موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: حوار مع مراسل شيكاغو تربيون الأمريكية السيد ايوان اوسانز
سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي (دام ظله الشريف)حوار مع مراسل شيكاغو تربيون الأمريكية السيد ايوان اوسانز
بسمه تعالى
على الجميع أن يتلفتوا إلى أنّه لأجل إصلاح الأمور والمفاسد الاجتماعية واصلاح الوضع الاقتصادي وتلبية متطلبات الشباب ينبغي منح الأولوية لحرية البيان والقلم والعقيدة، والأهم من ذلك الحرية فيما بعد البيان، فهذا ممَّا ينبغي تأمينه للشعب من قبل أصحاب السلطة. الاسلام يهتم كثيراً بالحريات الاساسية للانسان، وإذا توفَّر الأمن في المجتمع تفتَّحت القابليات ونمت، وإذا شاع الخوف وسرى للجميع وازداد الضغط وتفشت المفاسد الاجتماعية والأخلاقية في المجتمع.
باقتراب موعد انتخابات رئاسة الجمهورية تبذل وسائل الاعلام في الوقت الراهن اهتماماً أكبر تجاه الحوادث الأخيرة في الجمهورية الإسلامية، وفي هذا المضمار تحظى آراء مراجع الدين الشيعة وبخاصة المستقلين والمنتقدين منهم بأهمية خاصة. وفي ذات الباب التقى مراسل شيكاغو تربيون سماحة آية اللّه الصانعي الفقيه المجدد الشيعي الذي يحظى بمحبوبية خاصة لدى الشباب الذي يتطلع إلى التغيير، وجرى بينهما حوراً في موضوعات مبتلى بها في الجمهورية الإسلامية.
مع إشارته إلى ماتقدَّم أكَّد سماحة آية اللّه الصانعي، فيما يخص أهم مطاليب وأولويات الشعب الإيراني في الانتخابات المقبلة، على أنّ هذه الأولويات هي نفس القيم والشعارات الأصلية للشعب الإيراني في الثورة الإسلامية، التي تضمَّنت قبل كل شيء رعاية حقوق الشعب وفرضت على مسؤولي النظام في سياستهم الداخلية والخارجية أن يحولوا دون ضياع حق واحد من الناس.
ثم أشار سماحته إلى قضايا من قبيل الالتفات إلى المستوى المعاشي والاقتصادي للناس والحول دون شيوع المظاهر السلبية في المجتمع والفساد الأخلاقي من خلال آلية الفكر والمنطق والأساليب الانسانية، لا اللجوء إلى العنف والجلد والإكراه، وأضاف:
على الجميع ان يلتفتوا إلى أنّه لأجل إصلاح الأمور والمفاسد الإجتماعية وإصلاح الوضع الاقتصادي وتلبية متطلبات الشباب ينبغي منح الأولوية لحرية البيان والقلم والعقيدة، والأهم من ذلك الحرية فيما بعد البيان، فهذا ممَّا ينبغي تأمينه للشعب من قبل أصحاب السلطة. الإسلام يهتم كثيراً بالحريات الأساسية للانسان، وإذا توفَّر الأمن في المجتمع تفتَّحت القابليات ونمت، وإذا شاع الخوف وسرى للجميع وازداد الضغط تفشت المفاسد الإجتماعية والأخلاقية في المجتمع.
تفيد تعاليمنا الواردة على لسان الرسول(صلى الله عليه وآله) أن المسلم هو الذي سلم الناس من لسانه ويده، أي سلم الناس من سلطته.
ثمّ أكَّد فضيلته على أن مغزى حقوق البشر والعدالة يستبطنه مبدأ اسلامي واحد وهو الإنصاف، وأضاف: الإنصاف يعني أن يحب الإنسان للآخرين مايحب لنفسه، وأن يكره لهم مايكره لنفسه. وهذا أرفع مبدأ اسلامي، وأينما نفِّذ حصل الناس على حقوقهم وحرياتهم.
وفي قسم آخر من اللقاء أجاب الفقيه الشيعي عن سؤال في خصوص تصورات الشعب الإيراني تجاه امريكا قائلاً: بما أن الدبلوماسية الأمريكية متغيّرة كذلك رؤية الشعب لها، فإنها تابعة للزمان، والمهم هو أن الشعب لايعدها عدواً عندما تتخذ الدبلوماسية الأمريكية منحى باتجاه الديمقراطية وحفظ حقوق الشعوب وحرمتهم، وأينما تغيّرت السياسة واتجهت نحو تضييع حقوق الشعوب وحرياتهم ينهض الشعب للإعراب عن المخالفة ومعاداة السياسة. وذلك لأن العدالة والحرية كانت على طول التاريخ من مطاليب البشر، والشعوب كانت ولا زالت تسأم الظلم والديكتاتورية. وعليه الصداقة والعداء لأمريكا تابعان لسلوكها وتوجُّهها السياسي.
