Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: انعكاسات
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: آراء ووجهات نظر آية الله العظمى الشيخ الصانعي حول الفكر الفقهي لآية الله البروجردي
صحيفة شرق ـ في حوار لآية الله العظمى يوسف الصانعي آراء ووجهات نظر آية الله العظمى الشيخ الصانعي حول الفكر الفقهي لآية الله البروجردي
آراء ووجهات نظر آية الله العظمى الشيخ الصانعي حول الفكر الفقهي لآية الله البروجردي

في حوار لآية الله يوسف الصانعي جاء مايلي:

في البداية أتقدم بشكري الجزيل لصحيفة الشرق الموقّرة لنشرها مقالاً يخصّ تخليد ذكرى آية الله العظمى البروجردي شريطة ان لا تكون في هذه المقالة لعبة سياسيّة لأن في ذلك ظلماً للفقه والتفقُّه وكذلك ظلماً لآية الله البروجردي. اذا أردنا ان نتحدّث عن السياسة، نتحدث عنها في موقعها المناسب، امّا تخليد ذكرى أحد فهي في منأي عن السياسة وألاعيبها.
عندما عقد مؤتمر لتخليد آية الله البروجردي ودعاني فيه آية الله واعظ زاده الخراساني أكّدت له ان المؤتمر العلمي هو المؤتمر الذي يكون بعيداً عن الخطوط السياسية، حينما تدعون احداً للمشاركة في المؤتمر هل تقومون بنشر ما يقوله؟ قال : كلا، قلت : إذن أنا لا استطيع ايضاً. فهذا شأن سياسي، وما سأتناوله سيكون ناظراً الى هذه الشروط. وفي غير هذه الحالة فسأطلب محو جملاتي هذه ايضاً؛ لأنني لا أريد الخدش في فقه الشيعة المثمر، بالخطوط السياسية.
آمل من صحيفة شرق المعروفة باتزانها المميّز والذي شاهدته في بحوثها الفكرية والحقوقية أن لا تعطي الموضوع حقّه.
أما فيما يخصُّ احترام آراء فقهاء العامة فله جذور تاريخية، فلقد كان هذا الأمر مطروحاً من زمان السيد المرتضى بعنوانه فقهاًَ مقارناً وحقوقاً مقارنة، دوّن السيد المرتضى كتابه المعروف "الانتصار" وذكر فيه العامّّة والإماميّة واستند فيه الى أدلة يقبلها كلا الفريقين، وهي أدلة حقيقية، ثم وصل الدور الى الشيخ الطوسي حيث دوَّن كتاب "الخلاف" متناولاً فيه الفقه المقارن، ثم جاء بعده العلامه في كتابه "التذكرة" طارحاً الفقه المقارن، فقد كانوا يردون آراءهم. وهذا له جذور تاريخيّة، امّا ما ميّز الفقه في فكر آية الله البروجردي فهو تأصيله للمسائل الفقهية، فقد كان يعتقد بضرورة التعرّف على الآراء الفقهية لعلماء أهل السنة؛ لأنّه كان يعتقد بأن الفقه الشيعي كان في بداية الأمر شرحاً للفقه السني. وهذا ما ميّز البروجردي فقد كان يؤصّل الفقه وهذا هو المطلوب، وكان رحمه الله من أحفاد آية الله بحرالعلوم الذي كان هو بدوره معروفاً بقوّة تأصيل الأمور، وأخيراً اطّلعت على كتابه المصابيح والذي تعهّد بطبعه بعض السادة، وقد إتّبع فيه هذا الأسلوب، فقد ذكر انه عند ما كان في أصفهان لم يكن يلتفت الى عامل الزمان عند ما كان يبحث او يطالع.كما وكان يبدي حساسيّة ودقّة متناهية في كتاباته، فقد كانت له كتابات كثيرة لكنها لم تطبع في زمانه؛ لأنّه عند ما كان يطالعها كان يضيف عليها أموراً . وقد كان في الفتوى كذلك . اتذكّر عندما كان طلاب الحوزة يذهبون لزيارة مسجد جمكران خارج مدينة قم وكان يطرح بحث تقصير الصلاة كان يغيّر فتواه بين شهرين وثلاثة أشهر، وقد كان يأمر تارة بالقصر واخرى بالتمام؛ لانه كان دائماً يتتبع ويتفحّص، وخلاصة كان يقتدي بالسّلف الصالح في نقله لآراء العامّة، وقد كان هذا عمله مستحسناً.
