Loading...
error_text
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: کتابخانه عربی
اندازه قلم
۱  ۲  ۳ 
بارگزاری مجدد   
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: مصباح [5] [ نجاسة الماء القليل بمجرّد الملاقاة]

مصباح [5] [ نجاسة الماء القليل بمجرّد الملاقاة] مصباح [5]

[ نجاسة الماء القليل بمجرّد الملاقاة ]

القليل من الراكد عدا ما استثني، ينجس بمجرّد الملاقاة. وهو مذهب الأصحاب، لا نعرف فيه مخالفاً إلاّ ابن أبي عقيل [436] (رحمه الله)، فإنّه ساوى بين الكثير والقليل، وأوقف النجاسة فيهما على التغيير.
وقد توافقت كلمة الأعاظم من علمائنا على نقل الإجماع على خلافه [437].

[أدلة القول بانفعال القليل: ]

لنا على ذلك وجهان:

الأوّل: إجماع الأصحاب على النجاسة.
فحكى السيّد الأجلّ المرتضى في المسائل الناصريّة [438] على ذلك: إجماع الشيعة الإماميّة، وشيخ الطائفة في الخلاف [439]: إجماع الفرقة، والشيخ في الاستبصار [440]، والقاضي عبد العزيز بن البرّاج في الجواهر [441]: عدم الخلاف في ذلك بين الأصحاب، والقاضي في شرح الجمل [442]، والسيّد أبو المكارم بن زهرة في الغنية [443]: إجماع الطائفة.
وقال العلاّمة في المختلف: «اتّفق علماؤنا إلاّ ابن أبي عقيل، على أنّ الماء القليل ينجس بملاقاة النجاسة له، سواء تغيّر بها، أو لم يتغيّر» [444].
وقال السيوري في التنقيح: «وتنجيسه مذهب كافّة العلماء إلاّ ابن أبي عقيل منّا، ومالكاً من الجمهور» [445].
وقال ابن فهد في مهذّبه: «أجمع أصحابنا على تنجيس الماء القليل بوقوع النجاسة فيه، وندر الحسن بن أبي عقيل حيث ذهب إلى طهارته» [446].
وقال السيّد السند في المدارك: «أطبق علماؤنا إلاّ ابن أبي عقيل على أنّ الماء القليل ـ وهو ما نقص عن الكرّ ـ ينجس بملاقاة النجاسة له، سواء تغيّر بها أو لم يتغيّر، إلاّ ما استثني» [447].

وفي الدروس: «وقول ابن أبي عقيل بتوقّف نجاسته على التغيير شاذّ» [448].
وفي كنز الفوائد: «الجاري لا عن عين من أقسام الراكد يعتبر فيه الكرّية، اتفاقاً ممّن عدا ابن أبي عقيل، بخلاف النابع» [449].
وفي تعليق الشرائع: «والقول بتنجّسه بالملاقاة هو المعروف في المذهب، وفي قول أنّه لاينجس ] إلاّ بالتغيّر [، ذهب إليه ابن أبي عقيل، وهو ضعيف» [450].
وفي تعليق النافع: «إنّ ذلك هو المُفتى به، ويكاد يكون إجماعياً للأصحاب، خلافاً لابن أبي عقيل» [451].
وفي اثنى عشريّة الشيخ البهائي: «ونجاسة الراكد دون الكرّ هو المعروف، وقول ابن أبي عقيل شاذّ» [452].
وحكى الشيخ في الخلاف[453]، والعلاّمة في المنتهى [454]، والشهيد في الذكرى [455]: إجماع الأصحاب على غَسل آنية الولوغ ثلاثاً، اُولاهنّ بالتراب. وعدّه السيّد المرتضى (رحمه الله) في الانتصار ممّـا انفردت به الإماميّة، ثمّ قال: «وحجّتنا فيما انفردنا من إيجاب الثلاث: الإجماع من الطائفة» [456].
وحكى فيه أيضاً إجماع الشيعة على نجاسة سؤر اليهودي، والنصراني، وكلّ كافر [457].
وقال الصدوق في أماليه: «و من دين الإماميّة: الإقرار بأنّ الماء كلّه طاهر حتّى يعلم أنّه قذر، ولايفسد الماء إلاّ ما كانت له نفس سائلة» [458].
وهذا النقل المتعاضد عن شيوخ الفرقة ورؤساء الطائفة، القدماء منهم والمتأخّرين، على اختلاف الأعصار وتنائي [459] الديار، يكشف عن إجماع الأصحاب على المسألة، طبقةً بعد طبقة، وعصراً بعد عصر، بحيث لا يحوم حوله شكّ ولاارتياب.
ويعضده الشهرة الظاهرة، وشذوذ المخالف، وانقراض الخلاف، وعمل الشيعة، واشتهار الكرّ بينهم، حتّى عُرفوا به عند المخالفين، كما عُرفوا بإيجاب المسح وتحليل المتعة، وغيرهما من الأُمور المعلومة في المذهب.
وأيضاً لا خلاف في نجاسة الماء بتغيّره بالنجاسة، وأكثر الأعيان النجسة، كالدم، والبول، والغائط، والمني، والخمر، والميتة، يقتضي ملاقاته للماء تغيّر جزء منه ولو قليل، فينجس بالتغيير، ويلزم وجوب اجتناب الجميع ; لاشتماله على المتغيّر، وعدم تمييزه عن غيره في الغالب. واللازم من ذلك: إمّا تخصيص القول بما إذا كان الملاقي نحو الكلب، والخنزير، والكافر، ممّـا لا يوجب التغيير، والمعلوم من مذهب المخالف وأدلّته خلاف ذلك، أو القول بوجوب الاجتناب مطلقاً وإن كان الملاقي لا يغيّر، وهو المطلوب.
وقد يقال: وجوب الاجتناب لا يدلّ على النجاسة ; لجواز اختصاص التنجيس بالمتغيّر، وإن وجب [460] اجتناب غيره أيضاً، لكونه مشتبهاً بالنجس.
و يضعّف بمخالفته الإجماع المركّب ; فإنّ من قال بوجوب الاجتناب هنا قال بالنجاسة، ومن قال بالطهارة لم يوجب الاجتناب. فالقول بالطهارة ووجوب الاجتناب خلاف الإجماع.

الثاني: الأخبار [461] ; وهي كثيرة جدّاً، بل متواترة معنىً.

الأوّل: ما رواه الشيخ في التهذيب، في باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، وفي الاستبصار، في باب مقدار ما لاينجس من الماء، في الصحيح، وثقة الإسلام الكليني في الكافي، في الصحيح المشهور، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، وسُئل عن الماء تبول فيه الدواب، وتلغ فيه الكلاب، ويغتسل فيه الجنب ؟ قال: «إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء» [462].

الثاني: ما رواه الشيخ في الصحيح، في الباب المذكور، وثقة الإسلام في الحسن بإبراهيم بن هاشم، عن معاوية بن عمّـار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء» [463].
وجه الدلالة: أنّه (عليه السلام) علّق عدم نجاسة الماء بشيء ببلوغه كرّاً، فيدلّ بمقتضى الاشتراط على النجاسة بدونه.
وليس المراد بها النجاسة المستندة إلى التغيير وإلاّ لم يبق فرق بين الكرّ وغيره ; لصدق حكمي المنطوق والمفهوم عليهما[464] حينئذ، فيلغو حكم الاشتراط، وهو خلاف ما تقرّر في الأُصول.
ولا فرق في ذلك بين جعل لزوم اتّحاد الحكمين قرينة للتخصيص في حكم المنطوق أو في موضوعه، كما لايخفى.
والفرق بقبول الانفعال بالتغيير فيما دون الكرّ غالباً بخلاف غيره ـ كما توهّمه بعضهم [465] ـ ظاهر البطلان ; إذ من المعلوم كون المقصود بيان الحكم الشرعي، وأنّ السؤال إنّما سيق لأجل ذلك، وما ذُكر من الفرق لا تعلّق له به ; على أنّ ما ذُكر من عدم الانفعال في الأغلب يتأتّى فيما نقص عن الكرّ بقليل، فلا يصحّ الفرق، وإن قلنا أنّ التحديد بالكرّ تقريب لا تحقيق.

واعتُرض على الاستدلال بهذا الخبر ونظائره:

أولا: بابتنائه على حجّيّة المفهوم، وليس بمعلوم.

وثانياً: أنّ حجّيّته ـ على القول به ـ إنّما هو حيث ينتفي فوائد الاشتراط سوى انتفاء الحكم بانتفاء الشرط، وهو ها هنا [466] ممنوع.

والجواب:

عن الأول: معلوم ممّـا تقرّر في محلّه في حجّية المفهوم، ولكن حيث توقّف الاستدلال بجملة من أخبار الانفعال على ذلك، فلا بأس في التعرّض لنُبَذ [467] من القول فيه، ولو على سبيل الإجمال.

[ الكلام في حجيّة المفهوم: ]
فاعلم أنّ جمهور الأُصوليّين استدلّوا على حجّيّة المفهوم بأنّ التقييد لو لم يكن لانتفاء الحكم عند انتفاء القيد لكان ذكره عبثاً لغواً ; إذ اللفظ بدونه كان دالاّ على الحكم المقصود بالإفادة، وافياً بتمام المراد، فلم يتعلّق غرض بذكر القيد، فيجب على الحكيم العاقل تركه. وعلى هذا كان دلالة المفهوم من قبيل الدلالة العقليّة الثابتة باللزوم الغير البيّن [468].
وعلى هذه الطريقة اعتمد جملة من أصحابنا [469]، وليس بجيّد ; لأنّ رعاية السلامة من محذور منافاة الحكمة إنّما يوجب اعتبار المفهوم لو كان الوجه مقصوراً على ما ذُكر من انتفاء الحكم عند انتفاء الشرط، ولم يمكن التفصّي عنه بوجه آخر، وهو ممنوع ; إذ من الجائز أن يكون الفائدة فيه إعلام حكم المنطوق بالنصّ وما عداه بالاجتهاد والفحص ـ كما قيل [470] ـ أو يكون التقييد في الجواب تبعاً للتقييد في السؤال، إلى غير ذلك من الوجوه.
وبالجملة، فالفوائد المحتملة للتقييد كثيرة، من جملتها تخصيص الحكم، والتقييد إنّما يدلّ على تحقّق فائدة من تلك الفوائد، لا على التخصيص بخصوصه.
والحقّ عندي في دلالة المفهوم: أنّه من قبيل الدلالة الوضعيّة ; بشهادة اللغة والعرف* ـ
فإنّ المتبادر من قول القائل: «اعط زيداً درهماً إن أكرمك»، عدم وجوب الإعطاء إن لم يتحقّق الإكرام، وإن فُرض صدوره عن غير الحكيم، وقُدّر عدم اقترانه بشيء من القرائن. والتبادر من أقوى دلائل الوضع. والوضع كما يتحقّق في المفردات، فكذا في الجُمل، وتوهّم اختصاصه بالمفردات ضعيف.
وعلى هذا فما وُضع له الجملة الشرطية هو: ثبوت الحكم لمحلّ النطق، وانتفاؤه عن غيره ; فدلالة الكلام على مجموع الأمرين مطابقة، وعلى كلّ منهما تضمّن. ولا فرق في ذلك بين المنطوق والمفهوم، وإنّما يتأتى الفرق بينهما من جهة المدلول، فما كان المدلول فيه محلّ النطق يسمّى منطوقاً، وما كان المدلول فيه غير ذلك يسمّى مفهوماً. وإنّما كان أضعف من المنطوق ; لأنّ الدلالة في المنطوق قطعيّة، بخلاف المفهوم، فإنّ دليله التبادر، وغايته الظن.

وعن الثاني: بأنّه لا نزاع في كون انتفاء الحكم عند عدم الشرط فائدة الاشتراط مع انتفاء غيره من الفوائد، بل يجب القطع بذلك حينئذ، صوناً لكلام الحكيم عن اللغو

* ـ جاء في حاشية «ش»: «المقصود من هذا الكلام رفع اعتراض أورده بعض المدقّقين على القول بأنّ دلالة المفهوم من قبيل الدلالة الوضعيّة، وهو أنّه لو كان كذلك لم يكن للتسمية بالمفهوم وجه، وكذا لا وجه لعدّه أضعف من المنطوق ; لاشتراكهما في كون دلالتهما من جهة الوضع. والجواب: أنّ دلالة المفهوم من قبيل الدلالة الوضعيّة أو اللفظيّة، ولا يختلف جهة التسمية باختلاف جهة الدلالة. وأمّا عدّه أضعف من المنطوق فلأنّ دلالة اللفظ على ثبوت الحكم عند ثبوت القيد مجمع عليه، مقطوع به، بخلاف دلالته على الانتفاء عند عدم القيد، فإنّه محلّ خلاف المشهور، وموضع تشاجر معروف، وغاية ما يلزم ممّا ذُكر في إثبات الدلالة ـ وهو التبادر ـ إنّما هو الظن، وأين هو من القطع». منه (قدس سره).
والعبث [471]. وإنّما الخلاف فيما إذا يظهر [472] للاشتراط فائدة سوى ذلك. فالقائلون بحجّيّة المفهوم حكموا بتعيين [473] تلك الفائدة، وتوقّف فيه مَن نفى حجّيته. فبعد تسليم الحجّية لا وجه لما ذُكر من الاحتمال، كما لا يخفى.

[ ما يتوقّف عليه إثبات نجاسة القليل على وجه العموم: ]
وليعلم أنّ إثبات نجاسة القليل بالملاقاة على وجه العموم بهذا الحديث يتوقّف على بيان أُمور:

الأوّل: عموم الموضوع في القضية الشرطيّة، أعني لفظ «الماء» ; إذ لولا ذلك كان اللازم من المفهوم نجاسة فرد مّا من أفراد المياه الناقصة عن الكرّ بالملاقاة، والمطلوب أعمّ من ذلك.

وبيانه:
أمّا على ما ذهب إليه الجِبائيان [474] وجماعة * من دلالة المفرد المحلّى على العموم

* جاء في حاشية «ل» و«د» و«ش»: «منهم ابن الحاجب في مختصره [475]، والمحقّق العضدي في شرحه [476]، والمحقّق الرضي [477] طاب ثراه، بل الظاهر من كلام ابن الحاجب عدم الخلاف فيه إلاّ من منكري ألفاظ العموم، من غير نقل خلاف، ثمّ ذكر ألفاظاً اختلفوا فيها». منه طاب ثراه.
وضعاً، فظاهر.
وأمّا على القول بعدم وضعه للعموم، كما هو المشهور بين المتأخّرين [478]، فإن قلنا بأنّ اللام الداخلة على الأجناس حقيقةٌ في تعريف الجنس ـ كما ذهب إليه العلاّمة [479] (رحمه الله) ـ ثبت العموم، باعتبار أنّ تعليق الحكم على الطبيعة يقتضي تحقّقه في جميع أفرادها، وإلاّ أمكن إثباته بما ذكره المحقّق [480] ـ طاب ثراه ـ وغيره [481] من تعيّن الحمل على الاستغراق ; إذ لولا الحمل عليه، فإمّا أن يكون للعهد الخارجي، وهو يحتاج إلى سبق معهود [482]، والمفروض انتفاؤه، أو العهد الذهني، ويلزم منه خلوّ كلام الحكيم عن الفائدة ; إذ لا فائدة في الحكم بالتنجيس على فرد مّا من أفراد المياه، كما لا يخفى.

الثاني: قد اشتهر بين العلماء والمحصّلين أنّ كلمة «إذا» من أدوات الإهمال، ولا دلالة لها على العموم [483]، وعلى هذا فلا يتمّ الاستدلال.

وجوابه: أنّها وإن لم تدلّ عليه من جهة الوضع إلاّ أنّ العرف والمقام الخطابي أصحّ دليل وأعدل شاهد على إرادة العموم، ولعلّه لأجل تعليق الحكم على الأمر الصالح للعليّة، كما قالوه [484] في قوله تعالى: (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ... وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) [485]، و (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا) [486]، أو للزوم خلوّ كلام الحكيم عن الإفادة لولا الحمل عليه، كما مرّ.
و أيضاً فعموم الموضوع في القضيّة الشرطيّة يستتبع العموم في نفس القضيّة، كما يشهد به التأمّل الصادق، وقد أثبتنا ذلك آنفاً.

الثالث: عموم المفهوم، وقد اختلف فيه القائلون بحجّيّته. فالمشهور أنّه يفيد العموم ; بل الظاهر من كلام شارح المختصر [487] أنّه لا خلاف فيه، فإنّه لم ينقل في ذلك خلافاً إلاّ من الغزالي، ثمّ أرجع كلامه إلى المناقشة اللفظية، وجعل النزاع معه راجعاً إلى تفسير العام.
ويظهر من العلاّمة (رحمه الله) في المختلف، في مسألة تبعيّة الأسآر، القول بأنّه لا يفيد العموم، حيث قال بعد ردّ احتجاج الشيخ (رحمه الله) على المنع من سؤر غير المأكول برواية عمّـار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سئل عن ماء يشرب منه الحمام فقال: «كلّ ما يؤكل لحمه يتوضّأ من سؤره ويشرب» [488]، بضعف السند، وابتنائه على المفهوم الضعيف، قال [489]: «وها هنا وجه آخر» [490]، ذكر أنّه ملخّص ما أفاده في تحقيق كتاب «استقصاء الاعتبار في تحقيق معاني الأخبار» [491]، مـا لفظه:
«وإذا سلّمنا كون المفهوم المذكور حجّة، يكفي في دلالته مخالفة [492] المسكوت عنه للمنطوق في الحكم الثابت للمنطوق، وهاهنا الحكم الثابت للمنطوق الوضوء بسؤر ما يؤكل لحمه والشرب منه، وهو لا يدلّ على أنّ كلّ ما لايؤكل لحمه لايتوضّأ من سؤره ولا يشرب، بل جاز اقتسامه إلى قسمين: أحدهما: يجوز الوضوء به والشرب منه، والآخر: لا يجوز ; فإنّ الاقتسام حكم مخالف، ونحن نقول بموجبه، فإنّ ما لايؤكل لحمه منه الكلب والخنزير، ولا يجوز الوضوء (بسؤره ولا شربه) [493]. لا يقال: إذا ساوى أحد قسمي المسكوت ]عنه[ [494] المنطوق في الحكم لانتفت دلالة المفهوم، ونحن إنّما استدللنا بالحديث على تقديرها ; لأنّا نقول: لانسلّم انتفاء الدلالة، لحصول التنافي بين المنطوق والكلّ [495] المسكوت عنه» [496]. انتهى كلامه (رحمه الله).

وقال الفاضل المحقّق الشيخ حسن ـ طاب ثراه ـ في المعالم، بعد نقل هذا الكلام:
«وعندي فيه نظر ; لأنّ فرض حجّية المفهوم يقتضي كون الحكم الثابت للمنطوق منفيّاً عن غير محلّ النطق، والمعني بالمنطوق في مفهومي الشرط والوصف ما تحقّق فيه القيد المعتبر شرطاً أو وصفاً، ممّـا جعل متعلّقاً له، وبغير محلّ النطق ما ينتفي عنه القيد من ذلك المعلَّق [497]. ولا يخفى أنّ متعلّق القيد هنا هو قوله: «كلّ ما» أي: كلّ حيوان، والقيد المعتبر وصفاً هو كونه: «مأكول اللحم»، فالمنطوق هو مأكول اللحم من كلّ حيوان، والحكم الثابت له هو جواز الوضوء من سؤره والشرب، وغير محلّ النطق ما انتفى عنه الوصف، وهو عبارة عن غير مأكول اللحم من كلّ حيوان، وانتفاء الحكم الثابت للمنطوق ] عنه [ [498] يقتضي ثبوت المنع ; لأنّه اللازم لرفع الجواز، وذلك واضح، وإن قُدّر عروض اشتباه فليوضح بالنظر إلى مثاله المشهور الذي أشار إليه الشيخ [499] (رحمه الله)، أعني قوله (عليه السلام): «في سائمة الغنم الزكاة» [500]، فإنّه على تقدير اعتبار المفهوم فيه يدلّ على نفي الوجوب في مطلق الغنم المعلوفة بلا إشكال. ووجهه بتقريب ما ذكرناه أنّ التعريف في الغنم للعموم وهو متعلّق القيد، أعني وصف السوم، فالمنطوق هو السائم من جميع الغنم، والحكم الثابت له هو وجوب الزكاة. فإذا فرضنا دلالة الوصف على النفي عن غير محلّه كان مقتضاه هنا نفي الوجوب عمّـا انتفى عنه الوصف من جميع الغنم، وذلك بثبوت نقيضه الذي هو العلف، فيدلّ على النفي عن كلّ معلوف من الغنم» [501]. هذا كلامه (رحمه الله).
وفيه نظر ; فإنّ النافي لعموم المفهوم إنّما يدّعي أنّ اللازم للقول بحجّيته هو اقتضاؤه نفي الحكم الثابت للمنطوق عن غير محلّ النطق على وجه رفع الإيجاب الكلّي، فلاينافي الإيجاب الجزئي، وهو صريح كلام العلاّمة (رحمه الله) حيث قال: «وهو لا يدلّ على أنّ كلّ ما لا يؤكل لحمه لا يتوضّأ منه ولا يشرب ; بل جاز اقتسامه إلى قسمين» [502].
فما ذكره من أنّ فرض حجّية المفهوم يقتضي كون الحكم الثابت للمنطوق منفيّاً عن غير محلّ النطق، إن أراد به السلب الكلّي فهو ممنوع، كيف وهو عين النزاع، وإلاّ فمسلّم لكن لا يجدي نفعاً، مع أنّ المنطوق والمفهوم من أقسام الدلالة، كما صرّح به شارح المختصر [503] وغيره [504]، وإنّما سمّيت بذلك نظراً إلى موضوع الحكم، فإن كان مذكوراً كان دلالة اللفظ على حكمه منطوقاً، سواء ذُكر الحكم ونُطق به أو لا، وإلاّ كان مفهوماً كذلك.
وعلى هذا، فالمنطوق في المثال المفروض هو دلالة اللفظ على جواز الوضوء والشرب من سؤر المأكول اللحم، لا موضوع الحكم، أعني: مأكول اللحم من الحيوان. وكذا المفهوم هو دلالته على المنع من سؤر غير المأكول [505]، دون غير المأكول من الحيوان. وإن جعلنا المنطوق والمفهوم وصفين للحكم ـ كما يظهر من كلام ابن الحاجب [506] ـ كان المنطوق والمفهوم ها هنا نفس الحكمين، لا موضوعهما.

والصواب أن يقال: إنّ ما ذُكر من الاحتجاج على حجّية المفهوم، على تقدير تسليم دلالته، يدلّ على عمومه ; فإنّ المتبادر من قول القائل: «أعط زيداً درهماً إن أكرمك» هو عدم تحقّق الإعطاء عند عدم تحقّق الإكرام مطلقاً ; إذ هو بمنزلة قولنا: الشرط في إعطائه إكرامه. وأيضاً فلو وجب الإعطاء من دون تحقّق الإكرام الذي هو شرطه، لم يكن للشرط مدخليّة في الحكم، فيلزم اللغو والعبث المنفيّان ; إذ كما أنّ إلغاء الاشتراط يحصل على تقدير موافقة المسكوت عنه بجميع أفراده للمنطوق، فكذلك على فرض الموافقة في الجملة بالنسبة إلى البعض الموافق.
هذا، ويمكن إثبات العموم بلزوم الإجمال وعدم الإفادة المنفيّين في كلام الحكيم لولاه كما مرّ في المفرد المحلّى [507]، وبأنّ ثبوت النجاسة في البعض يستلزم ثبوتها في الجميع ; لعدم القائل بالفصل، ولا يجوز أن يكون المراد به الماء الجاري خاصّة أو ماء البئر ; إذ لا قائل به، مع أنّه يلزم حينئذ ثبوت الحكم في الراكد أيضاً بطريق أولى.

الرابع: عموم الانفعال، بمعنى عدم اختصاصه بملاقاة بعض أنواع النجاسات. ويمكن إثباته من وجهين:

الأوّل: أنّ مقتضى المنطوق هو الحكم بعدم نجاسة الكرّ بشيء من النجاسات ; إذ ليس المراد بـ «الشيء» في الخبر ما يعمّ النجس والطاهر، وهو ظاهر، فيثبت الحكم بالنجاسة على وجه العموم لما دون الكرّ بحكم المفهوم. فإنّ مقتضاه نفي الحكم الثابت للمنطوق عن غير محلّ النطق على الوجه الذي أُثبت له، إن عاماً فعامّ، وإن خاصّاً فخاصّ، على ما صرّح به علماء المعاني [508] في وجه فساد قول القائل: «ما أنا رأيت أحداً» ; قالوا: تخصيص المتكلّم نفسه بعدم الرؤية على وجه العموم يقتضي أن يكون أحدٌ غيره قد رأى كلَّ أحد.
ويشكل ذلك بأنّ مقتضى المفهوم إنّما هو نفي الحكم الخاصّ الثابت لمحلّ النطق عن غيره، وقضيّة المنطوق ها هنا سالبة كلّية، فيكون مرجع قضيّة المفهوم إلى موجبة جزئيّة، هي: أنّه إذا كان أقلّ من كرّ ينجّسه شيء ; فإنّ نقيض السالبة الكلّية موجبة جزئيّة.
وما ذُكر من المثال لا نسلّم عدم صحّته، وإن اشتهر ذلك ; لأنّ مقتضاه اختصاص المتكلّم بعدم الرؤية بطريق السلب الكلّي، فيدلّ على أ نّ غيره ليس كذلك، ويكفي في صدقه ثبوت الرؤية له [509] بطريق الإيجاب الجزئي، ولا فساد فيه.

الثاني: أنّه لولا إرادة العموم من الحديث لانتفى فائدة المفهوم فيه، وهو باطل ; لمنافاته حكمة البيان، ولأنّ وروده جواباً يقتضي إفادة السائل على جميع تقادير السؤال، وذلك إنّما يكون بعد العلم بحكمي المنطوق والمفهوم معاً.
وذِكر أُمور مخصوصة في السؤال، كبول الدواب وولوغ الكلاب، لا يقتضي اختصاص الحكم بها، ولأجل ذلك جيء بالاسم الظاهر، مع أنّ المقام مقام الإضمار، والقرينة على ذلك ورود السؤال في مقام الاستفصال، فالمسؤول عنه هو الماء الذي يكون معرضاً لورود هذه الأشياء ونظائرها [510]، دون تلك الأُمور خاصّة. ولهذا ذُكر فيه ما لا دخل له في المراد، كبول الدواب واغتسال الجنب، فهو من قبيل ما يقال: يردها الطاهر والنجس والمؤمن والكافر.
وبذلك ظهر فساد الاستدلال بهذه الرواية على نجاسة أبوال الدواب بضمّها مع ولوغ الكلب، وتقرير السائل على عدم الفرق. كيف، وقد ضُمّ إليه أيضاً اغتسال الجنب، مع أنّه لا ريب في طهارة غسالته، وإن اختُلِفَ في طهوريّتها، إلاّ أن يحمل على وجود النجاسة في بدنه، وهو تكلّف مستغنى عنه.

الخامس: المراد بالنجاسة المدلول عليها بالتنجيس الوارد في الرواية معناها المعروف عند المتشرّعة، أعني: المعنى العرفيّ الخاصّ دون المعنى اللغوي، وإن قلنا بعدم ثبوت الحقائق الشرعية ; إذ الظاهر صيرورة الألفاظ التي وقع الخلاف فيها حقائق في زمان الأئمّة (عليهم السلام)، وأنّ الخلاف إنّما هو في زمان الشارع وما قاربه، على أنّ المقصود ـ كما عرفت ـ بيان الحكم الشرعي، ولا مدخلية لبيان المعنى اللغوي في ذلك، ومن المعلوم أنّ السؤال إنّما هو عن الطهارة والنجاسة الشرعيّين، مع أنّه لا اختصاص حينئذ للكرّ من الماء بالحكم المذكور بوجه، ومتى تعذّر الحمل على المعنى اللغوي تعيّن إرادة المعنى الشرعي ; لشيوع استعمال تلك الألفاظ بحيث صارت من المجازات الراجحة، حتّى أنّ كثيراً من فحول العلماء ظنّوا صيرورتها حقائق فيها.
وبذلك يظهر عدم جواز الحمل على الكراهة ـ كما قيل [511] ـ وإن كان أقرب إلى المعنى اللغوي بالنظر إلى المعنى المعروف، فتدبّر.
الثالث [512]: ما رواه الشيخ (رحمه الله) في التهذيب، في باب المياه من الزيادات، في الصحيح، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: الغدير فيه ماء مجتمع، تبول فيه الدواب، وتلغ فيه الكلاب، ويغتسل فيه الجنب ؟ قال: «إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء، والكرّ ستمائة رطل» [513].

والتقريب ما تقدّم.

والمراد بالرطل الرطل المكّي ضِعف العراقي، جمعاً بين الأخبار.

الرابع: ما رواه الشيخ ـ طاب ثراه ـ في التهذيب، في باب المياه من الزيادات، في الصحيح، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال: سألته عن الدجاجة والحمامة وأشباههما تطأ العذرة، ثمّ تدخل في الماء، يتوضّأ منه للصلاة ؟ قال: «لا، إلاّ أن يكون الماء كثيراً قدر كرّ من ماء» [514].
وجه الاستدلال: ما قيل [515] أنّ وجه المنع عن الاستعمال منحصر في سلب الطاهريّة أو الطهوريّة، والثاني منتف إجماعاً ; فتعيّن الأوّل.
واعتُرض [516] بمنع الحصر ; لاحتمال التنزّه.
ويمكن الجواب عنه*: بأنّ المسؤول عنه هو جواز الاستعمال ـ كما هو الظاهر ـ فالمنع يتوجّه إليه. وأيضاً فالحمل على نفي الجواز متعيّن ; لأنّه أقرب المجازين إلى نفي الحقيقة المتعذّرة [517]. ولو قلنا إنّ العبادة اسم للصحيحة وإنّما يطلق الاسم على الفاسدة منها باعتبار المشاكلة ـ كما ذهب إليه بعض المحقّقين[518] ـ أمكن توجّه النفي إلى المسمّى، على ما صرّحوا به في مثل قوله (عليه السلام): «لا صلاة إلاّ بطهور» [519].

* ـ جاء في حاشية «ل» و«د» و«ش»: «هذا إذا حمل الجواب على النفي، كما يقتضيه ظاهر السؤال، وإلاّ فلا حاجة إلى ما ذكرناه في توجيه الاستدلال، وإنّما يحتاج إلى مقدّمة أُخرى وهي أنّ النهي حقيقة في التحريم». منه (قدس سره).

[و] [520] «لاصلاة إلاّ بفاتحة الكتاب» [521].
وعلى هذا كان الخبر نصّاً في المطلوب.

الخامس: ما رواه الشيخ في التهذيب، في باب آداب الأحداث، في الصحيح، عن إسماعيل بن جابر، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الماء الذي لاينجّسه شيء، قال: «كرّ»، قلت: وما الكرّ ؟ قال: «ثلاثة أشبار في ثلاثة أشبار» [522].
وجه الدلالة: أنّ قوله (عليه السلام) «كرّ» مرجعه إلى موجبة كلّية، هي: إنّ كلّ ماء لاينجّسه شيء هو كرّ ; لما مرّ من عموم المفرد المحلّى [523]، وينعكس بعكس النقيض إلى أنّ كلّ ما ليس بكرّ ينجّسه شيء ; لأنّ نفي النفي إثبات، وهو المطلوب.
ويمكن تقرير الاستدلال بوجه آخر، هو أنّه لمّـا حَكم بالكرّية على الماء الذي لا ينجّسه شيء دلّ بمفهوم الوصف على سلب الكرّية عن الماء الذي ينجّسه شيء، ويلزمه الحكم بتنجيس شيء لما دون الكرّ باعتبار وجود الموضوع، لكنّ اللازم من ذلك إنّما هو الحكم بالتنجيس لما دون الكرّ على الوجه الجزئي، كما لايخفى.
فالوجه الأوّل أولى ; لكونه أدلّ على المطلوب من حيث إفادته العموم، ولعدم ابتنائه على حجّية مفهوم الوصف وعموم المفهوم.
وقد طعن بعض الفضلاء * في سند الرواية بالضعف، فخطّأ العلاّمة [524] (رحمه الله) ومن تأخّر عنه في حكمهم بصحّته [525] ; وذلك لأنّ الشيخ (رحمه الله) رواها في التهذيب بطريقين في أحدهما: عبد الله بن سنان [526]، وفي الآخر: محمّد بن سنان [527]، والراوي عنهما واحد، وهو محمّد بن خالد البرقي، وهو ومحمّد بن سنان في طبقة واحدة، فإنّهما من أصحاب الرضا (عليه السلام). وأمّا عبد الله بن سنان فليس من طبقة البرقي ; لأنّه من أصحاب الصادق (عليه السلام)، فروايته عنه بغير واسطة مستنكرة، وكذا تخلُّلُ الواسطة بينه وبين الصادق (عليه السلام) ; لأنّه من أصحابه [528].
ولقائل أن يقول: إنّ عبد الله بن سنان وإن كان من أصحاب الصادق (عليه السلام) إلاّ أنّ ذلك

* ـ جاء في حاشية «ل» و«د»: «هو الفاضل الشيخ حسن [529] والسيّد السند صاحب المدارك [530]»، منه (قدس سره).
لا يوجب أن لايدركه البرقي، وإن كان من أصحاب الرضا (عليه السلام) وقلنا إنّه لم يدرك زمان الصادق (عليه السلام)، إلاّ إذا عُلم أنّه لم يبق بعد زمانه [531]، وهو غير مسلّم ; كيف، وقد عدّه الشيخ [532] في أصحاب الكاظم (عليه السلام)، ونُقِل أنّ ابن سنان كان خازناً للرشيد [533].
وأمّا تخلّل الواسطة بينه وبين الصادق (عليه السلام) فلا دلالة فيه على ما ادّعوه ; إذ قد روى كثير من أصحاب الصادق (عليه السلام) عنه بواسطة بل بوسائط ; على أنّ المفيد قد وثّق محمّد بن سنان [534]، وروى الكشّي في شأنه ما يدلّ على حسن حاله [535]. وقد اعتمد عليه كثير من عدول الأصحاب وثقاتهم [536]، وهو مع ذلك كثير الرواية جدّاً ; وقد قال الصادق (عليه السلام): «اعرفوا منازل الرجال بقدر روايتهم عنّا» [537].
وبالجملة، فلا ريب في قوّة السند، إن لم نقل ببلوغه درجة الصحيح [538].

السادس: ما رواه الشيخ في باب آداب الأحداث، في التهذيب، في الصحيح، عن إسماعيل بن جابر، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الماء الذي لاينجّسه شيء، قال: «ذراعان عمقه في ذراع وشبر سعته» [539].

والتقريب ما تقدّم.
والتنافي بين ظاهر هذه الرواية والرواية المتقدّمة مندفع بما سنذكره إن شاء الله تعالى في بيان تحديد الكرّ.

السابع: ما رواه الشيخ (رحمه الله) في التهذيب، في باب المياه من الزيادات، وفي الاستبصار، في باب القليل يقع فيه النجاسة، في الصحيح، وثقة الإسلام في الكافي بطريق فيه سهل بن زياد، عن صفوان الجمّال، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الحياض التي بين مكّة إلى المدينة تردها السباع، وتلغ فيها الكلاب، وتشرب منها الحمير، ويغتسل فيها الجنب ويتوضّأ منه، فقال: «وكم قدر الماء» ؟ قلت: إلى نصف الساق وإلى الركبة، قال: «توضّأ منه» [540].

وجه الدلالة: أنّ سؤاله (عليه السلام) عن قدر الماء لا بدّ أن يكون له تعلّق بتسويغ الاستعمال تحقيقاً لحكمة السؤال، ولمّـا كانت تلك الحياض التي بين الحرمين الشريفين معلومة المساحة عنده، اقتصر (عليه السلام) على السؤال عن مقدار عمق الماء ولم يتعرّض للطول والعرض.
وقد يقال: إنّ السؤال إنّما كان ليعلم بلوغ الماء حدّاً لا يتنزّه عنه، ولا يخفى بُعده.
وقد سلك بعض الأصحاب [541] هذه الرواية في جملة روايات الطهارة، وهو كما ترى.

الثامن: ما رواه الشيخ في التهذيب، في باب المياه وأحكامها، وفي الاستبصار، في باب الولوغ، في الصحيح، عن أبي العبّاس الفضل بن عبد الملك البقباق، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن فضل الهرّة والشاة والبقرة والإبل والحمار ] والخليل [ [542] والبغال والوحش والسباع، فلم أترك شيئاً إلاّ سألته عنه، فقال (عليه السلام): «لا بأس به»، حتّى انتهيت إلى الكلب، فقال: «رِجس نِجْس، لا تتوضّأ بفضله، واصبُب ذلك الماء واغسله بالتراب أوّل مرّة، ثمّ بالماء» [543].
دلّ (عليه السلام) أوّلا على عدم جواز استعمال سؤر الكلب بالنهي عنه الدالّ على التحريم على ما حُقّق في الأُصول، مرتّباً إيّاه على السبب المشار إليه بقوله (عليه السلام): «رجس نجس»، على وجه يشعر بعموم التنجيس، ومساواة جميع أنواع النجاسات في الحكم به، على ما يقتضيه البناء على العلّة. ثمّ أكّد ذلك بالأمر بصبّ الماء، مع جواز الانتفاع به من بعض الوجوه، والمنع من إتلافه وعدّه إسرافاً ـ كما نطقت به الأخبار [544] ـ، تقريراً للحكم وتفخيماً في المنع، وإن لم يجب على المشهور. ثمّ أوجب غسل الإناء على الوجه المذكور بالأمر به الدالّ عليه، وليس إلاّ لنجاسته بنجاسة الماء.
واعتُرض [545] على هذا الخبر وأمثاله بأنّه يتوقّف على كون الأمر حقيقة في الوجوب والنهي في التحريم، وهو على تقدير تسليمه، يشكل التعلّق به في الحمل عليهما ; لشيوع استعمال الأوامر والنواهي في الاستحباب والكراهة، بحيث صار من المجازات الراجحة المساوي احتمالها في اللفظ لاحتمال الحقيقة.

والجواب: أنّه قد ثبت في محلّه كون الأمر حقيقة في الإيجاب، والنهي في التحريم، وقد حُقّق [546] في الأُصول بما لا مزيد عليه، فليرجع إليه من أراد الاطّلاع عليه ; على أنّ ما ذُكر من التوقّف غير واضح ; للإجماع على الحمل عليهما وإن لم يثبت الوضع لهما لغةً. وقد صرّح بذلك السيّد الأجلّ المرتضى (قدس سره) في الذريعة [547]، فإنّه نقل فيها اتّفاق الأصحاب كافّة على الحمل على الوجوب والتحريم، مع أنّ مذهبه اشتراك اللفظ بحسب الوضع.
وأمّا ما ادّعاه من شيوع الاستعمال في الندب والكراهة، فعلى تقدير تسليمه، إنّما هو مع القرينة الدالّة عليه، ولو كان التعارض أو ضعف السند، وهو [548] لا يوجب حملَ المجرّد عنها عليه. كيف، ولو صحّ ذلك لسقط الاحتجاج بالعمومات بأسرها ; لشيوع التخصيص، ولَوَجب التوقّف في حمل الألفاظ على حقائقها ; لشيوع التجوّز، وذلك باطل بالإجماع، على أنّ الرواية مشحونة بالقرائن الدالّة على إرادة الوجوب والتحريم، من ضروب التأكيد والمبالغة، ولا ريب في وجوب الحمل عليها مع ذلك. ومن القرائن اقتضاء مقابلته مع ما نفى عنه البأس ثبوت البأس فيه، وكذا ثبوت الكراهة في سؤر السباع والدواب ـ على المشهور ـ وقد نفى عنه البأس ; فلو كان النهي عن سؤر الكلاب محمولا على الكراهة، لم يكن للتفرقة وجه.

فإن قلت: هذا الخبر معارضٌ بما رُوي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «إذا وَلغ الكلب في إناء أحدكم، فليغسله سبعاً أُولاهن بالتراب» [549]، وعن الصادق (عليه السلام) قال: «يغسله من الخمر سبعاً، وكذلك الكلب» [550]، وإذا حصل التعارض سقط الاحتجاج * ـ

قلنا: الرواية الأُولى عاميّة، والثانية مشتملة على عدّة من الفطحيّة، فلاتصلُح لمعارضة الخبر الصحيح. ولو صحَّ السند تعيَّن حملها على الاستحباب، جمعاً بين الأخبار ; على أنّ المطلوب يثبت بكلّ من المتعارضين، غاية الأمر عدم تعيين الحجّة، ولا مانع منه.

لا يقال: نفي البأس عن جميع ما وقع عنه السؤال عدا الكلب، يقتضي طهارة سؤر الخنزير ; لأنّ قول السائل: «فلم أترك شيئاً إلاّ سألته عنه» يدلّ بعمومه على ذكره في جملة الأنواع المسؤول عنها، وذلك دليل على عدم انفعال القليل.

لأنّا نقول: ذلك إنّما يلزم على تقدير إرادة العموم من قوله: «فلم أترك شيئاً» إلى

* ـ جاء في حاشية «ش» و«د»: ويمكن أن يقال: إنّه لا منافاة بين الرواية المتقدّمة وهاتين الروايتين ; لأنّ تلك الرواية مجملة بالنسبة إلى عدد الغسلات، وقد تبيّن العدد في هاتين الروايتين، فلو صحّ سندهما لوجب الحكم بمقتضاهما ; لأنّ المبيّن يحكم على المجمل». منه (قدس سره).
آخره، وهو بعيد ; لشهادة الحال بالعدم. ولو سُلِّم، فالواجب التخصيص* بما عدا ذلك ; إذ لا قائل بالفصل بهذا الوجه**، وهذا لازم على تقدير حمل النهي في سؤر الكلب على التنزيه أيضاً ; لثبوتها فيه، وذلك واضح.

التاسع: ما رواه الشيخ في كتابي الأخبار، في الصحيح، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألتُه عن الكلب يشرب من الإناء ; قال: «اغسل الإناء» [551]، الحديث.

والوجه يعلم ممّـا قدّمناه.

العاشر: ما رواه الشيخ في التهذيب، في باب تطهير الثياب، في الصحيح، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام)، قال: سألتُه عن خنزير يشرب من إناء، كيف يصنع به ؟ قال: «يغسل سبع مرّات» [552].
والاستدلال بهذه الرواية مبنيّ على أنّ الجملة الخبريّة بمعنى الأمر الإيجابيّ ; وقد منعه بعض العلماء، بناءً على أنّ تعذّر الحقيقة يفضي إلى الإجمال، وليس بشيء ; لتبادر الوجوب منها عند تعذّر الحقيقة، ولكونه أقرب المجازات إلى الحقيقة

* ـ جاء في حاشية «ل» و«د»: «المراد تخصيص السؤال، لا تخصيص الجواب، فلاتغفل»، منه (قدس سره).

** ـ جاء في حاشية «ش» و«ل» و«د»: «وعلى هذا فلايرد أنّ عدم القول بالفصل لايقتضي تخصيص العموم، لجواز التفصّي عنه بحمل النهي في سؤر الكلب على الكراهيّة. ووجه الدفع أنّ التفصيل بثبوت الكراهة في سؤر الكلب وانتفائها في سؤر الخنزير ممّـا لا قائل به أيضاً ; لاتحادهما في الحكم بالمنع تحريماً أو تنزيهاً، فلا فائدة في الجمع بهذا الوجه، بل يتعيّن الجمع بالتخصيص». منه (قدس سره).
المتعذّرة، فيتعيّن الحمل عليه.
ونُقل عن الشيخ في الخلاف [553] التسوية بين الكلب والخنزير في الحكم، وهو ظاهر اختيار المحقّق (رحمه الله) في المعتبر [554]، حيث حمل الخبر على الاستحباب، ولا وجه له ; لصحّة الخبر، وانتفاء المعارض، سِوى ما نُقل عن الشيخ (رحمه الله) في الاستدلال على التسوية من تسمية الخنزير كلباً، وأنّ سائر النجاسات يجب غَسل الإناء منها ثلاثاً [555]، وضعف كلا الوجهين غنيّ عن البيان.

