Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: الزيارات
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مع صحيفة (إيران) فيما يخصُّ موضوع حضانة الأولاد
لقاء سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي (دام ظله العالي) مع صحيفة (إيران) فيما يخصُّ موضوع حضانة الأولاد
س - في البداية نرجو من سماحتكم بيان الفرق بين الحضانة والولاية والقيمومية، باعتبار أنّ الناس عموماً لايفرّقون بين هذه الاصطلاحات ويعتبرونها ذا معنى واحد .

بسم اللَّه الرحمن الرحيم

ببركة الثورة الإسلامية وفي ظل نظام الجمهورية الإسلامية وبالنظر إلى المبادى‏ء والمواد الدستورية التي جاءت بصفتها حقوقاً للبشر نتطلّع إلى حلِّ المشاكل التي يعاني منها الأخوة والأخوات ونأمل انتفاء مشاكل الاُمهات والآباء على حساب القانون الإسلامي، لأنَّا نعتقد أن الإسلام دين لا حرج فيه ولا مشقة، فهو دين سهل.
وفيما يخصُّ سؤالكم أقول : الفرق بين الولاية والقيمومة والحضانة واضح جداً، (الولاية) عبارة عن حق التصرّف في أموال الطفل والإشراف على نشاطاته وأعماله، و(الحضانة)ترتبط بما يخصُّ شؤون التربية البدنية والنفسية للطفل، فنموّه الجسمي والنفسي يرتبط بحضانته، والذي يتولَّى حضانة الطفل عليه التكفّل به في مرحلة الرضاع والصبا ويراقب محيطه التربوي حفظه ويحميه من الحوادث، وهذه الاُمور تسمَّى حضانة.
)القيمومة(تعني التصرّف في أموال الطفل وحقوقه مع رعاية مصلحته، أو إذا اُريد توظيف الطفل بعمل فالأمر بحاجة إلى قيّم.

ثانياً: يبدو لي أنَّ للاُم حق القيمومية كما هو حق للأب بحيث تتولّى الاُم قيمومية الطفل بعد وفاة الأب، ولها - من ناحية فقهية - حق الولاية قبل الجدّ من الأب ويصل هذا الحق إلى الجدّ من الأب إذا لم تكن الاُم، وهذا الحق لا اختصاص له بالجدّ من الأب كما هو المعروف بين الفقهاء حيث قالوا بانتقال حق القيمومية بعد وفاة الأب إلى الجدّ من الأب ، بينما نرى القيمومة بعد وفاة الأب للاُم، وهذه خُطوة نحو رعاية حقوق الاُمهات، ورأينا يستند إلى أدلة فقهية والأمر مسلَّم، بالنسبة إلينا.

س - أذكر أنّ هذا (أولوية ولاية الام) كان رأيكم منذ أنْ كنتم متصدّين لمسؤوليةٍ في السلطة القضائية ، والسؤال المطروح هنا هو : ما هي الأدلّة الفقهية على أولوية الأب على الاُم فيما يخصُّ حضانة الطفل، أو التحديد الزمني لحضانة الاُم؟ وذلك باعتبار أنّ (اللمعة) للمرحوم الشهيد الأول من المصادر الفقهية المهمّة وقد اكتفى المرحوم هناك بذكر أولوية الاُم على الأب فيما يخصُّ حضانة الطفل أثناء رضاعه (لا خارج مرحلة الرضاع) وشأن البنت يمتدُّ إلى سبع سنوات، وقد اعتمدت المادة القانونية المرقمة 1169 من القانون المدني هذا الرأي .
ج - نعم، كان هذا رأيي منذ أنْ كنت متصدياً للمسؤولية في السلطة القضائية، وفي الحقيقة إنّي أحمل هذه الرؤية منذ أمدٍ بعيد كإحتمال وكبحث غير محقَّق أو كنت أنظر إليه كفرضية وأنا أنظر إليه حالياً كمبدءٍ أنهض ببيان مستنداته الفقهية.
إذن، رؤيتي في السابق لا تخرج عن كونها رؤية، وأعرضها حالياً كفتوى .
قضية الحضانة من القضايا التي يصعب حلّها الدقيق كثيراً، ولذلك تجاوزها فقيه من قبيل الشهيد الثاني دون أن يُبدي فيها رأياً تقريباً ، لأنَّه كان يعتقد أن الروايات لايمكن الاستناد إليها لضعف سندها، ولذلك لم يُبدِ في الموضوع رأياً، وعلى أي حالٍ، المسألة معقَّدة جداً لاختلاف الروايات فيها.