ان احترام العامة له فضيلتان: فضيلة انسانيّة، وفضيلة سياسيّة اسلامية، وقد ذكرت في بحث الغيبة أنّها لا تجوز بتاتاً على خلاف بعض الفقهاء الذين قالوا بجواز غيبة غير الشيعي وانه لا يوجد لنا دليل على حرمتها. وقد ذكرت في المكاسب المحرّمة عدم جواز غيبة أي أحد، الغيبة بمعنى الإنتقاد الناشىء من الحسد محرمة، اما اذا اظهرت مظلوميتي او انتقدت من يرتكب الأخطاء في المجتمع فهذا ليس بغيبة وليس محرّماً، والغيبة المحرّمة هي الغيبة الناشئة عن الحسد، وهناك موارد لاستثناء الغيبة اشار اليها الشهيد الثاني في رسالته وانا لا اعتبرها من استثناءات الغيبة، فما ذكره من موارد تختلف عن الغيبة.
إنّ المرحوم المحقق الداماد كان يقول : يعتقد أبي ان روايات الغيبة كانت تخصُّ بني اميّة وجاءت بعد واقعة كربلاء؛ لأن جنايات بني اميّة كانت كثيرة وكي لا يتحدث أحد عنها جاءت تلك الروايات، وهي لا تعد غيبة بل تظلُّماً- وكذلك الحال لمن يتقبل المسؤولية فعليه ان يسمح للآخرين بإنتقاده، كما أن من أجهر في سؤالي عليّ ايضاً ان أجهر باعطاء الجواب، وفي غير هذه الموارد تعدُّ الغيبة حراماً. وقد كان آية الله البروجردي يراعي هذه المسألة ولايذم أهل السنة، وهذا راجع الى الثقافة الإسلامية والشأن العلمي للإسلام فقد كان البروجردي وحدوي، مؤيّداً لفكرة وحدة العالم الاسلامي.
ان الإساءة الى مقدسات الآخرين أمر برفضه القرآن الكريم فقد قال تعالى: (( ولا تسبّوا الذين يدعون من دون الله )).
يجب ان أذكر أن الشيعة تؤكّد على ثوابتها واذا أردنا ان نقوم بتعريف للشيعة علينا التركيز على هذه الثوابت.
لو قمنا بالبحث في مؤلفات الامام الخميني فسوف لا نجد هناك أي اساءة اخلاقية لأهل السنّة رغم ان بعض علمائنا العظام كانت لهم هذا الرؤية كما اُسيء الي المرحوم فيض الكاشاني.
لقد ذكر الامام الخميني في كتابه "الاربعون حديثاً" عن اختلاف الاشخاص مع بعضهم البعض، فقد ذكر ان هناك شخصاً كتب كتاباً وأوقفه لمن يلعنون الفيض الكاشاني مئة مرّة، في حين أن المرحوم شاه آبادي قال: لا تلعنوا أحداً ، إلاّ من جاء لعنه على لسان أهل البيت (ع) ؛ لأنه قد يكون قد اصلح ما بينه وبين الله .وقد اعتمد آية الله البروجردي على هذا الأساس الاخلاقي، ومن الجانب السياسي يجب ان يكون المسلمين هكذا كي لا يتمكن أحد من الإساءة الى الإسلام . وهذا لا يمكن انتظاره من اصحاب السلطة والنفوذ؛ لانه قد يضرُّ بمصالحم، وقد كان البروجردي يعتقد بهذه الضرورة.
وعلينا جميعاً أن نمهِّد لهذه الوحدة، كي يستسلم الجميع للحق والعدالة في زمن حضور القائم (عج). وهذا هو جبر للتأريخ بان البشرية تسير نحو الوحدة (( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)) فاليوم تتألم البشريّة من هذه التفرقة. وهذا الخلاف بين المسلمين له منشآن أحدهما يرتبط بأصحاب السلطة والآخر بالجهل، ولولا ذلك ولو تمَّ تعريف الاسلام بصورته الصحيحة لقبله الجميع.