الحادي عشر: ما رواه الشيخ (رحمه الله) في باب المياه من زيادات التهذيب، في الصحيح، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام)، قال: سألته عن الرجل يصيب الماء في ساقية أو مستنقع، أيغتسل منه [556] للجنابة، أو يتوضّأ منه للصّلاة إذا كان لايجد غيره والماء لا يبلغ صاعاً للجنابة ولا مُدّاً للوضوء وهو متفرّق، فكيف يصنع به، وهو يتخوّف أن يكون السباع قد شربت منه ؟ فقال (عليه السلام): «إذا كانت يده نظيفة فليأخذ كفّاً من الماء بيد واحدة، فلينضحه خلفه، وكفّاً عن أمامه، وكفّاً عن يمينه، وكفّاً عن شماله» [557]، الحديث.
إنّما سوّغ له الاستعمال وأخذ الماء بالكفّ بشرط نظافة اليد، فينتفي الحكم بانتفاء الشرط تحقيقاً لمقتضى الشرطيّة. والمراد بنظافة اليد خلوّها عن النجاسات ; إذ لا معنى لتعليق جواز الاستعمال على النظافة بالمعنى اللغوي، إذ لا ريب في جوازه بدونها.

لا يقال: طهارة اليد إنّما جُعلت شرطاً لوجوب الاستعمال، فاللازم منه انتفاء الوجوب بانتفائه دون الجواز.

لأنّا نقول: متى ثبت الجواز هنا، لزم الوجوب ; إذ المفروض عدم وجدان غيره من المياه، ولو فُرض وجود غيره لم يصحّ الحكم بوجوب الاستعمال على تقدير تحقيق [558] الشرط، كما لا يخفى.

الثاني عشر: ما رواه ثقة الاسلام الكليني (رحمه الله) في الكافي، في باب النوادر من كتاب الطهارة، في الصحيح، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام)، قال: سألته عن رجل رعف، وهو يتوضّأ، فقطر قطرة في إنائه، هل يصلح الوضوء منه ؟ قال: «لا» [559].

الثالث عشر: ما رواه الصدوق في الفقيه، والشيخ (رحمه الله) في باب المياه وأحكامها من زيادات التهذيب، في الصحيح، عن علي بن جعفر، قال: سألت أبا الحسن موسى (عليه السلام) عن البيت يبال على ظهره، ويغتسل فيه من الجنابة، ثمّ يصيبه الماء ; أيؤخذ من مائه فيتوضّأ به للصلاة ؟ فقال: «إذا جرى فلا بأس» [560].
فإنّ تعليق نفي البأس على الجريان على وجه الاشتراط يدلّ على ثبوت البأس مع انتفائه، وذلك لايصحّ على القول بالطهارة ; فإنّ مقتضاه نفي البأس مطلقاً. ولا يتفاوت الحال في ذلك بين أن يُراد بالجريان ما يفهم منه ظاهراً، كما ذهب إليه الشيخ في كتابي الأخبار [561]، أو يجعل كناية عن الكثرة والغلبة، كما ذهب إليه آخرون [562].
وليعلم أنّ المتبادر من البأس عرفاً هو الحظر والمنع ; وقد نصّ أهل اللغة على أنّ معناه العذاب [563] ; فنفي البأس يقتضي نفي التحريم، ويجامع ما عداه من الأحكام.
وعلى هذا فلا يرد ما قيل [564]: إنّ نفي البأس نفي للحرمة والكراهة معاً، فثبوته يقتضي ثبوت أحدهما، فلا يتعيّن به ثبوت الحرمة ; لأنّ العام لا يدلّ على الخاصّ.
ووجه الدفع ظاهر ممّـا قررناه. ويؤيّده ما نُقل عن الشهيد [565] أنّ المتبادر من لفظ «لا بأس» كلّما وردت في كلام الأئمة (عليهم السلام) هو الكراهة ; مدّعياً ظهوره من التتبّع ; وكذا ما قيل من أنّ نفي البأس يُشعر بثبوت نوع مّا من البأس [566].

الرابع عشر: ما رواه ثقة الاسلام الكليني، في الصحيح، عن شهاب بن عبد ربّه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في الرجل الجنب، يسهو فيغمس يده في الإناء قبل أن يغسلها: «إنّه لا بأس إذا لم يكن أصاب يده شيء» [567].
ووجه الاستدلال بهذه الرواية ظاهر ممّـا تقدّم، لكن طريقها لا يخلو عن إشكال. فإنّ الكليني رواها عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن إسماعيل، ولم يعهد روايته عنه بلا واسطة، فالظاهر سقوطها سهواً ; إلاّ أنّ الذي يغلب على الظنّ أنّ الواسطة الساقطة هو: «أحمد بن محمّد»، كما يشهد به تتبّع رواياته، فينتفي الإشكال فيها من هذه الجهة أيضاً.

الخامس عشر: ما رواه الثقة الجليل محمّد بن الحسن الصفّار في كتاب بصائر الدرجات، في الصحيح، عن شهاب بن عبد ربّه، قال: أتيت أبا عبد الله (عليه السلام) أسأله، فابتدأني فقال: «إن شئت فاسأل، وإن شئت أخبرتك [568] بما جئت له». قلت: أخبرني جعلت فداك، قال: «جئت لتسأل عن الجنب، يغرف الماء من الحبّ بالكوز، فيصيب يده الماء»، قال: قلت: نعم، قال: «ليس به بأس». قال: «وإن شئت سَل وإن شئت أخبرتك»، قلت: أخبرني، قال: «جئت تسأل عن الجنب يسهو، ويغمز يده في الماء قبل أن يغسلها»، قال: قلت: وذلك جعلت فداك، قال: «إذا لم يكن أصاب يده شيءٌ فلا بأس» [569].
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة، وفي آخره ما هو ظاهر في طهارة القليل، وسنذكره في محلّه إن شاء الله تعالى. وفي سؤاله الأوّل نوع تأييد له أيضاً.

السادس عشر: ما رواه الشيخ (رحمه الله) في التهذيب، في باب آداب الأحداث، في الصحيح، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الرجل يُدخل يده في الإناء وهي قذرة، قال: «يُكفئ الإناء» [570].
فإنّ أمره بالإكفاء يدلّ على عدم صلاحيّته للانتفاع بوجه، وليس ذلك إلاّ لأجل النجاسة.

السابع عشر: ما رواه الشيخ (رحمه الله) في باب دخول الحمّـام من زيادات التهذيب، في الصحيح، عن داود بن سرحان، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما تقول في ماء الحمّـام ؟ قال: «هو بمنزلة الماء الجاري» [571].
فإنّ تشبيه ماء الحمّـام بالجاري يدلّ على عدم مغايرته في الحكم لغيره من المياه، ومقتضى القول بالطهارة هو التسوية بين جميع أقسام المياه.
وقد يقال: إنّ الماء الجاري لمّا كان أقوى المياه في عدم الانفعال ودفع النجاسة عن نفسه، فلذا شبّهه به، وإن كان جميع أنواع المياه مشتركة في عدم الانفعال بمجرّد الملاقاة، فتأمّل.

الثامن عشر [572]: ما رواه الشيخ في باب المياه من زيادات التهذيب، في الصحيح، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، قال: ] و[ ما أحسبه إلاّ حفص بن البختريّ، قال: قيل لأبي عبد الله (عليه السلام): العجين يعجن من الماء النجس، كيف يصنع به ؟ قال: «يباع ممّن يستحلّ ] أكلَ [ الميتة» [573].

وهذه الرواية تقرب من الصحيح جدّاً.
ووجه الاستدلال بها ـ كما قيل[574] ـ أنّ الظاهر كون العجن بالماء إنّما وقع قبل [575] العلم بالنجاسة، حملا لتصرّف المسلم على الصحة، فلا يجوز الحمل [576] على التغيير، لأنّه لا يشتبه [577].

التاسع عشر: ما رواه الشيخ في التهذيب في الباب المذكور، في الصحيح، عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه، في العجين أيضاً، قال: «يدفن ولا يباع» [578].

والتقريب ما تقدّم.

العشرون: ما رواه الشيخ في باب آداب الأحداث من التهذيب، في الصحيح، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «الكرّ من الماء الذي لاينجّسه شيء ألف ومائتا رطل» [579].
ووجه الاستدلال يعلم ممّا تقدّم في صحيحة إسماعيل بن جابر [580].
الحادي [581] والعشرون: ما رواه الشيخ (رحمه الله) في التهذيب في باب المياه، في الصحيح، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام): سألته عن النصراني، يغتسل مع المسلم في الحمّـام ; قال: «إذا علم أنّه نصراني، اغتسل بغير ماء الحمّـام ; إلاّ أن يغتسل وحده على الحوض فيغسله، ثمّ يغتسل» [582].
والاستدلال بهذه الرواية مبنيّ على القول بنجاسة أهل الكتاب، كما هو المشهور بين الأصحاب، المدّعى عليه الإجماع من جماعة [583]، وأمّا على القول بالطهارة ـ كما نُقل عن ابن الجنيد، وابن أبي عقيل [584] ـ فلا محيص عن حمل الرواية على الكراهة، كما لا يخفى.

الثاني والعشرون: ما رواه ثقة الإسلام في الكافي، في باب الأسآر، في الحسن، عن سعيد الأعرج، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن سؤر اليهودي والنصراني، قال: «لا» [585].

وهذه الرواية، كسابقتها يتوقّف الاستدلال بها على القول بنجاسة أهل الكتاب.

الثالث والعشرون: ما رواه الشيخ في التهذيب، في باب حكم الجنابة، في الحسن، عن زرارة، قال: قلت له: كيف يغتسل الجنب ؟ فقال: «إن لم يكن أصاب كفّه شيءٌ [586]، غمسها في الماء ثمّ بدأ بفرجه فأنقاه» [587]، الحديث.

والاستدلال به من وجهين:

الأوّل: تعليق جواز غمس اليد في الماء بعدم إصابة «شيء»، يعني به النجاسة. وفي بعض النسخ «منيٌ» بدل «شيء». وكيف كان، ففيه دلالة بمقتضى الاشتراط على عدم الجواز مع الإصابة، وهو المطلوب.

الثاني: إيجاب البدءة بإنقاء الفرج، ولولا نجاسة الماء المستعمل في الغُسل [588] به ـ لولا الإنقاء ـ لما أوجبه.

الرابع والعشرون: ما رواه ثقة الإسلام الكليني في مفتتح الكافي، في الحسن، عن زرارة، قال: «إذا كان الماء أكثر من راوية لم ينجِّسه شيء، تفسّخ فيه أو لم يتفسّخ فيه ; إلاّ أن يجيء له ريح يغلب على ريح الماء» [589].

و الراوية: يقال في الأصل [590] على الدابة التي يُستقى عليها، ثمّ غلّب في المزادة [591] ; وهذا هو المراد ها هنا [592].
ويظهر من كلام أهل اللغة أنّها آنية متسعة.
قال في القاموس: «ولا تكون إلاّ من جلدين، ينضام بينهما بثالث لتتّسع» [593].
وقال في مجمع البحرين: «المَزادة: الراوية ; وسُمّيت بذلك لأنّها يُزاد فيها جلد آخر من غيرها، ولهذا إنّها أكبر من القربة» [594].
وعلى هذا فلا استبعاد في كون الزائد على الراوية بقدر الكرّ، خصوصاً على مذهب القمّيّين. ويؤيّده ما نُقل عن الأزهري أنّ الراوية تملأ قلّتين [595]. وكيف كان، يجب الحمل على ما بلغ الكرّ، جمعاً بين الأخبار.
واعلم أنّ هذه الرواية وإن لم تكن مسندة إلى معصوم (عليه السلام) إلاّ أنّ ذلك لا يقتضي القطع المنافي للصحّة ; إذ الظاهر أنّ الإضمارات الواقعة في الروايات إنّما نشأ من [596] تقطيع الأخبار، ولأنّ الشيخ (رحمه الله) أوردها في الاستبصار [597] بإسناده عن محمّد بن يعقوب، ثمّ ساق سند الكافي مع اختلاف يسير لا يخرجه عن الصحّة، وإن كان الأصوب ما في الكافي، كما نبّه عليه بعض المحقّقين [598]، مصرّحاً بإسناد الكافي إلى أبي جعفر (عليه السلام). ولعلّه اطّلع عليه من محلّ آخر.
وكذا أورده في زيادات التهذيب [599] مصرّحاً بإسناده إليه ; إلاّ أنّ في طريقه علي بن حديد، وقد ضعّفه الشيخ (رحمه الله) في كتابي الأخبار [600].
هذا، وإنّما وصفنا الروايات الثلاث المتأخّرة بالحُسن تبعاً للمشهور، حيث عدّوا الأخبار التي في طريقها إبراهيم بن هاشم القمي [601] من الحِسان، ولكن في أعلى درجات الحُسن، نظراً إلى ما ورد فيه من المدح بأنّه أوّل من نشر أحاديث الكوفيّين بقم [602]، وغير ذلك [603]، مع عدم تنصيص علماء الرجال على [604] توثيقه.
والصحيح أنّ الخبر لا يخرج من جهته عن الصحّة، كما اختاره بعض محقّقي المتأخّرين [605] ; لتصريح جماعة من الأصحاب ـ منهم العلاّمة ـ بصحّة عدّة من أسانيد الفقيه والتهذيب، مع أنّه في طريقها.
وذكر الشهيد ـ طاب ثراه ـ في شرح الإرشاد [606] في كتاب الأيمان، في مسألة أنّه لا يمين للعبد مع مالكه ; قال: وهو مستفادٌ من أحاديث صحيحة ; عدّ من جملتها صحيحة منصور بن حازم، ثمّ ساق الرواية مع أنّ في طريقها إبراهيم بن هاشم.
وأيضاً ما [607] نقله الصدوق [608] عن شيخه أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد أنّ كُتُب يونس بن عبد الرحمن كلّها صحيحة يُعتمد عليها، إلاّ ما تفرّد به محمّد بن عيسى عن يونس، كالصريح في توثيقه لإبراهيم بن هاشم.
وممّـا يؤيّد توثيقه ويرشد إليه، اعتماد أجلّة الأصحاب وثقاتهم عليه، على أنّ مدحهم إيّاه بكثرة الرواية، وأنّه أوّل [609] من نشر أحاديث الكوفيّين بقم، عبارة شاملة وكلمة جامعة، وكلّ الصيد في جوف الفَرَاء [610]، [611].
ومجرّد عدم تنصيص علماء الرجال لو انتهض دليلا على العدم، لزم أن يكون كثير من أجلّة الأصحاب غير موثّقين ; كيف، والصدوق ـ رضوان الله تعالى عليه ـ لم ينصّ أحدٌ من علماء الرجال على وثاقته، مع أنّه لا يكاد يختلج بالبال إخراج الحديث عن الصحّة من جهته.

الخامس والعشرون: ما رواه الشيخ ـ رضوان الله عليه ـ في باب تطهير الثياب، في الحسن، عن أبي بكر الحضرمي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أصاب ثوبي نبيذ، أُصلّي فيه ؟ قال: «نعم»، قلت: قطرة من نبيذ قطرت في حبّ، أشرب منه ؟ قال: «نعم، إنّ أصل النبيذ حلال، وإنّ أصل الخمر حرام» [612].
وليس المراد بالنبيذ هنا المسكر المعروف، لأنّ حرمته ممّـا لا خلاف فيه بين الأصحاب، بل هو من ضروريات مذهبنا ; بل المراد منه الماء المتغيّر الذي ينبذ فيه تمر أو غيره حتّى يطيب ريحه وطعمه وتنكسر سورة مرارته.
وقد ورد إطلاق النبيذ بهذا المعنى في كثير من الأخبار، كرواية الكلبي النسّابة، أنّه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن النبيذ، فقال: «حلال»، قال: إنّا ننبذه فنطرح فيه العكر، فقال: «شه، شه*، تلك الخمرة المنتنة»، قلت: جعلت فداك، فأيّ نبيذ تعني ؟ فقال: «إنّ أهل المدينة شكوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) تغيّر الماء وفساد طبائعهم، فأمرهم أن ينبذوا، فكان الرجل منهم يأمر خادمه أن ينبذ له فيعمد إلى كفّ من تمر، فيقذف به [613] في الشن**، فمنه شربه ومنه طهوره» [614]، الخبر.
وعلى هذا يحمل ما في بعض الأخبار من حكاية وضوء النبي بالنبيذ.
وقوله (عليه السلام): «إنّ أصل النبيذ حلال وأصل الخمر حرام» [615]، يعني به ـ والله أعلم ـ أنّ حكم النبيذ مغاير لحكم الخمر، وإنّما جاز الشرب ممّـا وقع فيه قطرات النبيذ ; لأنّ أصل النبيذ حلال، بخلاف الخمر، فإنّ أصله حرام، ولهذا وجب الاجتناب عمّـا وقع فيه. أو المراد أنّ هذا النبيذ لحلّـيّـته ليس كالخمر، فلا يُقاس عليه في الحكم بالنجاسة، فلا يلزم من تنجيس الخمر للماء تنجيس النبيذ إيّاه.

* ـ جاء في حاشية «ش» و«ل»: «شاه وجهُه، شوهاً وشوهةً: قبُح. والشوه ـ بالضمّ ـ البول، و«شه شه» كلمة استقذار، يقال عند التأذّي من شيء وللتضجّر» منه (قدس سره).

** ـ جاء في حاشية «ش» و«ل»: «الشن: القربة البالية» منه (قدس سره).

وكيف كان، يدلّ على المنع من شرب الماء بوقوع الخمر فيه، وهو دليل النجاسة على ما هو المشهور، وليس ذلك لأجل حرمة الخمر، مع قطع النظر عن نجاسته ; لأنّ القطرة الواقعة في حبّ [616] تستهلك فيه، فلم يبق إطلاق اسم الخمر عليها حتّى يترتّب عليه التحريم ; فإنّ الأحكام الشرعيّة تابعة للأسماء، ولا يبقى عاديته حتّى يحكم بالتحريم لأجلها، وإن سلب عنه الاسم ; على أنّ ذلك لا تعلّق له بالمنع عن الصلاة، والظاهر عموم التعليل.

السادس والعشرون: ما رواه الشيخ في باب آداب الأحداث، في الموثّق، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إذا أصابت الرجل جنابة، فأدخل يده في الإناء، فلا بأس إن لم يكن أصاب يده شيء من المني» [617].

السابع والعشرون: ما رواه الشيخ في الباب المذكور، في الموثّق، عن سماعة، قال: سألته عن رجل يمسّ الطست أو الركوة، ثمّ يُدخِل يده في الإناء قبل أن يُفرِغ على كفّيه، قال: «يهريق من الماء ثلاث حفنات، وإن لم يفعل فلا بأس، وإن كانت أصابته جنابة فأدخل يده في الماء فلا بأس به إن لم يكن أصاب يده شيء من المني، وإن كان أصاب يده فأدخل يده في الماء قبل أن يُفرِغ على كفّيه فليهرق الماء كلّه» [618].
وهو النصّ في المطلوب.

الثامن والعشرون: ما رواه ثقة الإسلام في الكافي، والشيخ في التهذيب، في باب المياه وفي باب تطهير المياه، وفي الاستبصار، في باب القليل يحصل فيه النجاسة، في الموثّق، عن سماعة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل معه إناءان فيهما ماء، وقع في أحدهما قذر ولا يدري أ يّهما هو وليس يقدر على ماء غيره، قال: «يهريقهما جميعاً ويتيمّم» [619].

التاسع والعشرون: ما رواه الشيخ في التهذيب في باب تطهير المياه، وفي باب أحكام التيمّم من الزيادات، في الموثّق، عن عمّار الساباطي عن أبي عبدالله (عليه السلام)، مثل ذلك [620].
وجه الدلالة: أنّه (عليه السلام) أمر بإهراق الماء أوّلا، ثمّ بالتيمّم، وليس ذلك إلاّ بسبب نجاسة الماء بالقذر الواقع فيه ; إذ لولاه لما جاز العدول إلى الطهارة الاضطراريّة المشروطة بفقد الماء الذي يصحّ منه الوضوء، ومتى وجب الاجتناب مع احتمال الإصابة وجب مع تحقّقها قطعاً.
وأمّا ما احتمله بعض المتأخّرين [621] من حمل الرواية على التغيير [622] وحصول الاشتباه بعد زواله، أو موافقة الطاهر للنجس في الأوصاف، فمن التمحّلات الفاسدة، والتكلّفات الباردة، كما لا يخفى [623] على من راجع وجدانه، ولم يطلق في ميدان العصبية عنانه.
نعم، يحتمل ذلك على بُعد لو كان السؤال عن أمر واقعيّ كائن، بأن يكون مورد الرواية إناءين معيّنين وقع في أحدهما قذر، فيمكن أن يقال حينئذ: لعلّه ظهر للإمام (عليه السلام) أنّ الماء المسؤول عنه قد تغيّر بالنجاسة، فأجاب على مقتضى علمه ; وليس الأمر كذلك، كما لا يخفى.

الثلاثون: ما رواه الشيخ في باب المياه، وثقة الإسلام في الموثّق، عن عمّـار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألت عن ماء يشرب منه باز، أو صقر، أو عقاب، فقال: «كلّ شيء من الطير يتوضّأ ممّـا يشرب منه، إلاّ أن ترى في منقاره دماً، فإن رأيت في منقاره دماً فلا توضّأ منه ولا تشرب» [624].

الحادي والثلاثون :[625] ما رواه الشيخ في آخر باب تطهير الثياب، في الموثّق عن عمّـار، والصدوق في الفقيه مرسلا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سئل عن ماء شربت منه الدجاجة، قال: «إن رأيت في منقارها دماً [626] لم تتوضّأ منه ولم تشرب، وإن لم تعلم أنّ في منقارها قذراً توضّأ واشرب» [627]، وقال: «كلّ ما يؤكل لحمه فتوضّأ منه واشرب[628]»، وعن ماء يشرب منه باز، أو صقر، أو عقاب، قال: «كلّ شيء من الطير يتوضّأ ممّـا يشرب منه إلاّ أن ترى في منقاره دماً، فإن رأيت في منقاره دماً فلا تتوضّأ منه ولا تشرب»، وقال: «اغسل الإناء الذي تصيب فيه الجُرَذ ميتاً سبع مرّات» [629].
وفي طريق الرواية «أحمد بن يحيى» [630]، وهو مشترك بين ابن الحكيم الأودي أخي ذُبيان الثقة، وأبي نصر المجهول الحال على المشهور.
وإنّما ذكرناها في عداد الموثّقات لانصراف الإطلاق فيه إلى الثقة، كما نبّه عليه بعض علماء الرجال [631]، ولِما ذكر الشيخ (رحمه الله) في باب الكُنى: أنّ أبا نصر بن يحيى، الفقيه، من أهل سمرقند، ثقة، خيّر، فاضل، كان يفتي العامّة بفتياهم والحشوية بفتياهم والشيعة بفتياهم [632].
والذي يغلب على الظنّ أنّ أحمد بن يحيى إنّما وقع في الطريق سهواً ; لسقوطه في بعض نسخ التهذيب [633]، ولأنّه لم يعهد توسّطه بين محمّد بن أحمد بن يحيى وأحمد بن الحسن بن فضّال.
ويحتمل قريباً اتّحاد هذه الرواية مع الرواية السابقة، حيث أنّها مشتملة على متن تلك الرواية بعينه، ولا فرق بين سندهما إلاّ بزيادة أحمد بن يحيى، وهو ممّـا يرشد إلى سقوطه هنا. والظاهر أنّ جعلها رواية مستقلّة إنّما نشأ من تقطيع الأخبار.

الثاني والثلاثون: ما رواه الشيخ (رحمه الله) في آخر باب تطهير الثياب من التهذيب، في الموثّق، عن عمّـار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الدَّنّ [634] يكون فيه الخمر، هل يصلح أن يكون فيه الخلّ، أو ماء كامخ*، أو زيتون ؟ قال: «إذا غسل فلا بأس»، وعن الإبريق يكون فيه خمر هل يصلح [635] أن يكون فيه ماء ؟ قال: «إذا غسل فلا بأس» [636].

الثالث والثلاثون: ما رواه الصدوق في الفقيه بطريق موثّق، عن عمّـار الساباطي، والشيخ في باب المياه من زيادات التهذيب مرسلا، عنه عن أبي عبدالله (عليه السلام)، أنّه سئل عن الرجل يجد في إنائه فأرة وقد توضّأ من ذلك الإناء مراراً أو اغتسل منه أو غسل ثيابه وقد كانت الفأرة منسلخة، فقال (عليه السلام): «إن كان رآها ] في الإناء [ قبل أن يغتسل.

* ـ جاء في حاشية «ش» و«د»: «الكامَخ: كهاجَر، معرّب (كامه): ادام، وهو الرديء من المرق، والجمع: كَوَامِخ، والكامِخي: كامه فروش، كذا قيل [637] ».منه (قدس سره).
أو يتوضّأ أو يغسل ثيابه ثمّ فعل ذلك بعد ما رآها في الإناء، فعليه أن يغسل ثيابه، ويغسل كلّ ما أصابه ذلك الماء، ويعيد الوضوء والصلاة. وإن كان إنّما رآها بعدما فرغ من ذلك وفعله، فلا يمسّ من الماء شيئاً، وليس عليه شيء ; لأنّه لايعلم متى سقطت فيه»، ثمّ قال: «لعلّه أن يكون إنّما سقطت ] فيه [ تلك الساعة التي رآها» [638].
ووجه الدلالة أوضح من أن يبيّن.

الرابع والثلاثون: ما رواه الشيخ (رحمه الله) في باب المياه من زيادات التهذيب، في الموثّق، عن سعيد الأعرج، قال سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الجَرّة، تسع مائة رطل من ماء، يقع فيها أُوقية من دم، أشرب منه وأتوضّأ ؟ قال: «لا» [639].
والأُوقية على ما نصّ عليه أهل اللغة أربعون درهماً*، والرطل مائة وثلاثون درهماً.
ونسبة الأُوقية إلى الرطل نسبة الثُلث تقريباً، فنسبته إلى مائة رطل نسبة ثُلث عُشر

* ـ جاء في حاشية «ش» و«ل» و«د»: «قال في النهاية: الأُوقية، بضمّ الهمزة وتشديد الياء، اسم لأربعين درهماً، ووزنه افعولة، والألف زائدة. وفي بعض الروايات وقية بغير ألف، وهي لغة عامية، والجمع: الأواقي، مشدّدة وقد تخفّف [640]. وفي القاموس: الأُوقية سبعة مثاقيل، كالوقية ـ بالضم وفتح المثناة التحتية مشدّدة ـ وأربعون درهماً [641]. وفي الصحاح: الأُوقية في الحديث أربعون درهماً [642]». منه (قدس سره).

العُشر ـ بالتقريب * ـ ويبعد تحقّق الغلبة مع هذه النسبة، فتدبّر.

الخامس والثلاثون: ما رواه الشيخ (رحمه الله) في باب المياه من التهذيب، في الموثّق، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ليس بفضل السنّور بأس أن يتوضّأ منه ويشرب، ولايشرب سؤر الكلب إلاّ أن يكون حوضاً كبيراً يستقى منه» [643].
وجه الدلالة واضح.
نعم، في طريق الرواية محمّد بن جعفر بن قولويه، وقد توقّف فيه المتأخّرون ; إذ لم يرد فيه توثيق صريح، وأبو بصير، وهو مشترك بين الثقة وغيره [644].
والأظهر توثيق محمّد بن جعفر ; لما ذكر النجاشي [645] عند ترجمة ابنه جعفر: أنّه من خيار أصحاب سعد، وفيهم الثقات المشهورون، مثل علي بن الحسين بن بابويه، ومحمّد بن يحيى العطار، وأضرابهم [646].
وأمّا أبو بصير، فلا يقدح اشتراكه، كما تحقّق في محلّ آخر.

السادس والثلاثون: ما رواه ثقة الإسلام في الكافي، في الموثّق، عن أبي بصير،

* ـ جاء في حاشية «ش» و«ل» و«د»: «إنّما قلنا تقريباً لأنّه أزيد من الثلث». منه (قدس سره).
عنهم (عليهم السلام)، قال: «إذا أدخلت يدك في الإناء قبل أن تغسلها فلابأس، إلاّ أن يكون أصابها قذر بول أو جنابة، فإن دخلت [647] يدك في الماء وفيه شيء من ذلك فاهرق ذلك الماء» [648].
وفي طريق الرواية: إبراهيم بن هاشم، وسماعة بن مهران. ووصفها بالتوثيق بناءً على المشهور من ترجيح الحَسن على الموثّق، وفيه كلام ذكرناه في محلّ آخر. وأمّا على القول بتوثيق إبراهيم بن هاشم ـ كما هو المختار ـ فالأمر واضح.

السابع والثلاثون: ما رواه الشيخ (رحمه الله) في باب آداب الأحداث من التهذيب، بسند قويّ، عن أبي بصير، قال: سألته عن الجنب يجعل [649] الركوة أو التور [650] فيدخل أصبعه فيه، قال: «إن كانت يده قذرة فليهرقه، وإن كان لم يصبها قذر فليغتسل منه. هذا ممّـا قال الله تعالى: (مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدّينِ مِنْ حَرَج) » [651].
وليس في طريق الرواية من يتوقّف في شأنه سوى ابن سنان، وهو محمّد، لروايته عن ابن مسكان، فقد اختلف فيه. وقد عرفت أنّ الأقوى توثيقه، كما اختاره جملة من المحقّقين [652].
وقوله (عليه السلام): «هذا ممّـا قال الله تعالى: (مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدّينِ مِنْ حَرَج) »، يعني به [653] أنّ جواز الاغتسال، بل مطلق الاستعمال مع عدم إصابة القذر مأخوذ من قوله تعالى: (ما جعل عليكم) الآية ; للزوم الحرج الظاهر لو كلّف بالاجتناب، والحال هذه وإن أمكن العدول في بعض الاستعمالات ; إذ لا يكاد ينفكّ الاغتسال عن إصابة اليد للماء غالباً، بخلاف التكليف باجتناب ما أصابه القذر، فإنّه لا حرج فيه.
فإن قلت: ظاهر الحديث أنّ الحكم المذكور ـ وهو الإهراق على تقدير الإصابة، والاغتسال على تقدير عدمها ـ مستفاد من الآية الشريفة، وذلك إنّما يتمّ لو جعل الأمر بالإهراق كناية عن استحباب الاجتناب، حيث إنّه يستلزم الجواز، ويمكن استفادته من الآية، وعلى هذا فلايتمّ التقريب.

قلت: الذي يقتضيه نفي الحرج إنّما هو جواز الاستعمال، وأمّا المنع فلايمكن استفادته من ذلك، ولو كان تنزيهاً. وأيضاً قد عرفت أنّه لا حرج في التكليف بالاجتناب مع تحقّق الإصابة، فكيف يستدلّ به عليه، ولو سُلّم فغاية الأمر جواز إرجاعه إلى الحكمين. ودعوى الظهور ممنوعة، فيجب حمل الأمر على ظاهره إلى أن يتحقّق الدليل الصارف.

فإن قيل: القذر لغةً وعرفاً مقابل النظيف، فهو أعمّ من النجس بالمعنى المعروف، وإرادة الإطلاق منه هاهنا إنّما يكون بصرف الأمر بالإهراق عن ظاهره وحمله على استحباب الاجتناب [654] ; إذ لا ريب في جواز الاستعمال مع عدم إصابة النجاسة، وإن كانت اليد قذرة، وهو وإن كان مجازاً إلاّ أنّ المجاز لازم على تقدير إبقائه على ظاهره بتقييد القذر بما كان نجساً، مع أنّه أعمّ من ذلك، فالمجاز لازم على كلّ حال ولا ترجيح لأحدهما على الآخر.

قلنا: الظاهر أنّ لفظ القذر في عرف الشرع هو ما كان نجساً، كما يشهد به تتبّع الأخبار الواردة عن الأئمة الأطهار (عليهم السلام)، وإن كان أعمّ منه [655] لغةً وعرفاً. ولو سلّم، فالاستدلال بالأمر بالإهراق ليس من حيث كونه حقيقةً في الوجوب ; لعدم وجوب الإهراق على المشهور، بل لكونه كناية عن المنع عن الاستعمال مبالغةً وتفخيماً. وجعله كناية عن المنع التنزيهي مستبعد جدّاً، مع أنّ الذي يقتضيه قواعد الأصحاب تقديم التقييد أو التخصيص على ما سواهما من أقسام المجازات عند التعارض، على أنّ الظاهر أنّ استفصاله (عليه السلام) في الجواب بإصابة القذر لليد وعدمها إنّما هو لأجل أنّ المسؤول عنه ـ وهو يد الجنب ـ كان مظنّة إصابة المني ووصوله إليها، ومن ثَمّ لم يحسن الترديد [656] لو فرض كون السؤال عن إصابة اليد للماء بدون اعتبار قيد الجنابة. وعلى هذا [657] فلا إشكال لتعيين القذر حينئذ، كما لا يخفى.

الثامن والثلاثون: ما رواه الصدوق في العلل، في الموثّق، عن عبد الله بن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في حديث، قال: «وإيّاك أن تغتسل من غسالة الحمّـام، ففيها تجتمع غسالة اليهودي، والنصراني، والمجوسي، والناصب لنا أهل البيت، وهو شرّهم ; فإنّ الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقاً أنجس من الكلب، وإنّ الناصب لنا أهل البيت لأنجَس منه» [658].

التاسع والثلاثون: ما رواه الشيخ في باب دخول الحمّـام في زيادات التهذيب، عن حمزة بن أحمد، عن أبي الحسن الأوّل (عليه السلام)، قال: سألته أو سأله غيره [659] عن الحمّـام، قال: «ادخله بمئزر، وغضّ بصرك، ولا تغتسل من البئر التي يجتمع فيه ماء الحمّـام، فإنّه يسيل فيها ما يغتسل به الجنب وولد الزنا والناصب لنا أهل البيت، وهو شرّهم» [660].

الأربعون: ما رواه ثقة الإسلام في باب ماء الحمّـام، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا تغتسل من البئر التي تجتمع فيها غسالة الحمّـام، فإنّ فيها غسالة ولد الزنا، وهو لا يطهر إلى سبعة آباء، وفيها غسالة الناصب، وهو شرّهما، إنّ الله تعالى لم يخلق خلقاً شرّاً من الكلب، وإنّ الناصب أهون على الله من الكلب» [661].

الحادى [662] والأربعون: ما رواه ثقة الإسلام في أواخر كتاب الزيّ والتجمّل من الكافي، عن رجل من بني هاشم، قال: دخلت على جماعة من بني هاشم فسلّمت عليهم في بيت مظلم، فقال بعضهم: سلّم على أبي الحسن (عليه السلام) فإنّه في الصدر. قال: فسلّمت عليه وجلست بين يديه، فقلت له: قد أحببت أن ألقاك منذ حين لأسألك عن أشياء. قال: «سل عمّا [663] بدا لك». قلت: ما تقول في الحمّـام ؟ قال: «لا تدخل الحمّـام إلاّ بمئزر، وغُضّ بصرك، ولا تغتسل من غسالة الحمّـام، فإنّه يغتسل فيه من الزنا، ويغتسل فيه ولد الزنا، والناصب لنا أهل البيت، وهو شرّهم» [664].
ووجه الاستدلال بهذه الأخبار: أنّها دلّت بظاهرها على المنع من الاغتسال بغُسالة الحمّـام ; للنّهي فيها عنه، وهو حقيقة في التحريم، وورود التحذير عن الاغتسال في بعضها، وهو بمنزلة النهي في الدلالة عليه وذلك دليل النجاسة [665] ; فإنّ نجاسة الشيء إنّما يستفاد في الأغلب عن النهي عن استعماله في الطهارات، أو استعماله في المشروط بالطهارة، أو [666] الأمر بغَسله والاجتناب عنه. وإنّما خُصّ الاغتسال فيها بالنهي للمناسبة الظاهرة، من حيث أنّ ماء الحمّـام مُعدٌّ للاغتسال دون الوضوء والشرب وتطهير الثياب، وغيرها من الاستعمالات، وليس في ذلك ما يشعر باختصاص المنع بالاغتسال، كما ذهب إليه بعض الأوهام [667] وعزى القول به إلى جماعة من الأعلام.
وتنقيح البحث في هذا المقام يتوقّف على بيان الحكم في غسالة الحمّـام، وذكر [668] ما يتبع ذلك من الكلام، وسيأتي في مقامه إن شاء الله تعالى [669].

الثاني والأربعون: ما رواه الشيخ في التهذيب في باب آداب الحمّـام، عن بكر[670]بن حبيب، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «ماء الحمّام لا بأس به إذا كانت له مادّة» [671].
دلّ (عليه السلام) باشتراط المادّة في انتفاء البأس مع المادّة، لاينافي القول بنجاسة القليل[672] ; لأنّه من المواضع المخرجة عن حكم العموم.

الثالث والأربعون: ما رواه الشيخ في باب المياه، عن معاوية بن شريح، قال: سأل عذافر أبا عبد الله (عليه السلام) وأنا عنده، عن سؤر السنور، والشاة، والبقرة، والبعير، والحمار، والفرس، والبغل، والسباع، يشرب منه أو يتوضّأ منه ؟ قال: «نعم، اشرب منه وتوضّأ»، قال: قلت له الكلب ؟ قال: «لا»، قلت: أليس هو سبع ؟ قال: «لا والله إنّه نجس، لا والله إنّه نجس» [673].

الرابع والأربعون: ما رواه الشيخ في الباب المذكور، عن معاوية بن ميسرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله [674] * ـ
وجه الاستدلال: أنّه (عليه السلام) منع عن استعمال سؤر الكلب في الوضوء والشرب، وليس.

* ـ جاء في حاشية «ش» و«د»: «سند الرواية الأُولى: سعد بن أبي عبدالله، عن أحمد بن محمّد، عن أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن شريح. وسند الرواية الثانية: سعد، عن أحمد، عن الحسن بن علي بن فضّال، عن أبي عبد الله بن بكير، عن معاوية بن ميسرة،. فالطريقان مختلفان. نعم، الظاهر أنّ الراوي وهو معاوية بن ميسرة بن شريح القاضي يُنسب تارة إلى أبيه وأُخرى إلى جدّه» منه (قدس سره).
لأجل التغيير، فيكون باعتبار الملاقاة.
وأيضاً فإنّ الحكم بأنّه نجس مؤكَّد بالقسم وأداة التأكيد، والجملة الاسميّة مع التكرير يقتضي أن يكون نجاسته هي العلّة في المنع عن الاستعمال، وإلاّ لم يكن له تعلّق بالمقام.
ومنه يعلم أنّ السبب في نجاسة الماء هو ملاقاة النجاسة مطلقاً، وأنّه لا خصوصيّة للكلب في ذلك.

الخامس والأربعون: ما رواه الشيخ في ذلك الباب، عن حريز، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا ولغ الكلب في الإناء فصُبَّه» [675].

السادس والأربعون: ما روي في فقه الرضا (عليه السلام)، قال: «إن وقع [676] الكلب في الماء أو شرب منه، أُهريق الماء، وغسل الإناء ثلاث مرّات، مرّةً بالتراب ومرّتين بالماء، ثمّ يجفّف» [677].
وبمضمونه أفتى الصدوق في الفقيه [678]، حيث ألحق الوقوع بالولوغ وأوجب التجفيف. وأكثر ما يذكره فيه من غير تعرّض للدليل مأخوذ من الكتاب المذكور، وكذا ما نقله عن والده في رسالته إليه.
ويظهر من ذلك وغيره من القرائن أنّ ذلك الكتاب كان من الأُصول المعتمدة المعوّل عليها.

السابع والأربعون: ما رواه الشيخ في كتاب الأطعمة والأشربة، عن أبي بصير، قال: دخلتْ أُمّ معبد [679] العبدية على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقالت: جعلت فداك، إنّه يعتريني قراقر في بطني، (إلى أن قالت:) [680] وقد وصف لي أطبّاء العراق النبيذ بالسويق، وقد (وقفتُ و) [681] عرفتُ كراهتك له، فأحببت أن أسألك عن ذلك ; فقال: «وما يمنعك عن شربه ؟»، قالت: وقد قلّدتك ديني، فألقى الله حين ألقاه، فأُخبرُه أنّ جعفر بن محمّد أمرني ونهاني ؟ ! فقال: «يا أبا محمّد [682] ألا تسمع إلى هذه المرأة وهذه المسائل، لا والله لا آذن لكِ في قطرة منه.»، ثمّ قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما يبلّ الميل ينجّس حُبّاً من ماء»، يقولها ثلاثاً [683].

وهي نصّ في المطلوب.

الثامن والأربعون: ما رواه الشيخ في الكتاب المذكور، عن عمر بن حنظلة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما ترى في قدح من مسكر يصبّ عليه الماء حتى يذهب عاديته ويذهب سُكره ؟ فقال: «لا والله، ولا قطرة قطرت في حُبّ إلاّ أُهريق ذلك الحُبّ» [684].
وجه الاستدلال: أنّ المنع عن الاستعمال المكنّى عنه بالإهراق ليس لصدق اسم النبيذ على القطرة ; إذ لا ريب في استهلاكها في الحُبّ، ومعه ينتفي [685] التسمية قطعاً، ولا لبقاء عمله وهو الإسكار ; لأنّ المفروض ذهاب عاديته، فانحصر الوجه في نجاسته، وهو المطلوب.

التاسع والأربعون: ما رواه الثقة الجليل عبد الله بن جعفر الحميري في كتاب قرب الإسناد، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام)، قال: سألته عن حبّ ماء[686] ] فيه ألف رطل [ [687]، وقع فيه أُوقية بول، هل يصلح شربه أو الوضوء منه [688] ؟ قال: «لا يصلح» [689].
قد عرفت[690] أنّ نسبة الأُوقية التي هي وزن أربعون درهماً إلى الرطل الذي هو مائة وثلاثون درهماً نسبة الثُلث بالتقريب، فنسبتها إلى الألف الذي هو مقدار خمسة أسداس الكرّ نسبة ثُلث عُشر عُشر العُشر، وتحقّق الاستيلاء مع هذه النسبة * مستبعد جدّاً.

الخمسون: ما رواه ثقة الإسلام في باب مولد علي بن الحسين (عليهما السلام)، والشيخ الجليل محمّد بن الحسن الصفّار في كتاب بصائر الدرجات، والثقة المعتمد عبد الله.

* ـ جاء في حاشية «ش» و«د»: «وإذا أردت النسبة بالتحقيق فانسب الأربعين درهماً إلى ثلاثة عشر ألف درهم، أعني ألف رطل، ونسبته إليه نسبة الواحد إلى 325، فتأمّل». منه (قدس سره).
بن جعفر الحميري في كتاب الدلائل، بطُرُق متعدّدة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لمّا كان في الليلة التي وُعِد فيها عليّ بن الحسين (عليه السلام)، قال لمحمّد: يا بني ! ابغني وَضوءاً، فقمت فجئته بوضوء، قال: لا أبغي هذا فإنّ فيها شيئاً ميتاً، قال: فخرجت فجئت بالمصباح، فإذا فيه فأرة ميتة، فجئت بوَضوء غيره» [691]، الحديث.
قوله (عليه السلام): «لا أبغي هذا» يدلّ على عدم تعلّق الطلب به، ولو جاز الوضوء منه لوقع متعلّقاً للطّلب، وإن قلنا بكراهة استعماله، فتأمّل.