س - إذا لم تكن المستندات الفقهية قوية ولم يكن لنا نصٌّ ولا حديث فلماذا صدر وفقها المادة 1169 واستمرَّ بها العمل ؟
ألا يمكننا أن نضيّق نطاق هذه المادة بفقرة نلحقها بالمادة أو ننسخها بنحوٍ ضمني بمادة أُخرى ونحيل موضوع الحضانة بصورة عامة إلى الاُم؟ بالطبع الأمر يختلف عند وجود مفسدة ومضرّة للطفل، أمّا في الحالات العادية ألم تكن الاولوية للاُم ؟
ج - لو كانت لنا سلطة في مجال التقنين كان بامكاننا أن نأخذ بنظر الاعتبار آراء فقهاءٍ من قبيل المرحوم الشهيد الثاني دون أنْ تحصل مشكلة في مجال الحضانة سواء قلنا بأنَّ الحضانة في السنتين على الاُم وباقي العمر بعهدة الأب أو قلنا بأن الحضانة على الاُم حتى السنة السابعة ]دون الأخذ بنظر الاعتبار جنس الطفل[ وما بعدها على الأب ، وبرأيي أنَّ للاُم حق الحضانة حتى السنة السابعة من عمر الطفل بل حتى لو قلنا بامتداد المدّة إلى تسع سنوات، وهذا لا يوجِد أي مشكلة .

س - طبقاً للمادة 1170 من القانون المدني إذا تزوّجت الاُم أثناء فترة الحضانة ينتقل حق الحضانة إلى الأب ويسقط حقها رغم قصر مدة الحضانة عندها، ونلاحظ في ذات الوقت أنَّ هذا الحق لايسقط عن الأب إذا ما تزوّج، ألا يمكننا حلّ هذه المشكلة بلحاظ ما نملك من فقه متحرك وبالنظر إلى الأوضاع والظروف والملابسات التي تحوم حول هذا الموضوع ؟ إنا نشاهد النتائج والسلبيات الخطيرة المترتّبة على حياة كثير من الأطفال الذين يعيشون مع زوجات آبائهم ، هذا في وقتٍ تكون الاُم على إهبة الاستعداد لحضانة أولادها.
ج - مشكلة حضانة الطفل تبرز عندما ينفصل الوالدان فتطلب الاُم حضانة طفلها، لأنَّه بضعة منها كما تشعر بذلك، والأب كذلك قد يريد حضانة الولد والاحتفاظ به.

إذن، لم يتعرّض الفقهاء لقضية الحضانة فيما إذا كان الوالدان مجتمعين وغير منفصلين ، لأنَّه لا بحث في الموضوع عندئذٍ سواء قلنا بأنَّ حق الاُم للحضانة سنتان أو أن حق الأب في الحضانة عشر سنوات أو غير ذلك، فهذا ممَّا لا يخلق لنا مشكلة، أنَّهما يعيشان معاً، والمشكلة تتبلور فيما إذا حصل الطلاق.

ذكر الشهيد الثاني ثمانية شروط للحضانة وكأنَّه كان يتكلّم مع عصرنا ويكتب لمجتمعنا اليوم، لكنه يريد من يبيّن آراءه للناس، أظنُّ أنَّ سبب شهادة الشهيد الأوّل والثاني هو نطقهم بكلمات حيَّة، وما كان الأعداء يريد أن يكون للفقه الشيعي كلامٌ حيٌّ، كما هو حال أعداء الإسلام في الوقت الراهن.

