موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مع السيد كوين توليس معد الافلام الوثائقية للقناة الرابعة من التلفزيون البريطاني
لقاء سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي (دام ظله العالي)مع السيد كوين توليس معد الافلام الوثائقية للقناة الرابعة من التلفزيون البريطاني
بحث في فلسفة وشروط الشهادة والعمليات الاستشهادية
المجدد مرجع الشيعة آية اللّه العظمى الصانعي التقى مراسل القناة الرابعة من التلفزيون البريطاني وتحدّث معه عن مباني الشهادة في الإسلام.
واللقاء يدخل ضمن الفيلم الوثائقي قيد الإعداد لهذه القناة والذي يتناول موضوع الشهادة.
في بداية اللقاء أشار سماحته إلى قضية الشهادة في الحرب العراقية الإيرانية موضحاً أن الشهادة لاتختص بالإسلام بل هي حقيقة عالية أدركها البشر منذ الأزل وترجمها إلى واقع حياته، وأضاف:
الإسلام أقرَّ هذه الحقيقة. وقد تبلورت قضية الشهادة في الحرب العراقية الإيرانية بنحو عجيب، فقد كانت الحرب دفاعاً عن الوطن وعزة الايراني المسلم وشرفه، ولذلك اكتسبت قيمة عظيمة، وفي ظل القيم والإيمان القوي نزل الشعب عند طلب القائد بلزوم الجهاد، فاتخذت الشهادة أبعاداً تجاوزت أبعاد الموت الطبيعي. في الحقيقة أن الدفاع عن الثقافة والمذهب والإيمان يبدّل الموت إلى شهادة، والشهيد شاهد حيٌّ دائم على الامة وعلى طول الزمان. كان الإمام عهد الحرب ينطق عن لسان الشعب نوعاً ما، ولذلك كنا نرى الشعب من النساء والرجال تابعين له.
مع تأكيده على أن الدفاع يُتلقَّى أمراً مقدساً من وجهة نظر اولئك الذين كانوا ينظرون إلى الحرب العراقية الإيرانية من الناحية الانسانية، ومن المحتمل أن الأثر الوحيد لتلك النظرة رفض فكرة تعرض الدول لبعضها الآخر، أشار إلى موضوع اتخاذ قرار الشهادة وما إذا كان اختيارياً أو إجبارياً وقال:
الشهادة قضية شخصية وتنبع عن اختيار الإنسان بالكامل، وهي مفهوم أودعه اللّه لدى الإنسان.
وفي قسم آخر من هذا اللقاء أجاب عن سؤال حول رأيه عمّا إذا سأله شاب عن رغبته في عملية استشهادية دفاعاً عن المسجد الأقصى؟ فقال آية اللّه العظمى الصانعي:
الإجابة عن هذا السؤال صعبة، وبدوري كرجل دين لا أدعو شخصاً لاختيار طريق الشهادة، بل أدعوه لدراسة جميع جوانب القضية وملابساتها، فإذا لم يثبت ضرر على الإسلام من جرّاء عمله فليقم به، أمَّا إذا ترتَّب عليه الضرر فلا ينبغي القيام به ولو كان عملية استشهادية، وحقيقة الأمر أن كل عمل يخضع لظروفه وزمان القيام به.
ثم أشار المجدد الشيعي إلى أن الإمام أحيى مفهوم الشهادة بعد سنوات من موت هذا المفهوم في المجتمعات البشرية، ومنحه معناً آخر.
على أن الإمام لم يأمر يوماً بالنضال المسلّح والقتل الجماعي بل كان يتجنب هذا النوع من المواجهة ويكرهها. كان سلاحه لسانه وكلماته، وما كان يرضى بإهراق دم انسان برىء أبداً، غاية الأمر قد يكون هناك من كان يسيء استخدام كلام الإمام، مع أنّ هدفه من القيام إيقاظ الشعوب ومواجهة الظلم والتمييز والسعي للحصول على العدالة والحرية.
رغم سنوات من الحرب والشهداء والاسرى لم تقل محبة الشعب وأحاسيسهم تجاه الإمام، وبلغت مستوى لايمكن وصفه.
هنالك عاملان كانا يشكلان أساس نهج الشهادة في الحرب العراقية الإيرانية، كما كانا يشكلان جزءً من معتقدات الشعب، وهما: الفكر الديني الإسلامي والقيم التي كان يدعو إليها الإمام، وكان الشعب على قناعة من أن الإمام ماكان يرجو أمراً شخصياً من وراء ذلك بل كان يهدف تحقيق القيم الإسلامية الكبرى.
وفي قسم آخر من هذا اللقاء أشار فضيلته إلى المواجهات الحالية في العراق والعمليات الانتحارية والتفخيخات واستبعد حصول فتنة في العراق مؤكداً:
أن هذه العمليات الانتحارية لاتثمر بفضل إرشادات آية اللّه السيستاني حفظه اللّه وكذلك الساسة المتنوّرون الفاعلون والذين تحمّلوا المشاق الكثيرة، فإن هذه الحركات مرفوضة لدى المجتمع وستزول عنه بسرعة.
كما اعتبر سماحته عمليات الفرق الانتحارية إجرامية لاتصدر حتى من الحيوانات الوحشية.
ثمّ أكد على أن الشعب العراقي وكل المنصفين من البشر يفرّقون بين هذه التكتلات والتكتلات كانت تسعى لانقاذ الشعب العراقي من ظلم صدام، وأضاف:
المجتمعات الانسانية حالياً تدين الإرهاب بالأقوال والأعمال والأفكار والسلوك. عندما وقف الإمام الخميني أمام الإرهاب واجه مخالفة القوى الكبرى، وهي حالياً تعاني منه.
وفي آخر قسم من هذا اللقاء أكّد على الفرق بين العمليات الاستشهادية والانتحار وقال:
الشهادة والاستشهاد يحصل في سبيل قيم متعالية كالدفاع عن الإنسانية والقيم والعزة والشرف والحرية والعدالة والتساوي والحقوق، وتصدر عن حرية الاختيار وبصيرة ووعي.
أمَّا الانتحار يستهدف منه أهدافاً خاطئة أو لا يستبطن أهدافاً أصلاً.
الانتحار نتيجة للعجز واليأس والضعف والفراغ، أمَّا الشهادة فهي الايثار والفداء بالنفس لغرض بلوغ هدف أسمى، والأهم من ذلك كله أن الشهيد حيٌّ ويشهد مجتمعه دائماً. التاريخ : 2005/05/18 تصفّح: 11788