الحادي [692] والخمسون: ما رواه الشيخ (رحمه الله) في باب النزح، عن عليّ بن حديد، عن بعض أصحابه، قال: كنت مع أبي عبد الله (عليه السلام) في طريق مكّة، فصرنا إلى بئر فاستقى غلام أبي عبد الله (عليه السلام) دلواً فخرج فيه فأرتان، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «أرِقه». ] قال [: فاستقى آخر، فخرجت فيه فأرة، فقال (عليه السلام): «أرِقه». قال: فاستقى الثالث، فلم يخرج فيه شيء، فقال (عليه السلام): «صبّه في الإناء»، فصبّه في الإناء [693] * ـ

* ـ جاء في حاشية «ش» و«د»: «ووجه الاستدلال بها: أمره بإراقة الدلوين، وليس ذلك لأجل وصول التغيير في البئر إذ يأباه الأمر بصب الثالث. ومن المستبعد جدّاً زوال التغيير بنزح دلوين، ولا لأجل حدوثه زمان الإخراج ; لقضاء العادة بعدم حصوله (د: وصوله) في ذلك الزمان اليسير، فعُلم أنّ الوجه فيه مجرّد الملاقاة وذلك هو المطلوب». منه (قدس سره).
ورواه المحقّق في المعتبر [694] كذلك، وفي آخره: «فتوضّأ واشرب». وكذا رواه العلاّمة في المختلف [695]، لكنّه سلكها في جملة أدلّة ابن أبي عقيل (رحمه الله)، ولعلّ وجهه أنّ إهراق الماء الكائن في الدلو يقتضي ملاقاة اليد للماء أو الدلو رطباً، فلو كان نجساً لأمر بتطهيرها.
وأيضاً لو كان الماء نجساً لزم نجاسة الدلو به، ومجرّد دخوله في البئر لا يوجب طهارته ; لانتفاء كيفيّة التطهير فيه، بناءً على أنّه من الأواني، وأنت تعلم أنّ ذلك تمسّك بالمحتمل في طرح الصريح، وبطلانه ظاهر.

الثاني والخمسون: ما رواه الشيخ (رحمه الله) في باب المياه من زيادات التهذيب، عن عبدالله بن المغيرة، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا كان الماء قدر قُلّتين لم ينجّسه شيء، والقُلّتان جرّتان» [696].
القُلّة: ـ بضمّ القاف وتشديد اللام ـ إناء عظيم يشبه الحُبّ، وإنّما سمّيت بذلك لأنّ الرجل القوي يقلّها، أي: يحملها.
قال في القاموس: «القُلّة الحبّ العظيم والجرّة العظيمة» [697].
وقال في مجمع البحرين: «القلّة، بضمّ القاف وتشديد اللام، إناء للعرب، كالجرة الكبيرة، تسع قربتين أو أكثر، ومنه قلال هجر، وهو شبه الحباب» [698].
ونُقل عن ابن دُريد* أنّ القُلّة في الحديث قلال هجر وهي عظيمة وزعموا أنّ الواحدة منها تَسَعُ خَمس قِرَب.
وبالجملة، فالقلّة من الأواني المتّسعة، فلا مانع من بلوغ اثنتين منها قدر الكرّ ولا استبعاد فيه، خصوصاً على المختار في تحديده، أعني مذهب القمّيين.
قال المحقّق في المعتبر: «إنّ أبا علي بن الجنيد قال في المختصر: الكرّ القلّتان ومبلغ وزنه ألف ومائتا رطل» [699].
وهو صريح في المدّعى.
ويؤيّده رواية عليّ بن جعفر المتقدّمة [700]، حيث وقع السؤال فيها عن الحُبّ يكون فيه ألف رطل من ماء، وقد علمت أنّ القلّة تقرب من مقدار الحُبّ، وحيث أمكن بلوغ قدر القلّتين كرّاً فالواجب حمله عليه ها هنا، وإن كانت القلّة من الأواني المختلفة صغراً وكبراً [701].

والدليل عليه: إجماع الأصحاب (رحمهم الله) على نفي التفصيل بغير بلوغ الكرّية وعدمه ; فإنّهم بين من أطلق القول بالطهارة ولم يفصّل أصلا، ومن فصّل ببلوغ الكرّيّة وعدمه، ولا قائل بالفصل، فلو لم يحمل القلّتان على ما بلغ الكرّ لزم خرق الإجماع المركّب، وهو باطل عندنا، وإن لم يرفع متّفقاً عليه.

* ـ جاء في حاشية «ش» و«د»: «الناقل عنه هو المحقّق في المعتبر [702] والعلاّمة في المنتهى [703]».منه (قدس سره).
فإن قلت: يمكن التفصّي عن مخالفة الإجماع بحمل التنجيس على ما يقتضي التنزّه وكراهيّة الاستعمال حتّى يوافق القول بالطهارة، وهو وإن كان خلاف الظاهر من لفظ التنجيس إلاّ أنّ الخروج عن الظاهر لازم على تقدير تخصيص القُلّتين بقدر الكرّ أيضاً، فلا ترجيح.

قلت: جعل بلوغ القلّتين حدّاً لثبوت الكراهة يقتضي انتفاؤها معه، فلو لم يحمل القلّتان على ما بلغ الكرّ لزم انتفاء الكراهة فيما بلغ قُلّتين وإن نقص عن الكرّ، مع أنّ اللازم على القول بالطهارة ثبوتها فيما نقص عن الكرّ، وإن بلغ قلّتين أو زاد عليه ; لورود التحديد بالكرّ وعدمه في صحاح الروايات، والمخلص في الجميع واحد، فالحمل على الكراهة في الخبر ينافي القول بالطهارة، كما ينافي القول بالنجاسة، وطريق الدفع ما ذكرناه.
اللّهم إلاّ أن يحمل هذا الخبر على الكراهة الشديدة، وأخبار الكرّ على مطلق الكراهة، ويكون اللازم منه انتفاء الكراهة المخصوصة عند بلوغ القلّتين، وهو لاينافي ثبوت مطلق الكراهة.
ويضعّف: بأنّ اللازم من الحمل على هذا الوجه ارتكاب التجوّز في الرواية من وجهين: حمل التنجيس على ما يوجب التنزّه، والتخصيص بالكراهة المغلظة.
وأمّا الوجه الذي ذكرناه فإنّما يلزم الخروج عن الظاهر من جهة واحدة، أعني: تخصيص القُلّتين بما بلغ كرّاً، ولا ريب أنّه أولى.

الثالث والخمسون: ما رواه الشيخ في آخر باب المياه من التهذيب، عن فحص بن غياث، عن جعفر بن محمّد (عليه السلام)، قال: «لا يفسد الماء إلاّ ما كانت له نفس سائلة» [704].

الرابع والخمسون: ما رواه الكليني (رحمه الله) في باب البئر، عن محمّد بن يحيى، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا يفسد الماء إلاّ ما كانت له نفس سائلة» [705].
دلّ (عليه السلام) باستثناء ميتة ذي النفس من المقدار [706] المحكوم عليه بعدم إفساده للماء على ثبوت الإفساد له بملاقاة ميتة ذي النفس. وفساد الماء هو صيرورته بحيث لا ينتفع به، ولا يترتّب الآثار المطلوبة منه عليه، كما يشهد به العرف والمقام، ويلزمه عدم جواز استعماله في الطهارات، ووجوب الاجتناب عن مباشرته واستصحابه في الصلاة وغيرها من العبادات المشروطة بالطهارة، ولا نعني بالنجاسة إلاّ هذا.

فإن قلت: ليس في شيء من الروايتين دلالة على إفساد ذي النفس لما يلاقيه بمجرّد الملاقاة، وإنّما يدلاّن على إفساده للماء في الجملة، و [707] ليس الكلام فيه، وإنّما الكلام في أنّه هل هو بالتغيير أو بمحض الملاقاة ؟
بل نقول: الذي يقتضيه الاستثناء هو إفساد ما كان له نفس سائلة لجميع أفراد المياه ; لأنّه المحكوم بنفيه عن المستثنى منه، بناءً على إرادة العموم من المفرد المحلّى، ومن البيّن أنّ ما يقتضي إفساد جميع أفراد المياه إنّما هو التغيير بذي النفس دون ملاقاته له مطلقاً ; لأنّ الماء الجاري بل البئر لا ينجس بمجرّد الملاقاة على الأظهر، وإنّما ينجسان بالتغيير خاصّة.

قلت: الحكم بالتنجيس لذي النفس من دون تقييد يقتضي العموم، بحيث يتناول صورة الملاقاة من غير تغيير ; لأنّ المنجّس حقيقةً هو عين النجاسة، غاية الأمر إنّ تأثيره في الشيء مشروط بشرط هو الملاقاة أو التغيير، وغاية ما عُلم اشتراطه هو الملاقاة، وأمّا اعتبار التغيير فهو خارج عن مقتضى الأصل، فيتوقّف ثبوته على الدليل.
وليس المراد من قوله (عليه السلام): «لا يفسد الماء» الحديث، أنّه لايفسد جميع أفراد المياه إلاّ ما كان له نفس سائلة، حتّى يكون الاستثناء مقتضياً لإفساد ذي النفس لجميع أفراده ; لأنّ ذلك لا ينافي إفساد غيره لبعض أفراده، والمطلوب نفيه عن كلّ فرد، بل المراد أنّه لا يفسد شيئاً من أفراد المياه إلاّ ما كان له نفس. والفرق بين الكلامين لا يخفى على من له أدنى تدرّب في أساليب الكلام.
واللازم ممّـا ذكرناه إفساد ذي النفس لشيء من الأفراد، ولَمّا ثبت أنّ الماء الجاري والبئر لا ينجس شيء منهما إلاّ بالتغيير، وكذا الراكد الكثير، كان الإفساد بالملاقاة مقصوراً على القليل الراكد، كما لا يخفى.

الخامس والخمسون: ما رواه في باب الاغتسال من زيادات التهذيب، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى (عليه السلام)، قال: سألته عن الرجل يصيب الماء في ساقية أو مُستَنقَع، (فيتخوّف أن يكون السباع قد شربت منه، يغتسل منه ويتوضّأ منه للصلاة إذا كان لا يجد غيره ؟ والماء لا يبلغ صاعاً للجنابة ولا مدّاً للوضوء، وهو متفرّق، كيف يصنع ؟) [708] قال: «إذا كانت يده نظيفة فليأخذ كفّاً من الماء بيد واحدة» [709]، الحديث.

ووجه الاستدلال يعلم بما قدّمناه.

السادس والخمسون: ما روي في كتاب المسائل، وفي كتاب قرب الإسناد، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى (عليه السلام)، قال: وسألته عن الرجل يتوضّأ في الكنيف بالماء، يُدخل يده فيه ليتوضّأ من فضله للصلاة ؟ قال: «إذا أدخل يده وهي نظيفة فلا بأس، ولست أُحبّ أن يتعوّد ذلك، ] إلاّ أن يغسل يده قبل ذلك [» [710].
قوله: «يتوضّأ في الكنيف»، أي: يستنجي، وقوله: «ولست أُحبّ أن يتعوّد ذلك» يعني: إدخال اليد في الماء قبل غَسلها، وإن كانت نظيفة، فيدلّ على استحباب غَسل اليد قبل إدخالها الإناء.
وهو مُجمل بالنظر إلى الوحدة والتعدّد، فيحمل على الوجه المقرّر، وهو الوحدة من حدث البول، والتثنية في حدث الغائط.

السابع والخمسون: ما رواه في كتاب المسائل، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى (عليه السلام)، قال: سألته عن المطر يجري في المكان فيه العذرة، فيصيب الثوب، أيصلّي فيه قبل أن يغسل ؟ قال (عليه السلام): «إذا جرى فلا بأس» [711].

والتقريب يعلم ممّـا سبق.

الثامن والخمسون: ما روي في الكتابين، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى (عليه السلام)، قال: سألته عن الشرب [712] في الإناء يشرب منه الخمر، قدح عيدان أو باطية، قال: «إذا غسله فلا بأس» [713].
قال في القاموس: «الباطية: الناجود» [714]. وقال: «الناجود: الخمر» [715].
ويظهر من الخبر أنّه نوع خاصّ من الإناء.

التاسع والخمسون: وما رواه الراوندي ـ طاب ثراه ـ في النوادر، بإسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «قال عليّ (عليه السلام): الماء الجاري لاينجّسه شيء» [716].
دلّ بمفهوم الوصف على أنّ غير الجاري ينجس بالملاقاة، خرج عنه ماء البئر والراكد الكثير بدليل، فيبقى الباقي مندرجاً تحت عموم المفهوم ; لأنّ العامّ المخصّص حجّة في الباقي عند المحقّقين.

الستّون: ما رواه في الفقه المنسوب إلى الرضا ـ صلوات الله عليه ـ قال: «كلّ غدير فيه من الماء أكثر من كرّ لا ينجّسه ما يقع فيه من النجاسات... إلاّ أن يكون فيه الجيف، فتغيّر لونه وطعمه ورائحته ; فإذا غيّرته لم يشرب منه ولم يتطهّر به» [717]، «واعلموا رحمكم الله أنّ كلّ ماء جار لاينجّسه شيء» [718].
وقال (عليه السلام): «إن اجتمع مسلم مع ذمّي في الحمّـام اغتسل المسلم قبل الذمي وماء الحمّـام سبيله سبيل الجاري إذا كانت له مادّة» [719].
* * *
هذه جملة ما اطّلعت عليه من الأخبار الدالة على القول المشهور، وهي كما ترى ظاهرة فيه غاية الظهور، عارية عن الوهن والقصور. ومنها ما هو نصّ في المطلوب، لا يناله تأويلات المتعسّفين ولا تخريصات المتمحّلين، كما يظهر لِمَن نظر فيها [720] بعين الإنصاف، وجانب طريق الردّ والاعتساف.
قد بالغت [721] في جمعها بعد الشتات وترتيبها بعد الثبات ; حيث إنّها كانت منتشرة في صحف الأصحاب، لايجمعها باب ولا كتاب، ولعلّه بقي في الزوايا خبايا زاغ عنها البصر، أو قصر عنها النظر.

وفيما ذكرناه كفاية، والله وليّ التوفيق والهداية.

[ الأخبار المؤيّدة للقول بالانفعال: ]
ولا بأس لنا في التعرّض لذكر بعض الروايات الصالحة للتأييد، وإن قصر آحادها عن مرتبة الدليل، ونال كلاّ منها يد التأويل. فإنّ في مجموعها تقويةً لما ذكرناه وتشييداً لما سطرناه.

فمنها: الأخبار المستفيضة الواردة في كيفيّة اغتسال الجنب، الدالّة على غَسل اليدين أو اليد اليمنى قبل إدخال الإناء، وغَسل الفرج وما أصابه القذر قبل الغُسل:
كصحيحة أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن غسل الجنابة، فقال: «تَصُبُّ على يديك الماء، فتغسل كفّيك، ثمّ تُدخِل يدك فتغسل فرجك، ثمّ تُمضمِض وتستنشق وتصبّ الماء على رأسك ثلاث مرّات، وتغسل وجهك، وتفيض على جسدك الماء» [722].
وصحيحة أحمد بن محمّد، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) ] عن غسل الجنابة [ [723] فقال: «تغسل يدك اليمنى من المرفق إلى أصابعك وتبول إن قدرت على البول، ثمّ تُدخل يدك في الإناء، ثمّ اغسل ما أصابك منه، ثمّ أفِضْ على رأسك وجسدك، ولا وضوء فيه» [724].
وصحيحة محمّد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: سألته عن غسل الجنابة، فقال: «تبدأ بكفّيك، ثمّ تغسل فرجك، ثمّ تصبّ على رأسك ثلاثاً» [725]، الحديث.
وموثّقة سماعة عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا أصاب الرجل جنابة فأراد الغسل، فليُفرغ على كفّيه، فليغسلهما دون المرفق، ثمّ يُدخل يده في إنائه، ثمّ يُغسل فرجه، ثمّ ليصبّ على رأسه ثلاث مرّات ملء كفّيه، ثمّ يضرب بكفّ من ماء على صدره، وكفّ بين كتفيه، ثمّ يفيض الماء على جسده كلّه، فما انتضح من مائه في إنائه بعد صنع ما وصفت فلا بأس» [726].

ومنها: الأخبار الواردة في تحديد الكرّ وبيان مقداره:

كمشهورة أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الكرّ من الماء كم يكون قدره ؟ قال: «إذا كان الماء ثلاثة أشبار ونصف في ثلاثة أشبار ونصف في عمقه ] في الأرض [ فذلك الكرّ من الماء» [727].
وما رواه الصدوق (رحمه الله) في المجالس: «إنّ الكرّ هو ما يكون ثلاثة أشبار طولا في ثلاثة أشبار عرضاً في ثلاثة أشبار عمقاً» [728].
ورواية عبد الله بن المغيرة، عن بعض أصحابه، عنه (عليه السلام) قال: «الكرّ نحو حبّي هذا»، وأشار إلى حب من تلك الحباب التى بالمدينة [729].

ومنها: الأخبار الدالة على اعتبار الكثرة في مياه الآبار، المقتضية لاعتبارها في الراكد بطريق أولى، مع استفادة العلّية من بعضها، فتكون من باب العلّة المنصوصة:
كموثّقة عمّـار الساباطي، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن البئر، يقع فيها زنبيل عذرة يابسة أو رطبة، فقال: «لا بأس ] به [ إذا كان فيها ماء كثير» [730].
ورواية الحسن بن صالح الثوري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا كان الماء في الركي كرّاً لم ينجّسه شيء» [731]، الحديث.
وما روي عن الرضا (عليه السلام) في الفقه المنسوب إليه: «وكلّ بئر عمق مائها ثلاثة أشبار ونصف في مثلها، فسبيلها سبيل الجاري، إلاّ أن يتغيّر لونها وطعمها ورائحتها» [732].

ومنها: ما رواه ابن إدريس في السرائر، عنه (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «إذا بلغ الماء كرّاً لم يحمل خبثاً» [733].
وقال: «إنّ هذه الرواية مُجمع عليها عند المخالف والمؤالف» [734].
وإنّما لم نذكرها في عداد الأدلّة لاحتمال أن يكون المراد من قوله (عليه السلام): «لم يحمل خبثاً»، أنّه يدفعه عن نفسه، كما يقال: فلان لا يحمل الضيم، أي: يدفعه عن نفسه، لا أنّه لايقبله حتّى يلزم بمقتضى المفهوم قبول ما دون الكرّ له. وعليه حمله ابن إدريس حيث استدلّ به على جواز تطهير القليل بإتمامه كرّاً.

[ أدلّة القول بعدم الانفعال: ]

وإذ قد وقع الفراغ عن أدلّة القول المشهور فلنشرع الآن في دلائل القول الآخر، من الآيات والأخبار الواردة عن الأئمة الأطهار (عليهم السلام) ممّـا احتجّ به القائل بالطهارة، أو ذكره العلماء في كتب الاستدلال، أو عثر عليه النظر القاصر وأدّى إليه الفكر الفاتر.
ولم آلُ جهداً في استقصاء ما ورد من الأخبار في هذا المضمار، ولم أقتف سُنَن المحتالين من [735] تكثير [736] دلائل المطلوب، وتقليل أدلّة المخالفين، بل أذكر كلّ ما قيل أو يمكن أن يقال، ثمّ أتبعه بما يوضح الحال، ويحسم مادّة الإشكال.
فنقول: الذي يمكن أن يستدلّ به للقول بعدم الانفعال أُمور:

الأوّل: الأُصول
وهي هنا أصالة برائة الذمّة عن وجوب الاجتناب، واستصحاب الحالة السابقة على الملاقاة، واستصحاب طهارة الملاقي الطاهر، وأصالة الطهارة ; فإنّ الأشياء كلّها على الطهارة إلاّ ما نصّ الشارع على نجاسته، لأنّها مخلوقة لمصالح العباد، لقوله تعالى: (هُوَ الَّذي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الاَْرْضِ جَميعاً) [737]، أي: لانتفاعكم، ولا يتمّ النفع إلاّ بطهارتها.

الثاني: ظواهر الآيات ;

منها: قوله تعالى: (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً) [738].

فإنّها تدلّ على طهوريّة الماء المنزَل من السماء بقول مطلق، لكونها مسوقةً في معرض الامتنان وإظهار الإفضال والإنعام، ولو كان المراد ماءً منزلا من السماء في الجملة لما أفاد، بل انتفى فائدة الإخبار به.
قالوا: ومتى ثبتت طهارة الماء المنزل من السماء، ثبتت طهارة مطلق المياه، لأنّ أصل الماء كلّه من السماء ; لقوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابيعَ فِي الاَْرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلفِاً أَلْوانُهُ) [739]، وقوله سبحانه وتعالى: (هُوَ الَّذي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ) [740]، وقوله سبحانه وتعالى: (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَر فَأَسْكَنَّاهُ فِي الاْرْضِ وَإِنَّا عَلى ذَهَاب بِهِ لَقَادِرُونَ) [741].
وروى الشيخ الجليل عليّ بن إبراهيم في تفسير هذه الآية، عن الباقر (عليه السلام) أنّه قال: «هي الأنهار، والعيون، والآبار» [742].

ومنها: قوله سبحانه: (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ) [743].
دلّ سبحانه بقوله: (لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) على صلاحيّته للتطهير، وهو يستلزم الطهارة.

ومنها: قوله عزّ وجلّ: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعيداً) [744].
وجه الاستدلال: أنّ الواجد للقليل الملاقي للنجاسة واجد للماء قطعاً، فلا يجوز له التيمّم ; لأنّه إنّما أُبيح عند فقد الماء، ومتى جاز استعمال الماء في رفع الحدث كان طاهراً، لأنّ النجس لا يطهر.

الثالث: الأخبار، وهي كثيرة:

الأوّل: الخبر المستفيض المشهور المروي بعدّة طرق، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: «الماء كلّه طاهر حتّى تعلم أنّه قذر» [745].
وجه الاستدلال: على ما ذكره جدّي العلاّمة المجلسيّ ـ طاب ثراه ـ في شرح الفقيه [746] أنّ غاية ما يلزم من أدلّة الانفعال إنّما هو الظنّ، والحكم بالنجاسة قد عُلّق على العلم بها، والعلم لا يتحقّق مع الاحتمال وإن كان مرجوحاً.

الثاني: الحديث الذي احتجّ به ابن أبي عقيل (رحمه الله) وادّعى تواتره عن الصادق (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام): «أنّ الماء طاهر لا ينجّسه إلاّ ما غيّر أحد أوصافه: لونه، أو طعمه، أو رائحته» [747].

الثالث: ما رواه الشيخ (رحمه الله) في باب التيمّم من زيادات التهذيب، في الصحيح، عن محمّد بن حمران وجميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: «إنّ الله جعل التراب طهوراً كما جعل الماء طهوراً» [748].

وجه الاستدلال: أنّ التعريف في الماء ليس للجنس ; لتعذّر إرادته هنا، ولا للعهد ; لانتفاء سبق معهود، ولا للعهد الذهني ; إذ لا فائدة في الذهن، فيكون للاستغراق، فيشمل صورة النزاع، وثبوت الطهوريّة للماء يقتضي ثبوت الطاهريّة له أيضاً.

الرابع: ما رواه الشيخ (رحمه الله) في باب آداب الأحداث من زيادات التهذيب، في الصحيح، عن داود بن فرقد، والصدوق في الفقيه مرسلا، عن الصادق (عليه السلام)، قال: «كان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم قطرة بول قرضوا لحومهم بالمقاريض، وقد وسّع الله عليكم بأوسع ما بين الأرض والسماء، وجعل لكم الماء طهوراً، فانظروا كيف تكونون» [749].

والتقريب ما تقدّم.

الخامس: ما رواه الشيخ (رحمه الله) في باب المياه من التهذيب، وفي حكم الكثير من الاستبصار، في الصحيح، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كلّما غلب الماء ريح الجيفة فتوضّأ من الماء واشرب، فإذا تغيّر الماء أو تغيّر الطعم فلا تتوضّأ منه ولا تشرب» [750].

السادس: ما رواه الشيخ في التهذيب، في باب آداب الأحداث، وفي الاستبصار، في باب المقدار الذي لا ينجّسه شيء، في الصحيح، عن أبي خالد القمّـاط، أنّه سمع أبا عبد الله (عليه السلام) في الماء [751] يمرّ به الرجل، وهو نقيع، فيه الميتة والجيفة: «إن كان الماء قد تغيّر ريحه وطعمه [752] فلا تشرب ولا تتوضّأ منه، وإن لم يتغيّر ريحه وطعمه فاشرب وتوضّا منه» [753].

السابع: ما رواه الثقة الجليل محمّد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات، في الصحيح، عن شهاب بن عبد ربّه، قال: أتيت أبا عبد الله (عليه السلام) أسأله فابتدأني، فقال: «إن شئت يا شهاب فاسأل، وإن شئت أخبرتك». قال: قلت له: أخبرني. قال: «جئت لتسألني عن الغدير يكون في جانبه الجيفة، أتوضّأ منه أو لا ؟» قلت: نعم ! قال: «فتوضّأ من الجانب الآخر إلاّ أن يغلب الماء الريح فينتن. وجئت لتسأل عن الماء الراكد من البئر». قال: «فما لم يكن فيه تغير أو ريح غالبة». قلت: فما التغيّر ؟ قال: «الصفرة، فتوضّأ منه، وكلّما غلب عليه كثرة الماء فهو طاهر» [754].

الثامن: ما رواه ثقة الإسلام، في الصحيح، عن عبد الله بن سنان، قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) وأنا جالس، عن غدير أتوه وفيه جيفة. فقال: «إذا كان الماء قاهراً ولا يوجد فيه الريح فتوضّأ» [755].
فإنّ ترك الاستفصال مع قيام الاحتمال يفيد العموم.

التاسع: ما رواه الشيخ في كتابي الأخبار، في حكم الولوغ، في الصحيح، عن ابن مُسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الوضوء ممّـا ولغ فيه الكلب والسنور، أو شرب منه جمل أو دابّة أو غير ذلك، أيتوضّأ منه أو يغتسل ؟ قال: «نعم، إلاّ أن تجد غيره فتنزّه عنه» [756].

العاشر: ما رواه الشيخ في باب تطهير الثياب من التهذيب، في الصحيح، عن محمّد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الثوب يصيبه البول، قال: «اغسله في المركن مرّتين» [757].

الحادى عشر: ما رواه الشيخ في التهذيب، في باب اغتسال الجنب، وفي باب المياه من الزيادات، في الصحيح، عن محمّد بن إسماعيل بن بزّيع، قال: كتبت إلى من يسأله عن الغدير يجتمع فيه ماء السماء ويستقى فيه من بئر، فيستنجي فيه الإنسان من بول أو يغتسل فيه الجنب، ما حدّه الذي لا يجوز ؟ فكتب: «لاتوضّأ [758] من هذا إلاّ من الضرورة إليه» [759].

وجه الاستدلال: أنّ النهي عن الماء المذكور في حال الاختيار خاصّةً يدلّ على طهارته، وأنّه إنّما هو لأجل التنزّه. وليس في الرواية تفصيل ببلوغ الكريّة وعدمه، فيدلّ بعمومه على المطلوب، سواء جعل قول السائل: «فيستنجي فيه» سؤالا عن جواز الاستنجاء والغسل بذلك الماء، قضاءً لحقّ المطابقة بين السؤال والجواب، أو كان مراد السائل أنّ ذلك الماء الذي يُستنجى فيه ويُغتسل ما حدّه في جانب القلّة، بحيث لايجوز استعماله في الطهارة بعد ذلك.

الثاني عشر: ما رواه ثقة الإسلام في الكافي، والشيخ في باب المياه من زيادات التهذيب، في الصحيح، عن زرارة، والصدوق في الفقيه مرسلا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، وقد سئل عن الحبل يكون من شعر الخنزير، يستقى به الماء من البئر، أيتوضّأ منه ؟ قال: «لا بأس» [760].

الثالث عشر: ما رواه الشيخ في باب المياه من التهذيب، في الصحيح، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى (عليه السلام)، أنّه سأله عن اليهودي والنصراني، يدخل يده في الماء، أيتوضّأ منه للصلاة ؟ قال: «لا، إلاّ أن يضطرّ إليه» [761].
ولولا طهارة الماء وأنّه لم ينجس بملاقاة اليهودي والنصراني لما جاز الوضوء منه على حال، ولو كان حال الضرورة ; بل كان الواجب الانتقال في ذلك الحال إلى الطهارة الاضطراريّة.

الرابع عشر: ما رواه ثقة الإسلام في باب النوادر من كتاب الطهارة، في الصحيح، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام)، قال: سألته عن رجل رعف فامتخط فصار الدم قطعاً صغاراً، فأصاب إناءه، هل يصلح الوضوء منه ؟ فقال: «إن لم يكن شيئاً يستبين في الماء فلا بأس، وإن كان شيئاً بيّناً فلا تتوضّأ منه» [762].

الخامس عشر: ما رواه الصدوق في الفقيه، في الصحيح، عن هشام بن سالم، أنّه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن السطح، يبال عليه فتصيبه السماء، فيكفّ عليه فيصيب الثوب، قال: «لا بأس، ما أصابه من الماء أكثر» [763].
قوله: «ما أصابه من الماء أكثر» بمنزلة التعليل لنفي البأس عن الإصابة، فيطّرد ; لأنّ العلّة المنصوصة حجّة، كما تقرّر في الأُصول.

السادس عشر: ما رواه الكليني، والشيخ (رحمهما الله) في باب اغتسال الجنب من التهذيب، في الحسن، عن محمّد بن الميسر، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل الجنب ينتهي إلى الماء القليل في الطريق ويريد أن يغتسل منه، وليس معه إناء يغترف به ويداه قذرتان، قال: «يضع يده ويتوضّأ ويغتسل، هذا ممّـا قال الله تعالى: (مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدّينِ مِنْ حَرَج) » [764].

السابع عشر: ما رواه الشيخ في باب المياه من الزيادات، في الصحيح، عن ابن أبي عمير، عمّن رواه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في عجين عجن وخبز، ثمّ علم أنّ الماء كانت فيه ميتة، قال: «لا بأس، أكلت النار ما فيه» [765].
وجه الاستدلال: أنّ فرض السؤال يتناول بإطلاقه ما إذا كان الماء المعجون به قليلا راكداً، ونفي البأس من غير تفصيل يدلّ على عدم انفعاله بالميتة الواقعة فيه. وقوله (عليه السلام): «أكلت النار ما فيه» لدفع الاستخباث والاستقذار، وليس تعليلا لنفي البأس ورفع النجاسة، وإن تبادر إلى الوهم ; لعدم الاستحالة، والإجماع على أنّ النار إنّما تُطهّر ما أحالته.

الثامن عشر: ما رواه الشيخ في باب المياه وأحكامها، في الموثّق، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الرجل يمرّ بالماء وفيه دابّة ميتة قد أُنتنت، قال: «إذا كان النتن الغالب على الماء فلا يتوضّأ ولا يشرب» [766].

التاسع عشر: ما رواه الشيخ في باب المياه من زيادات التهذيب، في الموثّق، عن سماعة، قال: سألته عن الرجل يمرّ بالميتة في الماء، قال: «يتوضّأ من الناحية التي ليس فيها الميتة» [767].

العشرون: ما رواه الشيخ في باب المياه من الزيادات، في الموثّق، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنّا نسافر، فربما بُلينا بالغدير من المطر يكون في جانب القرية، فيكون فيه العذرة، ويبول فيه الصبي، وتبول فيه الدابّة وتروث، فقال: «إن عرض في قلبك منه شيء فقل هكذا، يعني ـ أفرج الماء بيدك ـ ثمّ توضّأ، فإنّ الدين ليس بمضيِّق، فإنّ الله عزّ وجل يقول: (مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدّينِ مِنْ حَرَج) » [768].

الحادي [769] والعشرون: ما رواه الشيخ في الباب المذكور، عن العلاء بن الفضيل، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الحياض يُبال فيها، قال: «لا بأس إذا غلب لونُ الماء لونَ البول» [770].

الثاني والعشرون: ما رواه الشيخ في الباب المذكور، وثقة الإسلام في الكافي، عن علي بن أبي حمزة، والصدوق في الفقيه مرسلا، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الماء الساكن والاستنجاء منه وفيه الجيفة، فقال: «يتوضّأ من الجانب الآخر» [771].

الثالث والعشرون: ما رواه الشيخ في باب آداب الأحداث والزيادات من التهذيب، عن عثمان بن زياد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) أكون في السفر، فآتي الماء النقيع ويدي قذرة فأغمسها في الماء، قال: «لا بأس» [772].

الرابع والعشرون: ما رواه الشيخ في باب آداب الأحداث من التهذيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنّه سئل عن الماء النقيع تبول فيه الدوابّ، فقال: «إن تغيّر الماء فلا تتوضّأ منه، وإن لم تغيّره أبوالها فتوضّأ منه، وكذلك الدم إذا سال في الماء وأشباهه» [773] * ـ

الخامس والعشرون: ما رواه الشيخ في باب المياه من زيادات التهذيب، والصدوق في الفقيه مرسلا، عن إسماعيل بن مسلم، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام): «أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) أتى الماء فأتاه أهل الماء، فقالوا: يا رسول الله ! إنّ حياضنا هذه تردها السباع والكلاب والبهائم. فقال: لها ما أخذت أفواهها ولكم سائر ذلك» [774].

* ـ جاء في حاشية «ش» و«ل» و«د»: «وفي هذه الرواية دلالة على نجاسة أبوال الدواب، والظاهر أنّ المراد منها الخيل والبغال والحمير، والمشهور طهارة أبوالها تبعاً للحومها ; لخصوص بعض الأخبار[775]، وهو الأظهر في المسألة. وذلك ممّا يضعّف الاحتجاج بالرواية المذكورة»، منه (قدس سره).

السادس والعشرون: ما رواه الصدوق في الفقيه مرسلا، عن الصادق (عليه السلام)، أنّه سئل عن غدير فيه جيفة، قال: «إن كان الماء قاهراً ولا يوجد فيه الريح فتوضّأ واغتسل» [776].

السابع والعشرون: ما رواه الشيخ في باب المياه من الزيادات، عن محمّد بن مروان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لو أنّ ميزابين سالا، ميزاب ببول وميزاب بماء، فاختلطا ثمّ أصابك، ما كان به بأس» [777].

الثامن والعشرون: ما رواه الشيخ في الباب المذكور، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له راوية من ماء سقطت فيها فأرة أو جُرَذ أو صَعْوَة ميتة، قال: «إن تفسّخ فيها فلا تشرب من مائها ولا تتوضّأ وصبّها، وإن كان غير متفسّخ فاشرب منه وتوضّأ، واطرح الميتة إذا أخرجتها طريّة، وكذلك الجرّة وحبّ الماء والقربة وأشباه ذلك من أوعية الماء». قال: وقال أبو جعفر (عليه السلام): «إذا كان الماء أكثر من راوية لم ينجّسه شيء، تفسّخ فيه أو لم يتفسّخ إلاّ أن يجيء له ريح يغلب على ريح الماء» [778].

التاسع والعشرون: ما رواه الشيخ في ذلك الباب أيضاً، عن زرارة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن جلد الخنزير يجعل دلواً، يستقى [779] به الماء ؟ قال: «لا بأس» [780].

الثلاثون: ما رواه الشيخ في الباب المذكور من التهذيب، وفي الاستبصار، في باب ماء البئر، عن أبي مريم الأنصاري، قال: كنت مع أبي عبدالله (عليه السلام) في حائط له، فحضرت الصلاة فنزح دلواً للوضوء من ركيّ له، فخرج عليه قطعة عذرة يابسة، فأكفأ رأسه وتوضّأ بالباقي» [781].

الحادي[782] والثلاثون: ما رواه ثقة الإسلام في باب اختلاط ماء المطر بالبول، عن عمر بن يزيد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أغتسل في مغتسل يبال فيه ويغتسل من الجنابة، فيقع في الإناء ماء ينزو من الأرض، فقال: «لا بأس به» [783].

الثاني والثلاثون: ما رواه ثقة الإسلام في باب الرجل يدخل يده في الماء، عن بكار بن أبي بكر [784]، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الرجل يضع الكوز ليغرف [785] من الحبّ في مكان قذر، ثمّ يدخله الحب، قال: «يصبّ من الماء ثلاثة أكواز بذلك الكوز» [786].

الثالث والثلاثون: ما رواه الشيخ (رحمه الله) في باب آداب الحمّـام، عن أبي يحيى الواسطي، عن بعض أصحابنا، والصدوق في الفقيه مرسلا، عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام)، قال: سئل عن مجتمع الماء في الحمّـام من غسالة الناس يصيب الثوب، قال: «لا بأس به» [787].

الرابع والثلاثون: ما رواه الصدوق في العلل، عن الأحول، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «سل عمّا شئت». فارتجت علىّ المسائل، فقال لي: «سل عمّا بدا لك». فقلت: جعلت فداك، الرجل يستنجي فيقع ثوبه في الماء الذي استنجى به. فقال: «لا بأس به»، فسكت، فقال: «أ وتدري لِمَ صار لا بأس به ؟» قلت: لا والله، جعلت فداك. فقال: «إنّ الماء أكثر من القذر» [788].
قوله (عليه السلام): «إنّ الماء أكثر» تعليل لطهارة الماء الذي استنجى به، فيعمّ غير مورد النصّ ; لأنّ العلّة المنصوصة حجّة، كما بيّن في موضعه.

الخامس والثلاثون: ما روي في كتاب قرب الإسناد والمسائل، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى (عليه السلام) قال: وسألته عن جنب أصابت يده من جنابة، فمسحه بخرقة، ثمّ أدخل يده في غسله قبل أن يغسلها، هل يجزيه أن يغتسل من ذلك الماء ؟ قال: «إن وجد ماءً [789] فلا يجزيه أن يغتسل به، وإن لم يجد غيره أجزأه» [790].

السادس والثلاثون: ما روي في كتاب دعائم الإسلام، عن أميرالمؤمنين (عليه السلام)، أنّه سُئل عن الغدير تبول فيه الدواب وتروث، ويغتسل فيه الجنب. فقال: «لا بأس، إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) نزل بأصحابه في سفر لهم على غدير، وكانت دوابّهم تبول فيه وتروث، فيغتسلون فيه ويتوضّؤون ويشربون» [791].

السابع والثلاثون: ما روي في الكتاب المذكور، عنه (عليه السلام)، أنّه قال: «إذا مرّ الجنب في الماء، وفيه الجيفة أو الميتة، فإن كان قد تغيّر لذلك طعمه، أو ريحه، أو لونه، فلا يشرب منه ولا يتوضّأ ولا يتطهّر منه» [792].

الثامن والثلاثون: ما رواه العلاّمة (رحمه الله) في المختلف، مرسلا، عن الباقر (عليه السلام)، أنّه سُئل عن القربة والجرّة من الماء يسقط فيهما فأرة أو جرذ أو غيره، فيموتون فيهما، فقال: «إذا غلب رائحته على طعم الماء أو لونه فأرقه، وإن لم يغلب عليه فاشرب منه وتوضّأ، واطرح الميتة إذا أخرجتها طريّة» [793].

التاسع والثلاثون: ما رواه في المختلف أيضاً، مرسلا عن الصادق (عليه السلام)، أنّه سئل عن النقيع والغدير وأشباههما فيه الجيف والقذر وولوغ الكلب، ويشرب منه الدوابّ وتبول، أيتوضّأ منه ؟ فقال لسائله: «إن كان ما فيه من النجاسة غالباً على الماء فلا تتوضّأ، وإن كان الماء غالباً على النجاسة فتوضّأ منه واغتسل» [794].

الأربعون: ما رواه فيه، قال: ذكر بعض علماء الشيعة أنّه كان بالمدينة رجل يدخل على أبي جعفر محمّد بن علي (عليهما السلام) وكان في طريقه ماء فيه العذرة والجيف، وكان يأمر الغلام يحمل كوزاً من ماء يغسل رجله إن أصابه، فأبصره يوماً أبو جعفر (عليه السلام) فقال: «إنّ هذا لا يصيب شيئاً إلاّ طهّره فلا تُعِد منه غسلا» [795].
هذا غاية ما يمكن أن يقال في الانتصار للقول بعدم الانفعال، وللنظر في ذلك كلّه مجال، وأيّ مجال.

[ الجواب عن أدلّة القول بعدم الانفعال: ]

أمّا الاستدلال بأصل البراءة فيتوجّه عليه:

أنّ ذلك إنّما يصحّ الاحتجاج به فيما لا يتوقّف [796] عليه البراءة اليقينيّة عن التكليف الثابت شرعاً، وإلاّ فالتكليف اليقينيّ يستدعي البراءة اليقينيّة ; لأنّ اشتغال الذمّة بالتكليف مستصحب إلى أن يتحقّق الرافع له، ومحصّل البراءة الأصلية انتفاع التكليف فيما لم يتحقّق فيه دليل شرعي، فلا يتأ تّى الاستدلال بها فيما وجد فيه الدليل. وحيث أنّ التكليف بالصلاة وغيرها من العبادات المشروطة بالطهارة ثابت قطعاً، فيجب تحصيل البراءة اليقينيّة عنه، وإنّما يحصل باجتناب الماء الملاقي للنجاسة ; للشّك في رافعيّته، بل الظنّ بعدمه، نظراً إلى اشتهار الفتوى بانفعال القليل وشذوذ القول بخلافه، كما لا يخفى*، على أنّه قد عُلم ممّـا قدّمناه على وجه التفصيل وضوح الأدلّة الدالّة على نجاسة القليل، فيجب الخروج عن الأصل بمقتضى تلك الأدلّة. فإنّ الأصل إنّما يكون حجّة مع انتفاء الحجّة، وإنّما يصلح مستنداً مع خفاء المستند.

ومن ذلك يظهر الجواب عن الاحتجاج باستصحاب الطهارة السابقة على الملاقاة، فإنّه مع كونه معارضاً بمثله، كأصل البرائة، إنّما يكون حجّة شرعيّة مع انتفاء المخرج.

وكذا الكلام في الاستدلال باستصحاب طهارة الملاقي الطاهر.
ويزيد ها هنا أنّ استصحاب الحكم في المحلّ الطاهر الملاقي للماء القليل لا يوجب الحكم بطهارة الماء مع الشك فيها، كما هو المفروض ; لأنّ ملاقاة محتمل النجاسة لايقتضي التنجيس، وإنّما يقتضيه ملاقاة معلوم النجاسة ** ـ

* ـ جاء في حاشية «ش» و«ل» «د»: «فإن قلت: إذا وجد الماء القليل الملاقي للنجاسة ولم يجد غيره، فاليقين ببراءة الذمّة عن التكليف بالصلاة إنّما يتحقّق باستعماله، وحينئذ ينعكس الأمر. قلت: براءة الذمة عن التكليف بالصلاة في حال الاضطرار وإن اقتضت تجويز الاستعمال مع التيمّم، إلاّ أنّ المنع في حال الاختيار يقتضي المنع مطلقاً ; لعدم القائل بالفصل». منه (قدس سره).

** ـ جاء في حاشية المخطوطات: «كذا يمكن أن يقال: إنّ استصحاب شغل الذمّة إنّما يقتضي الحكم ببقائه إلى أن يدلّ دليل شرعي على حصول براءة الذمّة، وذلك بأن يدلّ دليل على طهارة الماء الملاقي للنجاسة، وقد وجد الدليل فيه وهو استصحاب طهارة الماء الملاقي ; إذ لافرق في ذلك بين أن يكون الدليل الدالّ عليه استصحاباً أو خبراً واحداً. والحاصل أنّ استصحاب شغل الذمّة عامّ واستصحاب طهارة الملاقي خاصّ، والخاصّ مقدّم على العامّ ; وعلى هذا فاستصحاب شغل الذمّة لايصلح المعارضة. وأمّا استصحاب طهارة الملاقي، فهو لايقتضي طهارة ما لاقاه بوجه، فلاينافي ذلك وجوب الاجتناب عنه من وجه آخر، أعني استصحاب شغل الذمّة. نعم، ذلك ينافي الحكم بالنجاسة ; فإنّ من لوازم نجاسة الشيء نجاسة ما يلاقي ذلك الشيء، وليس هو حكم المشتبه بالنجس وإن أوهمته ظاهر عبارات بعضهم، لتصريح أكثرهم بنفي ذلك»، منه (قدس سره).
وبالجملة، فطهارة ما يلاقي الشيء لايستلزم طهارة ذلك الشيء*، بل هو أعمّ من ذلك، والعامّ لا يدلّ على الخاصّ بشيء من الدلالات.

وأمّا الاستدلال بأصل الطهارة، ففيه:

أنّ غاية ما يلزم من الآية الشريفة [797] هو أنّ الغرض من خلق الأشياء وصول النفع منها إلى العباد، وصدق ذلك لايقتضي ترتّب المنافع المتصوّرة بأسرها، حتّى يلزم منه طهارتها. نعم، الأصل المذكور ثابت من جهة الروايات، وسنذكر الوجه فيها فيما سيجيء [798].

