بسم الله الرحمن الرحیم
نبارك جميع طالبي العدالة وشعب إيران الشريف والحوزة العلمية وأنتم المشتركين في مراسم اسبوع الوحدة بمناسبة ولادة الرسول محمد المصطفى (صلى الله عليه وآله) السعيدة والمفعمة بالخير والبركة، ونهنئكم بأسبوع الوحدة، وأذكّركم بعدّة نقاط:
1- أعزتي وأمجادي، عليكم الالتفات إلى أنّه لا ينبغي لمساعيكم وبرامجكم أن تنحصر في الوحدة بين الشيعة والسنة بل بإمكان النخبة ومثقّفي المجتمع أن يلتزموا التوجّه والحركة نحو الوحدة بين جميع البشر (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ)[1] وأن تنصبّ المساعي باتجاه تعالي المجتمع البشري وهدايته بالتعاليم الإلهية ورسول الرحمة والرأفة؛ لأنّه: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)[2].
2-من الضروري التذكير بأنّ التعصّبات الجاهلية والجافة والنفاقية وغير الإلهية والمشاكل الناشئة عنها نتيجة الابتعاد عن تعاليم الرسول وبخاصة رسول الإسلام، وهي الدعوة إلى التوحيد والأخلاق الحسنة.
حصر الحق في الذات والجهل المقدس وسوء الفهم والابتعاد عن القرآن وعترة الرسول هي جذور تكوّن فرق تكفيرية، ومن أسباب الاختلاف بين المسلمين، وطريق مواجهتها هو نشر التعاليم الأخلاقية الأصيلة وعرض صورة سهلة ومتسامحة عن الدين (... ولكن بعثني بالحنيفية السهلة السمحة) [3] واستذكار الرحمة والرحمانية والرأفة الإلهية تجاه البشر (إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ).[4]
3-إنّ علماء وحكّام الدول الإسلامية هم من العناصر المؤثّرة في تربية المجتمعات المتأزمة في هذا اليوم، وصلاحهما يؤدّي إلى صلاح المجتمعات، وفسادهما يؤدّى إلى فساد المجتمعات، فقد قال رسول الله (ص): «صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِی إِذَا صَلَحَا صَلَحَتْ أُمَّتِی وَ إِذَا فَسَدَا فَسَدَتْ أُمَّتِی قِیلَ: یَا رَسُولَ اللَّهِ! وَ مَنْ هُمَا قَالَ: الْفُقَهَاءُ وَ الامَرَاءُ»[5]. واليوم، حيث نشهد الحكّام في أكثر الدول الإسلامية يسعون نحو الأهداف الدنيوية والمصالح الشخصية، فإنّ الوظيفة الثقيلة الملقاة على عاتق العلماء والمثقفين والجامعيين والطلبة تفرض عليهم نفي ما يسعى إليه البعض من نقل صورة عنيفة عن الإسلام النوراني، فإنّ إيجاد مجتمع يتمتّع فيه الناس بحرية دون إجبار ولا إكراه في قبول الحق ويعدّون تنفيذه واجباً إلهياً وفقاً للآية (وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ)[6] لا يتأتّى إلاّ من خلال عمل المتولّين لأمور الدين دون إساءة للأخلاق ودون أي مطامع دنيوية، ومن خلال الابتعاد عن الحكّام الظلمة، وعبر التخلّق بأخلاق رسول الله.
وفي الختام نكرّم الإمام الخميني (س) وآية الله العظمى المنتظري (ره) حيث أطلقا على هذه الأيام اسم أسبوع الوحدة، وهما بذلك أوجدا شجرة طيبة تنمو باتجاه حصول الوحدة لا بين المسلمين فقط بل بين البشر كذلك. وأسألكم جميعاً أيّها الأجلّة الدعاء لي، في هذه الأيام الميمونة، بالخير وحسن العاقبة.
قم المقدسة – يوسف الصانعي
15 ربع الأول 1436
---------------------------
[1] - سوره نساء/1
[2] - سوره انبیاء/107
[3] - بحارالانوارج22ص264
[4] - سوره حج/65
[5] - بحار الانوارج2ص49
[6] - حدید/25