موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: بيان سماحته الصادر اثر بثّ المحاكمات التي أعقبت انتخابات رئاسة الجمهورية العاشرة
بيان سماحته الصادر اثر بثّ المحاكمات التي أعقبت انتخابات رئاسة الجمهورية العاشرة
بسمه تعالى
(ولا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسّكُمُ النار ومَا لَكم من دُون الله من أولياء ثُمّ لا تُنصَرونَ)
لم يشهد تاريخ الثورة الاسلامية حضوراً واسعاً وجبّاراً مثل ما شهده في انتخابات رئاسة الجمهورية العاشرة الاّ الاقتراع على الدستور. نذكر أياماً وليالي شهدنا فيها حماس أولاد وبنات وامهات وآباء - وحتى اولئك الذين عجزوا عن الاشتراك في الانتخابات – في الدفاع عن المبادىء العظيمة لمعمار ومؤسّس الجمهورية الاسلامية الراحل الامام الخميني(سلام الله عليه). وهو يبعث الى الشعور بعظمة ووحدة الشعب. نعم، باسم الدين وباسم الحرية الناشئة عن مبادىء التشيّع ولحفظ الاهداف والقيم التي دافع عنها الشهداء، تواجد الشعب في ساحة الانتخابات لكي يلعن للعالم – وبعد ثلاثين عاماً من الثورة – أنّ الحرية موهبة الهية، لا يمكن لأحد سلبها من بحر الانسانية. لكن ما النتيجة؟ نجد أولاد الثورة معتقلين! ذاق الشباب الأعزة طعم الهراوة المر، وجرّبوا الغاز المسيل للدموع، وسقط منهم جرحى وشهداء. هذا كلّه لأجل أنّ شرعية الانتخابات وقعت موضع تساؤل. وهل من الصحيح أن تواجه الاعتراضات والانتقادات بهذا النحو، وأن نصنع أزمة، وأن نعزو الاعتراضات الى الدول الاجنبية، ودون الخوف من النهاية المحتومة للظلمة والمستبدين نعلن ارتباط المعترضين بالغرب؟ لقد بلغ الظلم والتعدّي درجة أنّا نشهد محاكمة من كانوا فاعلين ومتواجدين الى جنب باقي المسؤولين في جميع الحوادث. انّها محكمة واضحة الهوية وقد سجّلت نتائجها وأحكامها من ذي قبل، ولم يرحم فيها أحد لا من عموم الناس ولا من النخبة التي أفنت عمرها وشبابها في خدمة الاسلام والثورة والجمهورية الاسلامية بعد ما وضعوا المتّهمين تحت ضغوط روحية وجسدية وحبس في زنزانات انفرادية لمدة طويلة وقطع اتصالهم وجعلهم بمعزل عمّا يدور في الخارج، والأهم من ذلك أنّهم قطعوا أخبارهم عن عوائلهم. انّ الآية الشريفة تصرّح بعدم الركون والاعتناء بالظلمة؛ وذلك لأجل عدم تجرأتهم على سلب حرية الناس، تلك الموهبة الالهية، وقد عدّت الآية الركون ذنباً خطيراً. وبالنظر الى الكتاب والسنة والعقل أرى وظيفتي الشرعية والالهية في ظل الظروف الحاضرة ومحاكمة مئة من المعترضين أن أذكّر بأنّ المحكمة اذا لم تكن قليلة النظير في العالم فهي ممّا لا نظير لها في القضاء الاسلامي على أقلّ تقدير، وتعدُّ بدعة جديدة مقترنة بذنوب يقيناً. لكن ما ينبغي الالتفات اليه ليس صحة الاعترافات فيها، فهي قضية تفتقد القيمة وواضح أمرها لدى الجميع، وذلك ليس بسبب كونها اعترافات أخذت من المتّهمين في السجن، وقد ورد عن الامام علي(عليه السلام) عدم اعتبار هكذا اعترافات، وليس بسبب كون أكثرها اقراراً في حقّ الآخرين، بل تعدُّ افتراءات وتُهماً ومعاصي كبيرة تخالف القوانين وحقوق الانسان وكرامته. ويعدّ جميع الذين لهم يد في هذه الاعترافات شركاء في هذه الذنوب، التي تستوجب عذاب الافتراء واراقة ماء وجه الناس، وهو أمر أهميته في الاسلام أكثر من أهمية أرواح الناس. شاءوا أم أبوا سينال هؤلاء جزاء خيانتهم في هذه الدنيا وفي محكمة صالحة وعادلة. لكن المهم الذي ينبغي الالتفات اليه هو عدم الاعتناء بهذه الاعترافات وعدم ترتيب الاثر عليها، فانّ ترتيب الاثر عليها يعدُّ ركوناً ولو جزئياً لظالمي حقوق الشعب وكرامة البشر، وهي مخالفة واضحة للقرآن والوحي والحكم الالهي. في الختام أدعو الله أن يهبنا الاستقامة السلمية في طريق احقاق الحق وتقرير المصير، ونسأله متضرّعين أن يفرغ على الشعب الصبر ويأتيه النصر وخير الجزاء ببركة الايام الشعبانية المباركة وميلاد منجي البشرية.
يوسف الصانعي
13شعبان1430 التاريخ : 2009/08/08 تصفّح: 9674