علي أي حالٍ ، ذكر الشهيد الثاني ثمانية شروط لمثل الأب إذا أراد حضانة ولده، منها: أن يكون أميناً ، ولا يكون غير ملتزم، ودليل ذلك هو أنَّ الحضانة تربية وإذا كان الأب غير ملتزم ولا يرى قيمة لقضية الأمانة وحفظها فمن الطبيعي أنْ لا ينهض بعملية تربية الطفل بالنحو الصحيح ويتربّى الطفل إثر ذلك على عدم الالتزام، فإذا كان الأب خائناً أصبح الطفل خائناً، وهذا يتنافى مع أساس قضية الحضانة ، لأنَّ أساسها التربية، والغرض منها هو التربية، ولذلك لا يصلح لتربية الطفل من كان خائناً .

ومنها: أنْ لا يكون مصاباً بمرض مسرٍ ، بهذا الشرط يمكننا أنْ نوضّح للبشرية مدى رعايتنا لحقوق الأطفال، وقد بلغ الإسلام مستوى في ذلك حيث يرى أنَّ الحضانة قبل السنتين أو السبعة على الاُم وبعدها على الأب ، وخلال هذه الفترة إذا كان كلٌّ من الابوين مصاباً بمرضٍ مسرٍ يسقط عنه الحق وينتقل إلى الآخر، وقد قال البعض: إنّ الحق لا يسقط لامكان أن يودع كلّ منهما الطفل خلال هذه الفترة عند شخص ثالث، لكنَّه كلام غير صحيح؛ لأنَّ الإسلام أراد الطفل أنْ ينمو ويتربَّى في ظل عواطف الأب والاُم وأن يُحتفظ بهذا البُعد في تربيته.
يقول أحد العلماء : لا وجود لدار الأيتام في الإسلام ، أي أنّ المفروض بالمسلمين أن يحتضنوا الأيتام، وكل بيت من بيوتهم يتكفّل بتربية يتيم ينظر له نظرة أبوية .

بالنظر إلى كلا الشرطين المتقدمين أي الأمانة والالتزام وعدم الابتلاء بمرض مسرٍ يمكن الاستدلال على عدم جدارة وصلاحية الأب للحضانة إذا كان مدمناً خلال فترة الحضانة، كيف يمكن للأب أن ينهض بعملية حضانة ولده وهو يأخذ من زوجته ماتجنيه من خلال عملها أو يبيع وسائل المنزل ليشتري بها مخدرات يستهلكها دون أنْ يكترث بشي‏ءٍ، وكيف يمكن لشخص كهذا النهوض بعملية تربية طفله ؟

إذن، يمكننا القول بأنَّ إدمان الأبوين يسقط حق الحضانة عنهما حتى لو ادّعيا العُسر والحرج والضجر، لأنَّ هذا أمر أو جداه بأنفسهما.

الأب ذو السوابق في مجال السرقة وقد سبق وأن سرق مرة أو مرتين ولم يتُب وحصل اختلاف في قضية الحضانة أمكننا مراجعة الجهات المختصّة للحصول على شهادة عدم السوابق السيئة، وإذا ثبتت سوابق سيئة عليه منعناه عن حضانة الطفل وانحلّت المشكلة. طريق حلّ هذه المشكلة في رعاية الشروط المذكورة، والأهم من ذلك والأرفع منه الالتفات إلى ما ورد في القرآن، فقد وضع القرآن الحلّ فيما نطرحه حالياً كبحث حيٍّ وعصري مع أنَّ القرآن طرحه قبل أربعة عشر قرن .