[ردّ الاستدلال بالآيات: ]

وأمّا الآيات:

فيتوجّه على الأُولى [799] منها:

أوّلا: أنّ الاحتجاج بها يتوقّف على أنّ أصل الماء كلّه من السماء وإن نبع من الأرض، أو أُذيب من الثلج والبرد، أو كان ماء بحر أو نهر أو غير ذلك ; وهو ممنوع، والآيات التي استدلّ بها عليه لا دلالة فيها، فإنّها إنّما تدلّ على إنزال ماء من السماء وإسكانه الأرض، أو جعله ينابيع، وهو لايقتضي أن يكون كلّ ماء منزَلا من السماء.
وما روي في تفسيرها أ نّما «هي الأنهار والعيون والآبار» [800]، فمع كونه أخصّ من.

* ـ جاء في حاشية «ش»: «لأنّ الطهارة مستصحبة، وليس هنا ما يصلح لمعارضته»، منه (قدس سره).
المدّعى، معارض بما روي في الكافي عن الصادق (عليه السلام) أنّه: «ماء العقيق» [801]، وما رواه الطبرسي في مجمع البيان، عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «إنّ الله عزّ وجلّ أنزل من الجنة خمسة أنهار، سيحون وهو نهر الهند، وجيحون وهو نهر بلخ، ودجلة والفرات وهما نهرا العراق، والنيل وهو نهر مصر ; أنزلها الله من عين واحدة، وأجراها في الأرض، وجعل فيها منافع للناس في أصناف معايشهم، فذلك قول الله تعالى: (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَر) [802]، الآية» [803].

وثانياً: لو سلّمنا ذلك، فهو لا يستدعي تحتّم الحمل عليه في الآية ; لأنّ الواجب حمل اللفظ على ما يتبادر منه، ولا ريب في أنّ المتبادر من قوله تعالى: (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّمَاءِ) ماء المطر، وإن قلنا أنّ أصل الماء من السماء.
ويؤيّده التعليل بقوله تعالى: (لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّـا خَلَقْنَا أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً) [804] ; لأنّ إحياء البلدة الميتة يكون بماء المطر غالباً، ولأنّه لولا إرادة ماء المطر بخصوصه لم يكن للتخصيص بكثير من الناس وجه.
قال البيضاوي عند قوله تعالى: (وأناسي كثيراً): «يعني أهل البوادي الذين يعيشون بالحيا. ولذا نكّر الأنعام والأناسي، وتخصيصهم لأنّ أهل المدن والقرى قيمون [805] بقرب الأنهار والمنابع [806] فيهم وبما حولهم من الأنعام غنية عن سقيا السماء. وسائر الحيوانات تبعد في طلب الماء فلا يعوزها الشرب غالباً» [807].

وأمّا ثالثاً: فلأنّ أقصى ما دلّت عليه الآية الشريفة هو أنّ كلّ ماء طاهر فهو منزل من السماء، وأمّا طهارة كلّ ماء منزل من السماء فلا يمكن استفادته منها، وإن قلنا أنّ كلّ ماء منزل من السماء، وذلك واضح.
ثمّ لا يخفى أنّ اللازم على تقدير تسليم الجميع هو طهارة الماء المنزل من السماء حال الإنزال لا مطلقاً، وذلك لأنّ المشتقّات كاسم الفاعل والمفعول وصيغ المبالغة، إذا وقعت متعلّقات للأفعال تبادر منها وجود المبدأ زمان حصول الفعل ; فإنّ المتبادر من لفظ «الجاهل» في قول القائل: «ضربت رجلا جاهلا»، من كان جاهلا حين الضرب، وإن فُرض صيرورته عالماً حال الإخبار، ومن «الطاهر» في قولنا: «بعت ماءً طاهراً»، هو ما كان طاهراً حال البيع، وإن عرض له النجاسة بعد ذلك. وهذا بخلاف ما إذا وقعت محكوماً بها ; فإنّ الظاهر منها تحقّق المبدأ حال الإخبار، كما يظهر من تتبّع موارد الاستعمالات.
وعلى هذا فلايمكن الاستدلال بالآية على طهارة الماء القليل الملاقي للنجاسة* ـ والتشّبث في ذلك بالاستصحاب رجوع عن الاستدلال بها.
ومن ذلك يظهر فساد ما ذكره المحقّق الشيخ حسن ـ طاب ثراه ـ في المعالم [808]، حيث حاول إتمام الاحتجاج بالآية على طهارة المياه مطلقاً بضمّ عدم القول.

* ـ جاء في حاشية «ش» و«د»: «نعم، يمكن أن يقال باستفادة العموم من الآية نظراً إلى كونها واردة في مقام إظهار التفضّل والامتنان، وطهارة الماء آن النزول خاصّة لايوجّه التأمّل فيه» منه (قدس سره).
بالفصل، بعد التنزّل عن دعوى الكلّية ; إذ لا خلاف في طهارة ماء المطر حال نزوله وإن لاقى نجاسة، قليلا كان [809] أو كثيراً. نعم، لو ثبت دلالة الآية على طهارة الماء المنزل من السماء مطلقاً، حين النزول وبعده، لكان للتمسّك بعدم القول بالفصل هناوجه.
وعلى الاستدلال بالآية الثانية [810]، مع ابتنائه على أنّ أصل الماء من السماء، أنّ إنزال الماء لأجل التطهير لا يستلزم طهارة جميع أنواعه، بل يكفي في صحّة التعليل صلاحيّته للتطهير في الجملة.
وأيضاً فقد روي في سبب نزول الآية: «أنّ المسلمين كانوا في غزوة بدر نزلوا في كثيب أعفر، تسوخ فيه الأقدام على غير ماء، وناموا فاحتلم أكثرهم، وقد غلب المشركون على الماء، فوسوس إليهم الشيطان، وقال: كيف تنصرون وقد غلبتهم على الماء وأنتم تصلّون محدثين مجنبين، وتزعمون أ نّكم أولياء الله تعالى، وفيكم رسوله ؟ فأشفقوا من ذلك، فأنزل الله مطراً، فمطروا ليلاً حتّى جرى الوادي، واتخذوا الحياض على عدوته، وسقوا الركاب، واغتسلوا وتوضّؤوا وتلبّد الرمل الذي بينهم وبين العدوّ حتّى ثبّت عليه الأقدام، وزالت الوسوسة، وذلك قول الله تعالى: (لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الاَْقْدَامَ) [811]» [812].

وعلى هذا فلا دلالة للآية على المطلوب بوجه.
وعلى الثالثة [813]: أنّ المراد من عدم وجدان الماء الذي جعل شرطاً في تجويز الانتقال إلى التيمّم ما هو أعمّ من عدم التمكّن منه عقلا، كما في صورة فقده عن أصله، وشرعاً، وذلك كما لو انتفى شرط من شرائط استعماله. وممّـا لا ريب فيه اشتراط الطهارة في الماء المستعمل في الطهارتين: الوضوء والغسل، فالأمر بالتيمّم مشروط بانتفاء الماء المستجمع لشرائط التطهير ومنها الطهارة، فكان الكلام بمنزلة أن يقال: وإن لم تجدوا ماءً طاهراً فتيمّموا، ولا دلالة لذلك على المطلوب ; لأنّ طهارة الماء المفروض محلّ النزاع.
وقد يقال: إنّ ذلك إنّما يصحّ لو كان الشرط في جواز الاستعمال طهارة الماء في نفس الأمر، وهو ممنوع. إنّما المسلّم اشتراط عدم العلم بالنجاسة، وذلك متحقّق في محل النزاع، فلا يجوز الانتقال معه إلى التيمّم ; لأنّه مشروط بفقدان شرط الطهارة المائيّة.
ويضعّف بأنّ الطاهر شرعاً هو ما يجوز استعماله في رفع الحدث والخبث مثلا، ويقابله النجس، فهو ما لا يجوز استعماله كذلك، ولا سبيل إلى منع اشتراط الطهارة بهذا المعنى في جواز الاستعمال. والمشتبه بالنجس لا يخلو إمّا أن يكون طاهراً فيجوز استعماله، أو نجساً فيجب اجتنابه، وليس واسطة بينهما، وإنّما هو واسطة بين المعلوم الطهارة والمعلوم النجاسة. فإنّ الطاهر هو ما ثبت له وصف الطهارة في نفس الأمر، وكذا النجس ما ثبت [814] له الوصف كذلك، والواسطة بينهما غير معقولة ; إذ لا دخل في ذلك للعلم وعدمه ; لأنّ المشتقّات وما في حكمها موضوعة للذوات المتّصفة بالمبادئ حقيقةً، لا لما عُلم اتّصافه به. فإنّ المفهوم من «الضارب» و«القاتل» هو من صدر عنه الضرب والقتل، لا من عُلم صدوره عنه. ولأجل هذا ذهب أكثر المحقّقين [815]إلى نفي الواسطة بين العادل والفاسق، وفرّعوا عليه ردّ خبر مجهول الحال، وإن ظنّ بعض من لا تحقيق له [816] توسّطه بينهما، غفلةً عن حقيقة الحال.
نعم، لو قيل بجواز الاستعمال لورود الأخبار بتسوية حكمي الطاهر والمشتبه، أو لأنّ الأصل الجواز فيما احتمل التحريم، كان له وجه، لكنّه [817] ليس استدلالا بالآية، مع أنّه قد مضى ما في الاحتجاج بأصل البرائة في هذا المقام، وسيأتي الكلام على تلك الأخبار المشار إليها.

[ردّ الاستدلال بالأخبار: ]
وأمّا الاحتجاج بالأخبار ـ وهي العمدة في الاستدلال ـ فيتوجّه عليه:
أنّ أكثر الروايات المستدلّ بها لا تخلو عن ضعف في السند [818] أو قصور في الدلالة، بل الأغلب فيها اجتماع الأمرين واتّفاق كلا المحذورين.
وما صحّ منها [819] سنده واعتبرت دلالته ـ وهو الأقلّ ـ ليس نصّاً في المطلوب ولا صريحاً في المقصود، فلا يجوز لأجله ترك العمل بما قدّمناه من الأخبار، مع صحّة سندها وصراحة أكثرها.
وتفصيل هذا الإجمال يستدعي بسطاً في المقال، فنقول:
أمّا الخبر المستفيض [820]، فالجواب عنه يتأتّى من وجوه:
الأوّل: ما ذكره بعض المحقّقين *، وهو أنّ أقصى ما يستفاد من الحديث المذكور، وكذا من قوله (عليه السلام): «كلّ شيء نظيف حتّى تعلم أنّه قذر» [821]، هو طهارة ما عُلم طهارة نوعه شرعاً إلى أن يحصل العلم بعروض ما ينجّسه ; لأنّه [822] لا اعتبار في ذلك بالشك أو الظنّ، ومرجعه إلى استصحاب الطهارة المعلومة إلى أن يتحقّق العلم بالنجاسة. وذلك كالماء الذي شُكّ في عروض التغيير له، أو الثوب الذي أُعير للذمي الذي يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير، كما يستفاد من بعضها [823]، وكذا طهارة المشتبه بالنجس إذا كان غير محصور، فيحكم بأنّه من النوع الطاهر حتّى يعلم خلافه. فقد روى الصدوق في الفقيه، عن أميرالمؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: «لا أُبالي أبول أصابني أم ماء إذا كنت لم أعلم» [824].
وبالجملة، فالثابت بهذا الخبر هو طهارة كلّ ما كان المجهول فيه موضوع الحكم الشرعي وكان أصل الحكم معلوماً، ولا دلالة فيه على طهارة ما كان المجهول نفس حكمه الشرعي دون عروض النجاسة له، كنطفة الغنم والحيوان المتولّد بين [825] نجسين عيناً أو بين [826] طاهر ونجس، إلى غير ذلك ممّـا كان متعلّق الجهل فيه هو الحكم.

* ـ جاء في حاشية «د»: «هو المحقّق السبزواري [827] ـ طاب ثراه ـ»، منه (قدس سره).
الشرعي نفسه، ومنه الماء القليل الملاقي للنجاسة ; فإنّ ملاقاته للنجاسة ثابتة بالفرض، وإنّما الشكّ في كونه منجّساً له.
واعترض عليه بعض الأفاضل * بأنّ الجهل بموضوع الحكم يستلزم الجهل بنفس الحكم، فإنّ المسلم إذا أعار ثوبه الذمّي وهو يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير، ثمّ ردّه عليه، فهو جاهل بأنّ مثل هذا الثوب الذي هو مظنّة النجاسة هل يجب التنزّه عنه أم لا، فهو جاهل بالحكم الشرعي، فلو أخرج صورة الجهل بالحكم الشرعي عن فرديّة الخبر لزم أن لا يتحقّق له مصداق أصلا ; لأنّ الجهل بالحكم يعمّ الجميع بالحكم.

ويمكن الجواب بأنّ الجهل بالحكم الشرعي في صورة الجهل بالموضوع تابع للجهل بالموضوع، وإنّما المجهول حقيقةً هو الموضوع، فإنّ الجهل بحكم المشتبه بالنجس مثلا إنّما نشأ من وقوع الإشتباه في أنّه هل هو فرد للمحكوم عليه بالطهارة أو فرد للمحكوم عليه بالنجاسة، فالمجهول في الحقيقة هو كونه[828] أحدهما معيّناً، وإن لزمه الجهل بالحكم تبعاً، والصورة المخرجة عن فرديّة الخبر هو ما كان متعلّق الجهل فيه نفس الحكم ابتداءً، وإخراج هذه الصورة خاصّة لا يوجب أن لا يتحقّق للخبر مصداق أصلا.

فإن قلت: الاستدلال بهذا الخبر على طهارة القليل لا يتوقّف على عمومه بالنسبة إلى الجهل بالحكم، بل شموله لصورة الجهل بالموضوع كاف في الاستدلال ; لأنّ عروض المنجّس هنا غير معلوم. غاية الأمر هو العلم بوصول النجاسة، فيجب الحكم

* ـ جاء في حاشية «ش» و«ل»: «هو العلاّمة الخوانساري في شرح الدروس[829]»، منه (قدس سره).
بطهارة الماء حتّى يحصل العلم به، كما يقتضيه تعليق الحكم بالنجاسة على العلم بعروض المنجّس.

قلت: مرجع الاستدلال على هذا الوجه إلى استصحاب الطهارة، ولا ريب في جواز الخروج عن مقتضى الاستصحاب لأجل الدليل الظنّي، كظواهر الآيات وأخبار الآحاد على القول بحجّيتها، وكذا سائر الظواهر. وحينئذ فيصحّ التعويل في الجواب على ما سبق من الأدلّة وإن كانت ظنّية، وفيه نظر ; لأنّ ذلك إنّما يتمّ لو كان التعويل في الاستدلال بالاستصحاب على ما يلزم من دليل حجّيته على العموم، والمقصود الاحتجاج به ; لورود النصّ به ها هنا بخصوصه، وتعليقه بالعلم هنا لا ينافي جواز الخروج عن مقتضاه في الجملة.
ويمكن أن يقال: إنّ مقتضى الخبر على تقدير اختصاصه بموضوع الحكم هو أنّ الماء باق على أصل الطهارة إلى أن يعلم عروض المنجّس، والمراد به ما دلّ الدليل الشرعي على كونه منجّساً، لا ما عُلم كونه منجّساً، وأنت خبير بأنّ العلم بعروض المنجّس هنا متحقّق وإن كان ثبوت منجّسيّته غير معلوم، فتأمّل.

الثاني: إنّ الاستدلال بالخبر المذكور إنّما يتمّ لو كان المراد من العلم المذكور فيه هو القطع واليقين، على ما ذهب إليه القاضي ابن البراج (رحمه الله) [830] في معنى الحديث، نظراً إلى ظاهر اللفظ، ومقتضاه عدم اعتبار الظنّ مطلقاً، وإن استند إلى سبب شرعي، كإخبار المالك وشهادة العدلين. ويضعّفه أنّ المعلوم من طريقة الشارع اعتبار شهادة العدلين مطلقاً، وينبّه عليه هنا أنّ الماء لو كان مبيعاً وادّعى المشتري فيه العيب بكونه نجساً وأقام البيّنة على ذلك، فإنّه لا ريب في تسلّطه على الفسخ، أو [831] أخذ الأرش، وما ذلك إلاّ لثبوت النجاسة شرعاً.
وقد ناقش في ذلك بعض فضلاء المحقّقين [832] بأنّ اعتبار شهادة العدلين في الصورة المفروضة لا تدلّ على أزيد من ترتّب جواز الردّ، أو [833] أخذ الأرش عليه، وأمّا أنّ حكمه حكم النجس في سائر الأحكام فلا بدّ له من دليل.
ويتوجّه عليه: أنّ تسلّطه على أحد الأمرين فرع ثبوت العيب، والمفروض انتفاء ما عدا النجاسة من العيوب، فالحكم بالخيار ليس إلاّ لثبوت النجاسة.
وأيضاً فالظاهر من آية النبأ اعتبار خبر العادل مطلقاً وإلاّ لزم كونه أسوء حالا من الفاسق، والمستفاد من تتبّع تضاعيف الأحكام قبول قول المالك، عادلا كان أو فاسقاً. ويؤيّده الأخبار المتضمّنة للمنع عن المسألة والرد على الخوارج[834].
وبالجملة، فالظاهر أنّ المراد من لفظ «العلم» هنا ما يعمّ اليقين والظنّ المستند إلى سبب شرعي، كإخبار المالك وشهادة العدلين.
وقد صرّح بذلك العلاّمة (رحمه الله) في جملة من كتبه [835]، ونسبه في المختلف [836] إلى ابن إدريس[837].
واختلف كلامه ـ قدس الله تعالى روحه ـ في اعتبار العدل الواحد. قال في التذكرة: «إن استند الظنّ إلى سبب، كقول العدل، فهو كالمتيقّن، وإلاّ فلا» [838].
وقال في المنتهى: «لو أخبر عدل بنجاسة الإناء[839] لم يجب القبول.... أمّا لو شهد عدلان فالأولى القبول» [840].
وقال في موضع آخر منه: «لو أخبر العدل بنجاسة إنائه[841] فالوجه القبول. ولو أخبر الفاسق بنجاسة إنائه فالأقرب القبول أيضاً» [842].
والأجود اعتبار خبر العدل مطلقاً ; لمفهوم الآية، كما أشرنا إليه. وأمّا الفاسق فلا يجب قبول خبره إلاّ إذا كان مالكاً ; فالأقرب قبوله أيضاً.
وكيف كان، فلا دلالة للحديث حينئذ على المطلوب، وإن قلنا بشموله صورة الجهل بالحكم ; للإجماع على اعتبار ظنّ المجتهد في الأحكام الشرعيّة حيث كان مسبّباً عن سبب شرعي، كما يعتبر الظنّ الحاصل من شهادة العدلين في موضوعات الأحكام.
ونقل عن أبي الصلاح تقي بن نجم الحلبي [843] ـ طاب ثراه ـ حمل العلم في عبارة الحديث على مطلق الظنّ، ولا ريب في ضعفه ; لأنّ اللازم منه نجاسة الماء بمباشرة المتّهمين بالنجاسة، وهو باطل قطعاً.

الثالث: إنّا لو سلّمنا أنّ المراد من العلم هو القطع واليقين، فهو حاصل ها هنا ; لأنّ الظنّ بالنجاسة مستلزم للعلم بها بمعونة مقدّمة، هي: أنّ ظنّ المجتهد حجّة قطعاً ; إذ يحصل عنده بواسطتها مقدّمتان، إحداهما: أنّ هذا ـ أعني نجاسة القليل بالملاقاة ـ ممّـا أدّى إليه ظنّي، والأُخرى: أنّ كلّ ما أدّى إليه ظنّي فهو حكم الله في حقّي. والمقدّمتان قطعيّتان ; فإنّ الأُولى وجدانيّة، والثانية إجماعيّة، فينتج أنّ هذا حكم الله في حقّي قطعاً.

فإن قيل: اللازم من ذلك هو العلم بالحكم الظاهريّ، وهو المعبّر عنه بأنّه حكم الله في حقّ المجتهد، والمستفاد من الحديث أنّ الحكم بالنجاسة يتوقّف على العلم بثبوتها في الواقع وأين هذا من ذاك.

قلنا: القطع بالحكم الظاهري وإن لم يستلزم القطع بالنجاسة، لكن لا ريب في استلزامه القطع بأنّ الطهارة ليست هي حكم الله تعالى في حقّه، وهو كاف في المطلوب.
لكن يرد أنّ حصول الظنّ بالنجاسة للمجتهد إنّما هو مع قطع النظر عن هذا الخبر، وأمّا مع ملاحظته، فلا يبقى له ظنّ بكون الحكم هو النجاسة.

وتوضيحه: أنّه إن أُريد حصول الظنّ للمجتهد بالنجاسة نظراً إلى الأدلّة المتقدّمة من غير اعتبار المعارض، فمسلّم، لكن لا نسلّم حجّية مثل هذا الظنّ ; لأنّ ظنّ المجتهد إنّما يكون حجّةً لو فُرض استقصاؤه جميع الأدلّة، واستفراغ الوسع في المسألة بحسب الطاقة، فمع قطع النظر عن بعضها لا يكون حجّة.
وإن أُريد حصول الظنّ له بعد ملاحظة الأدلّة كلّها، ومنها الخبر المذكور، فممنوع ! كيف، ومقتضى هذا الخبر عدم اعتبار الظنّ الحاصل من تلك الأدلّة، وذلك مع بقاء الظنّ بالنجاسة، كما لا يخفى.

الرابع: أن النجس شرعاً ليس إلاّ ما أمر الشارع بالتنزّه والاجتناب عنه، وقد وردت الأخبار الآمرة بالتنزّه والاجتناب عن القليل الملاقي للنجاسة ; وحينئذ نقول: الماء القليل الملاقي للنجاسة ممّـا أمر الشارع بالتنزّه عنه قطعاً، وكلّ ما أمر الشارع بالتنزّه عنه فهو نجس قطعاً. ينتج أنّ الماء القليل المفروض نجس قطعاً.
ويتوجّه عليه: أنّه إن أُريد بالأمر المتكّرر [844] في المقدّمتين الصيغة الدالة بظاهرها على طلب الشارع على الوجه المخصوص، منعنا الكبرى ; فإنّ من جملة ما أُمر بالاجتناب عنه بعض أفراد الطاهر قطعاً.
وإن أُريد به مدلول تلك الصيغة حقيقةً، منعنا الصغرى ; إذ ليس هنا سوى الصيغة الظاهرة في ذلك الطلب.

الخامس: أنّ دلالة الخبر على عدم اعتبار الظنّ مطلقاً، على تقدير تسليمها، لا تكون [845] إلاّ ظنّية ; لإمكان التخصيص بما عدا الظنّ مطلقاً، أو [846] المستند إلى سبب شرعي. واحتمال إرادة العلم بالموضوع خاصّة، إن قلنا أنّ ذلك كلّه، خلاف الظاهر. وعلى هذا فيكون الاستدلال به مبنيّاً على القول بحجّية الظنّ، وذلك يوجب القول باعتبار الظنّ المستفاد من الأدلّة المتقدّمة ; فإنّ الوجه في الجميع واحد.

والحاصل: أنّ ما دلّ على اعتبار الظنّ كما أنّه يقتضي اعتبار الظنّ المستفاد من الخبر المذكور، وهو الظنّ بعدم اعتبار الظنّ، فكذا يقتضي اعتبار الظنّ اللازم من تلك الأدلّة، وهو الظنّ بنجاسة القليل. وحينئذ فيتحقّق التعارض، ولابدّ من الترجُّح، والترجيح للأدلّة المتقدّمة، وسيأتي التنبيه على ذلك إن شاء الله تعالى.
ثمّ لا يخفى أنّه يمكن المناقشة في الرواية من حيث السند أيضاً ; فإنّ ثقة الإسلام الكليني (رحمه الله) رواها في الكافي بطريقين[847]:
في أحدهما: الحسن بن الحسين اللؤلؤي، وفيه كلام. فإنّ النجاشي [848] وإن وثّقه، لكن نقل الصدوق [849] عن شيخه محمّد بن الحسن بن الوليد أنّه كان يستثني من رواية محمّد بن أحمد بن يحيى ما رواه جماعةٌ، منهم الحسن بن الحسين اللؤلؤي. ونقل الشيخ تضعيفه عن الصدوق أيضاً [850].
مع أنّه [851] رواها عن الحسن بن الحسين بإسناده عن الصادق (عليه السلام)، فتكون الرواية مرسلة.
وفي ثانيهما: جعفر بن محمّد، وهو مشترك بين الثقة وغيره[852]. وأبو داود المنشد، ولم يوثّقه أحد من علماء الرجال، وإنّما نقلوا توثيقه عن علي بن الحسن بن فضّال (رحمه الله) [853]، وفي تزكية مثله كلام مشهور.

وأمّا الشيخ فقد رواها بطرق ثلاثة:

منها: الطريقان المذكوران في الكافي [854].
وفي ثالثها: الحسن بن الحسين، وأبو داود، وجعفر بن محمّد [855]. والذي يغلب على الظنّ أنّه هو الطريق الأوّل للكلينيّ، إلاّ أنّ الشيخ (رحمه الله) صرّح بتمام السند. وعلى هذا فيندفع الطعن بالإرسال فيه، لكن يظهر فساد دعوى استفاضة الخبر، كما اتّفقت عليه كلمة المتأخّرين.
وقد عُلم بذلك أنّ الرواية ضعيفة السند، كما أنّها ضعيفة الدلالة. اللّهم إلاّ أن يقال بانجبار ضعفها لتكرّرها في الأُصول، وتلقّي الأصحاب لها بالقبول.
وأمّا الخبر المدّعى تواتره عن ابن أبي عقيل [856]، فيتوجّه عليه:
أنّا لم نقف عليه بعد التتبّع التامّ في شيء من كتب الأخبار ولا في مصنّفات الأصحاب، ولو كان متواتراً ـ كما هو ادّعاه ـ لاشتهر غاية الاشتهار، ولأورده أصحابنا في كتب الاستدلال والأخبار، كما لا يخفى على العارف بطريقتهم.
نعم، روى الجمهور مرسلا عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) أنّه لمّـا ورد بئر بضاعة، فقال: «ائتوني بوَضوء». فقالوا: يا رسول الله أنّها بأرض الحنا ; قال: «خلق اللهُ الماء طهوراً لا ينجّسه شيء إلاّ ما غيّر لونَه، أو طعمه أو ريحه» [857].
وقد أوردها ابن إدريس في السرائر [858] مرسلا عنه (صلى الله عليه وآله)، وكذاالمحقّق في المعتبر [859].
وربما كانت هذه الرواية منشأ دعوى التواتر، لأجل اشتهارها عند العامّة. ويبعده الاختلاف الظاهر في متن الروايتين [860] وادّعاؤه التواتر عن الصادق (عليه السلام)، مع أنّ هذه مرويّة عن النبي (صلى الله عليه وآله)، على أنّه لا حجّية فيها، وإن أوردها بعض الأصحاب في مصنّفاتهم ; لأنّها رواية مرسلة فلا تنهض لمعارضة الأخبار الصحيحة المستفيضة.
وأمّا صحيحة محمّد بن حمران وجميل [861]:
فأقصى ما دلّت عليه هو المماثلة بين التراب والماء في كونهما مطهِّرَين من الحدث، وذلك لا يوجب صلاحيّة كلّ فرد منهما لذلك.
لا يقال: الماء في قوله: «كما جعل الماء طهوراً» مطلقٌ، فيعمّ ; لأنّ مرجع الإطلاق إلى العموم.
لأنّا نقول: رجوع الإطلاق إلى العموم ليس من جهة وضعه له، كما حقّق في محلّه، بل لأجل دلالة الحال والمقام عليه، والمقصود الأصلي هنا بيان أنّ التراب مثل الماء في الطهوريّة، وهو لا يتوقّف على عموم الحكم بالنسبة إلى جميع الأفراد.
وأيضاً فالطهور هنا بمعنى المطهِّر، كما في قوله (عليه السلام): «طهورُ إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب، أن يُغسَل سبعاً» [862] ; لأنّه الشائع في الأخبار، ولأنّ المراد بيان مطهّريّة التراب لا طاهريّته [863]. فيكون المراد من الماء والتراب الطاهر منهما ; لأنّ النجس لا يصلح للتطهير.
ويكون الحاصل أنّه جعل التراب الطاهر مطهّراً، (كما جعل الماء الطاهر مطهّراً) [864]، وعلى هذا فلا دلالة للحديث أصلا ; لأنّ طهارة الماء المفروض أوّل النزاع.
وها هنا بحث، وله جواب يعلم ممّـا سبق ; فلا نعيده.
وبذلك يظهر الجواب عن صحيحة داود بن فرقد [865] ; فإنّ الغرض المسوق له البيان فيها هو إظهار التفضّل والامتنان بجعل الماء مطهِّراً لا طاهراً، كما لا يخفى.
وأمّا رواية حريز [866]:
فيتوجّه عليها الطعن في السند. فإنّ ثقة الإسلام الكليني رواها عن حريز عمّن أخبره، وذلك ممّـا يوجب الاضطراب في السند. وأيضاً فقد اشتهر بين علماء الرجال أنّ حريز بن عبد الله، لم يرو عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلاّ حديثاً أو حديثين [867]، وعلى هذا فيكون الرواية مرسلة.
ويتوجّه على هذه الروايات، وعلى صحيحة أبي خالد القماط، وصحيحة الصفّار [868]: أنّ دلالتها ـ على تقدير التسليم ـ من جهة الإطلاق أو العموم، ولا ريب في تقديم الخاصّ على العامّ، وأنّ المقيّد يحكم على المطلق.
وعلى صحيحة عبد الله بن سنان [869]: أنّ قوله: «أتوه» في الحديث يحتمل أن يكون المراد منه أنّه (عليه السلام) والسائل وغيرَهما أتوه في سفر لهم، فسأله [870] عن ذلك الغدير المعيَّن. ويؤيّده قوله (عليه السلام) في الجواب: «إذا كان الماء قاهراً فتوضّأ» ; فإنّه لو كان المسؤول عنه غديراً أتاه السائل وأصحابه وتجاوزوا عنه، لم يكن المناسب في الجواب الأمر بالوضوء، بل كان المناسب إعلام السائل بجواز وضوئه السابق أو عدمه، إلاّ أن يحمل قوله: «أتوه» على معنى الاستقبال، حتّى يكون المسؤول عنه غديراً يأتونه وفيه جيفة، وهو بعيد جداً. وعلى تقدير التسليم فهي كالروايات المتقدّمة في أنّ دلالتها من جهة الإطلاق، والمقيّد يحكم عليه.
وأمّا صحيحة ابن مُسكان [871]:
فقد أجاب الشيخ عنها في التهذيب [872] بالحمل على ما بلغ الكرّ جمعاً، واستدلّ على هذا الجمع بموثّقة أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال فيها: «ولا يشرب سؤر الكلب إلاّ أن يكون حوضاً كبيراً يستقى منه» [873].
واعتُرض عليه [874] بأنّ مقتضى هذا الحمل تمشّي التفصيل ببلوغ الكرّيّة وعدمه فيما عدا الكلب من الأنواع المسؤول عنها، كالجَمل والسنور وغيرهما، ولا قائل به.

وجوابه: أنّ اللازم من الحمل المذكور تخصيص جواز الاستعمال في سؤر الكلب بما بلغ الكرّ، وذلك لا ينافي إبقاءه على العموم بالنسبة إلى سائر الأنواع المسؤول عنها. ولو سُلّم، فتخصيص الجواب بالنسبة إلى جميع الأنواع المسؤول عنها لا يوجب اتّحاد حكم الجميع.
فإنّ حاصل الجواب حينئذ أنّه إذا كان الماء قدر كرّ جاز الوضوء والغسل من سؤر كلّ واحد من المذكورات، ومفهومه أنّه لا يجوز استعمال سؤر الجميع إذا كان أقلّ من الكرّ، وذلك لا ينافي جواز الاستعمال من سؤر بعضها مطلقاً.
ثمّ لا يخفى أنّ ظاهر الرواية يدلّ على التسوية بين الأنواع المسؤول عنها في وجوب التنزّه عن أسآرها، أو رجحانه، وهو ـ مع أنّه لا قائل به ـ معارضٌ بما هو أصحّ وأوضح، كصحيحة معاوية بن عمّـار عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في الهرّة: «أنّها من أهل البيت» [875]، وصحيحة أبي الصباح، عن أبي عبد الله، قال: «كان عليٌّ (عليه السلام) يقول: لا تدع فضل السنّور أن تتوضّأ منه، إنّما هي سبع» [876]، وصحيحة جميل بن درّاج، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن سؤر الدوابّ والغنم والبقر، أيتوضّأ منه ويشرب ؟ فقال: «لا بأس» [877].
وقد يقال: إنّ المسؤول عنه هو سؤر الكلب وغيره، وحينئذ فلا إشكال في حمل الشيخ (رحمه الله).
ويحتمل على بُعد أن يكون السؤال عن ماء يكون مظنّةً لولوغ الكلب، وشرب الدابّة وغيرها، وعلى هذا فلا إشكال أصلا.
ويمكن المناقشة في هذه الرواية من حيث السند ; لاشتماله على محمّد بن سنان [878]، وقد ضعّفه الأكثر [879] ; ولتصريح علماء الرجال بأنّ عبد الله بن مُسكان لم يرو عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلاّ بالواسطة. وربما قيل: إنّه كان يأبى أن يدخل عليه إجلالا له وإعظاماً [880]. وقيل: إنّه لم يرو عنه مشافهةً إلاّ حديث: «من أدرك المشعر فقد أدرك الحجَّ» [881] ; وعلى هذا تكون الرواية مرسلة، فلا تصلح لمعارضة الأخبار الصحيحة.
وأمّا صحيحة ابن مسلم الواردة في المركن [882]، فأقصى ما يستفاد منها هو عدم اشتراط الورود في إزالة النجاسة ; كما استوجهه الشهيد (رحمه الله) في الذكرى [883]، وقوّاه الفاضل صاحب المدارك [884] وجماعةٌ من المتأخّرين [885]. ومقتضى ذلك أنّ الماء ينجس بورود النجاسة عليه مع طهارة المحلّ المغسول به، ولا بُعد فيه إذا اقتضته الأدلّة الشرعية، وبناء الاحتجاج بها على فهم المنافاة بينهما، وهو ممنوع.
لا يقال: ورود النجاسة على الماء لو اقتضت تنجيسه لم يفد غسله فيه مرّة ثانية إلاّ لاكتساب النجاسة منه، وأمّا على القول بالطهارة فلا محذور فيه، لصدق الامتثال وانتفاء المانع، أعني النجاسة.
لأنّا نقول: ذلك إنّما يتوجّه لو فُرض وحدة الماء المغسول به في الغسلتين أو تعدّده مع غسل المركن، ولا إشعار في الرواية بشيء من ذلك. فإن ثبت المنافاة بينه وبين القول بانفعال القليل وجب القول بتجديد الماء وغسل الإناء، وإلاّ اتّجه القول بحصول الطهارة مطلقاً.
وأمّا صحيحة محمّد بن إسماعيل [886]، فبعد الإغماض عمّـا فيها من الإضمار، وجهالة المكتوب إليه، واحتمال عود الضمير في: «كتبت إليه»، يتوجّه عليه:

أوّلا: أنّ التفصيل المستفاد منها لا قائل به ; فإنّ مقتضى القول بالطهارة جواز الاستعمال مطلقاً ولو مع الاختيار، ومقتضى القول بالنجاسة عدم جوازه مطلقاً، ولو مع الاضطرار، والأخبار من [887] الطرفين تدلّ على الإطلاق.

وثانياً: الحمل على ما إذا كان بقدر الكرّ، كما هو ظاهر السؤال.

وثالثاً: القول بالموجب لطهارة [888] بدن الجنب الخالي عن النجاسة، وطهارة ماء الاستنجاء، وجواز التطهير به *، بناءً على طهارته، كما يُستفاد من الأخبار.

* ـ جاء في حاشية «ل» و«د» و«ش»: «لكنّ المشهور أنّه لا يجوز التطهير من أحد الخبثين بالماء المستعمل وإن قلنا بطهارته، ونقل عليه في المعتبر [889] والمنتهى [890] الإجماع». منه (قدس سره).
المستفيضة [891]. ولو جُعل قول السائل: «فيستنجي فيه» سؤالا عن جواز الاستنجاء وحمل الوضوء في الجواب على الاستنجاء صحّ الحكم بالجواز إجماعاً.
وكيف كان، ففي الرواية دلالة على طهارة ماء الاستنجاء مع ورود النجاسة، ولا بأس به ; لإطلاق ما دلّ على طهارته، بل ظهور بعضها في ورود النجاسة، كحسنة الأحول، قال: قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) أخرج من الخلاء فأستنجي في الماء فيقع ثوبي في ذلك الماء الذي استنجيت به، قال: «لا بأس به» [892].
وأمّا صحيحة زرارة [893]، الواردة في شعر الخنزير، فالجواب عنها من وجوه:

الأوّل: إنّه لا إشعار فيها بوصول الحبل إلى الماء، وعلى تقديره فغاية الأمر هو الظنّ بتقاطر الماء منه إلى الدلو، ولا عبرة به ; لأنّ المعتبر في الحكم بالنجاسة حصول العلم بوصول[894] المنجّس أو الظنّ المعتبر شرعاً، لو قلنا به ; للنهي عن نقض اليقين إلاّ بمثله في الأخبار [895]، ولقول الصادق (عليه السلام) فيما روي عنه: «الماء كلّه طاهر حتّى تعلم أنّه قذر» [896].

الثاني: إنّ الاستدلال بها إنّما يتمّ لو كان الضمير في قول السائل: «يتوضّأ منه» راجعاً إلى المستقى بذلك الحبل، وهو ممنوع ; لاحتمال أن يكون راجعاً إلى ماء البئر بأن يكون المسؤول عنه الوضوء من البئر التي يستقى منها بحبل اتّخذ من شعر الخنزير، ومقتضاه عدم نجاسة البئر بالملاقاة، كما هو أحد الأقوال في المسألة [897] وأظهرها.
وعلى هذا المعنى يحمل ما رواه الحسين بن زرارة، قال: كنت عند أبي عبدالله (عليه السلام)، إلى أن قال: فقلت له: فشعر الخنزير يعمل حبلا يستقى به من البئر التي يشرب منها و [898] يتوضّأ منها، قال: «لا بأس» [899].

الثالث: إنّ الحكم بجواز الوضوء من الماء المستقى بشعر الخنزير كما أنّه يصحّ على القول بطهارة القليل فكذا يصحّ على القول بنجاسته وطهارة ما لا تحلّه الحياة من نجس العين، كما نُقل عن السيّد المرتضى (رحمه الله) [900] ; فلا دلالة للرواية على الأوّل بخصوصه ; لأنّ اللازم منها [901] أحد الأمرين، لا بعينه.
وأمّا صحيحة علي بن جعفر [902] الواردة في سؤر اليهودي والنصراني، فيتوجّه عليها: أنّ مقتضى القول بالطهارة جواز الاستعمال مطلقاً، ولو اختياراً، والمستفاد من الرواية جوازه حال الاضطرار خاصّة، ولم يقل به أحد، على أنّ جهة الجواز لا تنحصر في طهارة القليل الملاقى، بل ربما كان الوجه فيه طهارة أهل الكتاب، كما ذهب إليه بعض الأصحاب [903]، فلا يمكن الاستدلال بهذه الرواية على طهارة القليل بخصوصه ; لأنّ اللازم منها أحد الأمرين، لا بعينه.
وقد يقال: إنّ كثيراً من أخبار النجاسة يتوقّف الاستدلال بها على نجاسة أهل الكتاب، والبناء على طهارتهم يبطل الاحتجاج بها.
ويضعّف بأنّ تلك الأخبار تدلّ على الحكمين معاً، من دون توقّف لأحدهما على الآخر، وهذه الرواية لا تصلح لمعارضتها ; لعدم تعيّن الوجه فيها.
ويمكن الجواب بحمل الضرورة فيها على التقيّة، كما هو الوجه في سائر الروايات الواردة في ذلك الباب ; فإنّ مذهب العامّة طهارة أهل الكتاب [904].
ويتوجّه على الصحيحة الأُخرى [905]: أنّ المفروض فيها إصابة الإناء، وهو مغاير لإصابة الماء. ولو سُلّم أنّ المراد منها إصابة الماء، فأقصى ما تدلّ عليه هو التفصيل بالاستنابة وعدمها في قليل الدم، كما ذهب إليه الشيخ (رحمه الله) [906]، وهو لا يوجب القول بالطهارة بقول مطلق.
وقد يناقش في الرواية من حيث السند ; لاشتمال سندها ـ على ما أورده الشيخ (رحمه الله) في التهذيب [907] ـ على «محمّد بن أحمد بن يحيى العلوي»، ولم ينصّ علماء الرجال بمدح ولا قدح [908]، وذلك يوجب الوهن في طريق الكافي [909]، وإن كان خالياً عنه ; لأنّ الظاهر الإسقاط دون الزيادة.
وعلى صحيحة هشام بن سالم [910]: أنّ الحكم بالأكثريّة فيها كناية عن قوّة ماء المطر في التطهير، قليلا كان أو كثيراً ; فإنّ حكم ماء المطر حكم الجاري، لا ينجس بالملاقاة.
وليس المراد التعليل بزيادة مقدار [911] الماء على النجاسة ; إذ لا إشعار في الرواية بتعيين مقداري الماء والنجاسة، وبدونه لا يتأتّى الحكم بالأكثرية بهذا المعنى.
ولو سلّم فيمكن أن يكون التعليل بأكثرية الماء لاشتراط الغلبة في ماء المطر في الجملة، أو الجريان، كما ذهب إليه الشيخ (رحمه الله) في التهذيب [912].
وكيف كان، فلا دلالة في الرواية على طهارة القليل الملاقي بشيء من الدلالات، بل هي بالدلالة على خلافه أشبه ; إذ لا وجه لاشتراط الأكثرية على القول بالطهارة، كما لا يخفى.
وأمّا حسنة محمّد بن ميسر [913]، فهي أظهر الأخبار الواردة في هذ الباب، وربما ادّعي أنّها نصّ في المطلوب [914] ; للتصريح فيها بلفظ القليل، ولا يخفى ضعفه ; لأنّ وضع القليل لما دون الكرّ من الاصطلاحات المتجدّدة، فلا يحمل عليه اللفظ المجرّد عن القرينة. والمعنى اللغوي ليس مقصوراً على ما دون الكرّ خاصّة ; بل يعمّ قدر الكر والزائد عليه في الجملة، فيجب التخصيص به، حملا للمطلق على المقيّد، جمعاً بين الروايات.
ويدفع استبعاد التخصيص بهذا الوجه ورودها في مياه الطرق، الغالب عليها بلوغ الكرّية.
وأجاب عنها شيخنا البهائي بحمل القليل فيها على القليل الجاري، وباحتمال عود الضمير إلى الرجل الجنب بتجريده عن وصف الجنابة [915]. ولا يخفى بُعد هذين الحملين.
وأُجيب أيضاً [916] بحمل القذر على معناه اللغوي ; لورود التفصيل في بعض أخبار الانفعال بأنّه إن كان قذر بول أو جنابة يجب إراقة الماء [917].
ويبعده أنّ المتبادر منه في الأخبار معناه العرفي ـ كما سبق التنبيه إليه ـ، وأنّ الظاهر منه هنا هو المني بقرينة السؤال.
وبالحمل على التقيّة ; لأنّه مذهب كثير من العامّة [918]. وهذا قريب جداً، ويؤيّده الأمر بالوضوء مع غسل الجنابة، فإنّه مذهب جماعة من العامّة [919].
والتعليل بقوله تعالى: (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج) [920]:
قيل [921]: «المراد بالوضوء غسل اليد ; فإنّه يجيء كثيراً بهذا المعنى، وإنّماتلا الآية لأنّ الماء الذي يستعمل في الطهارة من الحدث لا بدّ له من مزيد اختصاص في حال الاختيار، وأقلّه أن لا يلاقي شيئاً من النجاسات إن كان قليلا، ولا يكون آجناً متغيّر اللون والطعم بغير النجاسة، إلى غير ذلك، كما يظهر من الأخبار. فإذا اضطرّ الإنسان إلى استعمال غيره، سقط اعتباره، دفعاً للحرج، فيكفيه ما يجوز استعماله في غير ذلك من المياه، وكذا إذا علم به بعد استعماله».
ويتوجّه عليه: أنّ استعمال الوضوء في غسل اليد في بعضها [922] لا ينافي ظهوره في معناه الشائع المعروف، وخصوصاً مع اقترانه بالغسل، وأنّ ما ذكره في توجيه الاستشهاد بالآية مرجعه إلى تخصيص الحكم بالجواز في حال الاضطرار، وهو مع كونه خلاف الإجماع لا يصلح توجيهاً لتلاوة الآية على القول بالطهارة مطلقاً. نعم، يمكن أن يقال: إنّ المراد من ذكرها بيان التوسعة، ورفع الضيق والحرج اللازم على تقدير النجاسة، إلاّ أنّ التأمّل في قرائن الحديث يدلّ على اختصاص الحكم بحال الضرورة.
وأمّا مرسلة ابن أبي عمير [923]، فيتوجّه عليها مع قطع النظر عن الإرسال، منع الدلالة ; إذ ليس فيها ما يدلّ على نجاسة الميتة الواقعة في الماء، فجاز أن يكون طاهرة، ولا على أنّ الماء الواقع فيه الميتة قليل راكد، فربّما كان بقدر الكرّ أو كان ماء بئر. وقد وقع التصريح به في رواية عبد الله بن الزبير، أنّه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن البئر، يقع فيه الفأرة أو غيرها من الدواب، فيموت فيعجن من مائها، أيؤكل ذلك الخبز ؟ قال (عليه السلام): «إذا أصابه النار فلا بأس بأكله» [924].
وأمّا موثّقة أبي بصير [925]، وموثّقتا سماعة بن مهران [926]، وقويّة العلاء بن الفضيل [927]، فغايتها الدلالة من جهة الإطلاق، فلا تُعارض الروايات الدالّة على نجاسة ما دون الكرّ بخصوصه.
وكذا الكلام في رواية علي بن أبي حمزة البطائني، ورواية عثمان بن زياد، ورواية أبي بصير، ورواية إسماعيل بن مسلم، ومرسلة الصدوق [928]. وتزيد هذه الروايات أنّها بين ضعيفة ومرسلة، فلا تصلح للمعارضة.
وأمّا رواية محمّد بن مروان [929]، فتضعف:
بضعف السند ; لاشتراك الراوي [930]، ولاشتمالها على الحكم بن مسكين، وهو مجهول الحال [931]، والهيثم بن أبي مسروق النهدي، وفيه كلام [932].
وبقصور الدلالة ; لأنّ الظاهر كونها واردة في ماء الغيث، ولا ريب في طهارته.
وأمّا رواية زرارة الواردة في الأواني [933]، فيتوجّه عليها:

أوّلا: الطعن في السند ; لأنّ في طريقها عليّ بن حديد، وقد ذكر أبو عمرو الكشي: إنّه كان فطحياً [934]. وقال الشيخ في كتابي الأخبار: إنّه ضعيف جداً، لا يعوّل على ما ينفرد به [935].