واستمر الشيخ قائلاً: رأيي الشخصي كذلك يتبع سلوكيات امريكا ومواقفها السياسية، وأضاف: لكني استحسن امريكا عملها في انقاذ الشعب العراقي من سلطة الظلم وديكتاتورية صدام والنظام البعثي، آمل أن يعيدوا الأمن إلى هناك بمعونة الشعب العراقي.
ثم أشار آية اللّه الصانعي إلى الدور المصيري للسيد السيستاني في العراق وقال: كان لقيادة آية اللّه السيستاني تأثير عميق على الإسلام والمذهب الشيعي في أنظار العالم تجاه علماء الإسلام، وأثبت قابلية مراجع التقليد على اتخاذ سياسة عادلة تعتمد احترام حقوق البشر والديمقراطية وفق الموازين الإسلامية والشيعية.
كما قارن سماحته بين السيد السيستاني والإمام الخميني واعتبر دور السيد بمثابة دور الإمام في القيادة، وأكَّد: لو كان الإمام حياً لاجتثَّ جذور الإرهاب والقاعدة في الدنيا، وقد كان منهجه فسح المجال لجميع القوى المعارضة لتطرح رؤاها وتستخدم المطبوعات في هذا المجال إلاَّ إذا رفعت السلاح، عندئذ يتخذ موقفاً معادياً، وأضاف: ما كان الإمام عهد نضاله يسمح بالمواجهة المسلحة، وكان يرى لزوم كون المواجهة منطقية ومنسجمة مع السياسة العالمية وفي طريق إجراء العدالة.
وفي إجابته على سؤال آخر في خصوص الموقع الراهن لآية اللّه المنتظري في ايران، أشار إلى أنه كان ولازال من العلماء رفيعي المستوى، وكان له تأثير مهم في الثورة، واستمر بالقول: السلطات لاتسمح بالنقد البناء، وأكّد قائلاً: لاتوجد الحرية بمعناها الحقيقي في العالم، وكذلك الحال في ايران، وقد يختلف مستوى تمتع الناس بالحرية في المجالات العامة والسياسية، فتقلُّ في مكان وتزيد في آخر، وكلَّما تمتع الناس بحقوق أكثر وحرية في الاختيار والبيان وما بعد البيان كلما كان احساسهم بالحرية أكثر.
وفي قسم آخر من اللقاء أجاب الشيخ على سؤال حول تأثير مبنى السيد السيستاني وعدم اعتقاده بولاية الفقيه على العالم الشيعي، مشيراً إلى امكانية استمرار الحكومة الحالية وبنظامها الراهن إذا ما أعادت للشعب حقوقه المضيّعة، وأكد قائلاً: في غير هذه الحالة يمكن أن يكون المنهج السياسي لآية اللّه السيستاني ومبناه الفقهي مؤثراً في كلٍّ من المجتمعات الإسلامية .
أضاف سماحته: إنّي لا أرى في الظروف السياسية الراهنة طريقاً لإحياء الحرية التي يدعو لها الإسلام، على أنَّ ترغيب الحكومة بالدفاع عن حرية البيان وحرية مابعد البيان يمكنه أن يكون مؤثراً على الأمد البعيد .
في قسم آخر من هذا اللقاء تعرّض إلى قضية الغزو الثقافي الغربي والقلق المتزايد في هذا المجال وقال: من خلال التواصل الحاضر تسعى كلُّ اُمة لكسب الجوانب الثقافية الإيجابية للامم الاُخرى لكن أحياناً تكتسب الجوانب السلبية، ولا مفرَّ من ذلك، وعلينا الالتفات هنا أن الأصل هو التعامل الثقافي. وبما أنّه لايمكن غلق أبواب التواصل الثقافي فالمهم أن ندرك مدى حساسية الحكومة والشعب تجاه الثقافة الذاتية، ومدى سعيهما لأجل تقويتها وتعميقها.
على سبيل المثال تحرك الإمام الخميني عهد النهضة في مجتمع مفعم بالرذائل الثقافية، ومن خلال عمله سعى لتعريف المجتمع والعالم قيمة الثقافة الإسلامية وغناها وقوتها، وبذلك استطاع التقليل من تأثير الثقافات الاُخرى. التاريخ : 2005/06/08 تصفّح: 8966