يقول القرآن : » لا تُضارَّ والدةٌ بولدها ولا مولودٌ له بولده« البقرة : 233 أي لا ينبغي للطفل أنْ يكون سبباً في إضرار الوالدين وإيجاد المتاعب لهما، وإذا وضعنا هذه الآية إلى جنب قانون الحضانة قلنا مثلاً : للاُم حق الحضانة إلى سنتين أو سبع سنوات، أمَّا إذا شُقَّ على الأب عدم رؤية ولده ويمرض إذا فارقه بينما يكفي الاُم لقاء ولدها دورياً فيلحق قانون الحضانة تعديل وفقرة نعطي عبرها الولد للأب لكن بشرط وهو أنْ لا يكون الأب سبباً في انفصال الزوجة عنه، أمَّا إذا كان سبباً في الانفصال فلا نعطيه الولد رغم ما قد يلحقه من أذى ومشاق من جرّاء ابتعاده عن ولده، ونفس الأمر صادق بالنسبة إلى الاُم كذلك.

س - وفقاً لما تفضّلتم به نستنتج عدم وجود مشكلة من وجهة نظر فقهية إذا ما جعلنا حضانة الطفل - من حيث القانون - بعهدة الاُم كما هو الحال في كثير من البلدان الإسلامية التي تعتمد نظاماً حقوقياً قوياً ورغم كونها غير علمانية لم تفرض على الأب غير النفقة ، فلماذا لا يحصل هذا هنا؟ ألم يعدّ هذا من نواقص قوانيننا؟
ج - يمكن للشرطين المتقدمين أنْ يكونا حلولاً ناجحة لكثير من مشاكلنا ، ولنعد إلى قضية الضرر والحرج والمشقة، فإذا ترتّبت مشقة على عدم حضانة الاُم طفلها بأن تمرض أو تجنّ بسبب انفصالها عن زوجها واعتبار ولدها الأمل الوحيد في حياتها فبحكم الآية وكذا قاعدة نفي الحرج يُعطى الطفل للاُم ، لكن المشقّة قد تلحق كلا الطرفين أي الاُم والأب وكلاهما يطلبان حضانة الطفل عندئدٍ نبحث عن المقدَّم منهما، وفي الفقه تقنيات يمكن من خلالها إثبات تقدّم أحدهما على الآخر ويمكن حلّ المشاكل ذات ا لصلة.

من ضمن الأساليب المستخدمة والتي يتقدّم من خلالها أحدهما هو العسر والحرج ، وإذا أدعيا معاً العُسر والحرج نقول : الأصل هنا هو عسر الاُم وحرجها وذلك الأصل حاصل بحكم غلبة العُسر والحرج عند الاُمهات حين انفصالهن عن أولادهنَّ إلَّا أنْ يُثبت الزوج خلاف ذلك من خلال أدلّة يقيمها، الإسلام دين القانون والضوابط.
نقول : لمجلس الشورى ومجلس صيانة الدستور الحق في التقنين، فليجعلوا من مصاديق العسر والحرج للمرأة ( من حيث الغلبة ) كون الزوج مدمناً على المخدرات، وإذا قالوا: كيف نعلم بصدق الحرج؟ قلنا: ذلك من حيث الغلبة، أي أنَّه غالباً ما يؤدّي إدمان الزوج على المخدرات الحرج للزوجة ويُفرض بالمحاكم على أساس ذلك أنْ تُطلِّق الزوجة من زوجها المدمن ، فإذا كذّب الزوج ذلك فعليه إقامة الدليل على كلامه بسرعه ولا ينبغي أنْ يطول كثيراً إثباته صحة كلامه.
وعلى هذا، إذا أردنا صياغة ما تقدَّم كقانون للمجتمع قلنا: الأصل في أنَّ الحالة المتقدّمة تستلزم حرجاً ، وإدعاء غير ذلك بحاجة إلى دليل ، وتدوين القانون في هذا المجال سهل فنصيغ موارد الغلبة صياغة قانونية ونلحق بها فقرات تعديلية بأن نقول : على الذي يدّعي خلاف ذلك الاتيان بالدليل، ولا إشكال في ذلك.
التاريخ : 2000/10/09
تصفّح: 12889





جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org