وثانياً: أنّ مدلولها ـ وهو التفصيل بالتفسّخ وعدمه ـ مع كونه مخالفاً لإجماع العلماء كافّة [936]، خلاف المدّعى، أعني الطهارة مطلقاً، ولا يمكن حمل التفسّخ فيها على التغيير، بجعله كنايةً عنه ; لتخلّف كلّ منهما عن الآخر، ولأنّ الرواية صريحة في الفرق بين الراوية والزائد عليها، في أنّ الراوية إنّما تنجس بالتفسّخ، ومازاد [937] عليها لا ينجس مطلقاً، فلو كان التفسّخ فيها محمولا على التغيير، لزم الحكم بطهارة الزائد على الراوية، وإن تغيّر، وذلك مخالف لإجماع المسلمين كافّة.
ولاستثناء التغيير في الرائحة في قوله (عليه السلام): «إذ كان الماء أكثر من راوية لا ينجّسه شيء، تفسّخ فيه أم لم يتفسّخ، إلاّ أن يجيء له ريح يغلب على ريح الماء» ; فإنّه صريح في أنّ التغيير غير مراد من لفظ التفسّخ.
ولقد أبعد الشيخ (رحمه الله) في التهذيب [938] في توجيهه هذه الرواية، حيث حمل الراوية فيها على ما كان قدر الكرّ، وخصّ النهي عن الوضوء والشرب بما إذا تغيّر الماء. ويتوجّه عليه مع ما تقدّم، أنّه لو كان المراد من الراوية مقدار الكرّ، لم يكن بينها وبين ما زاد عليها فرق في الحكم، مع أنّ الرواية صريحة في الفرق بينهما.
وأقصى ما يمكن أن يقال في توجيهه: أنّ تفسّخ الميتة فيما كان بقدر الكرّ يقتضي تغيّر جزء منه، فينجس ذلك بالتغيير والباقي بالملاقاة ; لكونه أقلّ من الكرّ، فلا يعصم نفسه عن الانفعال، بخلاف ما كان أكثر من الكرّ، فإنّه يختصّ المتغيّر منه بالتنجيس لو كان الباقي كرّاً.
ومنه يعلم الفرق بين الراوية وما زاد عليها، حيث حكم في الراوية بالنجاسة على تقدير التفسّخ، وفي ما زاد عليها بالطهارة، وإن حصل التفسّخ. وأنت خبير بأنّ ذلك ـ مع ما فيه من التعسّف الظاهر ـ لا يتأتّى القول به في مثل الجَرّة [939]، والقِربة [940]، وما أشبههما من الأواني والظروف، فإنّ حملها على ما كان بقدر الكرّ بعيد جدّاً، بل مقطوع بفساده. وقد دلّت الرواية على مساواتها في الحكم للراوية.
وأمّا [941] ما ذكره الشيخ (رحمه الله) من أنّه ليس في الخبر أنّ جرّة واحدة ذلك حكمها، بل ذكرها بالألف واللام، وذلك يدلّ على العموم عند كثير من أهل اللغة [942]، فلا يخفى ما فيه ; لأنّا لو سلّمنا العموم، فهو إنّما يكون بمعنى كلّ جرّة، لا مجموع الجرار.
ولعلّ الأولى في توجيه الرواية: حمل الميتة فيها على ما كان من غير ذي النفس السائلة، وجعلها في السؤال وصفاً للصعوة [943] خاصّة، ويكون المراد من سقوط الفأرة والجُرَذ [944] سقوطهما في الماء حيّاً، وعلى هذا فيحمل النهي على الكراهة.
أو يقال: إنّ وقوع الصعوة في الماء لا يوجب بمجرّده تنجيسه ; لطهارة الشعر المحيط بها، إلاّ إذا فرض وصول الماء إلى الجلد واللحم النجسين، ويحصل القطع به إذا وجدت الميتة في الماء متفسّخة، فالتفسّخ إنّما جُعل علامة لتحقّق الملاقاة الموجبة للتنجيس.
وكيف كان، فهذه الرواية ضعيفة السند، متروكة الظاهر ; فلا يصلح التعلّق بها في إثبات حكم شرعي أصلا.
وأمّا روايته [945] الأُخرى، الواردة في جلد الخنزير يجعل دلواً [946] ; فهي ضعيفة السند، بجهالة أبي زياد النهدي [947]، قاصرة الدلالة ; إذ ليس فيها تسويغ للاستعمال بالماء المستقى به، ونفي البأس عن الاستقاء لا يوجبه.
قال الشيخ (رحمه الله) في التهذيب ـ بعد إيراد [948] هذا الخبر ـ: «الوجه فيه أنّه لا بأس به، غير أنّه لا يجوز استعمال ذلك الماء في الوضوء والشرب، بل يستعمل في غير ذلك، من سقي الدواب والبهائم وما أشبه ذلك» [949]،. انتهى.
ويحتمل أن يكون المراد نفي البأس عن المستقى منه ; لطهارة البئر، كما قلنا [950] في صحيحته المتقدّمة.
وأمّا رواية أبي مريم الأنصاري [951]، فهي ضعيفة السند، باشتمالها على عبد الرحمن بن حمّـاد، فإنّه مجهول [952]، وبشير، فإنّه مشترك بين مجاهيل [953] ; فلا تصلح لمعارضة الأخبار الصحيحة.
وأيضاً فلا يظهر منها وصول العذرة إلى الماء ; لأنّ مرجع الضمير هو الدلو، ولا يمتنع استقرارها عليه من دون أن تصل إلى الماء. ويدلّ عليه قوله في السؤال: «عذرة يابسة»، ولو كانت في الماء كانت يابسة.
ويحتمل أن يكون المراد من العذرة السرقين ونحوه، وإن كان الشائع إطلاقها على فضلة الإنسان.
وما ادّعاه بعض الفضلاء * من اختصاصها لغةً وعرفاً بفضلة الإنسان، استناداً إلى ما يظهر من كلام الهروي، حيث قال: «إنّ العَذِرَة في أصل اللغة [954] فناء الدار، وسمّيت عذرة الإنسان بهذه لأنّها كانت تُلقى في الأفنية، فكُنّي عنها باسم الفِناء» [955]، فيتوجّه عليه: أنّ المفهوم من الصحاح [956] والقاموس [957] أنّها أعمّ منها، من حيث فُسِّر الخرءُ فيهما بالعذرة، ولا ريب في أنّه أعمّ.
ويرشد إليه صحيحة ابن بزّيع، قال: كتبت إلى رجل أسأله أن يسأل أبا الحسن[958] (عليه السلام) عن البئر [959]، يسقط فيها شيء من العذرة، كالبعرة ونحوها... الحديث[960]، وصحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل، يصلّي وفي ثوبه عذرة.

* ـ جاء في حاشية «ل» و«د» و«ش»: «هو السيّد الفاضل صاحب المدارك». منه (قدس سره).
من إنسان أو سنّور أو كلب... الحديث [961].
وأمّا رواية عمر بن يزيد [962]، فمع ضعفها بالمعلّى بن محمّد [963] ـ فقد نصّ علماء الرجال على أنّه مضطرب الحديث والمذهب [964] ـ، غير صريحة في نجاسة الماء الواقع في الإناء.
وأمّا رواية بكار بن أبي بكر [965]، فهي ضعيفة، بجهالة الراوي[966]، وانقطاع سندها [967]، واشتماله على سهل بن زياد، وقد ذكر علماء الرجال أنّه كان ضعيفاً في مذهبه وحديثه [968].
ومع ذلك فيمكن توجيهها بحمل العذرة على معناه اللغوي، جمعاً بين الأخبار.
وأمّا مرسلة الواسطي [969]، فهي ضعيفة بـ: الإرسال، وجهالة المرسل [970]. ومع ذلك فليست صريحة في المطلوب ; لجواز حملها على عدم العلم بتحقّق النجاسة، أو كونه مسبوقاً ببلوغ الكرّية، جمعاً بين الأخبار المتعارضة.
وأمّا رواية الأحول [971]، فيمكن الجواب عنها:

أوّلا: بالطعن في السند ; لاشتماله على «رجل من أهل المشرق»، ولم يتميّز، وعلى العيزار [972]، وهو مهمل في كتب الرجال.

وثانياً: باحتمال أن يكون لخصوصية ماء الاستنجاء مدخليّة في التعليل، وإن كان خلاف الظاهر، بناءً على حجّية العلّة المنصوصة.

وثالثاً: بأنّ قوله (عليه السلام): «لأنّ الماء أكثر من القذر» أشار إلى صغرى القياس، وهو كناية عن غلبة الماء على القذر وعدم تغيّره به، وحينئذ فإن اعتبرنا المحمول فيها مفهوم غير المتغيّر مطلقاً، من غير اعتبار كونه ماء استنجاء، كانت الكبرى الملتئمة منها هو: «إنّ الماء غير المتغيّر [973] طاهر»، وهو بعمومه يدلّ على طهارة القليل الملاقي. وإن اعتبر فيه كونه ماء استنجاء، كان كبرى القياس هو: «إنّ غير المتغيّر من ماء الاستنجاء طاهر». وعلى هذا فلا دلالة للخبر على طهارة غير ماء الاستنجاء بوجه. وحيث أنّ الخبر محتمل للأمرين من غير ترجيح، فلا يجوز التعلّق به لإثبات أحدهما، تأمّل فيه.

وأمّا رواية علي بن جعفر [974]، المرويّة في قرب الإسناد، والمسائل، فهي ضعيفة السند، متروكة الظاهر، فلا تصلح للمعارضة. وأيضاً فليس فيها ما يدلّ على نجاسة جميع اليد أو إدخال جميعها في الماء، وعلى هذا جاز أن يكون الوجه في السؤال هو الشكّ في وصول الجزء المتنجّس إلى الماء.

والجواب عن روايتي دعائم الإسلام [975]، يعلم ممّـا قدّمناه، فلا نعيده ; مع أنّ الاحتجاج بالأُولى منهما مبنيّ على نجاسة أبوال الدواب، وهو ممنوع، بل الظاهر طهارتها، كما عليه المشهور [976]. وعلى هذا فلا دلالة للرواية على عدم نجاسة القليل بالملاقاة بوجه.
وأمّا روايات العلاّمة في المختلف [977]، والذي يغلب على الظنّ أنّ الأُولى منها مختصرة رواية زرارة المتقدّمة [978]، بحمل التفسّخ فيها على التغيير، وقد عرفت الحال فيها.

وأمّا الثانية، فغايتها الدلالة من جهة الإطلاق، فيجب حمله على المقيّد، جمعاً.

وأمّا الثالثة، فهي لا تنهض حجّة بوجه ; لتعيّن الماء المحكوم عليه بالطهارة فيها، فربّما كان بقدر الكرّ. مع أنّ الروايات الثلاثة [979] مشتركة في ضعف السند، فلا تصلح للحجّية في مقابلة الأخبار الصحيحة.

[ تعارض أخبار الطرفين والجمع بينها: ]

وإذ قد تحقّق ذلك، فقد علم أنّ الروايات المدّعى دلالتها لا تنهض لمعارضة الأخبار الدالّة على الانفعال ; لما عرفت مفصّلا أنّ تلك الروايات بأسرها لا تخلو عن ضعف في السند، أو قصور في الدلالة.
وأقرب ما يتوهّم منه المعارضة ـ ويقتضي ظاهره المناقضة ـ هي الأخبار المتضمّنة لِـ:
جواز الاستعمال ممّـا عدا الماء المتغيّر، كصحيحة أبي خالد القماط، وصحيحة الصفّار، ورواية حريز [980].
وجواز إدخال اليد القذرة في الماء، كحسنة محمّد بن ميسر، ورواية عثمان بن زياد [981].
أو الوضوء من مياه الغدران، يكون فيه العذرة، والبول، والجيفة، كموثّقة أبى بصير، ورواية عليّ بن أبي حمزة، وغيرها [982].
وهذه الأخبار، مع أنّ الغالب عليها ضعف الإسناد، وذلك أعظم شيء يضعّف به الركون والاستناد، ليس شيء منها صريحاً في المراد، ولا نصّاً يجب عليه الاعتماد ; لأنّ دلالتها عليه إمّا لأجل العموم، أو الإطلاق الراجع إليه، فلا يجوز لأجلها ترك العمل بما قدّمناه من الأخبار التي هي أخصّ من هذه مدلولا وأوضح منها سنداً. وقد تقرّر في الأُصول ضابطة اعتضد فيها المعقول بالمنقول، وهو: أنّ الدليل الخاصّ أو المقيّد يحكم على العامّ والمطلق.
والبحث عن العلم بالتأريخ وجهله، وتقدُّم الخاصّ وتأخّره ساقط في أخبارنا وروايات أصحابنا ; لأنّ بناء الكلام في ذلك على احتمال النسخ ومعارضته للتخصيص، وهذا الاحتمال لا يتطرّق في الأخبار الواردة عن الائمّة ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ ; لأنّ «حلال محمّد (صلى الله عليه وآله) حلال إلى يوم القيامة، وحرامه حرام إلى يوم القيامة» [983]، على أنّ المختار في المسألة رجحان التخصيص فيما عدا صورة العلم بتقدّم الخاصّ والعمل به، وتحقيقه يطلب من موضع آخر.
فإن قلت: الجمع بين هذه الأخبار لا ينحصر فيما ذكر من تقييد أخبار الطهارة ببلوغ الكرّية ; لأنّ الجمع بينها يتأتّى من وجوه أُخر:

الأوّل: حمل أخبار الانفعال على استحباب الاجتناب، أو كراهية الاستعمال.

الثاني: تخصيصها بحال الاختيار، فلا يجوز استعمالها حينئذ، وأمّا مع الاضطرار فيجوز.

الثالث: تقييد الروايات بحصول التغيير، ومعه فلا ريب في النجاسة.
وعلى هذا فلا يتعيّن الجمع بينها بما ذكر.

قلت: الجمع بما ذكرناه متعيّن ; لفساد الجمع بأحد الوجوه المذكورة.
أمّا الوجهان الأوّلان، فلما سيجيء عند نقل كلام بعض الأعلام.
وأمّا الأخير، فلأنّه لا يتأتّى في كثير من أخبار الانفعال، كمفهوم الصحيحين: «إذا كان الماء قدر كرٍّ لم ينجّسه شيء» [984] ; فقد عرفت [985] أنّ المراد من «شيء» المحكوم عليه بعدم التنجيس في المنطوق هو غير المتغيّر ; إذ لا ريب في نجاسة الكرّ بتغيّره بالنجاسة *، فيكون المفهوم حينئذ: إذا كان أقلّ من الكرّ ينجّسه شيء غير المتغيّر.

* ـ جاء في حاشية «ل» و«د» و«ش»: «اعلم أنّ الروايات التي تأبى الحمل على التغيير كثيرة، وهي الأخبار الدالّة بمفهومها على نجاسة ما دون الكرّ، كصحيحتي محمّد بن مسلم، وصحيحة معاوية بن عمّـار، أو لزم منها ذلك بطريق عكس النقيض، وهي صحيحة إسماعيل بن جابر، ومرسلة ابن أبي عمير الواردة في التحديد بالأرطال، ورواية زرارة الواردة في الراوية، وحسنة المعلّى بن الخنيس، وحسنة أبي بكر الحضرمي، وأخبار وحسنة [986] زرارة: «إذا كان الماء أكثر من راوية لم ينجّسه شيء، تفسّخ فيه أو لم يتفسّخ، إلاّ أن يجيء له ريح يغلب على ريح الماء» [987] ; فإنّ الحمل على التغيّر لا يمكن هنا ; لما سبق آنفاً [988]، ولاستثناء التغيّر في الريح فيها، فلو حمل التنجيس فيها على التغيير لفسد المعنى، كما لا يخفى.
وكحسنة المعلّى بن الخنيس [989]، وحديث الإنائين [990]، ورواية أبي بصير فيما يبلّ الميل [991]، ورواية عمر بن حنظلة [992]، وحسنة أبي بكر الحضرمي [993]، ورواية علي بن حديد [994]، وموثّقة عمّـار الساباطي الواردة في السؤال عن إبريق يكون فيه خمر هل الولوغ بأسرها، كصحيحة الفضل، وصحيحة محمّد بن مسلم، وصحيحة عليّ بن جعفر في شرب الخنزير، وروايتي معاوية بن ميسرة بن شريح، ومرسلة حُريز، ورواية فقه الرضا (عليه السلام) ; فإنّ ولوغ الكلب والخنزير لا يوجب التغيير، مع ]أنّ[ رواية فقه الرضا (عليه السلام) تضمّنت ولوغ الكلب، ولا ريب في عدم اقتضائه التغيير، والموثّقتان الواردتان في الإنائين المشتبهين، فإنّه لو حصل التغيير لما وقع الاشتباه، وموثّقة عمّـار الساباطي الواردة في السؤال عن إبريق الخمر يجعل فيه الماء، ورواية أبى بصير فيما يبلّ الميل، ورواية عمر بن حنظلة، وغيرها من الأخبار. والوجه في الجميع ظاهر ممّـا تقدّم، فتدبّر». منه (قدس سره).
يصلح أن يجعل فيه الماء [995] ; فإنّه لا مجال لاحتمال التغيير هنا، وكذا غير واحد من الأخبار، كما يظهر بالتأمّل فيما قدّمناه.

[ قول آخر في الجمع بين أخبار الطرفين: ]

وقد يقال [996] في رفع المنافاة المتخيّلة في هذه الروايات [997]: إنّ ]جُلّ[ [998] الأخبار المتوهّم منها المخالفة إنّما وردت في السؤال عن الحياض والغدران ومياه الطرق، كما صرّح به في بعضها، وشهدت القرائن بإرادته في بعض آخر، ومن الغالب أنّ تلك المياه لا تنفكّ عن الكرور المتعدّدة، فضلا عن الكرّ الواحد.
ويرشد إليه تضمّن بعض السؤالات الواقعة في تلك الأخبار لكون تلك المياه معرضاً لبول الدواب وروثها، وشرب الكلاب والبهائم، ولرمي [999] الجيف التي هي في تلك الطرق غالباً جيفة جمل، أو حمار، أو فرس، أو سبع، إلى غير ذلك من الحيوانات الكثيرة التردّد في تلك الطرق، وما يكون معرضاً لتلك الأشياء وأمثالها قلّ أن ينفكّ عن مقدار الكرّ. فلهذا ترى أنّهم (عليهم السلام) أجابوا عن ذلك تارةً باعتبار التغيير وعدمه، وجعلوا ذلك هو المناط في الجواب ; لحصول الكثرة المانعة عن الانفعال بمجرّد الملاقاة، وربما أجابوا عنه بجواز الاستعمال من دون اعتبار التغيير [1000] أيضاً، وما ذلك إلاّ لأنّها بلغت من الكثرة بحيث لا يتغيّر بتلك الأشياء الواقعة فيها، وإلاّ فنجاسة الماء بالتغيير ممّـا لا ريب فيه.
وممّـا يؤيّد ذلك تضمّن بعضها السؤال عن النقيع [1001]، والمفهوم منه عرفاً هو الماء الذي له استمرار وبقاء، والغالب كثرته، فإنّ القليل يسرع إليه النفاد [1002] ولا يطول مكثه.
ويؤيّده أيضاً قوله (عليه السلام) في بعضها: «توضّأ من الجانب الآخر» [1003]، وفي بعض آخر: «يتوضّأ من الناحية التي ليس فيها الميتة» [1004]، وغير ذلك ممّـا يؤدّي هذا المعنى.
وفي ذلك كلّه إشعار بأنّ للماء نوع سعة، كما لا يخفى.
وأيضاً فالظاهر أنّ المياه المسؤول عنها كلّها مياه الطرق الواقعة بين مكة والمدينة، أو بينهما وبين العراق، وقد نقل أنّهم كانوا يعمدون تلك الأيام إلى بعض الأمكنة، فيعملون فيها حياضاً يستقى فيها، أو أمكنة يعدّونها لاجتماع السيول والأمطار، لقلّة المياه الجارية في تلك الطرق. وقد أُشير إلى تلك المواضع في بعض الروايات بماء السيل والسقايات، كما ورد في أخبار الصدقات [1005].
وعلى هذا فربما وردت تلك الأخبار مجوّزة للوضوء والغسل وسائر الاستعمالات، لعلمهم (عليه السلام) بمساحة تلك الحياض المبنيّة والأماكن المعدّة. ويؤيّده صحيحة صفوان الجمّـال، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الحياض التي بين مكة والمدينة، تردها السباع، وتلغ فيها الكلاب، وتشرب منها الحمير، ويغتسل فيها الجنب، أنتوضّأ منه ؟ قال: «وكم قدر الماء؟» قلت: إلى نصف الساق وإلى الركبة. قال: «توضّأ» [1006].
فإنّه (عليه السلام) إنّما لم يسأل عن مساحتها ; لعلمه بها، بل اقتصر على السؤال عن العمق ; لاختلافه.
وأمّا الأخبار الدالّة على الانفعال، فقد وردت في الماء القليل المحقّق القلّة، كماء التور، والركوة، والطست، ونحوها من الأواني، فلذلك أجابوا عنه بالأمر بالإهراق، أو الإكفاء، أو النهي عن الوضوء والشرب، إلى غير ذلك ممّـا يدلّ على النجاسة ولم يقع الجواب في شيء منها بالتغيير وعدمه. ولو كان ذلك هو المعيار مطلقاً لأُجيب به هنا أيضاً، ولو نادراً. نعم، ورد ذلك في رواية زرارة الواردة في الأواني [1007]، لكن اختلال متنها وضعف سندها يمنعان عن التعلّق بها.
وبالجملة، فإمعان النظر في موارد الأخبار الواردة من الطرفين يعطي التفصيل الذي عليه المشهور، ويؤكّده الأخبار المصرّحة بالتفصيل، كمفهوم الصحيحين ومنطوق الأخيرين [1008].
وبذلك يحصل الجمع بين أخبار الطرفين، وترتفع المعارضة والمنافاة من البين.

[ وجه ترجيح أخبار الانفعال: ]

ولاَن سلّمنا التعارض في مدلولات تلك الأخبار، لكان الترجيح لأخبار الانفعال ; لأنّها أصحّ من أخبار الطهارة سنداً، وأوضح منها دلالةً، ولاشتمالها على ما هو نصّ في المطلوب، وكونها أكثر منها عدداً، وبلوغها من الكثرة حدّاً ادّعى معه بعض الأصحاب تواترها معنىً *، ولاعتضادها بموافقة البراءة اليقينية، وطريقة الاحتياط، وظاهر قوله تعالى: (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) [1009] ; فإنّ المراد من «الرجز» هنا هو الخبث، كما ورد عن أئمّتنا (عليهم السلام) في تفسيره [1010]، ويؤيّده قراءة الضمّ [1011]. والخَبَث هو: ما تستقذره الطباع السليمة، وليس له سوى ذلك حدّ يعرف به. ولا ريب في استقذار الطبع للماء القليل الملاقي للنجاسة، ولا سيّما في بعض الموارد.
وكذا ظاهر قوله تعالى: (وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) [1012] ; فإنّ الماء القليل الملاقي مندرج تحت العموم، والتحريم هنا يتوجّه إلى شربه ; لأنّه المفهوم عرفاً، وحرمة الشرب تستلزم النجاسة ; إذ لا قائل بالفصل.

[ حمل أخبار عدم الانفعال علي التقيّة: ]
ومع ذلك، فهي لا تنهض لمعارضة الأخبار المتواترة المطابقة لعمل الطائفة قديماً وحديثاً، والإجماعات المنقولة عن أساطين الفقه ورؤساء المذهب [1013]، كما علم ممّـا.

* ـ جاء في حاشية «د» و«ل» و«ش»: «ممّن صرّح بذلك: المحقّق الشيخ حسن ـ طاب ثراه ـ في المعالم [1014]، وجدّي المحدّث الكبير في شرحه على الفقيه [1015]» منه (قدس سره).
حكيناه آنفاً. فيتعّين فيها التأويل، أو الحمل على التقيّة ; فإنّ العامّة وإن اختلفوا في المسألة على قولين [1016]، إلاّ أنّ المشهور بين قدمائهم هو القول بالطهارة. وقد حكي ذلك أيضاً عن جماعة من الصحابة والتابعين. قال العلاّمة في المنتهى: «وهو (أي: عدم نجاسة القليل بالملاقاة) مرويّ عن حذيفة، وابن عباس، وأبي هريرة، وسعيد بن المسيب، والحسن، وعكرمة، وعطا، وطاووس، وجابر بن زيد، وابن أبي ليلى، ومالك، والأوزاعي، والثوري، وداود، وابن المنذر. وللشافعي قولان، وعن أحمد روايتان» [1017].
وفي التذكرة [1018] نحو ذلك.
والقائلون بالنجاسة، كأبي حنيفة وأتباعه، اختلفوا في تحديد الكثير على أقوال [1019]، لايوافق شيء منها التحديد بالكرّ على ما ذهب إليه الأصحاب، ومن ثَمّ شنّعوا على أصحابنا بانفرادهم فيما ذهبوا إليه من التحديد. وحاول السيّد المرتضى (رحمه الله) في الانتصار [1020] دفع ذلك عنهم بموافقة الحسن بن صالح بن حي لهم في أصل الكرّ، وإن خالفهم في تحديده، فإنّ الكرّ عنده ثلاثة آلاف رطل، ولم يقل بذلك أحد من الأصحاب.
وقد تبيّن من ذلك أنّ الأخبار الدالّة على نجاسة القليل مخالفة للمشهور بين أهل الخلاف، وما تضمّن منها التحديد بالكرّ مخالف لجميع أقوالهم، فيحمل ما خالفها على التقيّة. وهذا من أبين المحامل فيها، وإن غفل عنه الأكثر.

تحقيق مقام، وكلام على كلام بعض الأعلام:
قد ظهر ممّـا سلف في نقل الأقوال، واتّضح بما ذكر في ذلك المجال: اتّفاق علماء الإماميّة كلّ الاتّفاق، عدا الشيخ الجليل، الحسن بن أبي عقيل [1021] ـ طاب ثراه ـ على نجاسة الماء الراكد القليل. فإنّه قد انفرد بذهابه إلى طهارة الراكد مطلقاً، وإن نقص عن الكرّ. ولم يساعده على ذلك أحد ممّن عاصره، ولا ممّن تقدّم على عصره ; فإنّ المنقول عن جميعهم هو القول بالنجاسة.
وأمّا من تأخّر عنه من أصحابنا، فمع كثرتهم واختلاف مشاربهم، لم يزالوا منكرين عليه، مصرّين على خلاف ما ذهب إليه، حتّى استقرّ مذهب الإمامية على القول المذكور والمذهب المشهور. ولم يزل الأمر كذلك إلى أن انتهى الأمر إلى العالم الربّاني، والفاضل الصمداني، المحدّث الكاشاني [1022]، فاختار القول بطهارة القليل، وفاقاً للحسن بن أبي عقيل، ولقد بالغ في تشييد أركان ما أسّسه، ودفع عنه وحرّسه، وأكثر من التشنيع والإزراء بما هو المشهور عند فحول العلماء، حتّى إنّه جعل اشتراط الكرّ مثار الوسواس، وزعم أنّ من أجله شقّ الأمر على الناس. وتبعه في ذلك جملة من أفاضل المتأخّرين [1023]، جرياً على منواله واغتراراً بتسجيله واستدلاله.
وتنقيح البحث في هذا المقام متوقّف على إيراد ما أورده من النقض والإبرام، ثمّ إتباعه بما يتوجّه عليه من الكلام، وإردافه بما يكشف عنه نقاب الإبهام. وحيث كان مرجع ما ذكره عند التحصيل ينقسم إلى ما يكون استدلالا لما ذهب إليه، أو مؤيّداً لما اعتمد عليه، وإلى ما يكون جمعاً بين الأخبار المتعارضة، بتأويل ما دلّ على الانفعال، انحصر البحث معه في مقامين.

المقام الأوّل:
في ذكر ما استدلّ به واعتمد عليه، مضافاً إلى ما تقدّم من الآيات والأخبار

وهو وجوه ثلاثة:

الأوّل: الحديث المشهور المروي بعدّة طرق من الطرفين: «خلق الله الماء طهوراً لا ينجّسه شيء إلاّ ما غيّر لونه، أو طعمه، أو ريحه» [1024].
وما رواه السكوني، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الماء يُطهِّر ولا يُطهَّر» [1025].
قال بعد نقله: «إنّما لا يطهَّر لأنّه إن غلب على النجاسة حتّى استهلكت فيه طهّرها، ولم ينجس حتّى يحتاج إلى التطهير، وإن غلبت عليه النجاسة حتّى استهلك فيها صار في حكم النجاسة، ولم يقبل التطهير إلاّ بالاستهلاك في الماء الطاهر، وحينئذ لم يبق منه شيء» [1026].

الثاني: «إنّه لو كان معيار نجاسة الماء وطهارته نقصانه عن الكرّ وبلوغه إليه، لما جاز إزالة الخبث منه بوجه من الوجوه، مع أنّه جائز بالضرورة والاتّفاق، وذلك لأنّ كلّ جزء من أجزاء الماء الوارد على المحلّ النجس إذا لاقاه كان متنجّساً بالملاقاة، خارجاً عن الطهورية في أوّل آنات اللقاء، وما لم يلاقه لا يعقل أن يكون مطهّراً. والفرق بين وروده على النجاسة وورودها عليه، مع انّه مخالف للنصوص، لا يجدي ; إذ الكلام في ذلك الجزء الملاقي ولزوم تنجّسه، والقدر المستعلى لكونه دون مبلغ الكرّ، لا يقوى على أن يعصمه بالاتّصال عن الانفعال، فلو كانت الملاقاة مناط التنجيس لزم تنجّس القدر الملاقي لا محالة، فلا يحصل التطهير. وأمّا ما تكلّفه بعضهم من أرباب [1027] القول بالانفعال هناك بعد الانفصال عن محلّ النجاسة، فمن أبعد التكلّفات. ومن ذا الذي يرتضي القول بنجاسة الملاقي للنجاسة بعد مفارقته إيّاه [1028] وطهارته حال ملاقاته لها، بل طهوريّته» [1029].

الثالث: «إنّ اشتراط الكرّ مثار الوسواس، ولأجله شقّ الأمر على الناس، يعرفه من يجرّبه ويتأمّله. وممّـا لا شكّ فيه أنّ ذلك لو كان شرطاً لكان أولى المواضع بتعذّر الطهارة مكّة والمدينة المشرّفتين ; إذ لا يكثر فيهما المياه الجارية ولا الراكد الكثير، ومن أوّل عصر النبي (صلى الله عليه وآله) إلى آخر عصر الصحابة لم ينقل واقعة في الطهارات، ولا سؤال عن كيفيّة حفظ المياه من النجاسات، وكانت أواني مياههم يتعاطاها الصبيان والإماء]و[ [1030] الذين لا يحترزون عن النجاسات، بل الكفّار، كما هو معلوم لمن تتبّع» [1031].
ثمّ أيّد ما اختاره بورود الأخبار المصرّحة بطهارة ماء الاستنجاء، وباختلاف الروايات الواردة في تقدير الكرّ.
قال: «والاختلاف في تقدير الكرّ يؤيّد ما قلناه من أنّه تخمين ومقايسة بين قدري الماء والنجاسة ; إذ لو كان أمراً مضبوطاً وحدّاً محدوداً لم يقع الاختلاف الشديد في تقديره، لا مساحةً ولا وزناً. وقد وقع الاختلاف فيهما معاً» [1032]، «والوجوب لا يقبل الدرجات بخلاف الاستحباب، وقد اعترف جماعة منهم بمثل ذلك في ماء البئر» [1033].

[ الردّ على أدلّة الكاشاني: ]
ولا يخفى على الناظر البصير والناقد الخبير أنّ ما ذكره قاصر عن درجة الدليل، خارج عن قواعد التحصيل.

أمّا الأوّل ; فلأنّ الحديث المدّعى استفاضته، مع إرساله، ليس من طرقنا ولا من روايات أصحابنا، وإن أورده بعض أصحابنا في كتبهم [1034]، فإنّ ذلك بمجرّده لا يدلّ على اعتمادهم عليه. ولعلّ منشأ توهّم الاستفاضة هو الاغترار بما حكي عن ابن أبي عقيل من ادّعائه التواتر في الحديث الذي قدّمناه، وذلك مع بعده ـ لاختلاف متن الروايتين وكذا المرويّ عنه ـ يتوجّه عليه ما مرّ هناك [1035].
وربما قيل [1036]: إنّ منشأ التوهّم ما ذكره الفاضل صاحب المدارك (رحمه الله) في بحث نجاسة الماء بالتغيّر [1037]، حيث قال بعد ذكر الحكم المذكور: «والأصل فيه الأخبار المستفيضة، كقوله (صلى الله عليه وآله)...» [1038]، ثمّ ساق الرواية.
ولا يخفى فساده ; لأنّ توصيف الأخبار بالاستفاضة لا يدلّ على استفاضة كلّ واحد منها، مع أنّه صرّح في بحث نجاسة البئر ـ حيث استشكل حكم التغيير في اللون ـ بأنّ ما دلّ عليه عاميّ مرسل [1039].

وقد أجاب بعض الأصحاب * عن الرواية، بعد أن نقلها في الاحتجاج لابن أبي عقيل بـ: «المنع من كون اللام هنا للجنس، بل يحتمل كونها للعهد ; لأنّه (عليه السلام) لمّـا نزل على بئر بُضاعة، فقال: «آتوني بوَضوء»، فقيل: يا رسول الله، إنّها بقاعة الحناء، فقال: «خلق الله الماء طهوراً لا ينجّسه شيء» [1040]، الحديث. سلّمنا، لكن لا نسلّم أنّ لام الجنس في المفرد يفيد العموم، وقد بُيّن في الأُصول. سلّمنا، لكنّه منسوخ بقوله (عليه السلام): «إذا بلغ الماء كرّاً لم يحمل خبثاً» [1041]، فإنّ هذا مدنيّ والأوّل مكّي، والمدنيّ ناسخ» [1042].

ويتوجّه على الأوّل: أنّه إن بني على المنع من عموم المفرد المحلّى رجع إلى الثاني، وإلاّ وجب القول بالعموم ; لأنّ اختصاص السبب لا يصلح لتخصيص العامّ، كما حقّق في الأُصول.

وعليه وعلى الثاني: أنّ قرائن الحديث ظاهرة في إرادة العموم، فلا يقدح فيه عدم

* ـ جاء في حاشية «ل» و«د» و«ش»: «هو الشيخ مقداد في التنقيح، شرح النافع». منه (قدس سره).

الاستفادة من الوضع.

وعلى الثالث: أنّ ارتكاب النسخ مع إمكان التخصيص خلاف التحقيق، فلا وجه لالتزامه.

وأمّا رواية السكوني ; فيتوجّه عليها:

أوّلا: الطعن في السند ; لاشتماله على السكوني والنوفلي، وهما عامّيّان [1043].

وثانياً: أنّ اللازم منها ـ وهو عدم قبول الماء المتنجّس للطهارة ـ لا يختصّ بأحد القولين ; إذ لا ريب في أنّ الماء ينجس بالتغيير، وبعد زواله يقبل التطهير إجماعاً.
وأمّا ما ذكره في بيان الاستدلال، من أنّ الماء إذا استهلك في النجاسة صار في حكمها ولم يقبل التطهير إلاّ بالاستهلاك في الماء الطاهر، وحينئذ لم يبق منه شيء ; فإن أراد به انعدامه بالكلّيّة، فهو ظاهر البطلان.
وإن أراد عدم بقائه على وصف النجاسة، لزوالها بسبب الاستهلاك، فذلك هو المطلوب ; لأنّ زوال النجاسة لا ينفك عن عروض وصف الطهارة. نعم، لمّـا كان المقدار النجس غير متميّز عند الحسّ بسبب الامتزاج مع الماء الطاهر، بحيث يعدّ معه ماءً واحداً عرفاً، فلم يمكن الحكم بزوال النجاسة عن [1044] مقدار معيّن منه، وذلك لا يقتضي انتفاء الطهارة في نفس الأمر. كيف، وطهارة الكلّ تستلزم طهارة جميع أجزائه، ولا ريب في طهارته.

وثالثاً: القول بالموجب ; فإنّا نشترط في تطهير القليل امتزاجه مع الطاهر البالغ كرّاً، كما هو أحد القولين في المسألة وأشهرهما، وحينئذ فلا فرق بينه وبين الماء المتغيّر، وعلى هذا فجهة الحكم في الحديث مطّردة، بخلاف ما لو قيل بطهارة القليل، كما لا يخفى.

فإن قلت: اللازم على القول بانفعال القليل مطلقاً أن يكون كلّ فرد من أفراد المياه صالحاً للتطهير متى عرض له نجاسة، فلم يبق للخبر جهة صدق أصلا، بخلاف ما إذا قلنا بعدم الانفعال بدون التغيير، فإنّه يصدق في صورة الملاقاة ; إذ لا تأثير للنجاسة حينئذ، ولا يحصل معه التطهير قطعاً.

قلت: الظاهر من قوله (عليه السلام): «ولا يطهَّر» أنّه لا يطهّر مع قبوله النجاسة، ولو حمل على ما هو أعمّ من ذلك اتّجه منع انتفاء المصداق للحديث على القول بالانفعال ; لمكان الطاهر الغير الملاقي للنجاسة.

والجواب عن أصل الإشكال: أنّ العموم المستفاد من ظاهر [1045] الجزء الثاني معارض بعموم الأوّل، وهو قوله: «الماء يطهِّر» ; فإنّ حذف المفعول فيه يفيد عموم التطهير لكلّ شيء، سواء كان ماءً أو غيره، فلا بدّ من تخصيص أحدهما بالآخر، وحيث أجمع الأصحاب على أنّ المياه النجسة تقبل التطهير، تعيّن تخصيص الثاني، فيكون المعنى: الماء يطهّر كلّ شيء حتّى الماء، ولا يطهَّر من شيء إلاّ الماء.

ويحتمل أن يكون المراد: أنّ الماء يطهِّر غيرَه ولا يطهِّره غيرُه.
مع أنّ متن الحديث غير مضبوط بالبناء للفاعل في الأوّل والبناء للمفعول في الثاني، بل يحتمل العكس، أو كونه بالبناء للفاعل فيهما، أو المفعول كذلك.

وكيف كان، فهذه الرواية لا تصلح للاستدلال.

وأمّا الوجه الثاني ـ وهو أقوى ما تشبّث به الخصم ـ فقد أُجيب عنه بوجوه:

الأوّل: منع المنافاة بين نجاسة الماء وحصول التطهير به في حال واحد، ولا استبعاد فيه إذا اقتضته الأدلّة الشرعيّة، وذلك لأنّ أقصى ما يستفاد من الأخبار وغيرها هو عدم جواز التطهير بما كان نجساً قبل إرادة التطهير، لا بما تنجّس بسبب التطهير. وبذلك صرّح جملة من العلماء الأعلام، منهم: المولى الأردبيلي [1046]، والمحقّق الخوانساري [1047]، والفاضل السبزواري [1048]، وغيرهم [1049]. قالوا: «واستبعاد ذلك مدفوع بوجود النظير، فإنّهم صرّحوا بوجوب طهارة أحجار الاستنجاء، وأنّ النجس منها لا يطهّر، مع أنّها حين الاستعمال تنجس بمجرّد الملاقاة، ولا يكون ذلك مانعاً عن حصول التطهير بها.
وأيضاً خروج المستعمل في الطهارة الكبرى ] عن الطهوريّة [ [1050] ـ على القول به ـ إنّما هو بسبب استعماله وملاقاته لبدن الجنب وقت الغسل، مع أنّه لا يمنع من حصول التطهير بهذا المستعمل» [1051].
وبالجملة، فغاية ما علم من الأدلّة ـ وهي الأخبار الناهية عن استعمال الماء المتنجّس ـ هو: اشتراط طهارة الماء المستعمل في إزالة النجاسات قبل ملاقاته لها. وأمّا طهارته حال الملاقاة فلا دليل عليه *، بل المستفاد خلافه، وفيه بحث ; لأنّ نجاسة الماء بالمحلّ المتنجّس يقتضي عود النجاسة إلى المحلّ المغسول بانتقالها من الماء المتنجّس إليه، لملاقاته له، وعدم الفرق بين ملاقاة المتنجّس وملاقاة عين النجاسة على ما يقتضيه قواعد الأصحاب (رحمهم الله).

وتوضيحه: أنّه لو وضع شيء نجس في ماء قليل، فبعد طهارة المحلّ وانتقال النجاسة إلى الماء، إمّا أن تعود النجاسة إلى المحلّ أم لا.

والثاني باطل ; لصيرورة الماء نجساً بملاقاة النجاسة، فيتعدّى إلى ذلك الشيء، كما لو اتّفق ملاقاته لشيء آخر. فتعيّن الأوّل، ويرجع الإشكال كما كان.
وأيضاً يلزم على هذا القول نجاسة البقايا المتخلّفة على المحلّ، فلا يجوز استصحابها في المشروط بالطهارة، بل وجب إزالتها وغَسل ما يلاقيها، وننقل الكلام إلى الغَسل الثاني، وهكذا، واللازم باطل بالضرورة. ولا ينافي القول بكون ذلك عفواً مع ثبوت أحكام الطهارة فيه ولوازمها ; فإنّ النجاسة لا تكون بمجرّد التسمية، بل إنّما تثبت بثبوت لوازمها وأحكامها.