في العراق نشاهد اليوم من يخالف أن يكون رئيس الحكومة شيعياً وبعضهم يخالف أن يكون سنيّاً، مع أنه لا فرق بينهما، فعندما يكون هناك قانون يراعي حقوق الجميع، فلا معنى ولا أهميّة هناك بأن يكون رئيس الجمهورية سنياً او شيعياً، إلاّ اذا كانت ثقافة المجتمع متدنيّة، لا خلاف لدينا حتى مع المسيحيّة بل مع أي إنسان، والقرآن يدعو الجميع بأن يخضعوا للحق والعدالة. وقد كان البروجردي يراعي هذه المسألة من جانبها الاجتماعي ومن جانبها الأخلاقي، ونحن اليوم علينا ان نلتزم بمراعاتها. أرجو ان تتقوى هذه الوحدة وخاصة في مثل هذه الايام التي تصادف اسبوع الوحدة. ولا نكتفي بالمظاهر ونخالف المحتوى، يقول المرحوم الفلسفي: ذهبت لأحد الأماكن فوجدتهم يغتابونني عند وصولي، وعندما فتحت الباب واجهت ترحيباً حاراً من قبل المغتابين لي وذكروا لي بأنهم كانوا الآن يذكرونني بخير، وهذا العمل ليس بصائب بان تكون متَّحدين في الظاهر ومتشتتين بالباطن. لقد قام البروجردي من الناحية الثقافية والعلميّة محاولاً التقريب وقد قام بجهود كثيرة وكبيرة في هذا المجال، فقد ذهب لتدريس ( مختصر النافع ) الى الأزهر ، في مصر وقد أراد السيّد المرتضى ان يخطو خطاه لكنه لم يفلح.
إنّ البحث عن جذور الروايات له دور كبير في إستنباط الأحكام الشرعية، فقد صدرت عن الائمة (ع) أحاديث بداعي التقيّة، والتقيّة أحد الأبواب التي تساعدنا على فهم حقائق الفقه الشيعي، فمثلاً ديّة المرأة فانا أعتقد بتساويها مع الرجل في الإسلام.
ينقل أحد الاصدقاء بأنَّ أحد السادة وفي سفر الحج طرح سؤالاً قال فيه: لو اننا أعرضنا عن بحث تعارض الروايات وفرضنا بأن جميع الروايات تقول بان دية المرأة نصف الرجل، ولم يكن هناك تعارض فماذا تقولون؟! واجابه ذلك الصديق، بانه من الممكن أن تكون الاجواء الحاكمة في زمن الائمة (ع) لا تسمح بان يظهر الائمّة فتاوى يخالفون فيها نظر العامّة، يجب علينا ان نسأل الشيخ الصانعي، وقد قمت بدوري باعطاء الجواب له قائلاً: إنّ صاحب الحدائق والسيّد الحاج رضا الهمداني يقولون بجواز التقيّة حتى مع إنعدام الرواية المعارضة ، وقد تكون هناك رواية معارضة لكننا نحملها على التقيّة خاصة اذا كانت موافقة لرأي اهل السنّة، لكن صاحب الحدائق يعتقد بانه قد تنفرد رواية بسبب الخوف من العامّة لكن هذه الرواية ايضاً صدرت بسبب التقيّة، وليس السبب هو علماء العامّة بل اصحاب القدرة والنفوذ الذين يمارسون الضغط على العلماء باصدار الفتاوى التي توافقهم، فعلينا اولاً أن نتأكّد من اقوال العامّة وكذلك اقوال الائمّة (ع) بان قولهم هل يتطابق مع الواقع وكما هو الحال غالباً أو ان الأجواء الحاكمة آنذاك لا تسمح لهم بذكر الواقع، ويذكرون المسائل من باب التقيّة؟
وهناك جملة ذكرها الامام أحب أن أشير اليها وهي: بعد وفاة آية الله البروجردي، ذهبنا الى طهران لزيارة الامام الخميني وقال حينئذٍ : ذكرت في النجف وفي حوزة حضرها الفطاحل إنّ عليهم أن يذهبوا الى بروجرد ويحضروا لدى آية الله السيد البروجردي ليقوم بمهام الحوزة بعد السيد ابوالحسن، فهو ذو سند وأعلم، وقد ذكر لي بعض الأصدقاء بانه عند خروجي من الجلسةانتقدني الحضور بانني أطلب منهم ان يأتوا بالبروجردي من بروجرد والحال ان بين ظهرينا امثال الشيخ محمد كاظم الشيرازي وهو من أسود الفقهاء.
وذكر الامام بانهم لم يفهموا قصدي فقد عنيت من سند البروجردي، العشائر التي كانت خلفه، وهذا ليس له علاقة بالأعلمية. فالبروجردي قادر على تحريك العشائر والإستفادة منها في المصالح الإسلامية.
وهو اثباتاً اعلم ، وهذا لا يتنافى مع الأعلمية الثبوتية للشيخ كاظم الشيرازي، فقد كان يعتقد الأمام بأعلميّة البروجردي ثبوتاً وإثباتاً.ً
التاريخ : 2006/04/18
تصفّح: 12474





جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org