو بالحقوق الشرعية والمساعدات التي يقدّمها المؤمنون الخيّرون . لاشك أن الناس لم يعطوا الإذن الصاغية لهؤلاء البعض، والدعم مستمر الذي هو بإذن الله مبارك، وسيستمر عمل الحوزات ووظيفتها الشرعية، وستداوم على عملية استنباط حكم الله وإفهام الناس له، وتبين تعاليم السماء، كما ولها وظيفة دفق الحياة والنشاط للفقه الشيعي». وفي إشارة من سماحته إلى قضية فدك والتداعيات التي حدثت جرّاءها، ومحاولة البعض إلى منع منحة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) لابنته الطاهرة، وقطع يدها عنها، وحرمانها ممّا أورثها لها أبوها؛ استناداً إلى هذه الفكرة الشيطانية، على أمل قطع دعم الفكر الشيعي والمنهج الرسالي الذي دعا إليه أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال سماحته: «إنّ هذه السياسة القمعية الاستبدادية كانت جارية على طول تاريخ الإسلام الحنيف، منذ رحيل النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وحتّى وقتنا الحاضر، سواء في زمان أمير المؤمنين (عليه السلام) أو زمان سائر الأئمة المعصومين من آله، واستمرَّت بالتطور مع تطور الوسائل والآلات، حتى زمان الإمام الراحل (قدس سره)، حيث عمد النظام الطاغوتي البائد إلى تفعيل هذه السياسة الجائرة على أمل تحطيم حركة الإمام الصاعدة، وتحريف مسيرته الرسالية، لكنّها لم ينته بها المطاف إلاّ إلى الفشل الذريع كما فشل من قبل الطواغيت والجبابرة». التاريخ : 2008/05/31 تصفّح: 15984