لا يقال: يمكن القول بثبوت العفو ما دام تلك البقايا متّصلة، وأمّا لو انفصلت فلا، والمنافي للقول بالنجاسة عموم العفو، إلاّ أنّ مرجع ذلك إلى ما ذكره العلاّمة من القول بطهارة المحلّ، والحكم بنجاسة الماء بعد الانفصال [1052].
وهو على تقدير صحّته، جواب آخر عن أصل الإشكال، وبناء الكلام على تسليم.

* ـ جاء في حاشية «ل» و«د» و«ش»: «المراد أنّه لا دليل على اشتراط عدم النجاسة في جهة الملاقاة، فلو فرضنا ملاقاة النجاسة الخارجيّة حال التطهير فلا ريب في نجاسته». منه (قدس سره).

نجاسة الماء بمجرّد الملاقاة.

الثاني: منع العموم فيما دلّ على نجاسة القليل بحيث يتناول صورة النقص ; لاختصاص موارد الأخبار الواردة في نجاسة القليل بما ذكر فيها من الأُمور المخصوصة، فلا إشعار فيها بإرادة العموم بوجه.
وأقرب ما يترءى منه العموم هو مفهوم قوله (عليه السلام): «إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء» [1053]. واستفادة العموم منه مبنيّ على القول بعموم المفهوم، وقد منعه جماعة من المحقّقين [1054]، وجنح إليه الخصم في أثناء اعتراض له. ولا يلزم من ذلك الاقتصار على الموارد المعيّنة الواردة في النصوص ; للإجماع على نفي الفصل، ولشهادة التتبّع بانتفاء الفرق، ولا يتأتّى التمسّك به ها هنا ; لذهاب جملة من أصحابنا إلى طهارة الغسالة مطلقاً، ولاقتضاء التتبّع خلاف ذلك، مع أنّه على تقدير تسليمه يثبت به المطلب، فكيف يجعل حجّة عليه؟!
سلّمنا العموم، لكن نقول: دليلان تعارضا من وجه، فيجب الجمع بينهما، وذلك إنّما يكون بتخصيص أدلّة الانفعال بما دلّ على جواز الإزالة بالقليل. وحسبك في ذلك إجماع المسلمين، بل الضرورة من الدين على ما أشار إليه في وجه بطلان اللازم، مضافاً إلى الأخبار المستفيضة الدالّة عليه.
وأيضاً لولا جواز التطهير بالقليل للزم الضيق والحرج الشديد المنفيّان عقلا ونقلا ; إذ لا يمكن التطهير بغير الماء ولا يتأتّى بالمياه الجارية أو الراكدة الكثيرة غالباً. ومتى ثبت بطلان اللازم ـ أعني عدم جواز التطهير بالقليل ـ تبيّن فساد الملازمة بينه وبين القول بانفعال القليل ; لأنّ الواجب حينئذ تخصيص القليل الذي هو موضوع الحكم بما عدا المستعمل في إزالة الأخباث ; إذ [1055] ليست القواعد الشرعيّة كالكلّيات العقليّة حتّى لا يتأتّى فيها تقييد المراد، ولا يتطرّق إليها تخصيص بعض الأفراد، كيف، وتخصيص العمومات، خصوصاً في المسائل الشرعيّة، من الشيوع بمكان بحيث لا يفتقر إلى بيان.
وبالجملة، فلا تنافي بين القول بنجاسة القليل بالملاقاة وطهارة المستعمل في إزالة النجاسات. ونظير ذلك في هذه المسألة ماء الاستنجاء، فقد أجمع الأصحاب على طهارته، مع قولهم بنجاسة القليل، فلو كان القول بانفعال القليل منافياً للقول بطهارة المستعمل لكان منافياً للقول بطهارة ماء الاستنجاء، ولو صحّ الاستدلال بطهارة المستعمل على طهارة القليل لصحّ الاستدلال بطهارة ماء الاستنجاء عليه.
وفساد الاحتجاج بهذا الوجه غير خفيّ، والخصم مساعد عليه، ولذا لم يتعرّض لذلك في مقام الاستدلال، وإنّما ذكره في جملة المؤيّدات، وذلك اعتراف منه بقصوره عن درجة الدليل.

الثالث: الجواب بالتفصيل، والفرق بين ورود الماء على النجاسة وورودها عليه، كما ذهب إليه السيّد الأجلّ المرتضى (رحمه الله) [1056] وجماعة [1057] ; فإنّه على هذا لا منافاة بين القول بنجاسة القليل بالملاقاة وإمكان استعماله في إزالة النجاسات ; لأنّ اللازم حينئذ نجاسة الماء متى وردت عليه النجاسة، وهو لا ينافي تطهيره إذا كان وارداً على النجاسة بوجه من الوجوه.
وأمّا قوله: «والفرق بين وروده على النجاسة وورودها عليه، مع مخالفته للنصوص لا يجدي...» [1058]، إلى آخره ; فلا يخفى ما فيه، مع فرض تخصيص القول بالانفعال بصورة ورود النجاسة على الماء.
نعم، يتوجّه عليه ما سيجيء من أنّ الأقوى نجاسة القليل مطلقاً، من غير فرق بين ورود النجاسة على الماء وعكسه [1059]، فتأمّل.

وأمّا الثالث: فيتوجّه عليه:

أوّلا: أنّه مشترك الإلزام ; لمساعدة الخصم على الاشتراك في الجملة، كما يظهر ممّـا سننقله عنه في تأويل أخبار الكرّ. والفرق هو أنّ الأصحاب ـ رضوان الله عليهم ـ جعلوه مناط الحكم بالطهارة والنجاسة، وقد جعله معياراً لمعرفة التغيّر بالنجاسات المعتادة وعدمه إذا لم تكن ظاهرة عند الحسّ، فقد وقع في شباك الوسواس الذي هرب عنه. وزاد عليه محذوراً آخر، هو اعتبار المقايسة والنسبة بين مقداري الماء والنجاسة، وسيأتي التنبيه على ما فيه من الفساد الواضح والاختلال الفاضح [1060].

وثانياً: أنّه إن أراد أنّ اشتراط الكرّ مثار الوسواس بمعنى أنّه ممّـا أثاره الوسواس ولا دليل عليه: فهو مجرّد تخييل يراد به تدريج المذهب، ومحض تسجيل يقصد به تشييد المطلب. كيف لا؟ وأدلّة النجاسة ظاهرة، وأخبار الانفعال متواترة، فدعوى عدم الدليل في ذلك بيّن الفساد، والقول بأنّه مثار الوسواس ظاهر الكساد.
وإن أراد بذلك أنّ اشتراط الكرّ ممّـا يثير الوسواس ويصير سبباً لحصوله، وأنّ ذلك دليل على انتفاء التكليف من أصله: فهو ظاهر البطلان ; لأنّ حصول الوسواس لبعض الناس بالنسبة إلى بعض التكاليف لا يوجب انتفاء التكليف رأساً، وذلك واضح جدّاً.

وثالثاً: أنّ قلّة المياه الجارية [1061]، وكذا الراكدة الكثيرة في تلك المواضع لا يقتضي حصول وقائع في الطهارات، ولا السؤال عن حفظ المياه من النجاسات ; لجواز معلوميّة الحكم بالنجاسة لهم بوضع قانون كلّي يرجع إليه عند الحاجة، فيستغني بذلك عن السؤال عن خصوصيات القضايا السانحة.
ولو سلّم، فالاحتياج إلى الواقعة النبويّة إنّما يكون مع الجهل بالحكم الشرعيّ في المسألة المخصوصة ; إذ مع العلم لا يحتاج إلى السؤال أصلا حتّى يتحقّق الواقعة النبويّة. فالوجه في حصول الوقائع النبويّة إنّما هو الجهل بالحكم الشرعيّ، فعدم تحقّقها إنّما يدلّ على حصول العلم بالمسألة. وأمّا خصوصيّة الطهارة أو النجاسة فلا يعلم من ذلك قطعاً.
وقوله: «وكانت أواني مياههم يتعاطونها الصبيان والإماء...» إلى آخره [1062]، ففيه: أنّ تعاطي الصبيان وكذا الإماء الذين لا يتحرّزون عن النجاسات لأوانيهم لا يوجب نجاسة الماء ; لعدم العلم بوصول النجاسة. ولا اعتبار بالظنون في هذا الباب ; لأصالة الطهارة، لما روي في عدّة طرق عنهم (عليهم السلام): «أنّ الماء كلّه طاهر حتّى تعلم أنّه قذر» [1063]، ولقول عليّ (عليه السلام): «لا أُبالي أبولٌ أصابني أم ماء إذا كنت لم أعلم» [1064].
وأمّا قوله: «بل الكفّار»، فمجرّد دعوى لا دليل لها ولا برهان عليها، ولو ثبت لكان به غُنية عن غيره من الاحتجاجات الفاسدة والخيالات الباردة.

[ الردّ على مؤيّدات قول الكاشاني: ]

ويتوجّه على التأييد بطهارة ماء الاستنجاء:

أوّلا: بأنّ ذلك من باب تخصيص العمومات، وذلك شائع ذائع، وعليه المدار في الفقهيّات.

وثانياً: أنّ تخصيص الحكم بماء الاستنجاء في الأخبار يشعر بالمغايرة لغيره في الحكم، فهو بأن يكون من مؤيّدات القول بالنجاسة أولى منه بالتأييد للطهارة، كما لا يخفى.

وعلى التأييد باختلاف الأخبار في تحديد الكرّ:

أوّلا: أنّه مشترك ; لاعترافه بالاشتراك في الجملة، كما سبقت الإشارة إليه [1065].

وثانياً: اختلاف الأخبار لا اختصاص له بهذه المسألة من بين مسائل الفقه، بل الروايات كما ترى متعارضة في أكثر مسائله ; فمجرّد اختلاف الروايات في تحديد الكرّ لا يصلح مستنداً ولا مؤيّداً لطرحها رأساً، بل الواجب الرجوع فيها إلى القواعد المقرّرة في الجمع بين الأخبار، كما يصنع في غير هذه المسألة ممّـا تعارضت فيها الأخبار.
وجعْل هذا الاختلاف نظير الاختلاف في أخبار البئر لا يخفى فساده على من تأمّل في الموضعين، وأمعن النظر في أخبار المسألتين.

وثالثاً: أنّ روايات الكرّ وإن توهّم منها المنافاة في بادئ النظر، إلاّ أنّها متطابقة غاية الانطباق، بحيث يرتفع الاختلاف.

المقام الثاني: في ذكر ما رجّح به العمل بروايات الطهارة
وإيراد ما رام به التوفيق بينها وبين أخبار النجاسة.

ومرجعه إلى وجوه ثلاثة:

أحدها: أنّ ما يدلّ على المشهور إنّمايدلّ بالمفهوم، والمفهوم لا يعارض المنطوق، ولا الظاهر النصّ [1066].
وقال في موضع آخر: «والأكثر على نجاسة ما دون الكرّ بمجرّد الملاقاة ; لمفهوم الصحيحين: «إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء» [1067]، ولظاهر الآخرين [1068]. والمفهوم لا يعارض المنطوق، ولا الظاهر النصّ» [1069].

ثانيها: الحمل على التنزّه واستحباب الاجتناب، أو التفصيل بالاختيار والاضطرار.
قال في الوافي: «باب ما يستحبّ التنزّه عنه في رفع الحدث والشرب وما لا
بأس به» [1070].
ثمّ ساق الروايات المتضمّنة للنهي عن الوضوء والشرب من الماء الذي لاقته أحد تلك النجاسات المذكورة فيها ; للأمر بالإهراق، أو الإكفاء والصبّ بملاقاة اليد القذرة، أو البول، أو الدم، أو النهي عن الوضوء والشرب من الإناء الواقع فيه قطرة دم، أو خمر، أو غيرهما.
وقال في المفاتيح ـ بعد كلام له ـ: «ويحتمل أن يكون المراد به الاجتناب التنزيهي، واستحباب التجنّب عنه من غير ضرورة إليه، كما يشعر به الحسن السابق، وكذا القول في الصحيحين الظاهرين الأخيرين» [1071].
ثمّ قال: «على أنّ المستفاد من الصحاح المستفيضة أنّ الماء الذي يستعمل في الطهارات من الحدث والشرب في حالة الاختيار لا بدّ له من مزيد اختصاص في الطيبة، ولا سيّما الذي مستعمل في رفع الحدث، وأقلّه أن لا يلاقي شيئاً من النجاسات ]إن قلّ[، وعلى هذا جاز حمل ما يدلّ على انفعال الماء بدون التغيّر على المنع من استعماله اختياراً في أحد الأمرين خاصّة، دون سائر الاستعمالات. ويشهد لهذا ورود أكثره في الأمرين» [1072].

وثالثها: تأويل الأخبار الدالّة على اشتراط الكرّيّة، بحملها على أنّها مناط ومعيار للمقدار الذي لا يتغيّر من الماء بما يعتاد وروده من النجاسات.

قال في كتاب الحديث: «باب قدر الماء الذي لا يتغيّر بما يعتاد وروده من النجاسات» [1073]، ثمّ أورد هناك الروايات الدالّة على اشتراط الكرّ.
وقد مهّد لذلك في أوّل الكتاب قاعدةً، فقال: «وعلى هذا فنسبة مقدار من النجاسة إلى مقدار من الماء كنسبة مقدار أقلّ من تلك النجاسة إلى مقدار أقلّ من ذلك الماء، ومقدار أكثر منها إلى مقدار أكثر منه، وكلّما غلب الماء على النجاسة فهو مطهّر لها بالاستحالة، وكلّما غلبت النجاسة عليه لغلبة أحد أوصافها فهو منفعل عنها، خارج عن الطهوريّة بها» [1074].
وقال أيضاً بعد إيراد صحيحة صفوان، المتضمّنة للسؤال عن الحياض التي بين مكة والمدينة ـ وقد تقدّمت[1075] ـ: «لمّـا كانت الحياض التي بين الحرمين الشريفين معهودة معروفة...» [1076]، إلى آخره.
وقال في المفاتيح بعد الطعن في أدلّة المشهور، بكونه مفهوماً لا يعارض المنطوق: «مع أنّ غاية ما يدلّ عليه هذا المفهوم تنجّس ما دون الكرّ بملاقاة شيء مّا، لا كلّ نجاسة، فيحمل على المستولية جمعاً، فيكون المراد لم يستول ]عليه شيء [حتّى ينجس، أي لم يظهر فيه النجاسة، فيكون تحديداً للقدر الذي لا يتغيّر بها في الأغلب» [1077]. انتهى كلامه.

ويتوجّه على الأوّل:

أوّلا: أنّ دعوى انحصار الأدلّة في مفهوم الصحيحين وظاهر الآخرين، بعد ما وقفتَ عليه من الأخبار الواردة في هذا المضمار، لا يخفى ما فيه من التمحّل والاعتساف، والانحراف عن جادة الإنصاف ; لأنّ ما دلّ على الانفعال كاد أن يبلغ حدّ التواتر ; لكثرته، كما نصّ عليه بعض أصحابنا [1078] ومع ذلك فالاقتصار في مقام الاستدلال على أربعة منها، مؤذناً بدعوى الانحصار فيها عجيب.
وأعجب من ذلك ادّعاؤه أنّ ما دلّ على النجاسة إنّما يدلّ بالمفهوم، مع أنّ صريح كلامه يدلّ على تحقّق ما دلّ بالمنطوق أيضاً ; لأنّه أراد بالظاهرين الآخرين صحيحة الفضل بن عبد الملك وصحيحة عليّ بن جعفر (عليهما السلام) [1079]، ودلالتهما بالمنطوق، على أنّ ما يدلّ بالمنطوق غير مقصور على ذلك أيضاً ; لأنّ كثيراً من أخبار الانفعال يدلّ عليه بمنطوقه، كأخبار الولوغ، ورواية الإنائين، ورواية الميل، وغيرها من الأخبار المستفيضة المتضمّنة للأمر بإهراق الماء وصبّه بإدخال اليد القذرة في الإناء، أو بغسل الأواني التي وقع فيها ميتة، أو شرب منها نجس العين، والروايات المتضمّنة للنهي عن الوضوء والشرب من الإناء بوقوع قطرة دم أو خمر، إلى غير ذلك من الأخبار، وقد مرّت مفصّلة [1080].

وثانياً: أنّ المفهوم إنّما لا يعارض المنطوق مع الاستواء في المرجّحات عدا الدلالة ; فإنّه يجب ترجيح المنطوق حينئذ. أمّا إذا كان المفهوم محفوفاً بقرائن الصحّة، معتضداً بأمارات الوثوق، فالواجب ترجيحه قطعاً ; لأنّ المدار في ترجيح أحد المتعارضين على الآخر إنّما هو بحصول أسباب الوثوق والاعتماد في أحدهما دون الآخر، أو حصوله فيه أزيد من الآخر، ولا فرق في ذلك بين أن يكونا مفهومين، أو منطوقين، أو أحدهما مفهوماً والآخر منطوقاً. وقد مرّ مفصّلا أنّ الترجيح في أخبار الانفعال [1081].
وناهيك في ذلك إطباق الأصحاب على الأخذ بها، والإجماع المنقول عن جماعة من الفحول [1082] على صحّة مضمونها، ومخالفتها لجميع مذاهب العامّة، وعلى هذا فيجب العمل بها، ويتعيّن حمل ما يعارضها على التقيّة، أو توجيهها بما مرّ مفصّلا [1083].

وعلى الثاني:

أوّلا: أنّ القول بالطهارة مع استحباب الاجتناب، خارج عن القولين، وكذا التفصيل بالاختيار والاضطرار ; لأنّ القائل بنجاسة القليل بالملاقاة يمنع عن استعماله مطلقاً، اختياراً كان أو اضطراراً، ولا يجوز استعماله على حال. وأمّا القائل بطهارته ـ وهو ابن أبي عقيل (رحمه الله) ـ، فإنّه يجوّز استعماله كذلك من دون فرق بين حالتي الاختيار والاضطرار، ولم ينقل عنه القول باستحباب التنزّه عنه[1084] والاجتناب، بل المنقول عنه هو التسوية بين القليل والكثير. ومقتضى عموم التسوية انتفاء الكراهة أيضاً.

وثانياً: أنّ التأويل بأحد الوجهين لا يساعده كثير من أخبار المسألة، منها: الموثّقتان الواردتان في الإنائين المشتبهين [1085] ; فإنّه لا يتأتّى فيهما شيء من التأويلين المذكورين، لتضمّنهما الأمر بالعدول إلى الطهارة الإضطراريّة المشروطة بفقدان ما يصحّ معه الطهارة الاختياريّة، والمفروض هنا انتفاء ما عدا النجاسة من الموانع، فيتعيّن ذلك للمانعيّة.

ومنها: صحيحة الفضل بن عبد الملك [1086] ; فإنّ التدبّر فيما تضمّنته من وجوه الدلالات، والتأمّل فيما اقترن بها من ضروب المبالغة والتأكيدات ـ كما سبق التنبيه عليه [1087] ـ يقتضي القطع بأنّ المنع فيها لأجل النجاسة وتحتّم الاجتناب، دون الكراهية والاستحباب.

ومنها: الأخبار المستفيضة المتضمّنة للأمر بإهراق الماء، أو صبّه، أو إكفاء الإناء، وغير ذلك من العبارات الدالّة على عدم صلاحيّة الماء الملاقي لشيء من الانتفاعات المتصوّرة ; فإنّ ذلك لا يعقل على تقدير الاستحباب، سواء أُريد من ذلك العبارات ظواهرها، أو جعلت كنايةً عن المنع عن الاستعمال، بمعنى أنّ وجوده كعدمه ـ كما ذكره المحقّق (رحمه الله) في المعتبر [1088] ـ ; لأنّ الانتفاعات السائغة على تقدير الكراهة لا تحصى كثرةً.
هذا، مع ما ورد في بعض الأخبار من المنع عن إتلاف الماء عبثاً وعدّه إسرافاً [1089]، وإهراق الماء مع طهارته وجواز الانتفاع به إسراف قطعاً.

ومنها: موثّقة عمّـار الساباطي [1090]، في الرجل يجد الفأرة في إنائه وقد توضّأ منه مراراً واغتسل منه وغسل ثيابه، وقد أمره (عليه السلام) بغسل ثيابه وغسل كلّ ما أصابه من ذلك الماء، وبإعادة الوضوء والصلاة التي صلاّها كذلك مع كثرتها.
ولو كان الماء طاهراً، لم يجب شيء من ذلك.
والقول باستحبابه بعيد جدّاً، ولا أرى القائل بالطهارة يقول به. كيف، والمفروض فيها عدم العلم بوقوع النجاسة، فلم يتوجّه إليه النهي التنزيهي أيضاً.
وأمّا سائر الأخبار الدالّة على الانفعال، فإنّها وإن لم تكن بهذه المثابة في وضوح الدلالة، إلاّ أنّ تنزيلها على أحد هذين التأويلين بعيدٌ جدّاً، سيّما الأخبار المتضمّنة للنجاسة بالملاقاة، كمفهوم قوله (عليه السلام): «إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء» [1091]، ومنطوق رواية أبي بصير: «ما يبلّ الميل ينجّس حبّاً من ماء» [1092] ; فإنّ المراد من النجاسة هو المعنى المعروف عند المتشرّعة ـ كما بيّناه سابقاً [1093] ـ ومع ذلك لا يعقل الحمل على التنزّه والاستحباب، ولا التفصيل بالاختيار والاضطرار، على أنّا لو سلّمنا جواز تطرّق التأويل بالنظر إلى كلّ واحد من تلك الروايات، فمن البيّن عدمه بالنسبة إلى مجموعها ; يظهر ذلك لمن أمعن النظر فيما ورد من الأخبار في هذا الباب، وضمّ بعضها إلى بعض.

وثالثاً: أنّ الماء الملاقي للنجاسة إن كان نجساً وجب اجتنابه مطلقاً، اختياراً واضطراراً، في الوضوء والشرب وغيرهما.
وإن كان طاهراً جاز استعماله كذلك ; لتحقّق شرط الاستعمال ـ وهو الطهارة ـ وانتفاء ما يقدر للمانعيّة هنا، سوى نجاسة الماء، والمفروض انتفاؤها. فلا وجه للمنع عن الاستعمال حالة الاختيار في الوضوء والشرب خاصّة، ولا للحكم بفساد العبادة المشروطة بالطهارة.

والحاصل: أنّ المنع عن الاستعمال حال الاختيار ـ على تقدير القول به ـ لا يكون إلاّ لأجل نجاسة الماء حينئذ ; إذ لا مانع سواه إجماعاً، ومع ثبوت النجاسة فلا فرق بين حالتي الاختيار والاضطرار، ولا بين استعماله في أحد الأمرين أو غيرهما ; لأنّ المنع باعتبار النجاسة لا يرتفع إلاّ بزوالها، ومن المعلوم أنّ الاضطرار ليس من المطهّرات، وكذا خصوصيّة بعض الاستعمالات.
هذا، إن أُريد بالمنع حالة الاختيار عدم جواز استعماله في تلك الحالة، وإن أُريد به المنع على جهة التنزّه والكراهيّة، رجع إلى التأويل الأوّل، ولم يكن بينهما فرق أصلا.

ورابعاً: أنّ التفصيل بالاختيار والاضطرار لا يلائم ظاهر الروايات الدالّة على الطهارة أيضاً ; لإطلاقها بالنظر إلى الحالين، بل الظاهر من أكثرها أنّها واردة في صورة الاختيار. فالتفصيل المذكور متوقّف على تقييد أخبار الطهارة بحالة الاضطرار و [1094] صرفها عن ظاهرها من العموم أو الخصوص.
فعُلم أنّ التفصيل ينافي أخبار الطرفين، وذلك كاف في فساده.

وخامساً: أنّ ما ادّعاه من لابدّية زيادة الاختصاص بحسب الطيبة في الماء المستعمل في أحد الأمرين: الوضوء والشرب، إن أراد أنّ ذلك شرط في جواز الاستعمال بأحد الوجهين، فلا ريب في بطلانه ; لجواز استعمال ما فُقد فيه الاختصاص المذكور قطعاً، كالماء المشمّس والآجن، والملاقي للنجاسة إذا كان بقدر الكرّ.
وإن أراد به مطلق الرجحان، وأنّ زيادة الاختصاص في الطيبة شرط في كماله، فهو مسلّم ولا يجدي ; إذ الكلام في تحتّم الاجتناب حال الاختيار، فلا يتمّ التقريب، على أنّ ذلك أيضاً إنّما يتمّ في الماء المستعمل في رفع الأحداث دون الشرب ; لانتفاء ما يدلّ عليه من طريق الأخبار، وإن شهد له ظاهر الاعتبار.
ودعوى استفادته من الأخبار الصحيحة غير مسموعة، بل ربما يستظهر العدم، من الفرق بين الأمرين في بعض المواضع، منها: ما ورد في سؤر الحائض: «اشرب منه ولا تتوضّأ» [1095]، مع أنّ كثيراً من أخبار الانفعال لا تختصّ بهذين الاستعمالين، بل يعمّ سائر الانتفاعات، فلا بدّ من تقييدها بالاستعمالين حينئذ.
ولا يخفى ما في ذلك كلّه من التكلّف والتعسّف.
والأولى أن يستشهد لهذا الجمع بصحيحة عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى (عليه السلام)، أنّه سأله عن اليهودي والنصراني، يدخل يده في الإناء، أيتوضّأ منه للصلاة ؟ قال: «لا، إلاّ أن يضطرّ إليه» [1096].
وبما رواه في قرب الإسناد، عنه، عن أخيه (عليه السلام)، قال: وسألته عن جنب، أصابت يده من جنابته، فمسحه بخرقة، ثمّ أدخل يده في غِسله قبل أن يغسلها، هل يجزيه أن يغتسل من ذلك الماء ؟ قال: «إن وجد ماءً غيره فلا يجزيه أن يغتسل به، وإن لم يجد ]غيره[ أجزأه» [1097].

والجواب عن الأُولى: بحمل النهي عن الوضوء حال الاختيار على الكراهة، و [1098] الضرورة فيها على التقيّة.

وعن الثانية: بضعف السند، واحتمال الحمل على الكراهة.
وكيف كان، فالجمع بهذا الوجه ممّـا لا ريب في بطلانه ; لعدم انطباقه على شيء من القولين، ومنافاته أكثر أخبار الطرفين، فما يشعر به من بعضها مأوّل أو مطروح.

وسادساً: أنّ التأويل إنّما يسوغ مع تكافؤ الأدلّة وتقاومها، من غير مرجّح لبعضها على بعض، وقد مرّ غير مرّة أنّ الترجيح في أخبار النجاسة ; لكثرتها، واعتبار سند أكثرها، واشتهار العمل بها بين الأصحاب، واعتضادها بالإجماعات المنقولة، ومخالفة كثير منها لمذاهب العامّة، وغير ذلك من الشواهد والمرجّحات، مع أ نّك قد عرفت فيما تقدّم أنّ أخبار الطهارة لا تخلو عن ضعف في سند [1099]، أو قصور في دلالة [1100]، ولو سلّمنا حصول التقاوم بينها، فلا ريب أنّ التأويل بما ذكرنا أولى ـ بالنظر إلى مجموع الروايات ـ وألصق [1101]، فتأمّل.
ويتوجّه على الثالث [1102]:

أمّا أوّلا: فلأنّ فيه ارتكاب الخروج عن الظاهر من وجهين:

أحدهما: أنّ المفهوم من تنجيس شيء لآخر هو جعله إيّاه نجساً، وإخراجه عن صلاحية الاستعمال فيما يشترط فيه الطهارة، وأمّا تغييره له، فلا يفهم من العبارة قطعاً. والحمل عليه صَرف اللفظ عن ظاهره وحقيقته.

وثانيهما: أنّ «الشيء» الواقع في تلك الروايات نكرة في سياق النفي، ولا ريب في إفادتها العموم، فتخصيصها بالمعتاد من النجاسات يحتاج إلى دليل.

وأمّا ثانياً: فلعدم تأتّي التأويل المذكور في بعض أخبار الكرّ، كحسنة زرارة: «إذا كان الماء أكثر من راوية لم ينجّسه شيء إلاّ أن يجيء له ريح يغلب على ريح الماء» [1103] ; إذ لو حمل التنجيس هنا على التغيير لفسد الاستثناء، كما لا يخفى.

وأمّا ثالثاً: فلأنّه لو كان الكرّ معياراً لما [1104] لم يتغيّر بالنجاسات المعتادة غالباً، لزم بحكم المفهوم ثبوت التغيير بها لما [1105] نقص عنه ولو قليلا، كدرهم مثلا.
والبديهيّة تقضي بأنّ المقدار المؤثّر في تغيير الناقص عن الكرّ بدرهم، أو أقلّ، يقتضي ثبوت ذلك التأثير فيما بلغ كرّاً أيضاً، وما لا يؤثّر في هذا لا يؤثّر في ذاك.

وأمّا رابعاً: فلأنّ النجاسات المعتاد ورودها، منها: ما لا دخل له في التغيير بوجه، وإن تكرّر وروده، كمباشرة نجس العين من الحيوانات، وملاقاة المحلّ المتنجّس الخالي عن النجاسة.

ومنها: ما له مدخليّة فيه، ولكن يختلف بالنظر إلى النجاسة الواردة كميّةً وكيفيّةً، وكذا المحلّ القابل صفاءً وكدورةً، وعذوبةً وملوحةً، بل ربما يتّفق الاختلاف والتفاوت بالنسبة إلى الأُمور الخارجيّة، كاختلاف الهواء حرارةً وبرودةً.
وبالجملة، فالنجاسات المعتادة ربما تؤثّر في مقدار الكرّ، وقد لا تؤثّر في الناقص عنه، وليس ذلك حدّاً ينضبط ولا قاعدةً لا تنخرم، فلا يمكن جعله معياراً يعتمد عليه، ولا مداراً يستند في الأحكام الشرعيّة إليه.

وأمّا خامساً: فلأنّ تغيير الماء في أحد أوصافه الثلاثة أمر محسوس لا لبس فيه، فلا حاجة في العلم به إلى اعتبار المقايسة والنسبة بين مقداري الماء والنجاسة، بل الواجب فيه استعلامه بالحسّ، فإن كان متغيّراً وجب اجتنابه، وإلاّ لم يجب، بل جاز استعماله.
وأمّا ما تمسّك به في دفع هذا الإيراد، من أنّه ربما يعرض الاشتباه في حصول التغيّر أحياناً ; فيتوجّه عليه: أنّ احتمال عروض التغيّر بمجرّده لا يوجب الخروج عمّـا يقتضيه أصل الطهارة الثابت بالنصّ والإجماع، ما لم يصل إلى درجة العلم أو الظنّ المعتبر شرعاً ـ لو قلنا به ـ، بل الواجب استصحاب الحكم بالطهارة إلى أن يتحقّق الرافع.
فقد روي عن الصادق (عليه السلام) أنّ: «الماء كلّه طاهر حتّى تعلم أنّه قذر» [1106]. وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): «لا أُبالي أبولٌ أصابني أم ماء إذا كنت لم أعلم» [1107].
وأمّا ما استند به من حديث النهاية [1108]، فهو حجّة عليه، لأنّه إذا كان معنى قوله (عليه السلام): «إذا بلغ الماء كرّاً لم يحمل خبثاً» [1109]، أنّه لم يظهر الخبث مع تحقّقه فيه، لم يكن بلوغ القلّتين معياراً لعدم التغيير [1110]، بل كان قدر القلّتين محتملا لعروض التغيير الواقعيّ، وإن لم يدرك بالحسّ، فلو وجب الاجتناب لأجل ذلك لوجب هناك أيضاً.
وأيضاً فاللازم على هذا المعنى من جهة المفهوم أنّ الناقص من القلّتين يحمل الخبث، بمعنى أنّه يُظهره. وإظهاره الخبث إنّما يكون بظهور تغيّره عند الحسّ، ومع ذلك لا حاجة إلى استعلامه بالمقايسة والنسبة، إلاّ أن يقال: إنّ الاستعلام به محتاج إليه بعد زوال التغيير [1111].

وأمّا سادساً: فلأنّ ما اعتبره من النسبة والمقايسة بين مقداري الماء والنجاسة لا يجدي في استعلام تغيّر الماء وتأثّره ممّـا يرد عليه، مع تحقّق شرائط الإحساس حال الملاقاة ; وذلك لأنّ المقدار المقيس عليه:
إن كان مغيّراً لما هو وارد عليه، بحيث يكون التغيير فيه ظاهراً عند الحسّ، لزم أن يكون المقيس مغيّراً لما ورد عليه من الماء أيضاً ; لاتّحاد النسبة، والقطع بأنّ المقدار المعيّن من النجاسة لو غيّر الماء، فنصف ذلك المقدار يغيّر نصف ذلك الماء، وثلثه ثلث الماء، والربع الربع، وهكذا. وعلى هذا كان التغيير محسوساً، فلا يحتاج في استعلامه إلى الاستدلال.
وإن لم يكن مغيّراً، فالاشتباه قائم في المقيس عليه، كما في المقيس، من دون فرق.
نعم، إنّما يفيد اعتبار المقايسة لو اتّفق الملاقاة ولم يتحقّق شرط من شرائط الإحساس، كوجود الآلة، أو حصول الالتفات، أو حضور المحلّ، أو غيرها من الشرائط، فإنّه يحكم حينئذ بالتغيير على تقدير العلم بالنسبة وحصول التغيّر في المقيس عليه، إلاّ أنّ التعويل عليها في العلم بالتغيّر في جميع أنواع النجاسات إنّما يتأتّى مع العلم بنسبة مقدار معيّن من كلّ نوع من الأنواع إلى مقدار معيّن من كلّ نوع من أنواع المياه ; للاختلاف الفاحش بين أنواع النجاسات في التأثير والتغيير، وكذا بين أنواع المياه في القبول والتأثّر، ودون حصول العلم بذلك كلّه خرط القتاد، على أنّ ذلك إنّما ينفع لو كانت الزيادة والنقصان بنسبة واحدة، كنصف المقدار من النجاسة إلى نصف المقدار من الماء، وضعفه إلى ضعفه، وهكذا. فلو اختلفت النسبة لم يتيسّر المقايسة، كما لو كانت النجاسة نصفاً والماء ضعفاً، أو بالعكس، وهكذا.
وأيضاً فاعتبار النسبة والمقايسة لا تعلّق له بمضمون روايات الكرّ ; إذ المستفاد منها حينئذ أنّ الكرّ معيار للقدر الذي لا يتغيّر بالنجاسات المعتادة، فنسبة القدر المعتاد إلى ما دون الكرّ بالتغيّر [1112]، وإلى الكرّ بعدمه، فيستحيل المقايسة:
إمّا لأجل سقوط الطرف في المنسوب ; إذ المراد من الأقلّ من الكرّ كلّ ما كان أقلّ، فلا يتصوّر الأقلّ من الأقلّ، وكذا المراد من الكرّ ما بلغ الحدّ المعروف، أو زاد عليه، ولا يتصوّر الزائد عليه.
أو لدخول طرف المنسوب في طرف المنسوب إليه، فإنّ الأقلّ من الأقلّ من الكرّ أقلّ من الكرّ، والزائد على الكرّ كرّ، والتغاير معتبر في النسبة.
وأمّا صحيحة صفوان الجمّـال [1113]، فقدّر الماء ـ وإن علم بسؤاله (عليه السلام) عن قدر العمق ـ، لكن لم يحصل العلم بقدر النجاسة الواردة عليه، والحكم بمقتضي النسبة فرع العمل [1114] به، كما عرفت.
فعلم أنّ اعتبار المقايسة والنسبة لا ينطبق على مدلول شيء من روايات الانفعال، وذلك واضح لا يرتاب فيه ذو مسكة.

وأمّا سابعاً: فلأنّ الجمع المشار إليه بقوله: «فيحمل على المستولية» [1115] جمع فاسد ; لأنّ عدم نجاسة الكرّ الذي هو حكم المنطوق مخصوص بما إذا لم يكن متغيّراً، للقطع بالنجاسة لأجل التغيير في الكرّ وغيره، فيكون المراد من النجاسة المثبتة في طرف المفهوم هي التي تكون باعتبار الملاقاة، وإلاّ لم يبق فرق بين حكمي المنطوق والمفهوم، وهو خلاف المفروض.
هذا، مع أنّ المستفاد من هذا الكلام الجمع بحمل «الشيء» على النجاسة المستولية، والمستفاد ممّـا رتّبه عليه بقوله: «فيكون المراد لم يستول عليه حتّى ينجس» هو الجمع بحمل التنجيس على التغيّر، وتخصيص الشيء بما يعتاد وروده ; وبينهما تدافع لا يخفى. فاستقم، ولا تخبط خبط عشواء [1116].

تذنيب:
لا خلاف بين القائلين بالانفعال في عموم الحكم به، بمعنى عدم اختصاصه ببعض صور الملاقاة فيما عدا ما استثني [1117]، أو نقل فيه الخلاف [1118].
ومنعه بعض المتأخّرين [1119]، مدّعياً أنّه ليس في الروايات ما يدلّ على انفعال القليل بكلّ ما يلاقيه من النجاسات ; لاختصاصها بمواردها المعيّنة، وفقد اللفظ الدالّ على العموم فيها.

وفيه بحث:

أمّا أوّلا: فلإطلاق بعض الروايات، كالأخبار التي وقع التعبير فيها بالقذر [1120]، وكذا ما دلّ على اشتراط الكرّية، كمفهوم الصحيحين: «إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء» [1121]، ولازم الآخَرَين: وقد سئل عن الماء الذي لا ينجّسه شيء قال (عليه السلام): «كرّ» [1122]، وقد تقدّم الوجه فى ذلك [1123].
ولو سلّمنا انتفاء العموم في كلّ من تلك الروايات، فتتبّع جميع الأخبار الواردة يقتضي ذلك ; فإنّ مجموعها يشتمل على التنجيس بجميع أنواع النجاسات، وإن اختصّ آحادها ببعضها.

وأمّا ثانياً: فلأنّ شهادة الحال تقتضي بأنّ السبب في الانفعال إنّما هو ملاقاة النجاسة، من دون مدخليّة للخصوصيّة [1124] فيه، وأنّ ذِكرَ بعضها بخصوصه إنّما هو على جهة المثال. كيف، ولو اشترط في ثبوت الأحكام الشرعيّة ورودها بلفظ العموم، لم يثبت من أحكام الفقه إلاّ القليل ; إذ أكثرها يرد في ضمن الجزئيّات المتفرّقة، فيحكم بالعموم.
ومن ثَمّ يتبادر التعارض وإن اختلف المورد، فيرتكب التأويل، مع أنّه لا وجه للحكم بالتعارض لولا ما رسخ في الأذهان من القطع بانتفاء الفرق.

وأمّا ثالثاً: فلأنّ الأصحاب ـ رضوان الله عليهم ـ بين قائل بالطهارة وقائل بالنجاسة فيما عدا ما استثني، ولا قائل بالفصل، فتخصيص الأخبار بمواردها خرق للإجماع المركّب، وبطلانه عندنا واضح.
______________________________________________________
[444]. مختلف الشيعة 1: 13، المسألة 1.
[445]. التنقيح الرائع 1: 39، وفيه: «وينجسه مذهب...».
[446]. المهذّب البارع 1: 79.
[447]. مدارك الأحكام 1: 38.
[448]. الدروس الشرعيّة 1: 118، وفيه: «على التغيّر...».
[449]. جامع المقاصد 1: 110.
[450]. حاشية شرائع الإسلام (المطبوع ضمن حياة المحقّق الكركي وآثاره 10) : 24، وما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.
[451]. حاشية المختصر النافع (المطبوع ضمن حياة المحقّق الكركي وآثاره 7) : 15، وفيه: «هذا هو
المُفتى به...».
[452]. الإثنا عشريّات الخمس: 91.
[453]. الخلاف 1: 175 ـ 176، المسألة 130، وفيه: «إحداهنّ بالتراب».
[454]. منتهى المطلب 3: 332. فإنّه نقل فيه إجماع أكثر أهل العلم إلاّ من شذّ.
[455]. ذكرى الشيعة 1: 125.
[456]. الانتصار: 86 ـ 87.
[457]. نفس المصدر: 88.
[458]. أمالي الصدوق: 514، المجلس 93.
[459]. النأي: البُعد... تناءَوا: تباعدوا. لسان العرب 14: 7، «نأي».
[460]. في «ل»: «أوجب»، وشطب على الهمزة في «د».
[461]. في «د» و«ل»: ويدلّ على ذلك مضافاً إلى ما قد عرفت الأخبار.
[462]. الكافي 3: 2، باب الماء الذي لا ينجّسه شيء، الحديث 2، التهذيب 1: 42 / 107، باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، الحديث 46، الاستبصار 1: 6 / 1، باب مقدار الماء الذي لا ينجّسه شيء، الحديث 1، وسائل الشيعة 1: 158، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 9، الحديث 1.
[463]. الكافي 3: 2، باب الماء الذي لا ينجّسه شيء، الحديث 1، التهذيب 1: 42 / 108، باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، الحديث 47، وسائل الشيعة 1: 159، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 9،
الحديث 6.
[464]. أي: الكرّ وغيره.
[465]. المتوهّم هو المحدّث الكاشاني في مفاتيح الشرائع 1: 83.
[466]. في «ش» بدل «ها هنا»: «هنا».
[467]. في «ن»: لنبذة.
[468]. كذا في النسخ، والظاهر أنّ الأنسب: باللزوم غير البيّن.
[469]. لم نعثر عليه. نعم، لمزير الإطّلاع راجع: الفوائد الحائريّة: 185، وقوانين الأصول 1: 176،
ومفاتيح الأصول: 207.
[470]. راجع: الوافية: 233 ـ 234. فإنّه ذكر بعض هذه الفوائد والوجوه، ثمّ قال: «فظهر بطلان ادّعاء اللزوم غير البين بين المفهوم والمنطوق».
[471]. في «د»: أو العبث.
[472]. في «ش» و«ن»: «إذا لم يظهر»، والصحيح ما أثبتناه في المتن.
[473]. في «د»: بتعيّن.
[474]. هما: محمّد بن سلام، المعروف بـ «أبي علي الجبائي»، شيخ المعتزلة في زمانه، وابنه عبد السلام بن محمّد بن عبد الوهاب، المكنّى بـ «أبي هاشم» ; يقال لهما الجبائيان. نقل عنهما العلاّمة في منتهى المطلب 1: 75، باب أحكام البئر، والرازي في المحصول 2: 367، عن الجبائي والفقهاء والمبرّد.
[475]. منتهى الوصول والأمل: 102 ـ 103.
[476]. شرح مختصر المنتهى 1: 215 ـ 216.
[477]. شرح الكافية 2: 129.
[478]. من جملة القائلين بعدم وضعه للعموم: السيد الداماد في عيون المسائل (المطبوع ضمن اثنا عشر رسالة) : 27، وفخرالدين الرازي في المحصول 2: 367.
[479]. قال في منتهى المطلب 1: 75: «الألف واللام في الدابة ليست للعهد... فإمّا أن يكون للعموم، كما ذهب إليه الجبائيان، أو لتعريف الماهية، على المذهب الحقّ». وانظر أيضاً: مبادئ الوصول (للعلاّمة) : 124.
[480]. معارج الأصول: 86 ـ 87. واعلم أنّ المحقّق (قدس سره) ردّ دلالة الاسم المعرّف باللام على الاستغراق أو العموم وضعاً في أوائل كلامه ولكن قال في آخر هذا البحث: «ولو قيل: إذا لم يكن ثَمّ معهود وصدر من حكيم، فإنّ ذلك قرينة حاليّة تدلّ على الاستغراق، لم ينكر ذلك». ولمزيد من الاطلاع انظر: المعتبر 1: 64،
ومدارك الأحكام 1: 75، ومعالم الدين (قسم الأُصول) : 106.
[481]. كالسيّد العاملي في مدارك الأحكام 1: 75، والشيخ حسن في معالم الدين (قسم الأُصول) : 106.
[482]. في «ن»: المعهود.
[483]. انظر: تمهيد القواعد: 381 ـ 382.
[484]. في «د»: كما قالوا. راجع: فقه القرآن (للراوندى) 1: 10، وكنز العرفان 1: 7.
[485]. المائدة (5) : 6.
[486]. المائدة (5) : 38.
[487]. شرح مختصر المنتهى 1: 37.
[488]. التهذيب 1: 237 / 642، باب المياه وأحكامها، الحديث 25، الاستبصار 1: 25 / 64، باب سؤر ما يؤكل لحمه...، الحديث 1، وسائل الشيعة 1: 230، كتاب الطهارة، أبواب الأسآر، الباب 4، الحديث 2،
بتفاوت يسير، وما في التهذيب والاستبصار مطابق لما في المتن.
[489]. كذا في النسخ، والأصحّ حذف «قال».
[490]. هذه العبارة لم ترد في النسخة المحقّقة من مختلف الشيعة.
[491]. هذا الكتاب لا أثرله، كما أشار إلى ذلك العلاّمة الأمين في أعيان الشيعة 5: 406، والعلاّمة الطهراني
في الذريعة 2: 30.
[492]. في المصدر: «سلّمنا دلالة المفهوم، لكن يكفي في دلالة المفهوم مخالفة...».
[493]. في المصدر بدل ما بين القوسين: «بسؤرهما ولا شربه والباقي يجوز».
[494]. أثبتناه من المصدر.
[495]. كذا في النسخ، وفي المصدر: «الكلّي».
[496]. مختلف الشيعة 1: 65، المسألة 32.
[497]. في المصدر: المتعلّق.
[498]. ما بين القوسين أثبتناه من المصدر.
[499]. التهذيب 1: 238 / 643، باب المياه وأحكامها، الحديث 26.
[500]. نفس المصدر. وهذه الرواية نبويّ مرسل، لم ترد في مصادر رواياتنا إلاّ التهذيب، ولم نجدها أيضا في مصادر روايات أهل السنّة.
[501]. معالم الدين (قسم الفقه) 1: 364 ـ 365.
[502]. تقدّم في الصفحة 98.
[503]. شرح مختصر المنتهى 1: 306.
[504]. نسبه في إجابة السائل شرح بغية الآمل: 229، إلى أتباع ابن الحاجب.
[505]. في «ل»: غير مأكول.
[506]. منتهى الوصول والأمل: 147.
[507]. راجع: الصفحة 95.
[508]. انظر: شرح مختصر المعاني (للتفتازاني) 1: 96.
[509]. أي: ثبوت الرؤية لغير المتكلّم.
[510]. في «ن»: ونظائرها له.
[511]. القائل هو المحقّق الخوانساري في مشارق الشموس: 186، السطر 13.
[512]. أي: الثالث من الأخبار الدالّة على نجاسة القليل بالملاقاة. واعلم أنّ أرقام الروايات في نسختي
«ن» و«ش» مرتبة حسب الحروف الأبجدية، وفي سائر النسخ بالعدد الترتيبي، واعتمدنا في ذلك
على نسختي «د» و«ل».
[513]. التهذيب 1: 439 / 1308، الزيادات في باب المياه، الحديث 27، وسائل الشيعة 1: 159، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 9، الحديث 5.
[514]. التهذيب 1: 444 / 1326، الزيادات في باب المياه، الحديث 45، وسائل الشيعة 1: 155، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 8، الحديث 13.
[515]. القائل هو الشيخ حسن في معالم الدين (قسم الفقه) 1: 126، ومنتقى الجمان 1: 48.
[516]. حكاه المحقّق الخوانساري في مشارق الشموس: 186، السطر 30.
[517]. في «ش» و«ل»: المتعذّر.
[518]. حكاه النوري في مطارح الأنظار: 5، عن بعض المحقّقين في تعليقاته على المعالم.
[519]. التهذيب 1: 52 / 144، باب آداب الأحداث...، الحديث 83، الاستبصار 1: 55 / 160، باب وجوب الاستنجاء...، الحديث 15، وسائل الشيعة 1: 315، كتاب الطهارة، أبواب أحكام الخلوة، الباب 9، الحديث 1.
[520]. ما بين المعقوفين أثبتناه لاستقامة المعنى.
[521]. عوالي اللآلئ 2: 218، الحديث 12، مستدرك الوسائل 4: 158، كتاب الصلاة، أبواب القراءة في الصلاة، الباب 1، الحديث 8.
[522]. التهذيب 1: 44 / 115، باب آداب الأحداث...، الحديث 54، و: 40 / 101، باب آداب الأحداث...، الحديث 40، وسائل الشيعة 1: 159، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 9، الحديث 7.
[523]. تقدّم في الصفحة: 95.
[524]. منتهى المطلب 1: 38.
[525]. نسب الشيخ حسن في منتقى الجمان 1: 51، القول بالصحّة إلى جمهور المتأخرين من الأصحاب.
فمن جملة من صحّح الرواية: الجزائري في كشف الأسرار 2: 131 ـ 132، والمولى الأردبيلى في
مجمع الفائدة والبرهان 1: 260، والخوانساري في مشارق الشموس: 198، السطر 10.
[526]. التهذيب 1: 44 / 115، باب آداب الأحداث...، الحديث 54.
[527]. التهذيب 1: 40 / 101، باب آداب الأحداث...، الحديث 40.
[528]. هذا اشكال آخر في سند الرواية وهو أنّ تخلل الواسطة بين عبد الله بن سنان والإمام الصادق (عليه السلام) مستنكرة، كما اتّفق في هذه الرواية، إذ وقع بينه وبين الصادق (عليه السلام) إسماعيل بن جابر.
[529]. منتقى الجمان 1: 51. واعلم أنّه قد ذكر في معالم الدين (قسم الفقه) 1: 133 مناقشات أُخرى في
سند الرواية غير ما أورده المؤلّف، ما هذا لفظها: «وقد وصفها جمع من الأصحاب بالصحّة وفي طريقها البرقي، والمراد به محمّد بن خالد، وفيه كلام مع أنّ توثيقه لم يعلم إلاّ من شهادة الشيخ. وإسماعيل بن جابر
لم يوثّقه غير الشيخ أيضاً وتبعه العلاّمة في الخلاصة. وفي طريقها مع ذلك إشكال آخر لايخفى على المارس وإن شملت الغفلة عنه الجمّ الغفير».
[530]. مدارك الأحكام 1: 50.
[531]. أي: إلاّ إذا عُلم أنّ عبدالله بن سنان لم يبق بعد زمان الصادق (عليه السلام) ليدركه البرقي.
[532]. رجال الطوسي: 354، الرقم 14.
[533]. اقتصر في النسخة المطبوعة من رجال الطوسي: 225، الرقم 42، ذيل أصحاب الصادق (عليه السلام) على ذكر اسمه هكذا: «عبد الله بن سنان الكوفي» والموجود في نسخة الميرزا والمولى القهبائي، كما حكي عنهما في معجم رجال الحديث: «عبدالله بن سنان مولى قريش، وكان على الحير (الخزائن) من جهة المنصور والمهدي بعده». فعلى ذلك لايمكن نسبة القول بأنّه كان خازناً للرشيد إلى الشيخ. واعلم أنّ النجاشي ذكر في رجاله: 214، الرقم 558، أنّه كان خازناً للمنصور والمهدي والهادي والرشيد.
[534]. نقل عنه الحرّ العاملي في خاتمة وسائل الشيعة 30: 473.
[535]. اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) 2: 848 ـ 850.
[536]. انظر: وسائل الشيعة 30: 473 ـ 478، ومعجم رجال الحديث 16: 151 ـ 163.
[537]. الكافي 1: 50، باب النوادر من كتاب فضل العلم، الحديث 13، وفيه: «قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: اعرفوا منازل الناس على قدر روايتهم عنّا»، وسائل الشيعة 27: 79، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب 8، الحديث 7.
[538]. واعلم أنّ مثل ما ذكر المؤلف في ردّ اعتراض صاحب المدارك، أورده الشيخ البهائي في مشرق الشمسين: 387 ـ 388.
[539]. التهذيب 1: 44 / 114، باب آداب الأحداث...، الحديث 53، وسائل الشيعة 1: 164، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 11، الحديث 1.
[540]. الكافي 3: 4، باب الماء الذي تكون فيه قلّة...، الحديث 7، التهذيب 1: 442 / 1317، الزيادات في
باب المياه، الحديث 36، الاستبصار 1: 22 / 54، باب الماء القليل...، الحديث 9، وسائل الشيعة 1: 162، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 9، الحديث 12.
[541]. هو المحقّق الخوانساري في مشارق الشموس: 188، السطر 27.
[542]. ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.
[543]. التهذيب 1: 238 / 646، باب المياه وأحكامها، الحديث 29، الاستبصار 1: 19 / 40، باب حكم الماء
إذا ولغ فيه الكلب، الحديث 2، وسائل الشيعة 1: 226، كتاب الطهارة، أبواب الأسآر، الباب 1، الحديث 4.
[544]. كالأخبار الدالّة على بيع العجين بالماء النجس ممّن يستحلّ الميتة. راجع: وسائل الشيعة 17: 99، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 7.
[545]. المعترض هو المحقّق الخوانساري في مشارق الشموس: 190، السطر 15.
[546]. في «ل» ومصحّحة «د»: حقّقناه.
[547]. الذريعة إلى أُصول الشريعة: 51، أيضاً راجع الصفحة: 27.
[548]. في «ن»: فهو.
[549]. عوالي اللآلئ 1: 399، الحديث 51، وفيه: «إحداهنّ بالتراب»، مستدرك الوسائل 2: 602، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات...، الباب 45، الحديث 3.
[550]. التهذيب 9: 135 / 501، باب الذبائح والأطعمة...، الحديث 237، وفيه: «في الإناء، يُشرب منه النبيذ، فقال: يغسله سبع مرّات، وكذلك الكلب»، وسائل الشيعة 25: 368، كتاب الأطعمة والأشربة،
أبواب الأشربة المحرّمة، الباب 30، الحديث 2.
[551]. التهذيب 1: 238 / 644، باب المياه وأحكامها، الحديث 27، الاستبصار 1: 18 / 39، باب حكم الماء
إذا ولغ فيه الكلب، الحديث 1، وسائل الشيعة 1: 225، كتاب الطهارة، أبواب الأسآر، الباب 1، الحديث 3.
[552]. التهذيب 1: 276 / 760، باب تطهير الثياب، الحديث 47، بتفاوت يسير، وسائل الشيعة 1: 225،
كتاب الطهارة، أبواب الأسآر، الباب 1، الحديث 2.
[553]. الخلاف 1: 186، المسألة 143، والناقل عنه المحقّق في المعتبر 1: 460.
[554]. المعتبر 1: 460. واعلم أنّه في أوّل هذا البحث يقول: «ليس الخنزير كالكلب في الولوغ»، ثمّ ينقل كلام الشيخ في الخلاف ومستنده، ويناقش فيه.
[555]. الخلاف 1: 187، المسألة 143.
[556]. في المصدر: فيه.
[557]. التهذيب 1: 441 / 1315، الزيادات في باب المياه، الحديث 34، وسائل الشيعة 1: 216، كتاب الطهارة، أبواب الماء المضاف، الباب 10، الحديث 1.
[558]. في «ن»: على تقدير تحقّق، وفي «ل»: على تحقيق تقدير.
[559]. الكافي 3: 74، باب النوادر من كتاب الطهارة، ذيل الحديث 16، وفيه: «فيقطر قطرة»، وسائل الشيعة
1: 150، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 8، الحديث 1.
[560]. الفقيه 1: 8، باب المياه وطهرها ونجاستها، الحديث 6، التهذيب 1: 436 / 1297، الزيادات في باب المياه، الحديث 16، مع اختلاف يسير فيهما، وسائل الشيعة 1: 145، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 6، الحديث 2.
[561]. التهذيب 1: 436 / 1296، الزيادات في باب المياه، ذيل الحديث 51، ولم نعثر عليه في الاستبصار.
[562]. كالعلاّمة المجلسي في بحار الأنوار 77: 11 ـ 12، كتاب الطهارة، حيث حمله على استيلاء الماء على النجاسة.
[563]. الصحاح 3: 906، «بأس»، القاموس المحيط 2: 199، «بأس».
[564]. القائل هو المحقّق الخوانساري في مشارق الشموس: 212، السطر 4.
[565]. نقل عنه المجلسي في روضة المتقين 1: 93.
[566]. ذكر الشهيد الثاني في الرعاية: 207، أنّ نفي البأس يوهم البأس، وذكر البحراني في الحدائق الناضرة
23: 563، أنّه: «قيل إنّ نفي البأس لا يخلو من البأس».
[567]. الكافي 3: 11، باب الرجل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها...، الحديث 3، وسائل الشيعة 1: 152، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 8، الحديث 3.
[568]. في المصدر: إن شئت فاسأل يا شهاب وإن شئت أخبرناك.
[569]. بصائر الدرجات: 238، باب في أنّ الأئمّة (عليهم السلام) أنّهم يعرفون الأضمار...، الحديث 13، مع اختلاف يسير، وسائل الشيعة 1: 161، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 9، الحديث 11.
[570]. التهذيب 1: 41 / 105، باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، الحديث 44، وسائل الشيعة 1: 153، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 8، الحديث 7.
[571]. التهذيب 1: 400 / 1170، الزيادات في باب دخول الحمّام، الحديث 28، وسائل الشيعة 1: 148،
كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 7، الحديث 1.
[572]. من هنا إلى الرواية 26 يختلف محلّ ذكر الأخبار وأرقامها بين نسختي «ن» و«ش» ونسختي «ل» و«د»، وإليك المقايسة بين أرقام الروايات في المخطوطات:
نسختي «ن» و«ش»: 18، 19، 20، 21، 22، 23، 24، 25.
نسختي «ل» و«د»: 21، 18، 19، 22، 23، 24، 25، 20.
و قد رتّبنا الأخبار حسب ترتيب نسختي «د» و«ل».
[573]. التهذيب 1: 439 / 1305، الزيادات في باب المياه، الحديث 24، الاستبصار 1: 29 / 76 باب الماء يقع فيه شيء ينجّسه...، الحديث 3، ، وسائل الشيعة 1: 242، كتاب الطهارة، أبواب الأسآر، الباب 11، الحديث 1. وما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.
[574]. القائل هو المحدّث البحراني في الحدائق الناضرة 1: 289.
[575]. في «ن» و«ش»: أنّ الظاهر وقوع العجين قبل.
[576]. في «ل»: «فلايحمل»، بدل: «فلايجوز الحمل».
[577]. من قوله: «ووجه الاستدلال بها» إلى هنا ورد في «ن» و«ش» ذيل الرواية الآتية.
[578]. التهذيب 1: 439 / 1306، الزيادات في باب المياه، الحديث 24، وسائل الشيعة 1: 243، كتاب الطهارة، أبواب الأسآر، الباب 11، الحديث 2.
[579]. التهذيب 1: 44 / 113، باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، الحديث 52، وسائل الشيعة 1: 167، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 11، الحديث 1.
[580]. المذكورة في الصفحة 108. وفي «ل» و«ن»: «والتقريب يعلم ممّا مرّ في إسماعيل بن جابر».
[581]. في «ن»: الواحد.
[582]. التهذيب 1: 236 / 640، باب المياه وأحكامها، الحديث 23، وسائل الشيعة 3: 421، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات، الباب 14، الحديث 9.
[583]. قال العلاّمة في منتهى المطلب 3: 222، «الكفّار أنجاس، وهو مذهب علمائنا أجمع، سواء كانوا أهل الكتاب أو حربيّين أو مرتدّين». وقال ابن زهرة في غنية النزوع: 44: «إنّ كلّ من قال بنجاسة المشرك قال بنجاسة غيره من الكفّار». وفي قبال هذا الإجماع ادّعاء الخلاف في نجاسة أهل الكتاب من الفاضل الإصفهاني في كشف اللثام 1: 400، حيث قال: «وعلى الجملة فلا خلاف عندنا في نجاسة غير اليهودي والنصارى من أصناف الكفّار، كما في المعتبر، وإنّما الخلاف فيهم».
[584]. نقل عنهما الشهيد الثاني في مسالك الأفهام 12: 66، ولم يرد ذكره في مختلف الشيعة.
[585]. الكافي 3: 11، باب الوضوء من سؤر الحائض...، الحديث 5، وسائل الشيعة 1: 229، كتاب الطهارة، أبواب الأسآر، الباب 3، الحديث 1.
[586]. في المصدر: «مني».
[587]. التهذيب 1: 140 / 368، باب حكم الجنابة...، الحديث 59، وسائل الشيعة 2: 229، كتاب الطهارة، أبواب الجنابة، الباب 26، الحديث 2.
[588]. «في الغسل» لم يرد في «ن».
[589]. الكافي 3: 2، باب الماء الذي ينجّسه شيء، الحديث 3، وسائل الشيعة 1: 140، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 3، الحديث 9.
[590]. في «د» و«ل»: في الأصل يقال.
[591]. انظر: لسان العرب 5: 380، «روي».
[592]. في «د» و«ل»: وهو المراد في الرواية.
[593]. القاموس المحيط 1: 299، «زيد»، وفيه: «تُفْأَم بينهما بثالث لتتّسع».
[594]. مجمع البحرين 3: 59، «زيد»، وفيه: «لأنّه يزاد».
[595]. لم نعثر على حكاية القول عنه، والموجود في كتابه تهذيب اللغة 13: 235، «زيد» هكذا: «وأمّا الراوية، فهي مجمع المزادتين اللتين تعكمان على جنبي البعير، ويروَّى عليهما بالرِّواء، وكلّ واحدة منهما مزادة والجميع مزايد...».
[596]. في «د» و«ل»: عن.
[597]. الاستبصار 1: 6 / 4، باب مقدار الماء الذي لا ينجّسه شيء، الحديث 4.
[598]. هو الشيخ حسن في منتقى الجُمان 1: 52.
[599]. التهذيب 1: 436 / 1298، الزيادات في باب المياه، الحديث 17.
[600]. التهذيب 7: 120 / 435، باب بيع الواحد بالاثنين...، ذيل الحديث 41، الاستبصار 1: 40 / 112، باب البئر يقع فيها الفأرة...، ذيل الحديث 7، و3: 95 / 325، باب النهي عن بيع الذهب بالفضة نسيئة، ذيل الحديث 9.
[601]. «القمي» لم يرد في «ن».
[602]. رجال النجاشي: 16، الرقم 18، قال فيه: «وأصحابنا يقولون أوّل من نشر حديث الكوفيين بقم هو».
[603]. سيذكره قريباً.
[604]. في «د» و«ل»: في.
[605]. هو السيد الداماد في الرواشح السماويّة، الراشحة الرابعة: 83.
[606]. غاية المراد 3: 436.
[607]. في «د»: فما.
[608]. عنه في الفهرست (للطوسي) : 182، باب: يونس.
[609]. «أول» لم يرد في «د» و«ل».
[610]. هذا مثل سائر، يضرب لمن يفضل على أقرانه، انظر: مجمع الأمثال (للميداني) 3: 11. والمراد بالفراء: حمار الوحش، أو اللباس المعروف الذي هو شيء كالجبة، يبطن من جلود بعض الحيوانات.
[611]. لمزيد من الاطّلاع على أحوال إبراهيم بن هاشم راجع: الفوائد الرجاليّة (رجال السيد بحرالعلوم)
1: 439 ـ 464.
[612]. التهذيب 1: 296 / 821، باب تطهير الثياب و...، الحديث 108، الاستبصار 1: 189 / 663، باب الخمر يصيب الثوب...، الحديث 4، وسائل الشيعة 3: 471، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات، الباب 38، الحديث 9.
[613]. في المصدر: فيلقيه.
[614]. الكافي 6: 416، باب النبيذ، الحديث 3، التهذيب 1: 233 / 629، باب المياه وأحكامها، الحديث 12، الاستبصار 1: 16 / 29، باب الوضوء بنبيذ التمر، الحديث 2، وسائل الشيعة 1: 203، كتاب الطهارة، أبواب الماء المضاف، الباب 2، الحديث 2.
[615]. تقدّم قبل سطور.
[616]. في «ل»: الحبّ.
[617]. التهذيب 1: 39 / 99، باب آداب الأحداث...، الحديث 38، الاستبصار 1: 20 / 47، باب الماء القليل...، الحديث 2، وسائل الشيعة 1: 153، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 8، الحديث 9.
[618]. التهذيب 1: 40 / 102، باب آداب الأحداث...، الحديث 41، وسائل الشيعة 1: 154، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 8، الحديث 10.
[619]. الكافي 3: 10، باب الوضوء من سؤر الدواب و...، الحديث 6، التهذيب 1: 243 / 662، باب المياه وأحكامها، الحديث 45، و: 264 / 713، باب تطهير المياه من النجاسات، الحديث 44، الاستبصار
1: 21 / 48، باب الماء القليل...، الحديث 3، وسائل الشيعة 1: 151، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 8، الحديث 2.
[620]. التهذيب 1: 264 / 712، باب تطهير المياه من النجاسات، الحديث 43، و: 431 / 1281، الزيادات فى باب التيمّم، الحديث 19، وسائل الشيعة 1: 155، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 8، الحديث 14.
[621]. هو المحقّق الخوانساري في مشارق الشموس: 190، السطر 17. فهو ضمن إيراد المناقشة في دلالة هذه الرواية وسابقتها قال: «... وإمكان الحمل على التغيّر، لأنّ السؤال فيهما عن حكم الاشتباه وليس التنجيس منظوراً حتى يكون إطلاق وقوع القذر مخالفاً ظاهراً للحمل على التغيّر».
[622]. هكذا في النسخ، والظاهر أنّ الأصحّ كما في المصدر: «التغيّر».
[623]. في «د» و«ل»: ولايخفى.
[624]. الكافي 3: 9، باب الوضوء من سؤر الدواب و...، الحديث 5، بتفاوت يسير، التهذيب 1: 242 / 660، باب المياه وأحكامها، الحديث 43، الاستبصار 1: 25 / 64، باب سؤر ما يؤكل لحمه...، الحديث 1، وسائل الشيعة 1: 230، كتاب الطهارة، أبواب الأسآر، الباب 4، الحديث 2.
[625]. في «د»: الواحد.
[626]. في المصدر: إن كان في منقارها قذر.
[627]. الفقيه 1: 13 / 18، باب المياه وطهرها ونجاستها، الحديث 18، وسائل الشيعة 1: 153، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 8، الحديث 6.
[628]. في المصدر: فليتوضّأ منه واشربه.
[629]. التهذيب 1: 300 / 832، باب تطهير الثياب و...، الحديث 119، وسائل الشيعة 1: 231، كتاب الطهارة، أبواب الأسآر، الباب 4، الحديث 3 و4.
[630]. لم يقع في سند الرواية على ما في التهذيب والكافي «احمد بن يحيى»، والظاهر أنّ النسخة الموجودة عند المؤلّف كانت وقع فيها التصحيف، فإنّه التفت إلى هذا الأمر ـ كما يشير إليه بعد سطور ـ اتكالاً على احاطته بعلم الرجال.
[631]. اعلم أنّ المعروف بين الرجاليين أنّه في مثل هذا المقام، عند اشتراك ثقة وغيرها في الإسم وفقد القرينة، ينصرف الإطلاق إلى الثقة. راجع: منتهى المقال 4: 343، و7: 120.
[632]. رجال الطوسي: 520، باب الكنى.
[633]. كما في النسخة المطبوعة المحقّقة التي اعتمدنا عليها. واعلم أنّ هذه الرواية مذكورة أيضاً في الاستبصار
1: 25 / 64، باب سؤر ما يؤكل لحمه، الحديث 1، ولم يرد في سندها أحمد بن يحيى.
[634]. الدَّنّ: ما عَظُم من الرواقيد، وهو كهيئة الحُبّ إلاّ أنّه أطول مستوي الصنعة، في أسفله كهيئة قَونَس البيضة، والجمع: الدِّنان وهي الحباب، وقيل: الدَّنّ أصغر من الحُبّ. لسان العرب 4: 418، «دنن».
[635]. في المصدر: أيصلح.
[636]. التهذيب 1: 300 / 830، باب تطهير الثياب...، الحديث 117، وسائل الشيعة 3: 494، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات، الباب 51، الحديث 1.
[637]. انظر: لسان العرب 12: 155، «كمخ»
[638]. الفقيه 1: 20 / 26، باب المياه وطهرها ونجاستها، الحديث 26، التهذيب 1: 443 / 1322، الزيادات في باب المياه، الحديث 41، وما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر، وسائل الشيعة 1: 142، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 4، الحديث 1.
[639]. التهذيب 1: 443 / 1320، الزيادات في باب المياه، الحديث 39، وسائل الشيعة 1: 153، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 8، الحديث 8.
[640]. النهاية (لابن الاثير) 1: 80، مع تصرّف في العبارة، «أوق».
[641]. القاموس المحيط 4: 401، «وقي».
[642]. الصحاح 6: 2527، «وقى».
[643]. التهذيب 1: 239 / 650، باب المياه وأحكامها، الحديث 33، وفيه: «يستسقى منه»، وسائل الشيعة
1: 226، كتاب الطهارة، أبواب الأسآر، الباب 1، الحديث 7.
[644]. قال العاملي في مناهج الأخيار: «أمّا أبو بصير فهو مشترك بين أربعة رجال، اثنان ضعيفان: عبدالله بن محمّد الأسدي من أصحاب الباقر (عليه السلام)، وفي الكشي أنّه روى عن أبي عبدالله (عليه السلام)، ويوسف بن الحرث، روى عن الباقر (عليه السلام). واثنان ثقتان، أحدهما إمامي، وثانيهما واقفي، الأوّل: هو ليث البختري المرادي، روى عن الباقر والصادق والكاظم (عليهم السلام)، والثاني، يحيى بن القسم، روى عنهم (عليهم السلام)».
[645]. رجال النجاشي: 123، الرقم 318.
[646]. في مصحّحة «د» و«ل»: وأحزابهم.
[647]. كذا في المصدر، وفي بعض النسخ: أدخلت.
[648]. الكافي 3: 11، باب الرجل يدخل يده في الإناء...، الحديث 1، بتفاوت يسير، وسائل الشيعة 1: 152، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 8، الحديث 4.
[649]. كذا في المخطوطات، وفي المصدر: يحمل.
[650]. التور: إناء من صُفر أو حجارة، كالإجّانة وقد يتوضَّأ منه. لسان العرب 2: 63، «تور».
[651]. التهذيب 1: 41 / 103، باب آداب الأحداث...، الحديث 42، وسائل الشيعة 1: 154، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 8، الحديث 11. والآية في سورة الحج (22) : 78.
[652]. راجع: الصفحة: 106 ـ 107.
[653]. «به» لم يرد في «ل».
[654]. في «ن»: على الاستحباب.
[655]. في «د»: فيه.
[656]. في «ن»: تردّد.
[657]. في «ن»: وعلى كلّ حال.
[658]. علل الشرائع: 292، الباب 220، الحديث 1، مع تفاوت يسير، وسائل الشيعة 1: 220، كتاب الطهارة، أبواب الماء المضاف، الباب 11، الحديث 5.
[659]. في المصدر: سأله غيري.
[660]. التهذيب 1: 396 / 1143، باب دخول الحمّام و...، الحديث 1، وسائل الشيعة 1: 218، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 11، الحديث 1.
[661]. الكافي 3: 14، باب ماء الحمّام و...، الحديث 1، وسائل الشيعة 1: 219، كتاب الطهارة، أبواب الماء المضاف، الباب 11، الحديث 4.
[662]. في «د» و«ل»: الواحد.
[663]. في المصدر: فقال سل ما.
[664]. الكافي 6: 498، باب الحمّام، الحديث 10، وسائل الشيعة 2: 40، كتاب الطهارة، أبواب آداب الحمّام، الباب 10، الحديث 7.
[665]. أي: إنّ التحذير الوارد في بعض من هذه الأخبار يكون بمنزلة النهي الذي يدلّ على التحريم، وتحريم الاستعمال أيضاً يدلّ على النجاسة.
[666]. في بعض النسخ: «و».
[667]. الظاهر أنّه المحقّق الخوانساري في مشارق الشموس: 188، السطر 9.
[668]. في «ن»: والاطلاع على.
[669]. راجع: المصباح 17، الصفحة 376.
[670]. كذا في المصدر، وفي «د» و«ل»: بكير.
[671]. التهذيب 1: 400 / 1168، الزيادات في باب دخول الحمّام، الحديث 26، وسائل الشيعة 1: 149،
كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 7، الحديث 4.
[672]. كذا في المخطوطات.
[673]. التهذيب 1: 238 / 647، باب المياه وأحكامها، الحديث 30، وسائل الشيعة 1: 226، كتاب الطهارة، أبواب الأسآر، الباب 1، الحديث 6.
[674]. التهذيب 1: 239 / 648، باب المياه وأحكامها، الحديث 31، وسائل الشيعة 1: 226، كتاب الطهارة، أبواب الأسآر، الباب 1، ذيل الحديث 6.
[675]. التهذيب 1: 238 / 645، باب المياه وأحكامها، الحديث 28، وسائل الشيعة 1: 226، كتاب الطهارة، أبواب الأسآر، الباب 1، الحديث 5.
[676]. كذا في المصدر، وفي بعض النسخ: «إذا ولغ».
[677]. فقه الرضا: 93، بتفاوت يسير، مستدرك الوسائل 1: 219، كتاب الطهارة، أبواب الأسآر، الباب 1،
الحديث 1.
[678]. الفقيه 1: 8 ـ 9، باب المياه وطهرها ونجاستها، ذيل الحديث 10.
[679]. كذا في المخطوطات، وفي المصدر: أمّ خالد.

2 و[681]. مابين القوسين لم يرد في المصدر.
[682]. هو كنية أبي بصير المكفوف.
[683]. التهذيب 9: 130 / 486، باب الذبائح والأطعمة، الحديث 222، مع اختلاف، وسائل الشيعة 25: 344، كتاب الأطعمة والأشربة، أبواب الأشربة المحرّمة، الباب 20، الحديث 2. واعلم أنّ الرواية وردت أيضاً في الكافي 6: 413، باب من اضطّر إلى الخمر...، الحديث 1، وإن أسندها المؤلف إلى التهذيب فقط.
[684]. التهذيب 9: 130 / 484، باب الذبائح والأطعمة، الحديث 220، وفيه: «ولاقطرة تقطر»، وسائل الشيعة 25: 341، كتاب الأطعمة والأشربة، أبواب الأشربة المحرّمة، الباب 18، الحديث 1.
[685]. في «د»: تنتفي.
[686]. في المصدر: جرّة.
[687]. ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر، وبقرينة ما يأتي في مدلول الرواية يظهر أنّ السقط من الناسخ.
[688]. «منه» لم يرد في «د» و«ل» و«ش».
[689]. لم نجده في قرب الإسناد، بل هي مذكورة في كتاب مسائل علي بن جعفر: 197، الحديث 420، وسائل الشيعة 1: 156، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 8، الحديث 16.
[690]. في الصفحة: 130.
[691]. الكافي 1: 468، باب مولد عليّ بن الحسين (عليه السلام)، الحديث 4، بصائر الدرجات: 483، باب أنّ الأئمّة يعرفون متى يموتون، الحديث 11، كشف الغمّة 2: 110، عن الدلائل للحميري، وسائل الشيعة 1: 156، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 8، الحديث 15.
[692]. في «ن»: الواحد.
[693]. التهذيب 1: 254 / 693، باب تطهير المياه من النجاسات، الحديث 24، وما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر، وسائل الشيعة 1: 174، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 14، الحديث 14.
[694]. المعتبر 1: 48 ـ 49.
[695]. مختلف الشيعة 1: 14 ـ 15، ذيل المسألة 1.
[696]. التهذيب 1: 440 / 1309، الزيادات في باب المياه، الحديث 28، وسائل الشيعة 1: 166، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 10، الحديث 8.
[697]. القاموس المحيط 4: 40، «قلل».
[698]. مجمع البحرين 5: 454، «قلل».
[699]. المعتبر 1: 45.
[700]. الحديث 49، المذكور في الصفحة 140.
[701]. في «ل»: صغيراً أو كبيراً.
[702]. المعتبر 1: 45.
[703]. منتهى المطلب 1: 35.
[704]. التهذيب 1: 245 / 669، باب المياه وأحكامها، الحديث 52، وسائل الشيعة 1: 241، كتاب الطهارة، أبواب الأسآر، الباب 10، الحديث 2.
[705]. الكافي 3: 5، باب البئر وما يقع فيها، الحديث 4، وسائل الشيعة 1: 242، كتاب الطهارة، أبواب الأسآر، الباب 10، الحديث 4.
[706]. في «ن»: المقدّر.
[707]. «و» لم يرد في «د» و«ل».
[708]. مابين القوسين ورد في المصدر هكذا: «أيغتسل فيه للجنابة أو يتوضّأ منه للصلاة إذا كان لايجد غيره،
والماء لا يبلغ صاعاً للجنابة ولا مدّاً للوضوء وهو متفرّق، فكيف يصنع به وهو يتخوّف أن يكون السباع
قد شربت منه ؟».
[709]. التهذيب 1: 441 / 1315، الزيادات في باب المياه، الحديث 34، وسائل الشيعة 1: 216، كتاب الطهارة، أبواب الماء المضاف، الباب 10، الحديث 1.
[710]. مسائل علي بن جعفر: 207، الحديث 446، قرب الإسناد: 179، وسائل الشيعة 1: 223، كتاب الطهارة، أبواب الماء المضاف، الباب 14، الحديث 1. وما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر لاستقامة المعنى.
[711]. مسائل علي بن جعفر: 130، الحديث 115، وفيه: «إذا جرى به المطر فلا بأس»، وسائل الشيعة 1: 148، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 6، الحديث 9.
[712]. في المصدر وبعض المخطوطات: الشراب.
[713]. قرب الإسناد: 272، مسائل علي بن جعفر: 154، الحديث 212، وسائل الشيعة 25: 369، كتاب الطهارة، أبواب الأشربة المحرّمة، الباب 30، الحديث 5.
[714]. القاموس المحيط 4: 303، «بطي».
[715]. القاموس المحيط 1: 641، «نجد»، وفيه: «الناجود: الخمر وإناؤها».
[716]. نوادر الراوندي: 39، مستدرك الوسائل 1: 190، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 5، الحديث 1.
[717]. فقه الرضا: 91، مستدرك الوسائل 1: 189، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 3، الحديث 7.
[718]. فقه الرضا: 91، مستدرك الوسائل 1: 192، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 5، الحديث 6.
[719]. فقه الرضا: 86، مستدرك الوسائل 1: 194، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 7، الحديث 2.
[720]. في «ل»: «فيه»، وفي «ش»: «إليها».
[721]. في «ل»: قد بالغنا.
[722]. التهذيب 1: 138 / 362، باب حكم الجنابة و...، الحديث 53، الاستبصار 1: 118 / 398، باب الجنب هل عليه المضمضة و...، الحديث 5، وسائل الشيعة 2: 225، كتاب الطهارة، أبواب الجنابة، الباب 24، الحديث 2.
[723]. ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.
[724]. التهذيب 1: 138 / 363، باب حكم الجنابة و...، الحديث 54، وفيه بدل «المرفق»: «المرفقين»، الاستبصار 1: 123 / 419، باب وجوب الترتيب في غسل الجنابة، الحديث 1، وسائل الشيعة 2: 230، كتاب الطهارة، أبواب الجنابة، الباب 26، الحديث 6.
[725]. الكافي 3: 43، باب صفة الغسل والوضوء قبله...، الحديث 1، التهذيب 1: 139 / 365، باب حكم الجنابة و...، الحديث 56، الاستبصار 1: 123 / 420، باب وجوب الترتيب في غسل الجنابة، الحديث 2،
وسائل الشيعة 2: 229، كتاب الطهارة، أبواب الجنابة، الباب 26، الحديث 1.
[726]. التهذيب 1: 139 / 364، باب حكم الجنابة و...، الحديث 55، وسائل الشيعة 1: 212، كتاب الطهارة، أبواب الماء المضاف، الباب 9، الحديث 4.
[727]. الكافي 3: 3، باب الماء الذي لا ينجّسه شيء، الحديث 5، الاستبصار 1: 10 / 14، باب كميّة الكر، الحديث 3، ومابين المعقوفين أثبتناه من المصدر، وسائل الشيعة 1: 166، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 10، الحديث 6.
[728]. أمالي الصدوق: 514، المجلس 93، وسائل الشيعة 1: 165، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق،
الباب 10، الحديث 2.
[729]. الكافي 3: 3، باب الماء الذي لاينجّسه شيء، الحديث 8، التهذيب 1: 45 / 118، باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، الحديث 57، بتفاوت يسير فيهما، وسائل الشيعة 1: 166، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 10، الحديث 7.
[730]. التهذيب 1: 440 / 1312، الزيادات في باب المياه، الحديث 31، وما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر، الاستبصار 1: 42 / 117، باب البئر تقع فيها العذرة...، الحديث 2، وسائل الشيعة 1: 174، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 14، الحديث 15.
[731]. الكافي 3: 2، باب الماء الذي لا ينجّسه شيء، الحديث 4، التهذيب 1: 431 / 1282، الزيادات في
باب المياه، الحديث 1، الاستبصار 1: 33 / 88، باب البئر يقع فيها ما يغيّر أحد أوصاف الماء...،
الحديث 9، وسائل الشيعة 1: 160، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 9، الحديث 8.
[732]. فقه الرضا (عليه السلام) : 91، وفيه: «سبيل الماء الجاري»، مستدرك الوسائل 1: 201، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 13، الحديث 3.
[733]. السرائر 1: 63، مستدرك الوسائل 1: 198، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 9، الحديث 6.
[734]. السرائر 1: 63، بتفاوت يسير.
[735]. في «د» و«ل»: في.
[736]. في «ش» و«ل»: تكثّر.
[737]. البقرة (2) : 29.
[738]. الفرقان (25) : 48.
[739]. الزمر (39) : 21.
[740]. النحل (13) : 10.
[741]. المؤمنون (23) : 18.
[742]. تفسير القمي 2: 91، ذيل الآية 18 من سورة المؤمنون.
[743]. الأنفال (8) : 11.
[744]. النساء (4) : 43، المائدة (5) : 6.
[745]. الكافي 3: 1، باب طهور الماء، الحديث 2 و3، وفيه: «حتّى يُعْلَم»، التهذيب 1: 228 / 619 و620 و621، باب المياه وأحكامها، الحديث 2 و3 و4، وسائل الشيعة 1: 134، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 1، الحديث 5.
[746]. روضة المتقين 1: 33، نقل بالمضمون.
[747]. حكاه عنه العلاّمة في مختلف الشيعة 1: 14، المسألة 1.
[748]. التهذيب 1: 427 / 1264، الزيادات في باب التيمّم، الحديث 2، وسائل الشيعة 1: 133، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 1، الحديث 1، نقلاً عن الفقيه 1: 109 / 224، باب التيمّم، الحديث 13.
[749]. الفقيه 1: 10 / 13، باب المياه وطهرها ونجاستها، الحديث 13، التهذيب 1: 378 / 1064،
الزيادات في باب صفة الوضوء، الحديث 27، وسائل الشيعة 1: 133، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 1، الحديث 4.
[750]. التهذيب 1: 229 / 625، باب المياه وأحكامها، الحديث 8، الاستبصار 1: 12 / 19، باب حكم الماء الكثير...، الحديث 2، ورواه أيضاً الكليني في الكافي 3: 4، باب الماء الذي تكون فيه قلّة...، الحديث 3، وسائل الشيعة 1: 137، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 3، الحديث 1.
[751]. زاد في «د» و«ل»: الذي.
[752]. في المصدر: أو طعمه.
[753]. التهذيب 1: 43 / 112، باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، الحديث 51، الاستبصار 1: 9 / 10،
باب مقدار الماء الذي لا ينجّسه شيء، الحديث 10، وفيهما: «فاشرب وتوضّأ»، وسائل الشيعة 1: 138،
كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 3، الحديث 4.
[754]. بصائر الدرجات: 238، باب أنّ الأئمّة (عليهم السلام) يعرفون الاضمار، الحديث 13، مع اختلاف يسير، وسائل الشيعة 1: 161، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 9، الحديث 11، وفيه: «وكل ما غلب عليه...».
[755]. الكافي 3: 4، باب الماء الذي تكون فيه قلّة و...، الحديث 4، بتفاوت يسير، وسائل الشيعة 1: 141، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 3، الحديث 11.
[756]. التهذيب 1: 239 / 649، باب المياه وأحكامها، الحديث 32، الاستبصار 1: 19 / 43، باب حكم الماء إذا ولغ فيه الكلب، الحديث 5، وسائل الشيعة 1: 228، كتاب الطهارة، أبواب الأسآر، الباب 2، الحديث 6.
[757]. التهذيب 1: 265 / 717، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، الحديث 4، وسائل الشيعة 3: 397، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات، الباب 2، الحديث 1.
[758]. كذا في المصدر وفي بعض النسخ: لاتتوضّأ.
[759]. التهذيب 1: 157 / 427، باب حكم الجنابة وصفة الطهارة منها، الحديث 118، وفيه: «إلاّ من ضرورة إليه»، وسائل الشيعة 1: 163، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 9، الحديث 15.
[760]. الكافي 3: 6، باب البئر وما يقع فيها، الحديث 10، الفقيه، 1: 10 / 14، باب المياه وطهرها ونجاستها، الحديث 14، التهذيب 1: 433 / 1289، الزيادات في باب المياه، الحديث 8، وسائل الشيعة 1: 170، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 14، الحديث 2.
[761]. التهذيب 1: 236 / 640، باب المياه وأحكامها، الحديث 23، وسائل الشيعة 2: 421، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات، الباب 14، الحديث 9.
[762]. الكافي 3: 74، باب النوادر من كتاب الطهارة، الحديث 16، وسائل الشيعة 1: 150، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 8، الحديث 1.
[763]. الفقيه 1: 7 / 4، باب المياه وطهرها ونجاستها، الحديث 4، مع تفاوت يسير، وسائل الشيعة 1: 144، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 6، الحديث 1.
[764]. الكافي 3: 4، باب الماء الذى تكون فيه قلّة...، الحديث 2، التهذيب 1: 157 / 425، باب حكم الجنابة و....، الحديث 116، وسائل الشيعة 1: 152، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 8، الحديث 5.والآية في سورة الحج (22) : 78.
[765]. التهذيب 1: 438 / 1304، الزيادات في باب المياه، الحديث 23، وسائل الشيعة 1: 175، كتاب الطهارة، أبواب الماءالمطلق، الباب 14، الحديث 18.
[766]. التهذيب 1: 229 / 624، باب المياه وأحكامها، الحديث 7، وسائل الشيعة 1: 139، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 3، الحديث 6.
[767]. التهذيب 1: 432 / 1285، الزيادات في باب المياه، الحديث 4، وسائل الشيعة 1: 144، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 5، الحديث 5.
[768]. التهذيب 1: 442 / 1316، الزيادات في باب المياه، الحديث 35، مع تفاوت يسير، وسائل الشيعة 1: 163، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 9، الحديث 14، والآية في سورة الحج (22) : 78.
[769]. في «د» و«ل»: الواحد.
[770]. التهذيب 1: 440 / 1311، الزيادات في باب المياه، الحديث 30، وسائل الشيعة 1: 139، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 3، الحديث 7.
[771]. الكافي 3: 4، باب الماء الذى تكون فيه قلّة...، الحديث 5، الفقيه 1: 16 / 21، باب المياه وطهرها ونجاستها، الحديث 21، التهذيب 1: 432 / 1284، الزيادات في باب المياه، الحديث 3، وسائل الشيعة
1: 162، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 9، الحديث 13.
[772]. التهذيب 1: 41 / 104، باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، الحديث 43، و: 441 / 1314،
الزيادات في باب المياه، الحديث 33، وسائل الشيعة 1: 163، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 9، الحديث 16.
[773]. التهذيب 1: 43 / 111، باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، الحديث 50، وسائل الشيعة 1: 138، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 3، الحديث 3.
[774]. الفقيه 1: 8 / 10، باب المياه وطهرها ونجاستها، الحديث 10، التهذيب 1: 439 / 1307، الزيادات في باب المياه، الحديث 26، وفيه «بأفواهها»، وسائل الشيعة 1: 161، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 9، الحديث 10.
[775]. راجع: وسائل الشيعة 3: 406، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات، الباب 9.
[776]. الفقيه 1: 16 / 22، باب المياه وطهرها ونجاستها، الحديث 22، وفيه: «قاهراً لها ولاتوجد الريح منه»، وسائل الشيعة 1: 141، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 3، الحديث 13.
[777]. التهذيب 1: 436 / 1296، الزيادات في باب المياه، الحديث 15، وهذه الرواية مرويّة أيضاً مع اختلاف يسير في الكافي 3: 12، باب اختلاط ماء المطر...، الحديث 2، وسائل الشيعة 1: 144، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 5، الحديث 6.
[778]. التهذيب 1: 436، الزيادات في باب المياه، الحديث 17، الاستبصار 1: 7 / 7، باب مقدار الماء الذي لا ينجّسه شيء، الحديث 7، وسائل الشيعة 1: 139، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 3، الحديث 8.
[779]. في «د»: أيستقى.
[780]. التهذيب 1: 438 / 1301، الزيادات في باب المياه، الحديث 20، وسائل الشيعة 1: 175، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 14، الحديث 16.
[781]. التهذيب 1: 441 / 1313، الزيادات في باب المياه، الحديث 32، وفيه: «فأكفى برأسه»،
الاستبصار 1: 42 / 119، باب البئر تقع فيها العذرة، الحديث 4، وسائل الشيعة 1: 154، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 8، الحديث 12.
[782]. في «د» و«ل»: الواحد.
[783]. الكافي 3: 14، باب اختلاط ماء المطر بالبول و...، الحديث 8، وسائل الشيعة 1: 213، كتاب الطهارة، أبواب الماء المضاف، الباب 9، الحديث 7.
[784]. كذا في المصدر وفي «د»: أبي بكير.
[785]. في المصدر: يضع الكوز الذي يغرف به.
[786]. الكافي 3: 12، باب الرجل يدخل يده في...، الحديث 6، وسائل الشيعة 1: 164، كتاب الطهارة،
أبواب الماء المطلق، الباب 9، الحديث 17.
[787]. الفقيه 1: 12، باب المياه وطهرها ونجاستها، الحديث 17، التهذيب 1: 402 / 1176، الزيادات في باب دخول الحمام، الحديث 34، وسائل الشيعة 1: 213، كتاب الطهارة، أبواب الماء المضاف، الباب 9، الحديث 9.
[788]. علل الشرائع: 287، الباب 207، الحديث 1، بتفاوت يسير، وسائل الشيعة 1: 222، كتاب الطهارة، أبواب الماء المضاف، الباب 13، الحديث 2.
[789]. في المصدر: ماء غيره.
[790]. قرب الإسناد: 180، مسائل علي بن جعفر: 209، الحديث 452، بتفاوت يسير فيهما. وهذه الرواية
لم ترد في مستدرك الوسائل.
[791]. دعائم الإسلام 1: 112، ذكر المياه، بتفاوت يسير. وهذه الرواية لم ترد في مستدرك الوسائل.
[792]. دعائم الإسلام 1: 112، ذكر المياه، مستدرك الوسائل 1: 188، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق،
الباب 3، الحديث 3.
[793]. مختلف الشيعة 1: 15، المسألة 1، وسائل الشيعة 1: 139، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 3، الحديث 8.
[794]. مختلف الشيعة 1: 14، المسألة 1، مع تفاوت يسير، ولم ترد في الوسائل أو المستدرك.
[795]. مختلف الشيعة 1: 15، المسألة 1، مستدرك الوسائل 1: 198، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق،
الباب 9، الحديث 8.
[796]. في «ن»: لا تتوقّف.
[797]. وهي الآية 29 من سورة بقرة، وقد سبق ذكرها في الصفحة 153.
[798]. سيجيء في الصفحة 175 وما بعدها.
[799]. وهي قوله تعالى: (وأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً)، الفرقان (25) : 48. وقد سبق ذكرها في الصفحة 153.
[800]. تقدّم ذكره في الصفحة 154.
[801]. الكافي 6: 391، باب النوادر من كتاب الأشربة، الحديث 4، وسائل الشيعة 25: 271،
كتاب الأطعمة والأشربة، أبواب الأشربة المباحة، الباب 26، الحديث 2.
[802]. المؤمنون (23) : 18.
[803]. مجمع البيان 4: 102، مستدرك الوسائل 10: 227، كتاب الحج، أبواب المزار وما يناسبه، الباب 24، الحديث 1.
[804]. فرقان (25) : 49.
[805]. في المصدر: يقيمون.
[806]. في المصدر: المنافع.
[807]. أنوار التنزيل (تفسير البيضاوي) 2: 526.
[808]. معالم الدين (قسم الفقه) 1: 121. فإنّه بعد ذكر بعض الآيات الدالّة على طهارة الماء ومطهّريّته، ومنها الآية المبحوثة عنها، قال: «على أنّ التسوية بين الكلّ في هذا الحكم المبحوث عنه ثابتة بالإجماع».
[809]. «كان» لم يرد في «ل».
[810]. وهي قوله تعالى: (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) الآية، الأنفال (8) : 11.
وقد سبق ذكرها في الصفحة: 154.
[811]. الأنفال (8) : 11.
[812]. أنوار التنزيل 1: 387، مع اختلاف يسير.
[813]. وهي قوله تعالى: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعيداً)، النساء (4) : 43. وقد سبق الاستدلال بها في الصفحة: 154.
[814]. في «ن»: يثبت.
[815]. في «ن»: أكثر المحقّقين ذهبوا.
[816]. لم نقف عليه.
[817]. كذا في «ن» وفي سائر النسخ: «لكونه».
[818]. في «د» و«ن»: المستند.
[819]. «منها» لم يرد في «ن».
[820]. وقد سبق ذكره في الصفحة 154، الحديث رقم 1.
[821]. التهذيب 1: 300 / 832، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، الحديث 119، وسائل الشيعة
3: 467، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات، الباب 37، الحديث 4.
[822]. في «ش» و«ن»: وأنّه.
[823]. راجع: وسائل الشيعة 3: 521، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات، الباب 74.
[824]. الفقيه 1: 72 / 166، باب ما ينجّس الثوب والجسد، الحديث 18، مع تفاوت، وسائل الشيعة 3: 467، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات، الباب 37، الحديث 5.

5 و[826]. في «ن»: من.
[827]. ذخيرة المعاد: 117، السطر 26.
[828]. في «ن»: كون.
[829]. مشارق الشموس: 197، السطر 4.
[830]. جواهر الفقه: 9، المسألة 8، 9 و10. وقال في المهذّب 1: 30: «ومن كان معه إناءان، يعلم طهارتهما فشهد شاهدان بأنّ واحداً منهما معيّناً نجس، أو كان يعلم نجاستهما فشهد شاهدان بأنّ واحداً منهما معيّناً طاهر، لم يجب عليه القبول منهما، بل يعمل على الأصل الذي كان متيقّناً بحصول الماء عليه».
[831]. في «ن»: و.
[832]. هو المحقّق الخوانساري في مشارق الشموس: 284، السطر 27.
[833]. في «ن»: و.
[834]. كخبر البزنطي، قال: سألته عن الرجل يأتي السوق فيشتري جُبّةَ فِراء، لا يدري أذكيّة هي أم غيرُ ذكيّة، أيصلّي فيها ؟ قال: «نعم، ليس عليكم المسألة، إنّ أبا جعفر (عليه السلام) كان يقول إنّ الخوارجَ ضَيَّقوا على أنفسهم بجَهالتهم، إنّ الدين أوسع من ذلك». التهذيب 2: 396 / 1529، الزيادات في أحكام لباس المصلي...، الحديث 61، وسائل الشيعة 3: 491، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات، الباب 50، الحديث 3.
[835]. كما في قواعد الأحكام 1: 190، ومختلف الشيعة 1: 83، المسألة 45، ومنتهى المطلب 1: 55، وتحرير الأحكام 1: 53، الفرع 15.
[836]. مختلف الشيعة 1: 83، المسألة 45.
[837]. السرائر 1: 86.
[838]. تذكرة الفقهاء 1: 90، مع تفاوت في اللفظ.
[839]. في المصدر: الماء.
[840]. منتهى المطلب 1: 55.
[841]. في المصدر زيادة: أو الفاسق بطهارته.
[842]. منتهى المطلب 1: 56.
[843]. نقل عنه في إيضاح الفوائد 1: 23، وجامع المقاصد 1: 153، ولم نجده في الطبعة الموجودة من كتاب الكافي في الفقه.
[844]. في «ن»: المذكور.
[845]. في «ش» و«د» و«ن»: لا يكون.
[846]. في «ل»: و.
[847]. الكافي 3: 1، باب طهور الماء، الحديث 1 و2.
[848]. رجال النجاشي: 40، الرقم 83، قال فيه: «كوفي، ثقة، كثير الرواية، له كتاب مجموع نوادر».
[849]. نقل عنه الشيخ الطوسي (رحمه الله) في الفهرست: 144، الرقم 612.
[850]. نفس المصدر.
[851]. أي: الكليني (رحمه الله).
[852]. فهو مشترك بين ابن عون الأسدي، وابن نويس الأحول الثقة، وبين غيرهما. راجع: مناهج الأخيار 1: 532، مرآة العقول 13: 6.
[853]. اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) 1: 606، الرقم 577.
[854]. التهذيب 1: 228 / 619 و620، باب المياه وأحكامها، الحديث 2 و3.
[855]. التهذيب 1: 228 / 621، باب المياه وأحكامها، الحديث 4. واعلم أنّ «الحسن بن الحسين اللؤلؤي» لم يرد في هذا الطريق.
[856]. وقد سبق ذكره في الصفحة 155، الرقم 2.
[857]. لم نعثر على هذا الحديث بهذا اللفظ في مصادر الجمهور، نعم روي قريباً منه في سنن ابن ماجة 92،
الحديث 521، سنن البيهقي 1: 259، سنن الدارقطني 1: 28، الحديث 2، نيل الأوطار 1: 35.
[858]. السرائر 1: 64.
[859]. المعتبر 1: 40.
[860]. في «ن»: الرواية.
[861]. المتقدّمة في الصفحة 155، الرقم 3.
[862]. سنن أبي داود 1: 19، الحديث 71. وانظر: عوالي الآلئ 4: 49، الحديث 172 و173، مستدرك الوسائل 2: 603، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات والأواني، الباب 45، الحديث 4.
[863]. في «ن»: بدل قوله: «مطهّرية التراب لا طاهريّته»: «مطهّريّته».
[864]. ما بين القوسين لم يرد في «ن» و«د».
[865]. المتقدّمة في الصفحة 155، الرقم 4.
[866]. المتقدّمة في الصفحة 155، الرقم 5.
[867]. انظر: رجال النجاشي: 155، الرقم، 375، اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) 2: 680، الرقم 716.
[868]. المتقدّمتان في الصفحة 156، الرقم 6 و7.
[869]. المتقدّمة في الصفحة 157، الرقم 8.
[870]. في «ل»: فسأل.
[871]. تقدّمت في الصفحة 157، الرقم 9.
[872]. التهذيب 1: 239 / 649، باب المياه وأحكامها، ذيل الحديث 32، قال: «فليس في هذا الخبر رخصة فيما ولغ فيه الكلب ; لأنّ المراد به إذا زاد على الكرّ الذي لا يقبل النجاسة...».
[873]. التهذيب 1: 239 / 650، باب المياه وأحكامها، الحديث 33، وفيه: «يستسقى»، وسائل الشيعة 1: 158، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 9، الحديث 3.
[874]. لم نقف على المعترض.
[875]. التهذيب 1: 239 / 652، باب المياه وأحكامها، الحديث 35، وسائل الشيعة 1: 227، كتاب الطهارة، أبواب الأسآر، الباب 2، الحديث 1.
[876]. التهذيب 1: 240 / 653، باب المياه وأحكامها، الحديث 36، وسائل الشيعة 1: 228، كتاب الطهارة، أبواب الأسآر، الباب 2، الحديث 4.
[877]. التهذيب 1: 241 / 657، باب المياه وأحكامها، الحديث 40، وفيه: «لا بأس به»، وسائل الشيعة
1: 232، كتاب الطهارة، أبواب الأسآر، الباب 5، الحديث 4.
[878]. طريق الرواية على ما في التهذيب 1: 239 / 649، باب المياه وأحكامها، الحديث 32، هكذا:
«الحسين بن سعيد، عن ابن سنان، عن ابن مُسكان». و«ابن سنان» مشترك بين محمّد وعبدالله.
[879]. راجع: رجال النجاشي: 328، الرقم 888. ولمزيد الاطّلاع على الأقوال المختلفة حول محمّد بن سنان من المدح والقدح راجع: الفوائد الرجاليّة (رجال بحرالعلوم) 3: 249 ـ 278. واعلم أنّ رأى المؤلّف (قدس سره) نهائياً ورد في هذا الكتاب هكذا: «واستبان من الجميع أنّ الأصحّ توثيق محمّد بن سنان».
[880]. اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) 2: 680، الرقم 716، خلاصة الأقوال (رجال العلامة) : 106.
[881]. اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) 2: 680، الرقم 716، وسائل الشيعة 14: 41، كتاب الحجّ،
أبواب الوقوف بالمشعر، الباب 23، الحديث 13.
[882]. تقدّمت في الصفحة 157، الرقم 10.
[883]. ذكرى الشيعة 1: 131، فإنّه بعد استظهار اشتراط ورود الماء على النجاسة في غير الأواني ممّا لا يمكن فيه الورود، استوجه القول بعدم اشتراط الورود في إزالة النجاسة مطلقاً.
[884]. اعلم أنّ رأيه في مدارك الأحكام مختلف ; فإنّه استوجه القول باعتبار الورود في موضع (1: 40) ونفى عنه البأس في آخر (1: 122)، والمستفاد من كلامه في موضع ثالث (2: 330) قريب ممّا استظهره المصنّف ; لأنّه لم يصرّح فيه بأنّ القول بعدم اعتبار الورود هو الأقوى، وكيف كان المنسوب إليه رجحان القول بالورود.
[885]. منهم: المحقّق الكركي في جامع المقاصد 1: 186، والفاضل الإصفهاني في كشف اللثام 1: 480.
[886]. تقدّمت في الصفحة 157، الرقم 11.
[887]. في «ن»: عن.
[888]. في «ن»: بطهارة.
[889]. المعتبر 1: 83.
[890]. منتهى المطلب 1: 142.
[891]. راجع: وسائل الشيعة 1: 221، كتاب الطهارة، أبواب الماء المضاف، الباب 13، في طهارة ماء الاستنجاء.
[892]. الفقيه 1: 70 / 162، باب ما ينجّس الثوب والجسد، الحديث 14، بتفاوت يسير، وسائل الشيعة 3: 501، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات، الباب 60، الحديث 1.
[893]. المتقدّمة في الصفحة 158، الحديث رقم 12.
[894]. زاد في «ن»: الماء.
[895]. راجع: وسائل الشيعة 1: 245، كتاب الطهارة، أبواب نواقض الوضوء، الباب 1، الحديث 1.
[896]. تقدّم تخريجه في الهامش 4 من الصفحة 154.
[897]. في «ن»: أحد أقوال المسألة.
[898]. في المصدر: أو.
[899]. الكافي 6: 258، باب ما ينتفع به من الميتة و...، الحديث 3، وفيه: «لا بأس به»، وسائل الشيعة 1: 171، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 14، الحديث 4.
[900]. المسائل الناصريّات: 100، المسألة 19.
[901]. «منها» لم يرد في «ن».
[902]. المتقدّمة في الصفحة 158، الرقم 13.
[903]. منهم: المحقّق الكاشاني في مفاتيح الشرائع 1: 71، والسبزواري في ذخيرة المعاد: 150، السطر 19،
ومال إليه السيّد العاملي في مدارك الأحكام 2: 294 ـ 298.
[904]. راجع: المغني 1: 97، المجموع 1: 327، بدائع الصنائع 1: 64، التفسير الكبير 16: 23 ـ 26.
[905]. المتقدّمة في الصفحة 159، الحديث رقم 14.
[906].راجع: الاستبصار 1: 23، باب الماء يحصل فيه شيء من النجاسة، ذيل الحديث 2، المبسوط 1: 7. فإنّه حمل الخبر في الأول على أنّه إذا كان ذلك الدم مثل رؤوس الإبر التي لاتحس ولا تدرك، واستثنى في الثاني ما لايمكن التحرزمنه، مثل رؤوس الإبر من الدم وغيره.
[907]. التهذيب 1: 437 / 1299، الزيادات في باب المياه، الحديث 18. والمذكور في سند الرواية: «محمّد بن أحمد العلوي»، ويحتمل كونه: محمّد بن أحمد بن إسماعيل.
[908]. راجع: استقصاء الاعتبار 6: 422، واعلم أنّ الشيخ ذكره في الرجال: 506، الرقم 83، في من لم يرو عن الأئمة (عليهم السلام).
[909]. الكافي 3: 74، باب النوادر من كتاب الطهارة، الحديث 16.
[910]. المتقدّمة في الصفحة 159، الحديث رقم 15.
[911]. «مقدار» ليس في «ن».
[912]. التهذيب 1: 436، الزيادات في باب المياه، ذيل الحديث 15، قال فيه: «الوجه في هذين الخبرين هو أنّ ماء المطر إذا جرى من الميزاب فحكمه حكم الماء الجاري....».
[913]. المتقدّمة في الصفحة 159، الرقم 16.
[914]. لم نعثر على قائله، وذكره أيضاً في الجواهر 1: 128، بلفظ «قيل». نعم، ادّعى البحراني في الحدائق الناضرة 1: 191، أنّها من أقوى أدلّة عدم نجاسة القليل بالملاقاة، وذكر أيضاً فيه، الصفحة 298، أنّها صريحة
في كون ذلك الماء قليلاً.
[915]. حبل المتين (المطبوع ضمن رسائل الشيخ بهاء الدين) : 107.
[916]. ذكره الشيخ الحرّ في وسائل الشيعة 1: 152، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 8، ذيل الحديث 5، والفاضل الهندي في كشف اللثام 1: 272. واعلم أن الشيخ الطوسي أيضاً حمل القذر في هذه الرواية على الوسخ. انظر: الاستبصار 1: 128، ذيل الحديث 2.
[917]. راجع: وسائل الشيعة 1: 152، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 8، الحديث 4.
[918]. ذكره المحقّق السبزواري في ذخيرة المعاد 1: 48، السطر 16، والمحدّث العاملي في وسائل الشيعة 1: 152، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 8، ذيل الحديث 5، والمحدث البحراني في الحدائق الناضرة 1: 191.
[919]. المجموع 2: 208، أيضاً راجع: منتهى المطلب 2: 237.
[920]. الحج (22) : 78.
[921]. القائل هو المحدّث الكاشاني في الوافي 6: 22، أبواب أحكام المياه، الباب 1، ذيل الحديث 367.
[922]. أي: بعض الأخبار، كما في خبر عيسى بن عمر المروي في التهذيب 1: 369 / 1020، الزيادات
في الأحداث غير الموجبة للطهارة، الحديث 12، وسائل الشيعة 1: 275، كتاب الطهارة،
أبواب نواقض الوضوء، الباب 11، الحديث 5.
[923]. تقدّمت في الصفحة 160، الرقم 17.
[924]. التهذيب 1: 438 / 1303، الزيادات في باب المياه، الحديث 22، وفيه: «...تقع... فتموت»،
الاستبصار 1: 29 / 74، باب الماء يقع فيه شيء ينجّسه...، الحديث 1، وسائل الشيعة 1: 175،
كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 14، الحديث 17.
[925]. تقدّمت في الصفحة 161، الرقم 20.
[926]. تقدّمتا في الصفحة 160، الرقم 18 و19.
[927]. تقدّمت في الصفحة 161، الرقم 21.
[928]. كلّها في الصفحة 161 ـ 163، الرقم 22 ـ 26.
[929]. تقدّمت في الصفحة 163، الرقم 27.
[930]. وهو محمّد بن مروان. قال المجلسي في روضة المتّقين 9: 339: «هومشترك بين مجاهيل والثقتين من أصحاب الهادي (عليه السلام)». وفي استقصاء الإعتبار 3: 380: «هو مشترك بين من يقضي عدم صحّة الحديث به، وبين غيره».
[931]. راجع: استقصاء الإعتبار 1: 387، روضة المتقين 6: 26.
[932]. راجع: منتهى المقال 6: 436.
[933]. تقدّمت في الصفحة 163، الرقم 28.
[934]. اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) 2: 840، الرقم 1078.
[935]. التهذيب 7: 120، باب بيع الواحد بالاثنين، ذيل الحديث 41، الاستبصار 1: 40، باب البئر يقع فيها الفأرة والوزغة، ذيل الحديث 7، و3: 95، باب النهي عن بيع الذهب بالفضة نسيئة، ذيل الحديث 9.
[936]. أي: الإجماع على نجاسة القليل بمجّرد الملاقاة، من دون فرق بين ما لاقى فأرة منفسّخة أو غير متفسّخة. وقد سبق نقل الإجماع على ذلك في الصفحة 87 ـ 89.
[937]. في «ن»: وأما الزائد.
[938]. التهذيب 1: 437، الزيادات في باب المياه، ذيل الحديث 17.
[939]. الجَرّة: إناء من خزف كالفَخّار. لسان العرب 2: 244، «جرر».
[940]. القِربة: من الأساقى، الوَطَب من اللبن، وقد تكون للماء، وقيل: هي المخزوزة من جانب واحد. لسان العرب 11: 86، «قرب».
[941]. «أمّا» لم يرد في «ن» و«د»
[942]. التهذيب 1: 437، الزيادات في باب المياه، ذيل الحديث 1298.
[943]. الصعوة: صغار العصافير، وقيل: هو طائر أصغر من العصفور وهو أحمر الرأس، وجمعه صعاء.
لسان العرب 7: 351، «صعي».
[944]. الجُرَذ: الذكر من الفأر، وقيل: الذكر الكبير من الفأر. لسان العرب 2: 239، «جرذ».
[945]. في «د» و«ل»: الرواية.
[946]. تقدّمت في الصفحة 163، الرقم 29.
[947]. وصفه بالجهالة جماعة، منهم: الشيخ حسن في معالم الدين (قسم الفقه) 2: 517، والسبزواري في ذخيرة المعاد 1: 125، السطر 6، والخوانساري في مشارق الشموس: 323، السطر 16.
واعلم أنّ الراوي عنه ابن أبي عمير، فاحتمل المجلسي في روضة المتقين 13: 106، أنّ لفظي «عن» و«أبي» زيادة من النساخ، وكان السند هكذا: محمد بن أبي عمير زياد النهدي ; لأنّ اسم أبيه زياد.
[948]. في «د» و«ل»: إيراده.
[949]. التهذيب 1: 438، الزيادات في باب المياه، ذيل الحديث 1301، بتفاوت يسير.
[950]. في «ن»: قلناه.
[951]. المتقدّمة في الصفحة...، الرقم 30.
[952]. قال فيه المؤلّف في الفوائد الرجاليّة 3: 164: «فإنّه لم يذكر في كتب الرجال، ولم نعرف عقيدته،
فهو مجهول في اصطلاح أرباب الدراية».
وأسند إليه الشيخ في الفهرست: 177، الرقم 476، كتاباً، ووصفه المجلسي في روضة المتقين 10: 17، بالجهالة.
[953]. راجع: استقصاء الاعتبار 1: 315، ومناهج الأخيار 1: 66.
[954]. كذا في الغريبين، وفي مدارك الأحكام: العذرة أصلها فناء الدار.
[955]. مدارك الأحكام 2: 260، عن الغريبين 4: 1241، باب العين مع الذال، «عذر».
[956]. الصحاح 1: 46، «خرأ».
[957]. القاموس المحيط 1: 13، «خرأ».
[958]. في المصدر: أبا الحسن الرضا.
[959]. زاد في المصدر: «تكون في المنزل للوضوء فتقطر فيها قطرات من بول أو دم أو».
[960]. الكافي 3: 5، باب البئر وما يقع فيها، الحديث 1، التهذيب 1: 260 / 705، باب تطهير المياه...،
الحديث 36، الاستبصار 1: 44 / 124، باب البئر يقع فيها الدم القليل...، الحديث 2، وسائل الشيعة
1: 176، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 14، الحديث 21.
[961]. الكافي 3: 406، باب الرجل يصلّى في الثوب...، الحديث 11، التهذيب 2: 386 / 1487، الزيادات في أحكام لباس المصلّي، الحديث 19، الاستبصار 1: 180 / 630، باب الرجل يصلّي في ثوب فيه نجاسة...، الحديث 2. وسائل الشيعة 3: 475، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات، الباب 40، الحديث 5.
[962]. تقدّمت في الصفحة 164، الرقم 31.
[963]. كذا في النسخ، وفي المصدر: معلّى بن محمّد.
[964]. راجع: رجال النجاشي: 418، الرقم 1117، رجال ابن داود: 517، خلاصة الأقوال (رجال العلاّمة) : 259.
[965]. تقدّمت في الصفحة 164، الرقم 32.
[966]. رواها الكليني بإسناده عن علي بن محمّد، عن سهل بن زياد، عمّن ذكره، عن يونس، عن بكار بن أبي بكر.
والمجهول هو بكار بن أبي بكر. راجع: روضة المتقين 7: 306.
[967]. فإنّ السند منقطع بين سهل بن زياد ويونس.
[968]. راجع: رجال ابن الغضائري 3: 179، رجال ابن داود: 461، الرقم 223، رجال النجاشي: 185، الرقم 490.
[969]. تقدّمت في الصفحة 165، الرقم 33.
[970]. هو أبو يحيى الواسطي، المشترك بين سهيل بن زياد وزكريا بن يحيى. وقال ابن الغضائري في رجاله
(3: 181) في الأول: «حديثه يعرف تارة وينكر أُخرى». راجع: معجم رجال الحديث 9: 376.
[971]. تقدّمت في الصفحة 165، الرقم 34.
[972]. كذا في النسخ، وفي المصدر: العنزا.
[973]. في «د»: الماء الغير المتغير.
[974]. تقدّمت في الصفحة 165، الرقم 35.
[975]. تقدّمتا في الصفحة 166، الرقم 36 و37.
[976]. راجع: منتهى المطلب 3: 169، الحدائق الناضرة 5: 20 ـ 21.
[977]. تقدّمت في الصفحة 166 ـ 167، الرقم 38 ـ 40.
[978]. في الصفحة 163، الرقم 28.
[979]. كذا في المخطوطات، ولعلّ الأنسب: الروايات الثلاث.
[980]. تقدّمت الأُولى والثانية في الصفحة 156، والثالثة في الصفحة 185.
[981]. تقدّمت الأُولى في الصفحة 193، والثانية في الصفحة 162.
[982]. تقدّمتا في الصفحة 161. راجع أيضاً رواية العلاء بن الفضيل المذكورة في الصفحة 161، ورواية أبي بصير في الصفحة 162، ومرسلة الصدوق في الفقيه، في الصفحة 163.
[983]. الكافي 1: 58، باب البدع والرأي...، الحديث 19، و2: 17، باب الشرائع، الحديث 2، بتفاوت يسير فيهما.
[984]. قد سبق تخريجهما في الهامش 3 و4 من الصفحة 91.
[985]. في الصفحة 101 وما بعدها.
[986]. عطف على قوله: «الصحيحين»، أي: كمفهوم حسنة زرارة.
[987]. سبق تخريجها في الهامش 4 من الصفحة 120.
[988]. في الصفحة السابقة.
[989]. لم نقف عليها فيما تقدّم من الأخبار الدالّة على نجاسة القليل بمجرّد الملاقاة.
[990]. سبق في الصفحة 125، الرقم 27.
[991]. تقدّمت في الصفحة 139، الرقم 47.
[992]. تقدّمت في الصفحة 139، الرقم 48.
[993]. تقدّمت في الصفحة 123، الرقم 25.
[994]. تقدّمت في الصفحة 141، الرقم 51.
[995]. تقدّمت في الصفحة 129، الرقم 32.
[996]. القائل هو الشيخ يوسف البحراني في الحدائق الناضرة 1: 295. والمؤلف نقل مضمون كلامه، مع التصرّف والتلخيص.
[997]. هذه العبارة تشعر بأنّ هذا القائل يزعم تخيّل المنافاة بين هذه الروايات، ولامنافاة بينها، كما يعلم ممّا سيذكر قريباً.
[998]. في بعض النسخ بدل ما بين المعقوفين: «حمل»، والصحيح ما أثبتناه، كما ورد في الحدائق.
[999]. في مصحّحة «د»: رمي.
[1000]. في «ن» و«ل»: التغيّر.
[1001]. كرواية أبي بصير المتقدّمة في الصفحة 162.
[1002]. في «ن»: الفناء.
[1003]. هي رواية علي بن أبي حمزة، وقد تقدّمت في الصفحة 161.
[1004]. هي رواية سماعة، المذكورة في الصفحة 160.
[1005]. راجع: الكافي 2: 404، باب المستضعف، الحديث 4، وهذا الحديث لم يرد في وسائل الشيعة.
[1006]. الكافي 3: 4، باب الماء الذي تكون فيه قلّة...، الحديث 7، التهذيب 1: 442 / 1317، الزيادات
في باب المياه، الحديث 36، الاستبصار 1: 22 / 54، باب الماء القليل يحصل فيه النجاسة، الحديث 9،
وسائل الشيعة 1: 162، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 9، الحديث 12.
[1007]. تقدّمت في الصفحة 164.
[1008]. الحدائق الناضرة 1: 295 ـ 298، مع تصرّف وتلخيص.
[1009]. المدّثر (74) : 5.
[1010]. تفسير القمي 2: 393.
[1011]. راجع: التبيان 10: 173، ذيل الآية 5 من سورة المدثّر.
[1012]. الأعراف (7) : 157.
[1013]. تقدم ذكرها في الصفحة 87 ـ 88.
[1014]. معالم الدين (قسم الفقه)، 1: 126. قال فيه: «وفي معنى هذه الأخبار روايات أُخر كادت في الكثرة أن تبلغ حدّ التواتر المعنوي، وإن كان الغالب عليها ضعف الإسناد».
[1015]. روضة المتقين 1: 54.
[1016]. راجع: المبسوط (للسرخسي) 1: 70، نيل الأوطار 1: 36، المغني 1: 53، المجموع 1: 113.
[1017]. منتهى المطلب 1: 45 ـ 46. «وداود» لم يرد فيه.
[1018]. تذكرة الفقهاء 1: 22.
[1019]. الهداية (للمرغيناني) 1: 20، أيضا راجع: منتهى المطلب 1: 33 ـ 34.
[1020]. الانتصار: 84.
[1021]. تقدّمت عبائر الفقهاء في حكاية قوله في الصفحة 87 ـ 89.
[1022]. مفاتيح الشرائع 1: 81.
[1023]. منهم: المحدّث الشيخ محمّد مهدي الفتوني (م 1183)، والسيّد عبدالله الشوشتري (م 1021)، على ما في مفتاح الكرامة 1: 126، والمولى مهدي النراقي (م 1209)، والميرزا أبوالقاسم القمي (م 1231)، على ما في محكي مدارك العروة (للبيار جمندي) 1: 228، والسيّد نورالدين الجزائري (م 1158)، على ما في فقه الشيعة 1: 134.
[1024]. رواه من الإماميّة: ابن ادريس في السرائر 1: 64، والمحقّق الحلّى في المعتبر 1: 41، مرسلاً، وسائل الشيعة 1: 135، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 1، الحديث 9.
ومن الجمهور: سنن البيهقي 1: 259، سنن الدار قطني 1: 28، سنن أبي داود 1: 17 ـ 18، الحديث 66.
[1025]. الكافي 3: 1، باب طهور الماء، الحديث 1، وسائل الشيعة 1: 134، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 1، الحديث 6 و7. ونقله الكاشاني في الوافي 6: 17 / 3663، أبواب أحكام المياه، الباب 1،
الحديث 7.
[1026]. الوافي 6: 18، أبواب أحكام المياه، الباب 1، ذيل الحديث 7.
[1027]. كذا في جميع النسخ والمنقول في الحدائق الناضرة 1: 302، ولكن ورد في المصدر: «ارتكاب».
[1028]. في المصدر: عنها.
[1029]. الوافي 6: 19، أبواب أحكام المياه، الباب 1، ذيل الحديث 7.
[1030]. أثبتناه من المصدر.
[1031]. نفس الهامش.
[1032]. الوافي 6: 36، أبواب أحكام المياه، الباب 2، ذيل الحديث 11. وفيه بدل «معاً»: «جميعاً».
[1033]. مفاتيح الشرائع 1: 83.
[1034]. راجع: الهامش 1 من الصفحة 214.
[1035]. انظر خبر ابن أبي عقيل في الصفحة 155، الرقم 2، وردّه في الصفحة 183 ـ 184.
[1036]. القائل هو المحدّث البحراني في الحدائق الناضرة 1: 305.
[1037]. في «د» و«ل»: بالتغيير.
[1038]. مدارك الأحكام 1: 28.
[1039]. نفس المصدر: 57.
[1040]. سبق تخريجه في الهامش 4 من الصفحة 183.
[1041]. عوالي اللآ لئ1: 76، الحديث 156، مستدرك الوسائل 1: 198، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق،
الباب 9، الحديث 6.
[1042]. التنقيح الرائع 1: 39 ـ 40.
[1043]. أمّا السكوني، فصرّح بكونه عاميّاً العلاّمة في خلاصة الأقوال: 199، الباب الثاني، الرقم 3، وابن إدريس
في السرائر 3: 289. وأمّا النوفلي، فلم نجد التصريح بكونه عاميّاً إلاّ أنّ النجاشي حكى غلوّه في آخر عمره. رجال النجاشي 38، الرقم 77.
[1044]. في «ن»: من.
[1045]. «ظاهر» لم يرد في «ن».
[1046]. مجمع الفائدة والبرهان 1: 287، فإنّه بعد الاستدلال على نجاسة الماء المستعمل في دفع الخبث، قال: «ولايعارض هذه الأحكام... بما قيل أنّه لو نجس لم يطهر المحلّ ; لأنّا لا نسلّم ذلك، إذ يجوز تطهير النجس بشرط عدم كونه نجساً قبل التطهير، وإن نجس حينئذ، كما قيل مثله في المستعمل في الكبرى، بخروجه عن الطهوريّه».
[1047]. نسبه إليه المحّدث البحراني في الحدائق الناضرة 1: 305، ولم نعثر عليه في مشارق الشموس.
[1048]. ذخيرة المعاد: 143، السطر 20.
[1049]. كالمحدّث البحراني في الحدائق الناضرة 1: 305.
[1050]. ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.
[1051]. الحدائق الناضرة 1: 305 ـ 306، بتفاوت يسير.
[1052]. راجع: منتهى المطلب 1: 141، مسألة: المنفصل من غسالة النجاسة....
[1053]. قد سبق تخريجه في الهامش 3 و4 من الصفحة 91.
[1054]. منهم: العلاّمة في مختلف الشيعة 1: 65، المسألة 32، والمحدّث البحراني في الحدائق الناضرة
1: 311 ـ 312.
[1055]. في «د» و«ل» بدل «إذ»: و.
[1056]. المسائل الناصريات: 72، المسألة 3. وسيأتي تفصيل الكلام في مسألة عدم الفرق بين الورودين في المصباح 7.
[1057]. منهم: ابن إدريس في السرائر 1: 181، ومن المتأخّرين: السيّد السند في مدارك الأحكام 1: 40، والشيخ حسن في معالم الدين (قسم الفقه) 1: 321، والسبزواري في ذخيرة المعاد: 125، السطر 21.
[1058]. راجع: الصفحة 215.
[1059]. راجع: المصباح 8، الصفحة 260.
[1060]. سيأتي الكلام فيه في الصفحة 237 ـ 238.
[1061]. في «د»: الماء الجاري.
[1062]. قد سبق في الصفحة 215.
[1063]. الكافي 3: 1 باب طهور الماء، الحديث 2 و3، وفيه: «حتّى يُعلَم»، التهذيب 1: 228 / 619 و620
و 621، باب المياه وأحكامها، الأحاديث: 2 و3 و4، وسائل الشيعة 1: 134، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 1، الحديث 5.
[1064]. الفقيه 1: 72 / 166، باب ما ينجّس الثوب والجسد، الحديث 18، التهذيب 1: 269 / 735، باب تطهير وغيرها...، الحديث 22، الاستبصار 1: 180 / 629، باب الرجل يصلّى في ثوب فيه نجاسة...، الحديث 1، وفي الأخيرين: «ما أُبالي أبول»، وسائل الشيعة 3: 467، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات، الباب 37، الحديث 5.
[1065]. راجع: الصفحة 216.
[1066]. هذه العبارة كلام المحدّث البحراني في الحدائق الناضرة 1: 303، ولم نجدها بهذا اللفظ في المفاتيح ولا الوافي.
[1067]. تقدّم تخريجهما في الهامش 3 و4 من الصفحة 91.
[1068]. أي صحيحة فضل بن عبدالملك وصحيحة عليّ بن جعفر، وقد تقدّمتا في الصفحة 104 و105.
[1069]. مفاتيح الشرائع 1: 83، مع الاختصار.
[1070]. الوافي 6: 55، كتاب الطهارة، أبواب أحكام المياه، الباب 6.
[1071]. مفاتيح الشرائع 1: 83.
[1072]. نفس المصدر، وما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.
[1073]. الوافي 6: 31، أبواب أحكام المياه، الباب 2.
[1074]. الوافي 6: 19، أبواب أحكام المياه، الباب 1، ذيل الحديث 3664.
[1075]. راجع: الصفحة 108.
[1076]. الوافي 6: 31، أبواب أحكام المياه، الباب 2، ذيل الحديث 3691.
[1077]. مفاتيح الشرائع 1: 83. وما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.
[1078]. قد سبق في الصفحة 91.
[1079]. تقدّمتا في الصفحة 104 و109.
[1080]. تقدّمت في ذكر أدلّة القول بانفعال القليل. راجع: الصفحة 91 وما بعدها.
[1081]. راجع: الصفحة 210 ـ 212.
[1082]. قد تقدّم ذكره في الصفحة 87 ـ 91.
[1083]. راجع: الصفحة 210 ـ 212.
[1084]. «عنه» لم يرد في «ن».
[1085]. راجع: الصفحة 125 ـ 126، الرقم 27 و28.
[1086]. راجع: الصفحة 109.
[1087]. راجع: الصفحة 109 ـ 110.
[1088]. المعتبر 1: 104.
[1089]. كما ورد في الخصال 1: 93، باب الثلاثة، الحديث 37، ووسائل الشيعة 5: 52، كتاب الصلاة،
أبواب أحكام الملابس، الباب 28، الحديث 1، 2 و4.
[1090]. الفقيه 1: 20 / 26، باب المياه وطهرها ونجاستها، الحديث 26، التهذيب 1: 443 / 1322، الزيادات في
باب المياه، الحديث 41، الاستبصار 1: 32 / 86، في تغير ماء البئر، الحديث 7، وسائل الشيعة 1: 142،
كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 4، الحديث 1.
[1091]. قد سبق تخريجه في الصفحة 91، الهامش 3 و4.
[1092]. الكافي 6: 413، باب من الضطرّ إلى الخمر للدواء، الحديث 1، التهذيب 9: 130 / 486، باب الذبائح والأطعمة، الحديث 222، وسائل الشيعة 3: 470، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات، الباب 38، الحديث 6.
[1093]. راجع: الصفحة 102 ـ 103.
[1094]. في «ن»: أو.
[1095]. الكافي 3: 10، باب الوضوء من سؤر الحائض والجنب...، الحديث 1، وفيه: «اشرب من سؤر الحائض
ولا توضّأ منه»، وسائل الشيعة 1: 236، كتاب الطهارة، أبواب الآسار، الباب 8، الحديث 1.
[1096]. التهذيب 1: 236 / 640، باب المياه وأحكامها، الحديث 23، وسائل الشيعة 3: 421، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات، الباب 14، الحديث 9.
[1097]. قرب الإسناد: 180، الحديث 666، مسائل علي بن جعفر: 209. والحديث لم يرد في وسائل الشيعة والمستدرك، فانظر: بحار الأنوار 77: 14، كتاب الطهارة، أبواب المياه وأحكامها، الباب 3، الحديث 1.
وما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.،
[1098]. في «ن»: أو.
[1099]. «ن»: السند.
[1100]. «ن»: الدلالة.
[1101]. في «ن»: أليق.
[1102]. أي: تأويل الأخبار الدالّة على اشتراط الكريّة بحملها على أنّها مناط ومعيار للمقدار الذي لا يتغيّر
من الماء بما يعتاد وروده من النجاسات.
[1103]. الكافي: 3: 2، باب الماء الذي لا ينجّسه شيء، الحديث 3، التهذيب 1: 45 / 117، باب آداب الأحداث الموجبة للطّهارة، الحديث 56، الاستبصار 1: 6 / 4، باب مقدار الماء الذي لا ينجّسه شيء، الحديث 4، وسائل الشيعة 1: 140، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 3، الحديث 9.
[1104]. في «د» و«ن»: لماء.
[1105]. في «ن»: إن.
[1106]. تقدّم تخريجه في الهامش 3 من الصفحة 225.
[1107]. تقدّم تخريجه في الهامش 1 من الصفحة 226.
[1108]. أي: النهاية (لابن الأثير). فإنّ المحدّث الكاشاني استند بكلام ابن الأثير في النهاية حول الرواية الآتية، تأييداً لقوله. راجع: الوافي 6: 32، أبواب أحكام المياه، الباب 2.
[1109]. النهاية (لا بن الأثير) 4: 162، «كرر»، وفيه بدل «خبثاً»: «نجساً».
[1110]. في «د» و«ل»: التغير.
[1111]. في «د» و«ل»: التغير.
[1112]. في «د»: بالتغيير.
[1113]. تقدّمت في الصفحة 108، الرقم 7. وانظر أيضاً: الوافي 6: 31 / 13691، أبواب أحكام المياه، الباب 2، الحديث 1.
[1114]. كذا في جميع النسخ، والظاهر أنّ الصحيح: «العلم».
[1115]. راجع: الصفحة 229.
[1116]. خبط عشواء: يضرب مثلاً للسّادر الذي يركبُ رأسَه ولا يهتمّ لعاقبته، كالناقة، العشواء التي لاتُبصر، فهي تَخبِطُ بِيَديْها كلَّ ما مَرَّت به. لسان العرب 9: 226، «عشا».
[1117]. كغسالة الاستنجاء.
[1118]. كماء البئر الأقل من الكّر.
[1119]. هو السيّد العاملي في مدارك الأحكام 1: 40.
[1120]. كموثّقة سماعة المتقدّمة في الصفحة 125 ـ 126، وموثّقة عمّار المتقدّمة في الصفحة 126.
[1121]. الكافي 3: 2 باب الماء الذي لا ينجّسه شيء، الحديث 1، التهذيب 1: 42 / 108 و109، باب آداب الأحداث الموجبة للطّهارة، الحديث 47 و48، الاستبصار 1: 6 / 2 و3، باب مقدار الماء الذي لا ينجّسه شيء، الحديث 2 و3، وسائل الشيعة 1: 158، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 9، الحديث 2.
[1122]. الكافي 3: 3، باب الماء الذي لا ينجّسه شيء، الحديث 7، مع اختلاف يسير، التهذيب 1: 40 / 101،
باب آداب الأحداث الموجبة للطّهارة، الحديث 40، و: 44 / 115، باب آداب الأحداث...، الحديث 54،
الاستبصار 1: 10 / 13، باب كمية الكّر، الحديث 2، وسائل الشيعة 1: 159، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 9، الحديث 7.
[1123]. راجع: الصفحة 105.
[1124]. في«ل» و«ش»: للخصوصيات.
عنوان بعدیعنوان قبلی




کلیه حقوق این اثر متعلق به پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی می باشد.
منبع: http://saanei.org